فئة مهمشة ومنبوذة من المجتمع والدولة، عدد أفرادها يتجاوز 2.5 مليون نسمة من إجمالي سكان اليمن البالغ 25 مليوناً.. إنهم اليمنيون السود أو ما يعرفون بالمهمشين، كتوصيف أطلقته منظمات مدنية ضد العنصرية.
هؤلاء المهمشون، محرومون من الوظيفة العامة ومعظمهم يعمل في نظافة الشوارع وجمع النفايات وتنظيف المراحيض والسيارات وفي المهن التي يعتبرها المجتمع اليمني دونية، فيما
تمتهن نساؤهم وأطفالهم التسول.
وعقب ثورة 11 فبراير/شباط 2011 ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أسس مهمشون جمعيات مدنية للمطالبة بحقوقهم وبإشراكهم في الحياة السياسية والاقتصادية وتمكينهم من الوظيفة العامة، وقد وافقت الحكومة على إشراكهم في مؤتمر الحوار الوطني الذي اختتم في سبتمبر/أيلول الماضي.
ومن يعمل من هذه الفئة في نظافة الشوارع وجمع النفايات، ترفض السلطات الحكومية تثبيتهم ومنحهم الضمانات الاجتماعية رغم مرور سنوات، وعقب الثورة، نفذ هؤلاء العمال إضراباً امتد لأسابيع أدت لانتشار القمامة في العاصمة اليمنية والمحافظات، ما دفع المسؤولين وقتها إلى إطلاق وعود بتثبيتهم وظيفياً، إلا أن هذه الوعود لم تتحقق.
وأغلب العائلات من فئة المهمشين تحصل على مساعدات نقدية من صندوق الرعاية الاجتماعية الذي يقدم إعانات شهرية للأسر الأشد فقراً بالشراكة مع البنك الدولي، ويراوح مبلغ الإعانة بين 3000 ريال (13 دولاراً) و7000 ريال (35 دولاراً).
ويوضح مؤسس ورئيس اتحاد المهمشين، نعمان الحذيفي، أن 70% من أفراد الفئة تقتات على التسول و30% هم فقط العاملون في قطاع النظافة وجمع المواد البلاستيكية وأعمال الحصاد وغيرها من الأعمال التي ينظر إليها المجتمع اليمني على أنها أعمال دونية.
يقول الحذيفي لـ"العربي الجديد"، لا يتمكن أطفالنا من الالتحاق بالتعليم بسبب النظرة الدونية من الدولة، بالإمكان أن نتحول إلى قوة اقتصادية فاعلة ومؤثرة في التنمية، لكن للأسف الحكومة لا تجدنا سوى في حاجتها لتنظيف الشوارع، ولا نجد من الأحزاب أي اهتمام سوى في مواسم الانتخابات، فلدينا أكثر من 700 ألف صوت انتخابي، حيث تقوم الأحزاب بشراء الصوت بمبلغ 500 ريال (دولاران)، دون تقديم أية خدمات لنا.
وكشف الحذيفي عن قوى سياسية تقف ضد تنفيذ قرار لمؤتمر الحوار الوطني بمنح المهمشين 10% من الوظيفة العامة.
يفسر الحذيفي هذه المعارضة لحقوق المهمشين بسخرية قائلاً، "هناك نظرية عنصرية وفق مفهوم معمول به غالباً داخل المجتمع اليمني: أن ابن الشيخ شيخ وابن العامل عامل وابن الخادم خادم، وربما أن المعترضين لديهم تخوف على مستقبل النظافة ، فمن ينظف الشوارع في حال التحق أبناء فئتنا بالتعليم وحصلوا على حقوقهم في الوظيفة العامة؟".
وفيما يؤكد الحذيفي أن فئة "اليمنيين السود" من أصول يمنية تعود إلى منطقة زبيد القريبة من سواحل البحر الأحمر، فإن الاعتقاد السائد بأن أصولهم تنحدر من الحبشة، وتشير مصادر تاريخية إلى أنهم من سلالة بقايا الأحباش الذين غزوا اليمن سنة 525م.
وكانت مؤسسات دولية ومنظمات أجنبية قد بدأت بتبني قضايا المهمشين، حيث دعم البنك الدولي إقامة مدينة سكنية للمهمشين في مدينة تعز (250 كلم) جنوب صنعاء أطلق عليها الوفاء، وتم نقل حو إلى 200 أسرة من بيوت الصفيح التي يعيشون فيها إلى سكن حديث، فيما أنشئت منظمة (ديا) الفرنسية مدينة الأمل للمهمشين في تعز.
وأطلقت منظمة اليونيسف في اليمن بالتعاون مع عدد من الشركاء الحكوميين، خلال منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2014 الماضي، حزمة من تدخلات الحماية الاجتماعية التي تستهدف مجتمعات المهمشين في تعز.
يقول نائب ممثل اليونيسف في اليمن، جيريمي هوبكنز، إن "فئة المهمشين تشكّل حوالي 10% من سكان اليمن. ويعتبر الوصول إلى الناس الأكثر ضعفاً وحرماناً وتيسير حصولهم
على الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل المياه والتعليم والرعاية الصحية في صميم تفويض المنظمة".
وأعلنت المنظمة في فعالية خاصة نتائج المسح الأول من نوعه حول المجتمعات المهمشة الذي وصل إلى حوالي 10 آلاف أسرة في تسع مديريات من محافظة تعز، وذلك خلال شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار 2014.
وكشف المسح عن أن 9% فقط من السكان لديهم مياه شرب عبر الأنابيب في مساكنهم وأن 39% فقط من الأطفال في عمر 6/17 سنة ملتحقون بالتعليم في الوقت الحاضر.