[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

جبلٌ بلاستيكي في اليمن

فقد الآلاف من فقراء اليمن أحد أهم مصادر دخلهم، مع توقف معامل إعادة تدوير البلاستيك عن العمل، علماً أنها لطالما كانت إحدى المؤسسات الاقتصادية الأهم لناحية تأمين فرص عمل للأسر، بمن فيهم النساء والأطفال. ويرجع توقف إعادة التدوير إلى عوامل أمنية واقتصادية عدة سببتها الحرب القائمة، والتي أدت إلى توقف معظم الاستثمارات في اليمن.

أخيراً، امتلأت الطرقات والشوارع وأماكن تجميع القمامة في غالبية المدن اليمنية بقناني المياه البلاستيكية، بعد توقف الأسر الفقيرة عن جمعها وبيعها إلى مصانع إعادة التدوير لصنع بعض المنتجات البلاستيكية أو إعادة تصديرها. في السابق، كان سامي الزبيدي (16 عاماً) يحمل كيساً على ظهره، ويتجول في شوارع العاصمة لجمع ما تيسر من العلب البلاستيكية، وبيعها إلى تاجر ينقلها بدوره إلى أحد المعامل، ثم إلى مصانع البلاستيك.

تضررت أسرة سامي جراء توقف هذه المصانع. ولم يعد هذا الشاب قادراً على توفير ما قد يساعد العائلة. يقول ل "العربي الجديد": "تعتمد أسرتي على ما يمكن توفيره من جمع العلب البلاستيكة من الشوارع وبراميل النفايات. اعتدنا جمعها بعد صلاة الفجر، ثم بيعها بالكيلوغرام إلى أحد التجار". ويشير إلى أنه منذ أشهر، يقضي غالبية يومه من دون عمل، ما انعكس على وضع أسرته المعيشي وخصوصاً أن الحرب ضاعفت الأسعار، فيما توقفت الجمعيات الخيرية عن تزويد الفقراء بما يحتاجون إليه.

وتعملُ غالبية عمال النظافة في هذا المجال نظراً لتدني المرتبات التي يتقاضونها في مقابل تنظيف الشوارع والمؤسسات. ويلجأ عبدالله عيسى إلى استغلال عمله في تنظيف الشوارع لجمع قناني المياة البلاستكية ليبيعها والاستفادة من ثمنها، وإن كان زهيداً. يشير إلى أن غالبية زملائه قد توقفوا عن جمع العلب البلاستيكية أخيراً، باستثناء بعض الأشخاص القادرين على تخزينها في أماكن واسعة على أمل بيعها بعد انتهاء الحرب. يضيف "في السابق، كنا نتعامل مع قناني المياه البلاستيكية باعتبارها ثروة. نهرع لجمعها وبيعها، وننتظر انتهاء الأعراس لنجمعها. لكننا اليوم نتركها في الشوارع في ظل صعوبة ايجاد من يشتريها"، لافتاً إلى أنهم يبحثون عن بدائل لتعزيز مصادر دخلهم.

من جهته، يؤكد محمد أنقع أن غالبية الأسر التي تبيع العلب البلاستيكية تعد من أفقر شرائح المجتمع، وقد تضررت كثيراً، ما جعل بعضها يلجأ إلى التسول. أنقع، وهو تاجر يشتري ما يجمعه الفقراء في محافظة المحويت (غرب) من قنان بلاستيكية، ويبيعها للشركات والمؤسسات، يوضح أن كثيراً من الأطفال يجمعون هذه العلب ويبيعونها بهدف مساعدة أسرهم في توفير احتياجاتهم. أما آخرون، فيبيعونها ليشتروا بثمنها الحلوى التي لا تستطيع أسرهم توفيرها لهم، لافتاً إلى أن النساء أيضاً يعملن في هذا المجال لتوفير احتياجاتهن.

ويشير أنقع إلى أن عدداً من التجار والمؤسسات تخزن القناني والعلب البلاستكية في مخازن أو أراض بعيدة لبيعها بعد انقضاء الحرب، مبيناً أنهم يستغلون تراجع أسعارها إلى مستويات منخفظة جداً ويقبلون على شرائها. لكن هذا لم يحل مشكلة العلب البلاستيكية في الشوارع والأرصفة، ما ينذر بمشكلة بيئية، وخصوصاً في المناطق الريفية.

من جهته، يعزو إبراهيم الوجيه، وهو أمين صندوق مؤسسة الحاج إبراهيم صائم لتصدير البلاستيك، أسباب توقف المؤسسات والمصانع البلاستيكية عن العمل إلى توقف عملية التصدير وانعدام الوقود، ما أدى إلى شلل تام في تجارة وتصدير البلاستيك. ويشير إلى أن المؤسسة التي يعمل فيها استغنت عن أكثر من 50 عاملاً بعد توقف العمل بسبب الحرب.

يضيف ل "العربي الجديد" أن بعض المؤسسات عادت للعمل بشكل متواضع، مستعينة بعدد قليل من الموظفين، وخصوصاً أن سعر البلاستيك تراجع بقوة.

[b]البطالة إلى ارتفاع[/b]

تتفاوت أسعار العلب البلاستيكية الفارغة المستخدمة لحفظ المياه والمشروبات الغازية والعصائر وحتى الزيوت المتنوعة. كان سعر الكيلوغرام الواحد في السابق يتراوح ما بين 50 و60 ريالاً يمنياً (أقل من ربع دولار)، لكن أسعاره تراجعت إلى النصف تقريباً. وارتفعت البطالة في اليمن إلى 60% بسبب الحرب الدائرة، بعد توقف الكثير من المشاريع وتراجع خدمات المؤسسات الحكومية.

زر الذهاب إلى الأعلى