تتجه الحكومة الشرعية لتحويل مؤسسات الدولة الاقتصادية والمالية إلى عدن، في إطار ترتيبات لتحويل عدن إلى عاصمة سياسية مؤقتة ومقر لمؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء، بعد تحريرها من الحوثيين في منتصف يوليو/تموز.
وقالت مصادر مصرفية إن الحكومة الشرعية تقوم بالتنسيق مع المؤسسات المصرفية الدولية بترتيبات لتحويل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، في إطار إجراءات في الجانب المالي والمصرفي تهدف إلى تضييق الخناق على الحوثيين ومحاصرتهم مالياً.
ووجه محافظ عدن، نائف البكري، مسؤولي البنك المركزي اليمني بمحافظة عدن بإعادة تشغيل البنك بعد أن توقف عن أداء مهامه لفترة أربعة أشهر نتيجة المعارك.
وأكد مصدر في البنك المركزي اليمني فرع عدن، أن الاستعدادات قائمة لاستئناف النشاط المالي والاقتصادي في المدينة الجنوبية، وذكر أن فرع البنك المركزي من المقرر أن يستأنف عمله خلال أيام، بإدارة تابعة لحكومة نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء خالد بحاح.
ووفقاً لمصادر، من المقرر أن ينتقل محافظ البنك المركزي اليمني محمد بن همام إلى عدن لإدارة البنك.
وكان محافظ البنك محمد بن همام غادر العاصمة صنعاء، مساء الأحد الماضي، إلى مسقط رأسه في محافظة حضرموت، وذلك بعد أن فرضت جماعة الحوثيين الإقامة الجبرية عليه ومنعته من التنقل والسفر، خوفاً من هروبه وإعلان انضمامه للحكومة الشرعية لليمن.
ويُنسب ل بن همام (71 عاما) والذي تولى منصبه في عام 2010، الفضل في ثبات قيمة العملة اليمنية خلال سنوات الأزمة التى بدأت مع الثورة في فبراير/شباط 2011.
وأكد مصدر في البنك المركزي اليمني على صلة ببن همام، أن المحافظ لن يعود إلى صنعاء لممارسة عمله، ومن المقرر أن يعلن انضمامه إلى الحكومة الشرعية ويعود لممارسة عمله من البنك المركزي في مدينة عدن المحررة من الحوثيين؛ والتي تشهد نشاطاً مكثفاً لإعادة الإعمار.
وكشف المصدر أن محافظ البنك المركزي وصل إلى طريق مسدود مع جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة منذ سبتمبر/أيلول 2014، وتدهورت العملة المحلية في عهدها بسبب الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً، ومنها تعويم أسعار المشتقات النفطية وربطها بالبورصة العالمية.
وأضاف: "الحوثيون مارسوا ضغوطاً على المحافظ الذي ضاق ذرعاً بتدخلاتهم من خلال مندوب اللجنة الثورية الحوثية في البنك".
وأكد المصدر أنه ليس من صالح أي طرف ممارسة ضغوط على محافظ البنك المركزي أو التدخل في السياسة المالية، لافتاً إلى أنه: "من المفترض أن يكون البنك المركزي بمنأى عن الصراعات السياسية الحاصلة في البلاد".
وتابع: "المحافظ بن همام حاول تجنيب المالية العامة مخاطر الانهيار المالي والنقدي، لكن تدخلات الحوثيين تدفع البنك والمالية العامة لليمن نحو الانهيار. المؤشرات تقول إن الأيام القادمة ربما تكون الأصعب في تاريخ مسيرة الريال اليمني المالي الذي يواصل انهياره أمام الدولار بشكل غير مسبوق".
ويقول المراقبون إن استئناف مؤسسات الحكومة الاقتصادية والمالية نشاطها من عدن وفي صدارتها البنك المركزي، قد يجنب البلاد مخاطر الانهيار المالي.
وأكدت مصادر مصرفية يمنية أن الحكومة الشرعية تستطيع اعتماد فرع البنك المركزي في عدن كمركز رئيسي للبلاد، في ضوء طلب يقدمه الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي للمؤسسات الدولية.
وأوضحت أن الأصول الخارجية واحتياطي اليمن من النقد الأجنبي موجود خارج البلاد وللحكومة الشرعية وحدها القرار في إدارته، وأشارت إلى أن جماعة الحوثيين باعتبارها متمردة لا تستطيع التصرف في الاحتياطي أو السحب منه.
واعتبر الخبير الاقتصادي والمصرفي، أحمد شماخ، أن خطوة مثل اعتماد فرع البنك بعدن كمصرف رئيسي تتطلب تطمينات من الحكومة للقطاع الخاص وللمصارف التجارية، من أجل عدم حدوث هلع وتهريب لعملة وسحب للأرصدة.
وقال شماخ: "اعتماد فرع عدن كبنك رئيسي سيخلق إرباكا في السوق النقدية المحلية، وسيواجه مشاكل عديدة منها المرتبات وديون اليمن الخارجية وأموال المودعين، لكن البيئة في عدن مهيأة أفضل من صنعاء لناحية الأمن والاستقرار النقدي، وتوفر إيرادات من محافظات وسط وجنوب البلاد، بالإضافة إلى إيرادات ميناء عدن وإيرادات النفط من شركة بترو مسيلة في حضرموت (شرق) والتي تستمر في ضخ وتصدير النفط عبر ميناء الشحر رغم الحرب والاضطرابات".
ووصل خمسة من وزراء الحكومة اليمنية، الإثنين، إلى محافظة عدن، للمشاركة في تطبيع الحياة وإعادة الخدمات والإعمار في المدينة، التي أعلنها الرئيس هادي عاصمة مؤقتة لليمن في ظل سيطرة الحوثيين على صنعاء.
وتشهد مدينة عدن أعمالا مكثفة لتطبيع الأوضاع، وإعادة الإعمار في ظل استقرار في سوق المواد الغذائية، واستقرار في سعر الصرف حيث لم يتأثر صرف الريال مقابل الدولار، وظل ثابتاً عند 214 ريالاً للدولار الواحد.
فيما تراجع الريال اليمني، في المحافظات التي تخضع لسيطرة الحوثيين، بشكل كبير، أمام الدولار الأميركي في سوق الصرف المحلية، حيث هوى إلى أدنى مستوى له منذ 5 سنوات.
وارتفع سعر صرف الدولار، منذ مطلع الأسبوع الماضي، من 214 ريالاً إلى 245 ريالاً للدولار الواحد في تعاملات أمس الأربعاء، فيما ارتفع سعر الريال السعودي في محلات الصرافة من 58 ريالاً يمنياً إلى 65 ريالاً.
وقال مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني (منظمة مجتمع مدني) إن هبوط سعر صرف العملة اليمنية مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى بنسبة تفوق 10% يرجع إلى تزايد الطلب على الدولار، عقب قرار اللجنة الثورية العليا لجماعة الحوثيين بتعويم أسعار المشتقات النفطية، وإتاحة المجال للقطاع الخاص للاستيراد من السوق العالمية.