أرشيف محلي

البطالة تلاحق موظفي السفارات في اليمن

لم يتخيّل أحمد صلاح أن يفقد وظيفته في السفارة الأميركية في العاصمة اليمنيّة صنعاء. لكنه واحد من بين عشرات كانوا يعملون في السفارات والمنظمات الدولية والمحلية، وهم اليوم يعانون من بطالة مؤقتة على إثر إعلان تلك المرافق إغلاق أبوابها بدءاً من فبراير/ شباط الماضي بسبب تدهور الوضع الأمني في اليمن.

يقول صلاح: "يبدو أننا مقبلون على أشهر وأعوام من البطالة، أنا أستبعد إعادة فتح المرافق الأجنبيّة التي أقفلت، إلا بتحسن سياسي وأمني ملموسَين أو بعودة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته للعمل في صنعاء في إطار اتفاق سياسي ما". لكنه يعلم جيداً بأن هذه الاحتمالات ضعيفة، خصوصاً مع تراجع احتمالات عقد حوار وبدء عمليات "عاصفة الحزم". ويرجّح أن تعجز السفارة الأميركية عن دفع مرتبات الموظفين بعد شهر أبريل/ نيسان على أبعد تقدير.

ولم تقتصر قرارات إغلاق المرافق الدبلوماسية على السفارات. بل شملت المكاتب التنموية والقنصليات التابعة لها، في حين ترافق ذلك مع تجميد معظم المساعدات المقدّمة إلى فقراء الشعب اليمني. فوكالة التنمية الدولية البريطانيّة على سبيل المثال، كانت أحد أكبر المانحين الملتزمين. لكن السفيرة البريطانية السابقة أوضحت أخيراً في تدوينة، أن المساعدات ستجمّد وسيترتب عن ذلك بطالة آلاف المستفيدين من أعمال التنفيذ والمقاولات المرتبطة بتلك المشاريع، ومنها المؤسسات الحكومية والمنظمات المحلية المنفّذة.

ليلى محمد من هؤلاء الذين أصبحوا عاطلين عن العمل، بعدما أبلغتها المؤسسة التنموية الوطنية التي تعمل فيها كمديرة للبحوث والتطوير بتجميد تمويلها من الوكالة البريطانية، وهي الشريك الأكبر للمؤسسة. تقول: "يسرّح موظفو المؤسسة على دفعات في خلال أربعة أشهر"، مشيرة إلى أن مستقبلها المهني "يبدو غامضاً مع التقلص الحاد في فرص العمل من هذا النوع".

وينتاب ليلى قلق، إذ تتوقع "نفاد مدخراتها في خلال أسابيع، بعدما أضاعت هذه الظروف الطارئة معظمها في أقساط شقة سكنية ما زالت قيد البناء منذ عامين. أنا لا أعلم كيف أدبّر بقيّة أقساطها". لكنها أيضاً تشعر بورطة "الأولويات المعيشية الأكثر إلحاحاً، خصوصاً وأنني اعتدت وطفلاي على نمط معيشة مرتفع نسبياً". لذا قرّرت ليلى بأسى، سحب طفليها من مدرستهما الخاصة وتسجيلهما في مدرسة حكومية لتوزيع بقية مخصصات الأقساط المدرسية على نواح معيشية أكثر أهمية.

وتتشابه حال موظفي السفارات والمنظمات في المناطق اليمنية المختلفة بحال نظرائهم في العاصمة. فتخبر غادة علوي من عدن (جنوب) أن قرارات تجميد المساعدات طال منظمتها العاملة في التنمية في المناطق الجنوبية. تضيف أن "مستقبلنا مهدد ونعيش حالة نفسية صعبة بسبب ضيق العيش في معظم مناطق الجنوب والحرب علينا براً وبحراً وجواً منذ نهاية شهر مارس/آذار الماضي".

ويعبّر عاملون كثر في منظمات دولية ما زالت تعمل في اليمن، عن خشيتهم من فقدان أعمالهم في حال قررت المنظمات الأم في الخارج سحب مكاتبها التمثيلية من البلاد بسبب عدم وجود سلطة شرعيّة. فعشرات المنظمات الإنسانية بدأت بالفعل بسحب بعض كوادرها الأجنبية من اليمن، في حين راحت تتخلى عن بعض الموظفين اليمنيين، وتوقّع اتفاقيات تعاون مع الجهات الحكومية الشريكة من أجل تمكينها من العمل بدلاً منها بأقل مساعدة ممكنة من المنظمات في خلال المرحلة المقبلة.

تجدر الإشارة إلى أن العاملين في هذه المؤسسات والسفارات، هم غالباً من اليمنيين الذين يمتلكون مؤهلات ومهارات عالية، لكنها لن تساعدهم في الواقع على التغلب على بطالتهم في ظل وضع أمني وسياسي مضطرب، بحسب ما يؤكد متابعون.

[b]تجميد 900 مليون دولار[/b]

جمّد البنك الدولي عملياته كلها في اليمن والبالغة 17مشروعاً بقيمة إجمالية تساوي 900 مليون دولار أميركي، نتيجة استمرار الاضطرابات السياسية والأمنية. فتضرّر الآلاف لينضموا إلى شريحة العاطلين عن العمل، على أمل أن يشهد الوضع السياسي والأمني تحسناً بحسب ما لفت في وقت سابق نائب رئيس البنك للشرق الأوسط وشمال أفريقيا حافظ إبراهيم.

زر الذهاب إلى الأعلى