كانت الصدمة كبيرة في الكويت، اليوم الجمعة، بالجريمة التي تبنّاها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ضد مسجد الإمام الصادق في منطقة الصوابر، أثناء صلاة الجمعة، وذهب ضحيتها 25 قتيلاً وأكثر من 202 جريح على الأقل.
أسباب الصدمة كثيرة، منها إجرام العملية غير المسبوقة في الإمارة الخليجية، بحق المكوّن الشيعي العربي في دولة لم تُعرف عنها توترات مذهبية كبيرة.
وظهرت الصدمة من خلال شكل الاستنفار الرسمي والشعبي والأمني الذي تلا المجزرة التي نفّذها المدعو "أبو سليمان الموحّد"، الذي لم تتضح جنسيته بعد.
وذكر شهود عيان أن "الانفجار حصل قبل الركعة الأخيرة من الصلاة، بعد صراخ الانتحاري عبارة: الله أكبر، ليدوّي التفجير بعدها"، مستهدفاً أحد أكبر المساجد الشيعية في الكويت.
وعلم "العربي الجديد" أن "الأجهزة الأمنية تحفّظت على 14 شريطاً مصوراً لكاميرات المراقبة داخل المسجد"، بينما تداعت مساجد عدة إلى عقد اجتماعات مغلقة، لإجراء ترتيبات أمنية، كما تم تداول معلومات عن إغلاق معظم المصليات النسائية حرصاً على السلامة العامة.
وتبنّى تنظيم "ولاية نجد"، فرع "داعش" في السعودية، العملية، وأفاد بيان صادر عن التنظيم بأنه "في عملية نوعية، انطلق الأخ أبو سليمان الموحّد ملتحفاً حزام العز الناسف"، مستهدفاً المسجد. وعلى الفور حضر إلى موقع الحادث، أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، متفقداً الموقع. كما حضر رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ محمد الخالد.
وذكر الغانم أن "الكويت أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تنجح الفتنة ومخططات الإرهاب في تفريق الكويتيين وشقّ صفّهم، أو ينتصر الكويتيون في تلك المواجهة الحاسمة"، ودعا إلى جلسة طارئة لمجلس الأمة لبحث الوضع.
من جهته، اعتبر المبارك في تصريحٍ له بعد زيارته المستشفى الأميري، الذي نُقل إليه معظم المصابين، أن "التفجير يستهدف الوحدة الوطنية، لكننا أقوى بكثير من هذا"، داعياً مجلس الوزراء إلى اجتماع عاجل في هذا السياق أيضاً.
وقد ترك التفجير صدمة لدى المجتمع الكويتي، الذي كان يشعر أنه بمأمن نوعاً ما من هذه التفجيرات، ولكنها في الوقت نفسه ولّدت لديه ردود أفعال صبّت في خانة "الرفض المطلق من جميع فئات المجتمع لهذه الممارسات ضد الشريك في الوطن".
وأُلغيت معظم الاستقبالات التي عادة ما يقوم بها المجتمع الكويتي أفراداً وجماعات للتهنئة بشهر رمضان، وسط دعوات لإعلان حالة الحداد على من سقط خلال التفجير.
من جهته، في تعليق أولي للنائب عبد الحميد دشتي، أكد أن "الكويت تواجه ما ابتليت فيه الأمة من فكر تكفيري، وأهل الكويت ينبذون هذا العنف". وأضاف أن "البلاد لم تشهد ضربات كهذه من قبل، وهذا التفجير يستهدف جميع الآمنين، والنسيج الاجتماعي الكويتي الأصيل لن يتضرر بهذه الهجمة".
أما النائب صالح عاشور، فقال إن "الهدف ليس مسجداً محدداً بل الإسلام الأصيل، عبر تطبيق مخطط تفكيك الأمة الإسلامية، ويريد كثر تقسيمنا إلى طوائف ومذاهب لنتناحر في ما بيننا".
ودان وزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، يعقوب الصانع، "العمل الإرهابي"، الذي قال إنه "يُهدّد أمن البلاد ويهدف إلى النيل من الوحدة الوطنية". ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن الصانع قوله إن "الكويت ستبقى واحة للأمن لكل شرائح المجتمع الكويتي وكل الطوائف، وأن الحكومة تتخذ تدابير كثيرة لحماية المصلين والمساجد".
بدوره، استنكر "التجمّع الإسلامي السلفي" بشدة "الجريمة البشعة، التي لا يُقدم عليها إلا خائن وعميل يريد الشرّ وإشعال المنطقة بأسرها بفتنة تحرق الحاضر وتُدمّر المستقبل". وطالب بيان لـ"التجمّع"، الجهات الأمنية ب"ألا يهدأ لها بال أو سكينة، حتى تتوصل إلى كشف من قام بهذه الفعلة النكراء، وتعلنهم على الملأ وتقدمهم إلى القصاص العادل".
ودعا "الشعب الكويتي إلى التماسك صفاً واحداً في الأزمات والفتن، والتعاون مع الجهات الأمنية من أجل القبض على من يقف وراء هذه الجريمة والمحافظة على أمن واستقرار البلاد". كما أعلن "التجمّع" عن إلغاء الغبقة الرمضانية (إحدى وجبات شهر رمضان التي تقع بين وجبة الإفطار والسحور)، التي كانت مقرّرة، فجر السبت، "نظراً للظروف وتعاطفاً مع أسر ضحايا هذه الفعل الإجرامي الجبان".
وأفادت وسائل الإعلام المحلية بأن النائب فيصل الدويسان، الذي تقدّم باستقالته من البرلمان قبل بضعة أيام على خلفية شجار طائفي مع النائب حمدان العازمي، تراجع عن استقالته بعد التفجير.
ودان الأردن بشدة "التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجد الإمام الصادق". ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن محمد المومني، وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، تأكيده وقوف الأردن "إلى جانب الكويت في مواجهة الإرهاب الذي يستهدف المساس بأمنها وسلامة مواطنيها".
كما دانت وزارة الخارجية المصرية الهجوم الذي استهدف مسجد الإمام الصادق. وأعرب المتحدث باسم الوزارة بدر عبد العاطي، عن "إدانة مصر الكاملة والقوية واستنكارها لحادث التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجداً، وأسفر عن سقوط عدد من القتلى والمصابين".
وأكد المتحدث "تضامن مصر حكومة وشعباً مع حكومة وشعب الكويت في مواجهة الإرهاب، الذي يستهدف الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم". كما اتصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالأمير الكويتي معزياً.