دفع الانقطاع التام للتيار الكهربائي في صنعاء والمدن الرئيسة منذ شهور، وأزمة المشتقات النفطية الخانقة، كثراً من اليمنيين إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية كبديل دائم، على رغم ارتفاع كلفتها، في بلد يعيش صراعاً مسلّحاً وحرباً منذ آذار (مارس) الماضي.
وتتراوح كلفة تركيب منظومة الطاقة المنزلية بين 300 دولار وأكثر من ألفي دولار، وفقاً لعدد الألواح الشمسية وحجمها وجودتها وبطاريات الشحن والأجهزة الملحقة. وبات اليمنيون يعتمدون على طاقة الشمس التي تشعّ في بلدهم طوال السنة، في تلبية حاجاتهم المنزلية والتجارية.
وازدهرت في صنعاء والمدن الرئيسة، تجارة الألواح الشمسية وملحقاتها المستوردة في ظل غياب الرقابة الحكومية، إذ افتتحت شركات ومحال جديدة متخصصة بها، وحوّل بعض التجّار نشاطهم إليها، نظراًً إلى رواجها وأرباحها الكبيرة والمضمونة.
كما أصبحت منظومة الطاقة الشمسية على رأس قائمة مبيعات الكثير من محال الكمبيوتر ومستلزماته والهواتف الخليوية والأجهزة الكهربائية ومواد البناء والمواد الغذائية وحتى المكتبات والصيدليات.
وانقطع التيار الكهربائي عن صنعاء والمحافظات منذ 13 نيسان (أبريل) الماضي، بسبب تخريب خط نقل الكهرباء بين مأرب وصنعاء والاشتباكات المسلّحة في منطقة الجدعان وخروج محطة مأرب الغازية من الخدمة، إلا أن المحطات العاملة بالديزل كانت تزوّد اليمنيين بساعة كل ثلاثة أو أربعة أيام، قبل أن تتوقّف تماماً لانعدام الوقود.
وصنّف تقرير «ممارسة الأعمال 2016» الصادر أخيراً عن «البنك الدولي»، اليمن في المرتبة 150 بين 189 دولة في مؤشّر الحصول على الكهرباء.
وفيما أشار رئيس «الجمعية اليمنية لحماية المستهلك» فضل مقبل منصور، في تصريح إلى «الحياة»، إلى لجوء اليمنيين للحصول على الطاقة الكهربائية من المصدر الوحيد المتوافر حالياً وهو الطاقة الشمسية، أكد أن «ممارسة هذه التجارة انتشرت في شكل واسع جداً من جانب أشخاص غير متخصّصين فيها، وتم استغلال المواطنين من حيث ارتفاع أسعار الألواح والبطاريات وبقية الأجهزة، والتي تجاوزت 150 في المئة أسعارها قبل الحرب، ومع هذا فمعظمها ذو جودة رديئة جداً».
وعزا منصور ذلك إلى «عدم وجود جهة تشرف على مراقبتها وإعداد مواصفاتها، فوقع المواطنون فريسة للاستغلال والابتزاز، وهم يشكون الآن من الأعطال الكثيرة وعدم حصولهم على حاجاتهم التي خدعوا بها من جانب الباعة».
ولفت إلى أن «الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة»، «توقّفت عن ممارسة مهمّاتها مع بدء الحرب، وأقفلت مختبراتها لعدم توافر الموارد المالية، وتركت الأمور لضمير التجّار المستوردين أو المصنّعين والمنتجين المحليين، من دون تدخّل من الجهات المختصة المعنية بإيجاد الحلول وتوفير الموارد المالية لأهميتها في مثل هذه الظروف».
وقال: «من المخجل أن تتوقّف هذه الهيئة عن العمل وتغلق أبوابها، وإن فتحت فللمناوبة فقط»، لافتاً إلى أنها «تمثّل خط الدفاع الأوّل لحماية المستهلكين من حيث الرقابة على الواردات، وعلى المنتجات المحلية من حيث التزامها بالجودة والمواصفات القياسية، والمساهمة في الرقابة على السوق».
ويواجه اليمن عجزاً واضحاً في مواجهة الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية لتلبية الحاجات التنموية المختلفة، ويسجّل المرتبة الأدنى في المنطقة من حيث نسبة التغطية السكانية بخدمات الكهرباء، إذ لا تزيد نسبة السكان الذين يصل إليهم التيار عن 41.7 في المئة على مستوى البلد، وتنخفض هذه النسبة في الريف إلى 22.8 في المئة، مقابل 87.4 في المئة للمناطق الحضرية.