arpo14

شمس الأثرياء.. فقراء اليمن بلا كهرباء والبدائل مرتفعة الثمن

يحلم الكثير من اليمنيين بالحصول على الطاقة الكهربائية التي تغيب تماماً منذ نهاية آذار/مارس 2015، وفي ظل هذا الانقطاع المستمر ظهرت البدائل لتوفير الطاقة الكهربائية، والتي من أبرزها ألواح الطاقة الشمسية التي ازدهرت بصورة لافتة، إلا أنها شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، لتصبح بعيدة المنال عن الفقراء ولا يتجه إليها سوى الأثرياء.

فقراء اليمن لا شيء ينقذهم من شبح الظلام الذي فرضته الحرب الدائرة، وتسببت في انقطاع التيار الكهربائي، كما لا يمكنهم الاستفادة من الشمس وتحويلها إلى طاقة كهربائية. المواطن عبد الله حسين لم يتمكن من شراء لوح للطاقة الشمسية، ويلجأ إلى الشمع للإضاءة في ظل انقطاع التيار الكهربائي، ويقول ل "العربي الجديد" إن كلفة شراء ألواح الطاقة الشمسية باهظة جداً وحلم لا يمكن تحقيقه، ويتمنى حسين أن تنتهي الأزمة التي يعيشها البلد ويعود التيار الكهربائي الذي تسبب غيابه في خلق أزمات كثيرة وزاد من معاناة الناس وحرمهم من الكثير من المواد الغذائية والخضروات والفواكه التي تتطلب التبريد، فضلاً عن معاناة المرضى الذين يحتاجون إلى حفظ أدويتهم في الثلاجات.

فاروق أحمد الأشول، أحد المستفيدين من الطاقة الشمسية، يقول إن انقطاع التيار الكهربائي وغياب المشتقات النفطية أجبراه على شراء ألواح الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحياة العامة، ويشير الأشول إلى أن الأسعار مرتفعة بنسبة 70% عن السابق، حيث كلفته عملية تكوين هذه الشبكة حوالي 300 ألف ريال يمني أي ما يعادل 1.395 دولاراً، وقال إن ذلك لم يلبِ الحاجة الكاملة من الطاقة الكهربائية، إلا أنه غطى جزءاً منها.

ويشير الأشول إلى أن هناك مبالغة في الأسعار نتيجة جشع التجار الذين يستغلون حاجة الناس باحتكارهم للسلع، حيث أصبحت أسعار هذه الألواح لا تتناسب مع ذوي الدخل المحدود نتيجة الكُلفة المرتفعة، وتبقى من نصيب أصحاب الدخل المرتفع، وهو ما يزيد من معاناة الفقراء ويخلق فجوة كبيرة تهدد النسيج المجتمعي في ظل غياب دور الدولة في توفير الحاجات الأساسية للمواطن.

من جانبه، يقول التاجر أحمد الحكيمي إن الأسعار زادت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بنسبة تتراوح بين 100 و150%، وفقاً لنوعية ألواح الطاقة الشمسية وجودة صناعتها، ويشير إلى أن الأسباب التي تقف وراء هذه الزيادة تأتي نتيجة توقف الاستيراد، من جرّاء العزلة الدولية التي يعيشها اليمن، بالإضافة إلى الإقبال المتزايد على الشراء في ظل انقطاع التيار الكهربائي. ويرى الحكيمي، وهو أحد تجار ألواح الطاقة الشمسية في العاصمة صنعاء، أن هذه الزيادة مبررة وأن الأرباح التي يحققها التجار معقولة، كون السوق راكدة منذ سنوات، وما يحدث الآن أشبه بموسم سينتهي قريباً والأرباح المحققة حالياً تعوض ركود السنوات الماضية.

بدوره، يوضح أمين الحبيشي، تاجر مواد غذائية، أنه تكلّف 1.500 دولار لتركيب ألواح طاقة شمسية لمحله التجاري، إلا أن هذا المشروع لم يدم طويلاً، وبعد أقل من أشهر عرضه للبيع بـ500 دولار، بعدما وجد أن هذه الألواح لا تتمتع بالجودة المطلوبة، وأنها صينية الصنع ورديئة وغير قادرة على توليد الطاقة الكهربائية الكافية لمحله التجاري، وبما يمكنها من تشغيل الثلاجات الخاصة بالمواد الغذائية التي يبيعها.

ووفقاً للمهندس الكهربائي محمد علوان الأصبحي فإن تكلفة تكوين شبكة كهربائية بالطاقة الشمسية لمنزل صغير، بحيث يكون الاستخدام للإضاءة وتشغيل ما لا يزيد عن شاشتي تلفزيون تبلغ 1.000 دولار، في حين كان المنزل كبيراً ويرغب المستخدم يزيادة عدد الأجهزة، فإن المبلغ يتضاعف إلى ما يزيد عن 3.000 دولار في المتوسط، وجميعها مبالغ باهظة أمام 70 % من اليمنيين تقريباً في ظل فقر مدقع وانعدام الدخل وفرص العمل.

ويؤكد التاجر محمد الدميني، أن جميع ألواح الطاقة الشمسية في السوق اليمنية هي صينية الصنع مع اختلاف في الجودة للأنواع المعروضة. ويقول الدميني إن هناك ممارسات لاأخلاقية لدى بعض التجار في عملية البيع ويعملون على الترويج لبضائعهم بأنها ألمانية أو ماليزية أو هندية بهدف استمالة الزبون والبيع بأسعار مرتفعة، ويستغلون غياب اسم بلد المنشأ في الكثير من المنتجات سواء الإلكترونية أو الكهربائية أو ألواح الطاقة الشمسية.

ويشير الدميني إلى أن غياب الرقابة من قبل الدولة في ظل تدهور الأوضاع في البلد جعلت الأسواق بدون أية ضوابط، كما أن الطلب المتزايد على ألواح الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية زاد من الغش والارتفاع في الأسعار، ووفقاً لمدير عام حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة اليمنية محمود النقيب، فإن نسبة السلع الرديئة والمقلدة في السوق اليمنية والتي من بينها الأجهزة الكهربائية والإلكترونيات تتجاوز 65% في السوق.

ويرى الباحث في مجال البيئة حمود ردمان أن توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية يعزز الحفاظ على البيئة، بخاصة أنها جاءت بديلاً عن استخدام المولدات الكهربائية التي تعمل بالبنزين، والتي انتشرت بشكل كبير في مختلف أنحاء اليمن بسبب انقطاع التيار الكهربائي، فضلاً عن الضوضاء التي تخلفها هذه المولدات، وجاء تراجع استخدام مولدات الكهرباء بسبب انعدام المشتقات النفطية في السوق اليمنية، كما أن شراءها من السوق السوداء وفقاً لمرتاديها مُكلف للغاية، حيث يتضاعف سعر ليتر البنزين، بنسبة تتراوح ما بين 100 و200%، ناهيك عن الغش في البنزين المُباع في السوق السوداء.

كما أن اتجاه الناس نحو ألواح الطاقة الشمسية، ساهم في تخفيف الضغط على الغاز المنزلي، الذي ازداد الطلب عليه بسبب تحويل المولدات الكهربائية للعمل على أسطوانات الغاز التي تراجع الطلب عليها بنسبة 15%، وفقاً لأحد وكلاء شركة الغاز اليمنية ناصر الخرافي، مشيراً إلى أن توليد الطاقة عبر ألواح الطاقة الشمسية يخدم عملية توفير الغاز المنزلي، الذي يرتبط بصورة كبيرة بحياة الناس وبالأخص شريحة الفقراء التي تعاني من ارتفاع أسعار هذه المادة الأساسية في توفير الغذاء.

زر الذهاب إلى الأعلى