مع تزايد المخاوف من الأضرار التي قد يحدثها إعصار "تشابالا" المتوقّع في عدد من المحافظات اليمنية الساحلية، طلبت غرفة عمليات متابعة الإعصار من السلطات المحلية في المناطق المعرّضة له، تعليق الدراسة في المدارس والجامعات والمعاهد وكل المنشآت التعليمية ابتداء من اليوم الأحد الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني حتى إشعار آخر. بذلك، ستتأخر عودة تلاميذ حضرموت وجزيرة سقطرى والمهرة وشبوة إلى المدرسة، بخلاف زملائهم في محافظات الجمهورية الأخرى.
وكان من المقرّر بدء العام الدراسي اليوم في أكثر محافظات اليمن، التزاماً بقرار وزارة التربية والتعليم، بعدما كان قد أرجئ أكثر من مرّة بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة، علماً أنه كان مقرراً بدء الدراسة في سبتمبر/أيلول الماضي، باستثناء عدد من المحافظات الجنوبية التي كانت قد بدأت العام الدراسي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويخشى عدد كبير من اليمنيين على سير العملية التعليمية، طالما أن المواجهات المسلحة ما زالت مستمرة. وفي ظل تنامي المخاطر الأمنيّة وزيادة الأعباء المعيشية بسبب الحرب، اختار عدد من أولياء الأمور عدم تسجيل أطفالهم في المدارس، علماً أن عملية التسجيل بدأت منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
يقول علوي ميّاس من هؤلاء، إنّ "الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية لا تشجع على ذهاب التلاميذ إلى المدارس. قبل فترة، قصفت إحدى المدارس في منطقة السنينة غرب العاصمة، وهذا الأمر يتكرر كثيراً". يضيف أنه عاجز عن توفير متطلبات العام الدراسي الجديد لأطفاله لأن تكاليفها مرتفعة، وقد بات عاطلاً من العمل. بدوره، لم يسجّل خالد العلفي أولاده الأربعة في المدرسة، كونه لا يعلم ما إذا كانت ستندلع حرب في العاصمة صنعاء، وإن كان يخشى الأسوأ. يضيف: "لا أدري ما إذا كنت سأبقى في صنعاء أم سأتوجه إلى قريتي في الريف في حال اندلعت المواجهات". إلى ذلك، يخشى تلاميذ شهادتي المرحلة الأساسية والثانوية العامة على مستقبلهم. ويقول عبدالله الحجري، وهو في الصف التاسع أساسي، إنه لا يعرف إذا ما كان بإمكانه الانتقال إلى المدرسة الثانوية أم لا.
من جهته، يؤكد مدير مدرسة قتيبة بن مسلم الثقفي في صنعاء عبد الواحد المنتصر، أن الإقبال على التسجيل خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان ضعيفاً، متوقعاً أن يكون هناك إقبال أكثر بمجرد أن يطمئن الأهالي إلى أن العملية التعليمية تسير بشكل جيّد. يضيف: "يخاف الآباء على أبنائهم بسبب تضرر عدد كبير من المدارس. كذلك، اضطر عدد من أهالي صنعاء إلى النزوح خوفاً على حياتهم وحياة أطفالهم".
ويعدّ نزوح بعض المدرّسين من المدن إلى الأرياف إحدى المشاكل التي عرقلت بدء العام الدراسي الجديد، في ظل اشتداد المواجهات المسلحة والقصف الجوي في أكثر من محافظة يمنية. أحد هؤلاء هو مدرس مادة الاجتماعيات عبد السلام عبدالله، الذي آثر البقاء في ريف محافظة تعز (وسط) بعد اشتداد المواجهات المسلحة في محيط المدينة، وسقوط ضحايا مدنيين بشكل يومي. يرى أن بدء العام الدراسي في غالبية مديريات محافظة تعز يعدّ أمراً مستحيلاً، وخصوصاً أنها ما زالت تعيش أوضاعاً أمنية صعبة، مؤكداً أن "عدداً كبيراً من زملائه، سواء في صنعاء أو تعز أو غيرها من مدارس المحافظات الشمالية، لن يعودوا إلى مدارسهم في الوقت الحالي، كونهم يشاركون في المعارك".
من جهتها، وإن كانت وزارة التربية والتعليم تعترف بالمشاكل والمعوقات التي تواجه العام الدراسي الجديد، إلا أنها تؤكد على ضرورة توجه التلاميذ إلى المدارس مهما كانت الظروف. يقول نائب وزير التربية والتعليم والقائم بأعمال الوزير عبدالله الحامدي إن العملية التعليمية تواجه مشاكل عدة بسبب الحرب والحصار على مدى أكثر من ثمانية أشهر، مشيراً إلى أن المسؤولية لا تتحملها الوزارة بل الدول التي فرضت الحرب. ويقول ل "العربي الجديد" إن "الوزارة ستعمل جاهدة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة"، مؤكداً على ضرورة استمرار التعليم "حتى لو اضطررنا للكتابة على ألواح من خشب".
ويؤكد الحامدي أن الوزارة تحدثت إلى المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، مطالبة إياهما بحماية التلاميذ واعتبار المدارس خطوطاً حمراء. وعن التلاميذ النازحين، يؤكد أن الوزارة "سمحت للنازحين بالتسجيل والدراسة في المدارس الموجودة في مناطق النزوح".
ويوضح الناطق الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن، محمد الأسعدي، ل "العربي الجديد" أن اليونيسف تعمل على "حصر المدارس المتضررة، وترميم تلك التي تعرضت لأضرار بسيطة، حتى تتمكن من استقبال التلاميذ، وتوفير أماكن إيواء بديلة للنازحين المقيمين في المدارس بالتنسيق مع السلطات المحلية".
تجدر الإشارة إلى أن "اليونيسف" عملت على إعداد فصول دراسية مؤقتة هي عبارة عن خيام، حتى لا يحرم الأطفال في كثير من المناطق من التعليم، بالإضافة إلى توزيع حقائب مدرسية مع محتوياتها على عدد كبير من التلاميذ.