"نفدت الأدوية من مخازنها وأغلقت المستشفيات منذ وقت مبكر، بينما لا تزال مخازن السلاح تزود المقاتلين بشتى أنواع أسلحة الفتك حتى اليوم، رغم ضربها من قبل طائرات التحالف العربي يوميا".
أصبحت هذه العبارة المتداولة لدى الكثيرين من أفراد الشعب اليمني هذه الأيام.
ويسود الأوساط الشعبية غضب واستياء شديد إزاء استمرار ضعف الخدمات الصحية، وتوقف معظمها في المستشفيات الحكومية بالعاصمة صنعاء، مما فاقم معاناة مرضاهم وخاصة الحالات الطارئة، ليجبر ذلك كثيرا منهم على إدخال مرضاهم إلى مستشفيات خاصة مقابل أموال طائلة.
وأكد المواطن سليم الزبيدي (47 عاما) أن هيئة مستشفى الثورة العام، رفضت إدخال والده إلى قسم العناية المركزة بذريعة عدم توفر أسرة شاغرة، ما دفعه إلى الاستدانة وإدخاله في مستشفى خاص.
مشيرا إلى أن وضع والده الصحي أجبره على إدخاله هذا المستشفى الذي يعجز أيضا عن توفير متطلباته مرضاه.
وقال الزبيدي: "نلجأ دائما للمستشفيات الحكومية في حال تعرض أحد أفراد الأسرة للأمراض أو الحوادث، لأن وضعنا المالي لا يساعدنا على التداوي في المستشفيات الخاصة، لكننا اليوم نجبر على ذلك أمام عجز المستشفيات الحكومية ورفضها لنا".
مبينا بأنه ومنذ عشرة أيام فقط دفع أكثر من 800 ألف ريال يمني (3700 دولار أميركي) لقاء الخدمة.
من جانبه، أوضح طبيب التخدير في مستشفى السبعين للأمومة والطفولة، عمار التام، أن المستشفيات اليمنية تعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبية وبعض الأدوية، ما يدفع بالمستشفى إلى طلب هذه الأدوية والمستلزمات من المرضى.
وقال التام لـ"العربي الجديد" إن هذه المشكلة تزيد أعباء المواطن، لكن المستشفيات لا تملك أي خيارات أخرى فهذه المستلزمات غير متوفرة.
وكان مستشفى السبعين (وهو أكبر المستشفيات الحكومية المتخصصة في الأمومة والطفولة) قد عاود فتح أبوابه أمام المرضى من جديد، بعدما كان توقف عن العمل الأسبوع الماضي، بعد سلسلة انفجارات شديدة ناتجة عن قصف جوي لمقاتلات التحالف العربي، استهدفت مقر قيادة قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقا) المجاور له.
[b]ملايين بلا خدمة صحية[/b]
في السياق، أفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) في اليمن بأن عدد اليمنيين الذين لا يحصلون على العناية الصحية الكافية وصل إلى 15 مليون مواطن يمثلون ما نسبته 60 في المائة من إجمالي السكان، البالغ عددهم 25 مليونا، لعدم قدرة المرافق الصحية على القيام بواجبها، كونها تقع في أماكن الصراع وتعاني نقصا شديدا في الكوادر الطبية والوقود والأدوية.
وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، يوهانس فان دير كلاو، خلال مؤتمر صحافي حول الوضع الصحي والإنساني في اليمن، إن مستوى الوضع الصحي والإنساني وصل إلى مستوى متدنٍ.
لافتا إلى ارتفاع عدد المتوفين من الحرب الدائرة في 20 محافظة من إجمالي 22 محافظة يمنية منذ أكثر من 5 أشهر، إلى 4 آلاف و500 شخص وإصابة 23 ألف و500 مدني.
ودعا كلاو إلى توفير الحماية للمرافق الصحية وعدم تعريضها للتدمير والاعتداء، معربا عن "قلقه من الوضع الإنساني بمحافظة تعز، في ظل عدم قدرة المرافق الصحية على القيام بدورها ومنع إدخال الأدوية".
كما حث المنظمات الدولية المعنية على "زيادة دعمها للقطاع الصحي في اليمن الذي تتطلبه الفترة المتبقية من العام الجاري والبالغ 150 مليون دولار، والذي لم يتوفر منه إلى الآن سوى 18 في المائة وسط احتياج غير مسبوق في البلاد".
إلى ذلك، أكد ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، الدكتور أحمد شادول، أن الوضع الإنساني في اليمن حرج للغاية، ويعاني كثيرا من المشاكل وأنه على حافة الانهيار.
مبينا وجود أكثر من مليونين و500 ألف شخص، عرضة لوبائيات الإسهالات خاصة بين النازحين الذي يفوق عددهم مليونا و400 ألف نازح.
من جانبها، أكدت وزارة الصحة العامة والسكان أن حوالي 5 إلى 6 مرضى أو جرحى يمنيين يموتون يوميا في غرف العناية المركزة، لعدم توفر أسرّة العناية وشح الأدوية والمستلزمات الطبية، لا سيما بعد توقف المنظمات الدولية عن تقديم الدعم.
وقال وكيل وزارة الصحة العامة والسكان لقطاع الطب العلاجي، الدكتور نشوان العطاب، في مؤتمر صحافي، إن مستوى تقديم الخدمات الصحية في المستشفيات قد تدنى بعد مغادرة الكادر الطبي الأجنبي وحدوث ضغط كبير من الحالات الجراحية، التي تحتاج إلى بنك دم وغرف عمليات متكاملة".
مشيرا إلى وجود 20 مستشفى فقط تقدم الخدمات الجراحية في البلاد كلها، بينما لا تدعم المنظمات الدولية سوى 3 منها فقط.
ويعتمد 90 في المائة من الإنفاق في المجال الصحي على المنظمات الدولية، بينما حوّل الحوثيون المخصصات المالية للوزارة نحو المجهود الحربي، لدعم حرب الجماعة في مناطق الوسط والجنوب.
وأشار العطاب لصعوبات مختلفة يعاني منها القطاع الصحي، فيما يتعلق بنفاد الأدوية ومقاربة بعضها على الانتهاء وصعوبة نقلها إلى المحافظات المختلفة.
لافتا إلى وجود "مستشفيات حكومية مهددة بالتوقف عن العمل، مثل كل من مستشفى زايد والكويت وغيرها، بسبب عدم توفر المحروقات والأدوية".
وكانت الوزراة قد أعلنت عن تعطل الخدمة الصحية في 50 في المائة من مناطق البلاد، بسبب تداعيات الحرب.