فاقم إعصارا "تشابالا" و"ميغ"، اللذان ضربا السواحل الجنوبية لليمن خلال الأيام الأخيرة معاناة الصيادين، وكبّداهم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
فقد أودى سوء الأحوال الجوية، وفق لجنة طوارئ ساحل حضرموت، بحياة 8 أشخاص، إضافة إلى إصابة 45 آخرين. كما تسبب أيضا في هدم 13 منزلا ونفوق 350 رأسا من الماشية.
وألحق الإعصاران كذلك أضرارا بليغة بنحو 250 قارب صيد. فيما قال رئيس لجنة الطوارئ، صالح العمقي، في بيان، إن السلطات المحلية بدأت الحصر الشامل لأضرار إعصار "تشابالا" على صيادي حضرموت.
وعبر صيادون عن مخاوف من عدم صرف أي تعويضات لهم عن الأضرار التي لحقت بهم بسبب الأوضاع الأمنية السائدة حاليا في البلاد، ويضربون مثلا بوعود سابقة مماثلة لم تجد طريقها إلى التطبيق حتى الساعة.
وأكد الناشط الميداني في جزيرة سقطرى، محمد العرقبي، لـ"العربي الجديد"، أن الصيادين أكثر الفئات تضررا من الإعصارين، منبها إلى حاجتهم إلى فترة زمنية طويلة لاستئناف أعمالهم بعد أن تصرف لهم السلطات تعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية في صفوف الصيادين وتدمير معداتهم، قال العرقبي إن الإعصارين ألحقا أضرارا بليغة بالبنية التحتية، وتسببا في اقتلاع المئات من أشجار النخيل وتدمير المنازل وتشريد آلاف السكان.
وذكر أن الأمواج العاتية في جزيرة سقطرى ضربت أيضا سفينة محملة بمواد إغاثية من الإمارات العربية المتحدة، حيث جرفتها إلى اليابسة.
وقال إن مياه البحر أغرقت إحدى القرى بالكامل، حيث غمرت المياه قرية «ستاروه»، الواقعة جنوب الجزيرة بالكامل، دون أن يسفر ذلك عن وقوع أي خسائر بشرية بفضل إجلاء السكان من القرية قبل أن تغمرها المياه.
وتقع سقطرى في شمال غرب المحيط الهندي، حيث تبعد بنحو 250 كيلومترا عن منطقة القرن الأفريقي وحوالي 350 كيلومترا عن اليمن، ويبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة، معظمهم صيادون.
ولمواجهة هذه الأضرار، التي لحقت بسقطرى، أطلق وزير الثروة السمكية اليمني، فهد سليم كفاين، الذي يتحدر من سقطرى، "مناشدة "، لإغاثة سكان الجزيرة.
ونشر الوزير تغريدة في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أعلن فيها عن فقدان الاتصال بسفينة هندية كانت في طريقها إلى أرخبيل سقطرى، ولفت إلى فقدان الاتصال أيضا بـ6 سفن صيد و30 قارب صيد في منطقة الجزر، الواقعة غرب سقطرى.
وقال صيادون إن هذين الإعصارين أضرا كثيرا بالصيد في خليج عدن والبحر العربي، الذي يعاني أساسا من ضعف في الإمكانات وتراجع كميات الأسماك.
وأكد عوض جمعان، رئيس جمعية الخيصة السمكية الإنتاجية في قصيعر، في محافظة حضرموت، إن صيادي المحافظة لن يستطيعوا العودة إلى البحر قريبا.
وأضاف جمعان: "الأعاصير فاقمت معاناة الصيادين، الذين يعانون أصلاً من مشاكل عدة منها عدم حصولهم على البنزين الضروري لتشغيل قواربهم".
وأوضح أن الأعاصير كبدت الصيادين خسائر فادحة في الأرواح والمعدات وأن التوقف عن العمل سوف يضاعف خسائرهم وسيؤدي بطبيعة الحال إلى توقف عمل أسواق بيع الأسماك وارتفاع كبير في أسعار المتوفر منه في قصيعر وبقية المناطق الساحلية.
ويعاني صيادو حضرموت، على غرار زملائهم في باقي المحافظات اليمنية، من ارتفاع تكاليف الصيد وتراجع الكميات المصطادة، وهو ما تسبب، حسب عوض جمعان، في ارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق المحلية إلى مستويات تفوق القوة الشرائية لليمنيين.
وأظهرت بيانات أصدرتها جمعية المكلا السمكية في حضرموت تراجعا كبيرا وصل إلى 60% في كمية الأسماك المصطادة في المحافظة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. وأجبر هذا الوضع نسبة هامة من الصيادين على هجر البحر والبحث عن سبل أخرى لتحصيل لقمة العيش.
وانخفض عدد الصيادين في حضرموت وحدها من 20 ألفا قبل عامين إلى 13 ألفا في 2014، قبل أن يهوي هذا العدد إلى 9 آلاف فقط هذه السنة. ويقدر إجمالي الصيادين في اليمن بنحو 150 ألفا يعيلون نحو مليون شخص.
وتشتهر اليمن، التي تمتد سواحلها على مسافة 2500 كيلومتر، بإنتاج نحو 450 نوعا من الأسماك، أشهرها الحبار، الذي بلغت صادراته العام الماضي 14 ألف طن.
وتعاني اليمن من أزمات معيشية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية واستمرار الحرب.
ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، فإن ما يقرب من نصف سكان اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي قبل اندلاع النزاع، زاد إلى أكثر من 60% حالياً.