تعيش المدن اليمنية شللاً تاماً بعد توقف حركة المواصلات وإغلاق أغلب المحال التجارية والورش الفنية والمدارس والجامعات، وتوقف عدد من المؤسسات عن تقديم خدماتها للمواطنين، وتخلو شوارع المدن من السيارات مع انتشار مواطنين في الطرقات نهاراً بحثاً عن مركبات تقلهم إلى أعمالهم.
وقال مواطنون لـ"العربي الجديد"، إن أغلب سيارات الأجرة والنقل والمركبات الخاصة توقفت، تماماً، بعد انتهاء مدخرات المواطنين من الغاز والبنزين والسولار. مشيرين إلى أن أغلب المواطنين يتنقلون في المدن سيراً على الأقدام أو بسيارات البضائع.
وقال عبدالله محمد (ممرض في مستشفى في صنعاء)، إنه يقطع أكثر من 3 كيلومترات سيراً على الأقدام، يوميّاً، للوصول إلى المستشفى الذي يعمل فيه. مشيراً إلى أنه لا يستطيع التغيّب عن العمل، بسبب وجود مرضى وجرحى بحاجة إلى من يداويهم.
وأضاف، أن أغلب العاملين في مؤسسات الدولة الحكومية، والخاصة توقفوا عن الذهاب إلى أعمالهم باستثناء من ترتبط أعمالهم بحياة المواطنين. لافتا إلى أن هذا التغيّب سبب كثيراً من المعاناة للمواطنين.
وأوضح أن سيارات الأجرة التي ما زالت تعمل، تفرض أسعاراً باهظة مقابل نقل الركاب، وأن سيارات النقل المخصصة لنقل البضائع، أصبحت وسيلة نقل للمواطنيين الذين يركبونها بأعداد كبيرة باعتبارها فرصة وحيدة للتنقل.
في السياق ذاته، شكا محمد البعداني من عدم قدرته على الذهاب إلى شركة الصرافة التي يعمل فيها بسبب عدم وجود وسائل مواصلات. يقول: "أقف أكثر من ساعة في الشارع العام بحثاً عن حافلة تقلني إلى العمل دون جدوى". مشيراً إلى أنه يضطر، أحياناً، إلى الركوب في سيارة نقل بضاعة والدفع لهم مقابل ذلك.
وأضاف البعداني لـ"العربي الجديد"، أنه بدأ يتغيب عن عمله، لكن إدارة الشركة تتفهم أسباب الغياب". موضحاً أن كثيراً من زملائه يعانون المشكلة نفسها.
أما سائق سيارة النقل، صلاح الحيمي، فيحكي لـ"العربي الجديد" تهجّم عدد من المواطنين بالسلاح عليه وأجبروه على التوقف ليركبوا في سيارته. ويقول: "كنت مارّاً بسيارتي الخاصة بنقل البضائع في حي شملان (شمال غرب العاصمة) وإذا بأربعة أشخاص يقطعون الطريق ويرفعون علي سلاح كلاشنكوف ويجبرونني على التوقف". مشيراً إلى أنه اعتقد أنهم قطاع طرق، لكنه اكتشف أن المسلحين لم يجدوا وسيلة مواصلات فاضطروا إلى إيقافه تحت تهديد السلاح وطلبوا منه أخذهم إلى أحد الأماكن.
[b]الاحتطاب من الحدائق[/b]
وأكد علي الحاشدي (58 عاماً)، أن صنعاء لم تعش مثل هذه الأوضاع التي وصفها ب"المأساوية" منذ جاءها ليستقر فيها، هو وأفراد أسرته في سبعينيات القرن الماضي. لافتاً إلى أن حاجة المواطنين دفعتهم إلى البحث عن حلول أخرى لمواصلة العيش.
ويسرد الحاشدي لـ"العربي الجديد" بعض المشاهد التي تعبر عن الحال الذي وصل إليه سكان العاصمة صنعاء: "بسبب الأزمات الحادة وانعدام المشتقات النفطية والغاز المنزلي، لجأ الناس إلى استخدام الحطب بهدف طبخ الطعام". مشيراً إلى أن الأطفال والنساء يخرجون إلى الشوارع بحثاً عن الحطب وقطع الكرتون. "لم يحدث، يوماً، أن وقفت في طابور أمام المخابز إلا هذه الأيام".
ولندرة الأشجار في العاصمة صنعاء، لجأ كثير من المواطنين إلى الاحتطاب من أشجار الحدائق بعدما كانت خلت من الزوار منذ بداية "عاصفة الحزم" في نهاية مارس/آذار الماضي. وشوهد كثير من المواطنين وهم يقومون بجمع وتقطيع الأخشاب الجافة من حديقة الثورة الموجودة شمال العاصمة، حيث تعتبر أكبر حديقة ترفيهية في اليمن.
[b]مناشدات أممية[/b]
وكانت 17 وكالة ومنظمة إنسانية دولية عاملة في اليمن حذرت، أمس، أن "مساعدات إنقاذ الحياة اقتربت من نهايتها. وأن كارثة قد تقع، خلال أسبوع، ما لم يتم فتح الطرق البرية والبحرية والجوية لإدخال المساعدات".
وأشارت المنظمات في بيان إلى أن "نقص الوقود في اليمن وصل إلى مرحلة حساسة". مؤكدة ضرورة السماح باستيراد الوقود، وأوضحت المنظمات أن اليمن "بحاجة إلى 144 ألف برميل من النفط، يوميّاً، على الأقل، للحفاظ على اقتصادها وبنيتها التحتية". لافتاً إلى أن "نقص الوقود يؤدي مباشرة إلى الكارثة الإنسانية الجارية الآن في اليمن.
وأعلنت، اليوم، منظمة التعاون الإسلامي، والهيئة الوطنية العليا للإغاثة والإعمار والتنمية (يمن هاند) اليمن "بلداً منكوباً"، داعية "إلى هدنة إنسانية عاجلة لإيصال وإدخال المساعدات الإغاثية الطبية والغذائية، والسماح بوصول الفرق الطبية إلى الضحايا وإسعاف ومعالجة القتلى والجرحى".
واستجابة للنداءات الأممية، أعلن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قرب الإعلان عن هدنة إنسانية في اليمن لمدة خمسة أيام، للسماح بوصول المواد الإغاثية، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي، جون كيري، في العاصمة السعودية، الرياض، مشيراً إلى أن الهدنة مشروطة بالتزام الحوثيين، وأنها ستشمل مناطق اليمن كافة.