أغلق تنظيم "القاعدة" المحلات والأسواق التجارية في مدينة المكلا عاصمة حضرموت (شرق اليمن)، ابتداءً من أمس الثلاثاء 20 رمضان، بهدف ما سماه التنظيم، "التفرغ للعبادة خلال العشر الأواخر من الشهر الفضيل".
وقالت مصادر محلية في المدينة إن الإعلان الذي جاء قبل يومين دفع السكان إلى شراء احتياجاتهم قبل المهلة المحددة لإغلاق الأسواق.
ويسيطر التنظيم على مدينة المكلا منذ مطلع أبريل/نيسان الماضي، ويقوم بوظيفة الدولة ويتحكم في الشؤون الإدارية للمدينة، وأصدر خلال الفترة الماضية قرارات على خطى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في العراق وسورية، أثارت استغراب السكان.
ويشتكي تجار المدينة من ركود حركة التسوق والبيع والشراء؛ بسبب تدخلات مسلحي القاعدة في شؤونهم وأعمالهم.
وخلال الفترة الماضية خرجت تظاهرات شعبية للمطالبة بخروج عناصر التنظيم من المدينة بسبب تدخلهم بجميع تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين.
ونشر التنظيم مسلحين في أرجاء المدينة يؤدون مهام الشرطة. وينتشر مسلحوه بالقرب من المراكز التجارية الكبيرة وأسواق النساء، لمنع الاختلاط بين الرجال والنساء.
وأكدت مصادر محلية في المدينة أن عناصر تنظيم القاعدة بدأوا نهاية يونيو/حزيران تنفيذ حملة لإزالة لوحات الإعلانات، في الشوارع، ولافتات المحلات التجارية التي تحوي صور نساء.
وقالت المصادر إن مسلحي التنظيم قاموا، بشكل مفاجئ، بطلاء معظم اللافتات التي تحتوي على صور نساء باللون الأسود. وأشارت إلى أن هذه الحملة استهدفت حتى الإعلانات التي تحتوي على صور "نساء يرتدين النقاب"، بينما استثنت الحملة الصور الرجالية.
ووفقاً للمصادر فإن عناصر التنظيم حذروا ملاك المحلات من عرض أي إعلانات تحتوي على صور نساء باعتبارها حسب وصفهم "مسببة للفتنة، وتبعد الناس عن العبادة، وتؤثر في سلوكهم، وتشغل المجاهدين عن الجهاد".
وقال شهود عيان ل "العربي الجديد": "إن عناصر التنظيم منعوا أصحاب المحال التجارية بمدينة المكلا من وضع المجسمات الخاصة بالملابس، بدعوى أنها أصنام وتماثيل".
[b]حظر القات[/b]
في ذات السياق، أعلن التنظيم، الأسبوع الماضي، فرض عقوبات مالية قاسية على تجار نبتة القات، ونشر التنظيم ملصقات في امأكن عدة بالمكلا، عن فرض غرامات على تجارة القات.
وأكد التنظيم في الإعلان أن أي تاجر يوقف وبحوزته بين 1 و10 كلغ من القات عليه تسديد غرامة مالية تبدأ من 500 ألف ريال (2500 دولار تقريباً). وتضاعف قيمة الغرامة مرتين للكميات بين 10 و100 كلغ، وتصل إلى مليون ريال ومصادرة السيارة عند تجاوز 100 كلغ.
وكان التنظيم قد حظر بيع القات والاتجار به في المكلا، منذ 14 مايو/أيار الماضي لكن دون تطبيق عقوبات، وعقب ذلك اقتحم عناصر التنظيم السوق الرئيسية للقات في المدينة وقاموا بإحراق الكميات المعروضة للبيع وحذروا بائعي القات من بيعه أو الاتجار به.
[b]سلب السيارات الحكومية[/b]
وبدأ تنظيم "القاعدة" في سحب السيارات الحكومية المرافقة لمسؤولين محليين. وقالت الناشطة اليمنية عبير واكد لـ"العربي الجديد": إن عناصر من تنظيم القاعدة قامت بنهب سيارة والدها القاضي محمد عوض واكد، نوع (برادو)، وسيارة والدتها القاضية في محكمة استئناف حضرموت، أنهار محمد عبدالخالق، نوع (هونداي).
وأوضحت واكد أن عناصر القاعدة برروا تصرفهم بأن سيارتهما حكومية وما يتبع الحكومة يعود إلى بيت مال المسلمين.
وتقوم الحكومة اليمنية بصرف سيارات لمسؤولي الحكومة والقضاة ومدراء العموم، وهي سيارات تحمل لوحات خاصة بلون أخضر ومكتوب فيها حكومي، لتمييزها عن السيارات الخاصة وسيارات النقل.
وأوضحت أنها لم تسمع بسلب سيارات حكومية أخرى لكن عناصر القاعدة عندما قدموا بسلب سيارة والدها قالوا إنهم استعادوا 3 سيارات حكومية أخرى.
[b]أزمات معيشية [/b]
وتعاني مدينة المكلا من تفاقم الأزمات المعيشية منذ سيطرة القاعدة، حيث أغلقت أغلب المحلات التجارية والشركات الخاصة، وأُعلن عن توقف مشاريع استثمارية كبيرة، وتم تسريح آلاف الموظفين.
وتسجل المدينة شحاً في المشتقات النفطية منذ شهر أبريل/نيسان الماضي، الأمر الذي دفع المواطن لخلق سوق سوداء تبيع الوقود بأضعاف السعر العادي.
وقال الناشط الميداني، عماد الديني، ل "العربي الجديد": "المكلا تعيش أوضاعاً سيئة وتردياً في الخدمات العامة، حيث تنعدم المواد الغذائية وينقطع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وهناك شح في الوقود حيث تصطف مئات السيارات يومياً للحصول على البنزين الذي يحتاج إلى المبيت أمام محطات التعبئة من 3 إلى 4 أيام".
وأوضح الديني، وهو من أهالي المدينة، أن أغلب السكان أصبحوا بدون عمل وغير قادرين على تغطية تكاليف معيشتهم، وأنه شاهد مؤجراً يقوم بإخراج المستأجرين من عمارته لعدم قدرتهم على دفع الإيجار.
ويسيطر تنظيم القاعدة على أغلب المنشآت الحيوية بالمدينة ومنها ميناء المكلا، وهو الميناء الرئيس لليمن على البحر العربي.
وعقب اجتياح المدينة اقتحمت عناصر محسوبة على تنظيم القاعدة، فرع البنك المركزي اليمني هناك، ونهبت خزينته.
وأكدت مصادر خاصة أن المبلغ المنهوب يبلغ حو إلى 17 مليار ريال يمني (85 مليون دولار)، وعقب سيطرة عناصر القاعدة على كامل المكلا، شهدت المدينة أعمال نهب واسعة طالت المصارف والمنشآت الحكومية والمؤسسات الخاصة.
واقتحمت عناصر تابعة لتنظيم القاعدة في اليمن، مصارف خاصة منها فرع مصرف التضامن وفرع مصرف اليمن الدولي، ونهبت الأموال الموجودة بهذه الفروع، وفقاً لمصادر محلية.
وكان قيادي في التنظيم يدعى أبو العباس، اعتبر في احتفالية جماهيرية أقامها قبل أيام أنه "لا حرج في الحصول على أموال المصارف كونها أموال المسلمين وتذهب للجهاد".
وبحسب المصادر، فإن عناصر التنظيم وافقوا على دفع مبالغ مالية لتسديد مرتبات الموظفين، وهو ما اعتبره محللون، دليلاً على أنهم ما زالوا يحتفظون بتلك الأموال التي نهبت من المصارف.
وتم الإعلان مؤخراً، عن اتفاق بين عناصر القاعدة وحلف قبائل حضرموت على تشكيل مجلس أهلي مشترك لإدارة شؤون المدينة تحت اسم "المجلس الأهلي الحضرمي".
وكشف القيادي في تنظيم القاعدة خالد باطرفي، قبل أيام، عن وجود تنسيق بين القاعدة والمجلس الأهلي الحضرمي الحاكم بمدينة المكلا.