arpo23

«لايك» من فتاة على صفحة فيصل القاسم يؤدي بها إلى التحقيق

كانت أمل في طريقها إلى العمل في شارع 8 آذار في اللاذقية على الساحل السوري، عندما جاءها من الهاتف صوت حاد يقول لها: «تفضلي لعنا على فرع أمن الدولة بعد ساعتين وإلا منبعت دورية تشحطك من المكتب»، دون أن يضيف أي كلمة أخرى، على حد قولها.

تقول أمل في حديث خاص : «كنت حينها في باص النقل العام، احمر وجهي، وتعرقت، وشعرت بالارتباك لدرجة أنني تجاوزت الموقف الذي يجب أن أنزل فيه»، متابعة: «اتصلت بوالدي كي أخبره بما حصل معي فحاول أن يتصل ببعض أصدقائه ذوي النفوذ، ويعرف من هو المتصل، ولماذا اتصلوا بي، والجميع نصحوه بأن يذهب برفقتي إلى فرع أمن الدولة».
تضيف: «ذهبت مع أبي إلى الفرع الكائن على اوتوستراد الثورة، وكنت أرتجف والعرق يتصبب من وجهي، ولم أستطع التركيز والتفكير أبدا، وعندما وصلنا لم تسمح عناصر الأمن لوالدي بالدخول معي، ووضعوا العصبة على عيني، وتم اقتيادي إلى مكتب التحقيق، وهناك نزعوا العصبة، وأخذوا مني هويتي الشخصية».
تروي أمل «انتظرت ثلاث ساعات، حاولت أن أفكر بأي شيء، لكنني كنت ارتجف والخوف جعلني أفقد أعصابي، بعدها جاء المحقق وأمرني أن أجلس على كرسي صغير، وسألني عن عدد الساعات التي أمضيها في استخدام الانترنت، ومن ثم طلب مني فتح صفحتي الشخصية على الفيسبوك».
تقول: «هنا بدأت أبكي بصوت عال، إلا أن ذلك لم يشفع لي، حيث أعطاني المحقق خمس دقائق فقط كي افتح الحاسوب وصفحتي الشخصية على الفيسبوك»، مبينة «أنا أعرف أنني لم أكتب منشورات ضد النظام، وليس لي محادثات مع ناشطين معارضين، لكن المحقق طلب مني عند فتح صفحتي أن أبحث على صفحة الإعلامي فيصل قاسم، ولم أدرك ما السبب، وعندما سألته، قال لي بصوت مرتفع «هلق بتعرفي»، وهنا ازداد خوفي حيث لم أدرك ما ذنبي أو جرمي، لكني بحثت عن صفحة القاسم وفتحتها».
تتابع أمل أن أول ما قاله المحقق لها «يا سافلة ليش عاملة لايك على صفحة الإرهابي فيصل قاسم»، وهنا بدأ بشتمها هي وأهلها، وراح يصفهم ب «الحمير» ويتهمهم بالتواصل مع إرهابيين أمثال القاسم الذي وصفه ب «الإرهابي العميل الصهيوني المتآمر على الشعب السوري».
وتضيف أن هذا ليس كل شيء، حيث أن المحقق بدأ يتفحص صفحة القاسم حتى وصل إلى تعليق كتبته على أحد منشوراته عبرت فيه عن مدى إعجابي به، فقام المحقق بتدوير شاشة الحاسوب باتجاهي، وقال لي «شو هالإعجاب والتعليق الحلو، شو رأيك بالتعذيب وخلي فيصل تبعك يفيدك».
تقول أمل: «لم أستطع الرد ولم أتكلم بحرف واحد، وبكائي جعلني منهارة تماما، وفي هذه اللحظات دخل محقق آخر، وقال «العينتين عندك، عيلتها تاريخن أسود»، ولم أتخيل أني سأخرج من الفرع إلا إلى السجن، هذا ما كنت أتوقعه».
صرخ المحقق في وجه أمل قائلا: «شعب مغفل»، وبعد ساعتين من البكاء طلب منها أن تعطيه الرقم السري لصفحتها الشخصية على «الفيسبوك» فلبت طلبه دون تردد، وقال لها «اليوم لحسن حظك لا يوجد مكان في السجن كي نستضيفك عنا كم يوم نعلمك حب الوطن، ومين الخاين فيصل قاسم»، وجعلها توقع على أوراق عدة ولم تدرك ما هو محتواها، لكنها كانت تقول «حاضر حاضر».
تقول «هددني بأنه سيظهر في منامي إذا قمت مرة أخرى بفتح الفيسبوك، ولم أدر كم مرة قلت كلمة حاضر، ربما أكثر من ألف، وقال لي «يلا انقلعي هي هويتك»، فخرجت مرة أخرى وأنا مغمضة العينين إلى الباب الخارجي حيث كان أحد عناصر الأمن ممسكا بيدي».
تختتم قائلة: «لم أكن وحدي من يبكي بل والدي أيضا، الذي كان ما زال بانتظاري عند خروجي من الفرع، أمسك والدي بيدي طول الطريق وهو ينظر إليّ بحب وحنان، مبديا فرحة لا توصف وكأني ولدت من جديد دون أن يتفوه بكلمة واحدة إلا أن ذلك قرأته من عينيه».

زر الذهاب إلى الأعلى