علمت "العربي الجديد" أن تنظيم "القاعدة" الذي سيطر على مدينة المكلا عاصمة حضرموت (شرق اليمن)، في 2 أبريل/ نيسان الماضي، ينسّق مع المجلس الأهلي في حضرموت، لانسحاب تدريجي من المكلا، مركز المحافظة.
وارتفعت أخيراً الأصوات المطالبة بانسحاب تنظيم "القاعدة" من المدينة، مع تزايد الضربات الجوية التي تشنها الطائرات الأميركية من دون طيار، وهو ما بات يشكّل قلقاً للمواطنين، بالإضافة إلى تأسيس القاعدة أخيراً جهاز "الحسبة" بذريعة "محاسبة مرتكبي المخالفات الأخلاقية"، فضلاً عن تدخله في تفاصيل الحياة العامة للمواطنين.
في المقابل، ينحصر دور المجلس الأهلي الذي تم تأسيسه فور سيطرة "القاعدة" على المدينة في تسيير شؤون المحافظة الخدماتية فقط.
ويقول المتحدث الرسمي باسم المجلس الأهلي الحضرمي، ربيع العوبثاني، إن "المجلس يتفاوض منذ فترة مع القاعدة بشأن انسحابه من المدينة، حفاظاً على أهلها وأمنها وتجنباً لإقحام المدينة في حرب هي في غنى عنها".
ويكشف العوبثاني، عن اتفاق بين المجلس و"القاعدة"، يقضي بتولّي المجلس إدارة أمن مدينة المكلا بعد إجازة عيد الفطر، مشيراً إلى أن هناك ترتيبات تجري في هذا الجانب، سواء في إعادة تأهيل مقرّ أمن المدينة أو من ناحية تدريب أفراد سيلتحقون في جهاز الشرطة المنوي إعلانه.
ويوضح العوبثاني أن جهاز الشرطة الجديد سيتألّف من ضباط قدامى معروفين بنزاهتهم، على أن يكون الأفراد من منتسبي الجهاز قبل سيطرة "القاعدة"، وأفراد تم تدريبهم أخيراً للغرض نفسه، لافتاً إلى أن جهاز الشرطة الجديد سيشمل الأمن العام وشرطة النجدة وشرطة السير.
ويشير العوبثاني إلى لقاء "مطوّل عقده مسؤول في المجلس الأهلي مع قيادة القاعدة بعد الغارة الجوية التي استهدفت سيارة للتنظيم في ميناء المكلا الأسبوع الماضي، طالب خلاله المجلس التنظيم بعدم التدخل في الإدارات التي تم تسليمها إلى المجلس، موضحاً لقيادته أنّ مثل هذه التدخلات ستؤثر سلباً على نشاط الميناء وسمعة المحافظة في الخارج. وأبدى التنظيم تفهمه، متعهّداً بعدم تكرار ما حصل"، بحسب العوبثاني.
ويرى مراقبون أن الضربات الأميركية بطائرات من دون طيار التي استهدفت التنظيم أخيراً، دفعت "القاعدة" إلى الإحجام عن توسيع سيطرته، وترك عناصره يتحركون في مساحات مفتوحة تحاشياً لاستهدافهم، وخصوصاً أن حضرموت تتميز ببيئتها الصحراوية.
وكان التنظيم قد نجح عقب سيطرته على المكلا في الاستيلاء على معدات للجيش في المنطقة بما في ذلك الأسلحة الثقيلة، لكنه اكتفى بالتمركز في مناطق حضرموت الساحل، بقوة وعتاد عسكري كبيرين، فيما توقفت عملياته في حضرموت الوادي والصحراء، الواقعة تحت المنطقة العسكرية الأولى، والتي كانت طوال الفترة التي سبقت إطلاق التحالف العشري "عاصفة الحزم" قبل أن تشهد مواجهات عنيفة وعمليات عسكرية بين الطرفين، فضلاً عن تنفيذ عمليات انتحارية. وهو ما أثار علامات استفهام حول وجود اختراقات داخله.
كما يرى سياسيون أنّ سيطرة التنظيم على المكلا، كانت بمثابة الفخ الذي نصب له، مشيرين إلى أنّ العد التنازلي لمغادرته المدينة قد بدأ في ظل استمرار سقوط عناصره يوماً بعد آخر. وكانت الضربات الأميركية قد استهدفت عدداً من أبرز قيادات التنظيم، منهم ناصر الوحيشي وحارث النضاري وإبراهيم الربيش.
من جهة أخرى، أفشل التنظيم، يوم الخميس، احتفالاً في أحد المراكز التجارية في مدينة المكلا، بحجة أنه من "المنكرات". ويقول مصدر، إن "أفراداً من جهاز الحسبة التابع للتنظيم أفشلوا فعالية إنشادية خاصة بالعائلات والأطفال وقاموا بفصل التيار الكهربائي عن جهاز الصوت من دون إذن مسبق أو إيضاح السبب، قبل أن يدخلوا في مشادات حادة مع منظمي الفعالية، خلّفت مصاباً تم إسعافه إلى مستشفى قريب".
وأنشأ "القاعدة" في حضرموت مطلع يوليو/ تموز الحالي جهاز "الحسبة" أو ما يطلق عليه، "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، لـ"معاقبة مرتكبي المخالفات الأخلاقية"، على حد وصفه.
وانتشر أفراد الجهاز في الأسواق العامة وأمام مراكز التسوق النسائية. كما أغلق التنظيم المحلات والأسواق التجارية في المكلا، قبل عشرة أيام من انتهاء شهر رمضان، بهدف ما سماه "التفرغ للعبادة خلال العشر الأواخر من الشهر الفضيل".