اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه بعد مرور فترة المفاوضات النووية التي دامت عامين وكانت عصيبة بالنسبة للقادة الإيرانيين، تلوح في الأفق الآن معركة جديدة داخل إيران، بعدما شرع آية الله علي خامنئي، والرئيس حسن روحاني في التطرق إلى سؤال لم يخطر كثيرا على بال الإيرانيين منذ بدء الثورة الإيرانية قبل 37 عاما؛ والمتمثل في كيفية التعامل مع عدوهم الأكبر، الولايات المتحدة الأميركية، بعد توصلهم إلى اتفاق معه.
مقال الصحيفة لفت إلى أن القائدين الإيرانيين يقدمان نظرتين تختلفان كثيرا بخصوص مستقبل إيران بعد الاتفاق النووي، وهو ما يجسد اختلاف موقفهما تجاه "الشيطان الأكبر".
ونقلت الصحيفة تصريحات لخامنئي أدلى بها الأسبوع الماضي جاء فيها: "لقد أعلنّا أننا لا يمكننا أن نفاوض الأميركيين على أي ملف آخر باستثناء الملف النووي"، وطلب من الإيرانيين الاستعداد لمواصلة المواجهة ضد أميركا.
في المقابل، أوردت الصحيفة تصريحات لروحاني أدلى بها الأحد المنصرم، قال خلالها إن الاتفاق النووي "ليس نهاية الطريق" بل هو "بداية لخلق أجواء الصداقة والتعاون مع العديد من الدول".
وفي تعليقها على هذه التصريحات المتناقضة، ذكرت "نيويوك تايمز" أن لا أحد يعلم على وجه الدقة كيف سيتم حل الاختلاف في وجهات النظر هذه، غير أنها أوضحت أنه بينما سيتم تطبيق الاتفاق النووي والشروع في رفع العقوبات، فلن يصبح في وسع إيران أن تعتبر كبش الفداء المفضل لديها (الولايات المتحدة الأميركية) مصدرا لكل الشرور في العالم.
"الشيطان الأكبر بالنسبة لنا بدون عقوبات لم يعد هو نفسه كما في السابق"، كما جاء في تصريح أدلى به للصحيفة سيد لايلاز، خبير اقتصادي من أنصار روحاني. "ربما سنضطر إلى استخدام تعبير "الشيطان الأصغر" أو شيء آخر من هذا القبيل".
كما لفتت الصحيفة إلى أنه داخل مجتمع متحكم به مثل إيران، فإن القادة لا يطلقون التصريحات بعفوية، مشيرة إلى وجود نوايا مسبقة وراء تحديد المواقف من صورة الولايات المتحدة الأميركية أمام الرأي العام الإيراني. بيد أن الصحيفة أوضحت أن وجهات النظر المتضاربة تعكس كذلك إشكالية التأقلم مع الصورة الناعمة الجديدة للولايات المتحدة الأميركية داخل الخطاب الإيديولوجي المؤسس الذي تقوم عليه إيران.
وأضاف مقال الصحيفة أن أولئك الذين يرغبون في أن تصبح إيران بلدا عاديا مثل سائر البلدان، تربطه علاقات عادية مع باقي العالم، يعتبرون أن الوقت قد حان لذلك، مهما سيقول المرشد الأعلى. ولفت إلى أنه بالنسبة لهؤلاء لا يمكن الإفلات من التغيير، وبأن آية الله خامنئي يحاول فقط حماية شرعيته الدينية من غضب المتشددين الدينيين والقادة الذين يعترضون على الاتفاق النووي.