ارتفع عدد اليمنيين المحتاجين لمساعدات إنسانية إلى 15.9 مليون شخص مع نهاية العام 2014 (61 في المائة من عدد سكان اليمن) بارتفاع قدره 8 في المائة أي ما يقارب 14.7 مليون شخص في نهاية العام الذي قبله.
وقد تم إطلاق خطة استجابة مشتركة في 5 مارس/آذار الجاري عبرت عن احتياج المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن إلى 748 مليون دولار من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية إلى نحو 8.2 ملايين شخص (52 في المائة من إجمالي المحتاجين) خلال عام 2015، الذي لا يبشر بحل المشكلة الإنسانية في ظل مؤشرات قوية بتوسع الصراعات السياسية العسكرية إلى مناطق جديدة من البلاد.
وأحدث انتشار الصراع المسلح إلى مناطق جديدة في اليمن تحولاً جغرافياً موازياً للاحتياجات الإنسانية خلال العام الفائت. وتقول المنظمات إن السبب الآخر لتفاقم الأوضاع الإنسانية هو ظهور بيانات احتياج جديدة في مناطق كان يتعذر الوصول إليها سابقاً. وبشكل عام، تشمل الاحتياجات الإنسانية ذات الأولوية القصوى في العام الجاري 2015 الحاجة إلى الغذاء وتغذية الأم والطفل وتوفير الرعاية الصحية والمأوى للنازحين بصورة أساسية. وتتركز الاحتياجات الملحة بصورة أساسية في مناطق الصراعات الأخيرة وعلى طول سهل تهامة الساحلي الغربي المكتظ بالسكان.
وتفاقمت الظروف بشكل حاد منذ عام 2011 بسبب عدم الاستقرار السياسي والصراعات، الأمر الذي أدى إلى انهيار جزئي للخدمات الأساسية، ما دفع المزيد من الأسر إلى الاعتماد على المساعدات الخارجية من أجل تلبية احتياجاتها الأساسية. وتعد النساء على وجه الخصوص من الفئات الضعيفة – للسنة التاسعة على التوالي.
وتحتل اليمن ذيل مؤشر فجوة النوع الاجتماعي للمنتدى الاقتصادي العالمي. وبالرغم من تباطؤ سرعة التدهور بعد الأزمة السياسية في عام 2011، إلا أن هناك حاجة إلى استثمارات تنموية طويلة المدى من أجل انتشال اليمنيين بشكل مستدام من حالة الضعف، وهناك حاجة في نفس الوقت إلى إجراءات إنسانية من أجل إنقاذ حياة الناس، وحماية المدنيين، وتعزيز قدرات المرونة على تحمل الأزمات.
وبحسب دراسة تقييم الاحتياجات الإنسانية لليمن لهذا العام، يعجز 10.6 ملايين يمني عن تلبية احتياجاتهم من الغذاء من ضمنهم خمسة ملايين يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي، كما يحتاج 1.6 مليون شخص إلى خدمات تغذية، من بينهم 850 ألف طفل مصاب بسوء التغذية الحاد. ويعاني نحو 13.4 مليون شخص من عدم قدرتهم على الحصول على مياه شرب آمنة،
ولا يملك 12 مليون شخص مرافق صرف صحي ملائمة، ويفتقد 8.4 مليون شخص لإمكانية الوصول إلى رعاية الصحية الأساسية.
وقد أدت الصراعات الداخلية العام الماضي إلى نزوح حوالي 80 ألف شخص، عاد أغلبهم إلى منازلهم بعد فترة قصيرة من انتهاء الصراعات. وقد تسببت الصراعات والتهجير طيلة العام الماضي، في محافظات أبين وشبوة وعمران والجوف ومأرب والبيضاء، في النزوح وتدمير البنية التحتية وتعطيل سبل كسب العيش في المجتمعات المتضررة من الصراع.
إلا أن نحو 335 ألف يمني لا يزالون نازحين خارج مناطقهم، لا سيما في الشمال. ومع نهاية عام 2014، عاد 215 ألف شخص من النازحين في مختلف مناطق اليمن إلى منازلهم، لكن الكثيرون منهم يعانون من صعوبة العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية بسبب انعدام سبل المعيشة والبنية التحتية المدمرة، والتلوث الناتج عن الذخائر غير المنفجرة، وضعف سيادة القانون.
ولم يتم إحراز تقدم ملموس في الأوضاع الإنسانية خلال العام الفائت، عدا انخفاض عدد الأطفال ممن يعانون من سوء التغذية الحاد من نحو مليون إلى 840 ألف طفل تقريباً، منهم 170 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد، وقد يتوفون إن لم تصلهم المساعدات في أسرع وقت. ويُعزى هذا التحسن، وفقاً لمسح وضع التغذية في اليمن قامت به منظمة اليونيسف في عام 2014، إلى التدخلات التي قام بها عدد من المنظمات الدولية والمحلية المختلفة على مدى عام ونصف مضى، ومنها توسيع برامج العلاج بالتغذية التي التحق بها نحو 340 ألف طفل وأم حتى نهاية العام الماضي.
وأعرب عدد من الدول خلال شهر فبراير/شباط الماضي عن مخاوفها إزاء ارتفاع وتيرة الصراعات اليمنية القائمة، ما قد يعرقل الجهود الإنسانية الهادفة لإيجاد حلول تنموية مستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطن. ودعت هذه الدول الأطراف اليمنية إلى تفادي الدخول في مشاكل سياسية وإنسانية قد لا تنتهي سريعاً . وتأتي تلك الدعوة في ظل انخفاض مستمر للمساعدات الدولية للقضية الإنسانية، إذ لم يتجاوز دعم المانحين للأمور الإنسانية سوى 56 في المائة من متطلبات المنظمات الإنسانية في اليمن التي بلغت 596 مليون دولار.
يشير تقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي المتعلق بالفقر في اليمن، إلى ارتباط الدوافع الرئيسية الكامنة وراء الحجم الكبير للأزمة الإنسانية في اليمن إلى جانب عدم الاستقرار الأمني بأسباب هيكلية تشمل الفقر المستشري وضُعف الاقتصاد وسوء إدارة الموارد والفساد.
وأدت هذه القضايا إلى غياب الاستثمار الحكومي والإنساني في الخدمات الأساسية، كما غذّت الصراعات المحلية مخاوف بشأن حماية النازحين والمجتمعات الضعيفة التي تستضيفها والفئات الضعيفة الأخرى مثل اللاجئين والمهاجرين الأفارقة والنساء والأطفال.