خمسة قياديين بارزين في تنظيم أنصار الشريعة التابع للقاعدة -في مقدمتهم زعيم التنظيم ناصر الوحيشي- لقوا حتفهم إثر غارات لطائرات أميركية بدون طيار في وفترة وجيزة بمدينة المكلا في محافظة حضرموت (شرقي اليمن).
ودفع ذلك محللين في شؤون الجماعات الإسلامية إلى توقع حدوث اختراقات داخل صفوف التنظيم، فضلا عن احتمال نشوء ما سموه صراع توظيف مخابراتي يستهدف حرفه عن مهمته الأساسية.
ومنذ سيطر تنظيم القاعدة على مدينة المكلا مطلع أبريل/نيسان الماضي لم يفارق أزيز الطائرات بدون طيار سماء المدينة في مهمات بحث وملاحقة لعناصر القاعدة.
وأعلن التنظيم في 16 يونيو/حزيران الجاري مقتل زعيمه في جزيرة العرب ناصر الوحيشي واثنين من مرافقيه في غارة جوية بمدينة المكلا، علما بأنه كان قد أعلن في 13 أبريل/نيسان الماضي عن مقتل القيادي بالتنظيم إبراهيم الربيش وستة آخرين في غارة جوية غرب مدينة المكلا.
وفي 7 مايو/أيار الماضي كشف التنظيم عن مقتل القيادي نصر الآنسي مع نجله الأكبر بضربة أميركية تبعها بعد أربعة أيام مصرع القياديَيْن بالتنظيم مأمون حاتم ومحمد صالح الغرابي، وإصابة ستة آخرين في ضربة جوية استهدفت سيارة بمحيط القصر الجمهوري في المدينة. وفي محاولة للحد من عمليات استهداف قيادييه لجأ التنظيم إلى الإعلان عن تنفيذ عملية إعدام لشخصين سعوديين اتهمهما بالتخابر والتجسس لصالح "آل سعود والأميركيين"، وقام بصلب جثتيهما وسط مدينة المكلا.
[b]دور مخابراتي [/b]
وتعليقا على ذلك، يعتقد الباحث المتخصص بشؤون الجماعات الإسلامية نبيل البكيري أن ما يجري لتنظيم القاعدة في اليمن حاليا ليس مجرد صراع أجنحة، إنما صراع توظيف للتنظيم خارج إطار مهمته التي أنشئ من أجلها وتحويله لمهمة عكسية تماما من مقاتل ضد المصالح الأميركية إلى حام لها وجزء من أدواتها.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت "رأينا كيف تم التخلص من قادة التنظيم الذين كانوا يمثلون الصف الأول الأقرب للقيادة المركزية بقيادة أيمن الظواهري، وتمكين قيادات جديدة طارئة وذات دور مخابراتي واضح".
واعتبر البكيري سهولة الاستهداف للقادة دليلا واضحا على الاختراقات الكبيرة التي أصابت التنظيم، مشيرا إلى أن توقيت ما يجري من قتل الوحيشي وإعلان القادة ذلك مباشرة ومبايعة قاسم الريمي بهذه السرعة دون انتظار للقيادة المركزية هو دليل على ما يعتقده البعض من أن مهمة الريمي ستكون تقديم جماعة الحوثي للمجتمع الدولي كمنقذ للعالم من تنظيم القاعدة في اليمن.
[b]اختراقات جلية [/b]
في المقابل، أرجع الخبير في شؤون تنظيم القاعدة والجماعات المتشددة سعيد الجحمي سلسلة التساقط السريع لقياديي القاعدة إلى وقوع التنظيم في الخطأ نفسه الذي ارتكبه عام 2012 عندما أعلن عن إمارات إسلامية واقعة تحت سيطرته، فكان الثمن أن خسر العديد من عناصره، والصورة تتكرر حاليا في المكلا.
وأشار إلى أن وجود اختراقات في التنظيم أمر بات جليا، وأن الولايات المتحدة هي التي رسمت المشهد الحاصل في اليمن الآن، كما أنها أكثر المستفيدين من ما وصلت إليه البلاد من فوضى غير مسبوقة.
واستبعد الجمحي أن يكون هناك صراع داخلي في التنظيم سواء أكان على مستوى القياديين أو القواعد، معتبرا أن الإعلان السريع عن مبايعة قاسم الريمي أميرا له بديلا من الأمير القتيل دليل يؤكد أن التنظيم لا يزال متماسكا.