arpo28

عدن تنهض.. النازحون يعودون والخدمات كذلك

تملأ آثار الدمار والخراب شوارع عدن، عاصمة جنوب اليمن، بعد 120 يوماً من الحصار والحرب. مع ذلك، بدأت ملامح الفرحة والأمل في الظهور على وجوه سكان المدينة عقب اكتساح قوات "المقاومة اليمنية" والتحالف العربي المدينة في 17 يوليو/ تموز الماضي.

يبدي المهندس وليد الحمري سعادته لعودة الأمن والهدوء إلى المحافظة بعد أربعة أشهر من الحرب والدمار والمعاناة. ويؤكد أنّ الأوضاع أصبحت أفضل بكثير من السابق رغم وجود المشاكل المرتبطة بالبنى التحتية التي تم تدميرها. يضيف: "نمرّ بشوارع عدن ونشعر بالرغبة في البكاء على ما أحدثته الحرب، لكننا في النهاية نشعر بسعادة جامحة لأننا تحرّرنا. وكل شيء يعود إلى ما كان عليه بالتدريج". ويكشف أنّ المواد الغذائية بدأت تتوافر. كما تراجعت أسعارها بشكل كبير عما كانت عليه طوال الحرب، فعاد سعر صفيحة البنزين إلى 14 دولاراً أميركياً، وتراجعت أسعار الدقيق والقمح والحليب والأرز بشكل كبير.

وبالنسبة للكهرباء والمياه، يقول الحمري إنّهما مقطوعتان حتى اليوم عن نصف المدينة خصوصاً المناطق المتضرّرة بشكل مباشر بالحرب. وهي التواهي والقلوعة والمعلا وكريتر وخور مكسر، بعد تدمير البنى التحتية فيها. لكنّه يوضح أنّ الخدمات أفضل حالاً في بقية المناطق.

من جانبه، يؤكد المدير العام لكهرباء عدن، خليل عبد الملك، أنّه تم الاتفاق على شراء الهلال الأحمر الإماراتي معدات محطة 22 مايو لصالح مؤسسة الكهرباء في عدن لتكون محطة مملوكة للمؤسسة. وكذلك تم دفع تكاليف التشغيل والصيانة لمدة عام كامل. ويضيف أنّه سيتم خلال الأيام المقبلة شراء عدد من المولدات الأخرى التي ستعمل على حل مشكلة الكهرباء في معظم مناطق عدن.

من جهة أخرى، بدأ العمل في صيانة مرافئ المدينة البحرية والجوية، من أجل تأهيلها لاستقبال المساعدات الإنسانية والعسكرية وغيرها. وقد وصلت الأربعاء الماضي أول طائرة سودانية إلى مطار عدن الدولي. وتبدو المدينة كورشة عمل نشيطة حالياً من أجل تجهيزها كنقطة انطلاق اقتصادية ودعم لوجستي لعمليات التحالف العسكرية، والعمليات الإغاثية إلى المناطق المحرومة.

وعن ذلك، يقول أحد مسؤولي الأمم المتحدة في اليمن إنّ وجود ميناء عدن وطرقات متاحة كممرات آمنة إلى باقي محافظات جنوب اليمن المحاصرة يدفع جميع المنظمات الإغاثية إلى تسريع توصيل شحناتها لمساعدة أكبر عدد من المتضررين من القتال المستعر في تلك المناطق. ويضيف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ تأمين مدينة عدن والطرق منها إلى المناطق الأخرى سيكون بمثابة انتصار للعمل الإنساني وتنفيذ برنامج الاستجابة الإنسانية في اليمن الذي يمكّن الشركاء فيه من الانتقال بسهولة إلى باقي الأماكن المتضررة.

وتشير التقارير الأخيرة للأمم المتحدة إلى أنّ جميع سكان مدينة عدن هم من المستحقين للمساعدات الإغاثية. كما تمثل نسبة الاحتياج في عدن 4 في المائة من إجمالي مستوى الاحتياج في كافة المحافظات اليمنية الناتجة عن الحروب الحالية والسابقة.

بدوره، يؤكد المدير العام لمكتب الصحة والسكان في عدن، الخضر لصور، أنّ المنظومة الصحية بدأت بالتعافي تدريجياً منذ بداية تحرير عدن بعد أن تم إعلان المدينة محافظة منكوبة صحياً. ويشير إلى أنّ مساعدات طبية مختلفة وصلت تباعاً إلى المدينة.
ويقول ل "العربي الجديد" إنّ "الطواقم الطبية والفنية تعمل منذ اليوم الأول للتحرير على حصر أضرار المرافق الصحية وتقييم الاحتياجات لإعادة التأهيل بصورة عاجلة.

وذلك بالتنسيق مع مركز الملك سلمان للإغاثة". ويلفت إلى أنّ الكثير من المراكز والمؤسسات الصحية موجود في مناطق لا تتوفر فيها الكهرباء والماء، وأنّ إعادة العمل فيها مرتبطة بإعادة بعض الخدمات الأخرى. ويضيف: "عاود عدد من المراكز الصحية أعماله مثل الميدان والقطيع ومركز الشعب في كريتر. بينما يستمر العمل لتأهيل مستشفى باصهيب العسكري، والمستشفى الجمهوري".

وبخصوص المساعدات، يقول إنّ كميات كبيرة من المستلزمات الطبية والأدوية وصلت إلى عدن، خصوصاً ما يتعلق بمرضى الفشل الكلوي. كما تمّ توفير عيادات متنقلة لتلبية احتياجات المناطق التي لا تضم مراكز صحية. وحول البعثات الطبية الأجنبية، يقول إنّ بعثتين طبيتين وصلتا إلى عدن، الأولى متخصصة بجراحة المخ والأعصاب، والثانية بالفك والأسنان، كما ستأتي بعثات أخرى لاحقاً. ويشير إلى أنّ مكتب الصحة بعدن، بالتنسيق مع منظمات دولية مختلفة، بصدد تنظيم حملة تلقيح واسعة للأطفال في المدينة.

ويناشد لصور بقية الكوادر الطبية من أجل العودة إلى مزاولة أعمالها بعدما استعادت عدن أمنها، خصوصاً مع وجود حالات كثيرة بحاجة إلى علاج ومتابعة طبية مستمرة. ويوضح أنّ عدد القتلى في عدن منذ بداية الحرب وصل إلى 1171، فيما أصيب 10 آلاف و262 شخصاً.

على صعيد الأهالي، بدأ عدد من العائلات العدنية بالعودة إلى مساكنهم. وهي عودة وصفها السكان ب"الخجولة" لقلة العائدين. ويبرر النازح عبد القوي خالد عدم قدرة أسرته على العودة إلى منزلهم الموجود في منطقة التواهي، بعدم توفر الكهرباء والماء حتى اللحظة. وهذا ما يجبرهم على البقاء في المدرسة التي نزحوا إليها لتوفر المراوح والمياه التي يجلبها فاعلو الخير والمؤسسات الاغاثية. ويضيف ل "العربي الجديد" أنّ معظم الأسر النازحة التي يعرفونها لم تعد حتى الآن للأسباب نفسها.

على صعيد متصل، ينفي عضو لجنة الإغاثة في عدن معين آل ترك لـ"العربي الجديد" أن يكون اللاجئون العدنيون في جيبوتي قد عادوا حتى الآن. ويشير إلى احتياج أهالي عدن إلى المساعدات الغذائية وتوفير الطاقة الكهربائية والمياه لمواجهة حرارة الصيف الشديدة. مع ذلك، فقد عاد كثير من الأسر إلى مناطقها التي لم تتضرر من الحرب، ومنهم أكثر من 400 نازح من سكان عدن كانوا في مدينة المكلا (شرق).

وكانت أيام الحرب قد شهدت نزوح أكثر من 77 ألفاً من سكان مدينة عدن. وتقدر الأمم المتحدة احتياج 60 ألف مواطن فيها إلى الغذاء العاجل، و40 ألف مواطن إلى المأوى وغيره من الخدمات.

زر الذهاب إلى الأعلى