رفض الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، اقتراحاً متعلّقاً بتشكيل مجلس رئاسي، وافقت عليه جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) والرئيس السابق علي عبدالله صالح. وحمل عدد من القيادات الحزبية الاقتراح، وناقشوه مع هادي في عدن.
وأكدت مصادر قيادية مقرّبة من الرئيس اليمني لـ"العربي الجديد"، أن "أي قبول للاقتراح، هو خيانة للوطن، وإسقاط للشرعية، لذلك جاء رفض الرئيس بمثابة واجب وطني، لعدم شرعنة لجنة الحوثي الانقلابية". وجاء رفض هادي الاقتراح، في ظلّ بدء تشكيله تحالفات استراتيجية بعد خروجه من صنعاء، في جنوب ووسط وشرق اليمن، لمواجهة الانقلاب.
وعمد الرئيس اليمني، في الفترة الأخيرة، إلى تأمين إدارة حكمه، في مختلف جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفرض مزيداً من العزلة على معارضيه، لا سيما الحوثيين وصالح. وتصبّ جهوده وتحركاته السياسية والدبلوماسية في عدن، في هذا الاتجاه، من خلال لقاءاته المكثفة، مع الوفود الدبلوماسية والبعثات الخارجية، وفي إطار تحصين الجبهة الداخلية.
وباشر هادي البحث عن تأمين مصادر تمويل، في الأيام الأخيرة. وأفادت أوساط مطلعة لـ"العربي الجديد"، بأن "عملية نقل المراكز المالية من صنعاء إلى عدن ستكون صعبة، لذلك يتجه هادي إلى تحويل كل المساعدات المالية، إلى فرع المصرف المركزي في عدن، وسيشرف شخصياً على العملية المالية فيها". وكشفت المصادر أن "هادي سيشدد الحصار الاقتصادي على الانقلابيين، بما فيه خيار قطع الإيرادات المالية عن صنعاء".
في موازاة ذلك، يسعى الرجل إلى سحب بساط الشرعية الحزبية من صالح في حزب "المؤتمر الشعبي العام"، من خلال لقاءاته بقيادة اللجنة التحضيرية الجنوبية لـ"المؤتمر".
وفي هذه الخطوة يكون هادي قد ردّ، للمرة الأولى، على قرار إقالته من الحزب، خصوصاً بعدما شنّ هجوماً على "من يحاولون التفرّد بالقرار داخل الحزب"، في إشارة إلى صالح.
ودعا هادي قواعد المؤتمر إلى "الاصطفاف مع الوطن، لا مع الأشخاص، أو من خلال المصالح الحزبية الضيقة".
وضمن الحصار الذي يسعى إلى فرضه وتأمين ركائز حكمه، أطاح هادي بعدد من القيادات العسكرية والأمنية في عدن، الموالية للحوثيين وصالح. وأبرز ما جاء في هذا الصدد، هو الإطاحة بقائد القوات الخاصة في عدن، العميد عبدالحافظ السقاف، وتسليم قيادتها للمقرّب من هادي، العميد الركن ثابت جواس.
وتفيد مصادر أمنية وعسكرية، بأن "هادي قد يطيح، خلال الأيام القليلة المقبلة، بعدد من قادة بعض الألوية والمعسكرات خارج عدن، خصوصاً تلك التي تساعد الانقلابيين في تحركاتهم".
كما كثف الرئيس اليمني لقاءاته مع مختلف الشخصيات الاجتماعية، والسلطات المحلية، ورجال القبائل، في إقليمي الجند (وسط)، وسبأ (شرق)، اللذين يسعى الحوثيون إلى السيطرة عليهما.
وأبلغ بعض قيادات إقليم عدن، هادي، ما تعرّضوا ويتعرّضون له "من حصار وقمع وإرهاب، تمارسه عدد من المعسكرات والألوية التابعة للجيش ضدهم، في السنوات الماضية، وحتى الآن، تحديداً في يافع وردفان والضالع وأبين وشبوة".
وكشفت مصادر قبلية وسياسية في يافع وردفان والضالع، لـ"العربي الجديد"، أنها "أبلغت هادي ما تتعرض له بعض مناطقهم، من بعض ألوية ومعسكرات للجيش، يُعتقد أنها تابعة للحوثيين وصالح، من حصار وقصف واعتداءات متواصلة، قُتل وأصيب فيها المئات، بينهم أطفال ونساء.
كما دُمّرت بيوت". وطالبت الرئيس اليمني ب"نقل هذه الألوية والمعسكرات وإخراجها من مناطقهم، أو استبدالها بقوات من أبناء هذه المناطق".
وتُعتبر هذه النقاط من إقليم عدن، في غاية الأهمية، كونها بوابة الجنوب الوحيدة، التي اقترب الحوثيون من حدودها، وتجري فيها القبائل استعدادات عسكرية، تحسباً لأي تقدم للجماعة جنوباً. وسبق أن عانت هذه المناطق، وفي مقدمتها يافع وردفان والضالع، من التهميش والإقصاء السياسي والمجتمعي والخدمي، من نظام صالح، بعد قيام الوحدة اليمنية في عام 1990.
ويسعى هادي، من خلال تحركاته الأخيرة، إلى تعزيز الثقة بينه وبين أبناء المناطق الجنوبية والقبائل والقوى السياسية والاجتماعية. وتصبّ هذه التحركات في إطار "نوع من إعادة الاعتبار، ورصّ الصفوف لمواجهة الانقلاب، وتأمين الجبهة الداخلية لإدارة حكمه، وقطع الطريق أمام خصومه السياسيين، من خلال كسب ولاء كل مكوّنات المجتمع الجنوبي"، وفقاً لمراقبين.
وتلقى تحركات هادي ارتياحاً شعبياً وسياسياً، كما تحظى بدعم الجنوبيين وتجاوبهم. حتى إن الرجل بدأ يستعيد بعضاً من شعبيته، محاصراً معارضيه، الذين فشلوا في تنظيم تظاهرات مناوئة له في عدن.
وباتت الأجواء الإقليمية والدولية تسانده بشكل كبير، في ظلّ إعادة افتتاح بعض السفارات في عدن، والوعود بتقديم مساعدات اقتصادية.