هي حركة تمرد عقائدية تأسست ونشأت بصعدة في شمال شمال اليمن، ومركز صعدة الإداري يبعد عن العاصمة صنعاء نحو 242 كيلومترا، وتتشكل تضاريسيا من مرتفعات وسهول ووديان خصبة، وسلسلة جبال، تبدأ من الجنوب بجبال خولان بن عامر، التي يصل ارتفاعها 2800 متر عن مستوى سطح البحر ثم جبال جماعة ورازح وسحار وهمدان بن زيد .
ولا يمكن النظر إلى الفكر الحوثي بمعزل عن الفكر الشيعي الإثني عشري ورؤاه في الحكم والسياسة، الذي تحصر أدبياته أحقية سلالة معينة بالحكم والأمر، باعتبار ذلك قدر سماوي لا يمكن تجاوزه أو التقليل من شأنه، وهي النسل العلوي من فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو نسب شريف تدعي أسرة الحوثي انتماءها إليه ، وهو أمر مشكوك في صحته ، استنادا إلى حوادث تاريخية ومسلمات بداهية.
وهذه الحركة :
• انشقت عن المذهب الزيدي الذي يعتبر اقرب مذاهب الشيعة إلى أهل السنة بل هم شيعة السنة وسنة الشيعة كما يقال . وانفصلت سياسيا عن حزب الحق ، وبعض من قياداتها كانت تحت مظلة الحزب الحاكم .
• تسير على نمط (حزب الله) في لبنان دينياً وسياسياً.
• اعتنقت هذه الحركة لعقائد الاثني عشرية الامامية بسبب التقارب بين فكر بدر الدين الحوثي وحسين ولده والمذهب السائد في إيران . ففي نهاية حرب عام 1994م سافر بدر الدين الحوثي وابنه حسين إلى إيران، التي اختاراها بحكم التقارب الفكري رغم الاختلاف المذهبي في قضايا أساسية، الأمر الذي يرجع إليه انتشار بعض الأفكار الغريبة بين أتباع الحوثي ، وظهور حسين اليماني الممهد للمهدي ، الذي ساهم في تجميع الشباب حول حسين الحوثي.
وتعتبر أفكار اليماني من الأفكار الإيرانية الأمامية بامتياز، والمعتمدة في كتبهم، ولا أثر لها في الكتب الزيدية.
وحادثة النجف التي قامت بها مجموعة سميت بجند السماء بقيادة حسين اليماني، إلى جانب ظهور عدد من الشيعة في إيران والعراق عبر التاريخ يدعون أنهم حسين اليماني. كل ذلك يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، الارتباط الفكري بالثورة الخمينية في إيران، والتأثر الكامل بها.
ووصف حسين الحوثي صحابة رسول الله بأوصاف سيئة لا تليق، ويرفضها عامة فقهاء المذهب الزيدي. وكان بدر الدين وابنه حسين في حزب الحق بعد قيام الوحدة، وتحالفوا مع الحزب الاشتراكي اليمني، ثم استقلوا، وانتسب بعض أبناء بدر الدين للمؤتمر الشعبي العام - كما حصل ليحيى الحوثي - وخرجوا من المؤتمر، وحزب الحق وغيرها.
وعرضت الحكومة اليمنية على الحوثيين تأسيس حزب سياسي لطرح أفكارهم وآرائهم على المجتمع، غير أنهم لم يوافقوا، مشترطين العدالة وتوظيف أتباعهم وإخراج معتقليهم ورد الاعتبار لهم، وتارة أخرى يشترطون طرد السلفيين من المحافظة واقتصارها على المذهب الزيدي.
من تنظيم "الشباب المؤمن" إلى جماعة "أنصار الحق"
كان للنشاط الذي قام به الشباب المؤمن نتائج ايجابيه ومثمرة بالانتخابات النيابية لعام 1993 حيث تمكن حزب الحق بالفوز بمقعدين لحسين بدر الدين الحوثي في دائرة 294 وعبد الله عيظة الرازمي في دائرة .296 ومثلت انتخابات 93 انطلاقة قوية للحوثي مكنته من بناء علاقات داخلية وتوطيد علاقاته باتجاهات خارجية، وكان والده بدر الدين الحوثي قد فكر باللجوء لإيران إثر قصف منزله في مران عقب مواجهات عام 1994 إلا أنه تم تسوية الوضع فسمح له بإقامة مركز، وعوض من قبل الدولة نظير هدم منزله.
وشكل كبار علماء المذهب الزيدي مظلة برز في كنفها تيار الشباب المؤمن أسس الكثير من المنتديات، وأهمها منتدى المعهد العلمي العالي، الذي أدرك العلامة مجد الدين المؤيدي المرجع الزيدي الكبير في اليمن مخالفة مناهجه لمناهج الزيدية فشكل لجنة للتحقيق في الأمر واخلفوا، فأصدر فتوى ضدهم حذر فيها منهم ووصفهم بمخربي المذهب الزيدي وبدعهم وحكم عليهم بالزيغ والضلال، وهذه أولى الضربات الموجعة لهذا التنظيم.
وتمثلت الضربة الثانية في طرد تنظيم الشباب المؤمن من حزب الحق الذي أصبح يشكل خطراً على بقية الأحزاب بمحافظة صعده، واخذوا يبحثون عن مادة تجمع حولهم الأنصار والأتباع فوجدوها في شعار حزب الله وانتشرت الفكرة حتى ملأت المساجد بما فيها المساجد الكبيرة والمدارس.
وكان الحوثيون يقومون بترديد شعارهم الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل . بأصوات مزعجة وبصور عنيفة، و اخذوا يخطبون بقوة السلاح وكانت خطبهم تشيد بإيران وحزب الله وحسن نصر الله.
النسبة إلى زعيم التمرد الأول والمؤسس : حسين بدر الدين الحوثي:
وزعيمهم الروحي: هو بدر الدين الحوثي ولد 1926م بمدينة ضحيان، ونشأ في صعدة، يبلغ من العمر حاليا قرابة (84) عاماً.
نشأ زيدياً في فرقة الجار ودية وهي مذهب شيعي متطرف وتؤمن بأن الإمامة في البطنين ولا تحصرها في الإثني عشر إماما، وهي أقرب فرق الزبدية للرافضة.
رحل إلى طهران وأقام بها عدة سنوا ت واستماله الرافضة الاثنا عشرية إليهم خلال إقامته في طهران، و حسين بدر الدين الحوثي هو الابن الأكبر له، وقد تلقى تعليمه في المعاهد العلمية من الابتدائية وحتى الثانوية، كما تلقى المذهب الزيدي على يد والده وأرباب المذهب في صعدة .
- حصل على درجة الماجستير في العلوم الشرعية، وكان يحضِّر لنيل درجة الدكتوراه أيضا، ثم ترك مواصلة الدراسة وقام بتمزيق شهادة الماجستير؛ لاعتقاده بأن الشهادات الدراسية عبارة عن تجميد للعقول.
- أسهم بفاعلية مع رموز وشخصيات مثقفة زبدية في تأسيس "حزب الحق" عام 1990م
- انتخب عضوا في مجلس النواب ممثلا عن ”حزب الحق" في دائرة مران من العام 93-97م
- زار إيران ومكث مع أبيه عدة أشهر في قم، كما قام بزيارة " حزب الله " في لبنان
- أسس تنظيم ”الشباب المؤمن“ في عام 1991م
- وبعد تأسيس التنظيم تفرغ لإلقاء الدروس والمحاضرات بين مؤيديه وأنصاره
- يتمتع بأسلوب جذاب في الطرح، وتوصيل الأفكار، والتلاعب بالعواطف، وتأسيس القناعات
- وصفه أحد الكتاب في أحد المواقع الاثني عشرية بقوله: "حسب علمنا الحسي وقراءاتنا لكتبه وتتبعنا لحركته أنه متأثر حتى النخاع بثورة الخميني في إيران، حيث إنه خضع لدورات أمنية وسياسية وغيرها في لبنان عند حزب الله، ولديه ارتباط قوي بالحرس الثوري الإيراني"
- قصده الشباب المعجب بأفكاره من بعض المحافظات الأخرى، حيث وجدوا عنده السكن والكفاية، وحسن التجهيز، ولا سيما في العطل الصيفية ومناسبات الشيعة الخاصة.
- يعد نفسه مصلحا ومجددا لعلوم المذهب وتعاليمه.
- رفع شعارات التأييد لـ"حزب الله" اللبناني، ورفع أعلامه في بعض المراكز التابعة له.
- امتلأت دروسه وخطبه بمفردات: التحشيد.. الإعداد .. الخروج.. الجهاد .. تهيئة النفوس للتضحية .. عدم الخوف من المثبطين الخوالف.. التأكيد على نصر الله القادم للمستضعفين..
- أقام العشرات من مراكز التعليم في كثير من المناطق والتي شهدت التحاق المئات، وربما الألوف من الدارسين من الشباب وصغار السن.
- كان يفرض حول نفسه هالة وحراسة مشددة بدعوى أنه مستهدف من أمريكا
- قاد التمرد ضد الحكومة اليمنية، وقتل في الحرب الأولى عام 2004م عن (46) سنة .
القائد الثاني للحوثيين وهو أشد خبرة من الأول في مجال الحرب رغم صغر سنه هو: عبد الملك الحوثي
- ولد في صعدة عام 1979م، ويبلغ حاليًا 31 سنة
- تلقى تعليمه في المدارس الدينية الزبدية
- بعد وفاة أخيه حسين الحوثي عام 2004م ، تزعم التيار الحوثي متجاوزًا شخصيات بارزة أخرى في التيار، من بينها عدد من أشقائه الذين يكبرونه سنًا، وأصبح القائد الفعلي لحركة التمرد، وتغلب على زميل أخيه حسين ورفيق دربه عبد الله عيظة الرزامي
- أسس عام 2007 موقع المنبر الإلكتروني لنقل وجهة نظر حركته للعالم
- ومن الشخصيات البارزة في هذه الحركة : يحيى الحوثي (49) عاماً، شقيق حسين الحوثي. يعيش خارج اليمن، ويقيم في العاصمة الألمانية برلين منذ أواخر 2004 م، بعد أن طلب حق اللجوء السياسي، يعد المسئول السياسي لجماعة الحوثيين
وظهور الحوثيين في محافظة صعدة جاء لاحتوائها على أهم وأكبر التجمعات الزيدية في اليمن، التي تعرف بانتمائها للمذهب. والتي هي عاصمة لدولة الأئمة الزيدية ابتداء من الإمام الهادي بن الحسين (ت298ه)
ورغم ظهور الحركة فعلياً خلال عام 2004 اثر اندلاع أولى مواجهاتها مع الحكومة اليمنية فإن بعض المصادر تعيد جذورها في الواقع إلى ثمانينات القرن الماضي حيث تم في عام 1986 إنشاء اتحاد الشباب لتدريس أفراد الطائفة الزيدية على يد صلاح احمد فليتة، وكان من ضمن مدرسيه مجد الدين المؤيدي وبدر الدين الحوثي.
وعقب الوحدة اليمنية عام ،1990 وفتح المجال أمام التعددية السياسية والحزبية، تحول الاتحاد من الأنشطة التربوية إلى مشروع سياسي من خلال حزب الحق الذي يمثل الطائفة الزيدية، ثم تحول إلى منتدى الشباب المؤمن، الذي أسس في عام 1992 على يد محمد بدر الدين الحوثي وبعض رفاقه، كمنتدى للأنشطة الثقافية، ثم حدثت به انشقاقات، ويقال أن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم هو من قام بداية بدعم منتدى الشباب المؤمن بهدف تقويته ضد اكبر الأحزاب الإسلامية المعارضة في البلاد، التجمع اليمني للإصلاح، فيما يقول آخرون أنه كان لمواجهة الحركة السلفية آنذاك.
وفي عام 1997 تحول المنتدى على يد حسين بدر الدين الحوثي من الطابع الثقافي إلى حركة سياسية تحمل اسم تنظيم الشباب المؤمن، حينها غادر كل من صلاح احمد فليتة ومجد الدين المؤيدي التنظيم واتهماه بمخالفة المذهب الزيدي، وقد اتخذ المنتدى منذ 2002 شعار الله اكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام.
وظل أنصاره يرددونه عقب كل صلاة حتى تسلل بعضهم إلى جهاز ميكرفون البث المباشر للتلفزيون اليمني في المسجد الكبير بصنعاء في يوم جمعة !!! ويكتبونه على جدران المساجد والمباني والممرات العامة، وقيام السلطات الحكومية بمنع أتباع الحركة من ترديد شعارهم بالمساجد كان احد أهم أسباب اندلاع المواجهات، بين الجماعة والحكومة اليمنية.
ويدعي الحوثيون بأن الزيديين تعرضوا قبل الوحدة وبعدها للتمييز السياسي والاجتماعي والتهميش في الوظائف الحكومية والقمع المذهبي والفكري من قبل الأكثرية الشافعية، بل ويعيدون سياسات التمييز إلى عام 1962 عندما أطيح بالإمامة الزيدية، التي حكمت اليمن لأكثر من أحد عشر قرناً، ويطالبون بموافقة رسمية على صدور حزب سياسي مدني، وإنشاء جامعة معتمدة في شتى المجالات المعرفية، وضمان حق أبناء المذهب الزيدي، في تعلم المذهب في الكليات الشرعية، واعتماد المذهب الزيدي، مذهباً رئيسياً في البلاد، إلى جانب المذهب الشافعي، غير أن السلطات اليمنية، تؤكد أن الحوثيين يسعون إلى إقامة حكم رجال الدين، وإعادة الإمامة الزيدية،والحقيقة أنه ليس هناك من انتقاص للمذهب الزيدي بل اغلب رجال الحكم وقيادات الجيش من الزيدية ورأس الدولة والجمهورية علي عبد الله صالح زيدي. وجاءت الجمهورية وصهرت الناس في بوتقة واحدة وصاغت المناهج على هذا الأساس منعا وتفادياً لأي خلاف فكري أو فقهي . ولكن الحوثيين تبين وانكشف أن لهم أهدافاً مطلسمة.
وكانت السلطات المختصة قد دعت أكثر من مرّة الحوثيين لتأسيس حزب سياسي، معلن ليتم تأطير دعواتهم وأهدافهم وتحركاتهم في هذا الحزب غير أنهم سعوا إلى إرغام الناس على إتباع مذهبهم بالقوة من خلال قطع الطريق وترهيب الناس بالقتل والتهجير والخطف والتدخل في أعمال السلطة المحلية للمحافظة المتواجدين فيها وتأكد أن الحوثيين يسعون لإقامة حكم رجعي، بإعادة الإمامة الزيدية بعد أن تم القضاء عليها في عام 1962 بمساعدة دول إقليمية تمدها بالدعم المادي واللوجستي.
ووقع خلاف بين بدر الدين الحوثي و بقية علماء الزيدية في اليمن حول فتوى تاريخية، وافق عليها علماء الزيدية اليمنيون، وعلى رأسهم المرجع مجد الدين المؤيدي، التي تقضي بأن شرط النسب الهاشميّ ، للإمامة صار غير مقبولٍ اليوم، وأن هذا كان لظروف تاريخية، وأن الشعب يمكن له أن يختار مَن هو جديرٌ، بحكمه دون شرط أن يكون من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما.
ولم تعط الدولة اليمنية اهتماما لظهور الحوثيين لغاية عام ،2004 إذ حصل تحول وتطوُّر خطير تمثل أن الحوثي ادعي الإمامة والمهديّة كما ذكرت ذلك الحكومة وانتشر في الأوساط . وفي عام 2004 شنّت الحكومة حربا مفتوحة على جماعة الحوثيين، وأسفرت عن مقتل زعيمهم حسين وتولى القيادة بدر الدين الأب وانفجرت الحرب ثانيا وثالثاً والآن الحرب السادسة والآن في شهرها الخامس من اغسطس2009م
ويتضح من صمود الحوثيين للان أنهم تسلحوا سرًّا بشكل جيد، واستعدوا لأسوأ الاحتمالات والمواجهات، وتدربوا على استخدام كل أنواع الأسلحة المتطورة، التي جعلتهم يصمدون طيلة هذه السنوات الماضية.
وإذا تمكن الحوثيون من السيطرة على حكم اليمن فهذا يعتبر نصرا للرافضة الفرس ، فمن خلاله ستحاصر أكبر خصم لها وهو السعودية، من الجنوب كما أصبحت محاصرة لها من الشمال عبر العراق (الإيراني)!! حيث سيصنع هذا النصر لإيران بيدها أوراق ضغط كبيرة على صعيد علاقتها مع العالم الإسلامي السُّني، أو مع أمريكا.وفي بداية نوفمبر 2009م بدأ العدوان الحوثي على أراضي السعودية في قمة من البجاحة والوقاحة بتحريض من إيران ولخدمة أهدافها في المنطقة وأقلمة الحرب .
إيران وراء الأكمة... بل فوقها!!
يرى محللون أن صعود قوة تنظيم الشباب المؤمن يعود إلى استغلال حسين الحوثي للدعم الإيراني المخصص لتصدير الثورة، الذي كان في بداية الأمر دعماً فكرياً أكثر منه مادياً، إلا أنه تحول إلى دعم مادي وعسكري بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق والفورة التي شهدها النفوذ الإيراني.
وفي المقابل تتظاهر إيران باحترامها لوحدة الأراضي اليمنية، معتبرة أن مسالة صعده مسالة داخلية،والواقع خلاف ذلك ، كما إن وسائل الإعلام الإيرانية، مثل العالم و الكوثر والفرات وغيرهم تتبنى قضية الحوثيين، إلى جانب أن الحوثيين طلبوا وساطة المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني. بل في الآونة الأخيرة بدأت تنكشف عورة الإيرانيين أكثر بدعمهم للتمرد والسعي إلى إحراق المنطقة ليتم له أكلها وهضمها والدليل تصريحات وزير الخارجية متكي وتصريحات الرئيس نجاد وتوجيه النقد والاتهام للسعودية والآلة الإعلامية التابعة لإيران المساندة للتمرد الحوثي والوجود العسكري الإيراني في خليج عدن وبحر العرب والبحر الأحمر - بحجة محاربة القرصنة - الذي يقوم بتسهيل وصول السلاح للحوثيين عبر الشواطئ الاريترية وقد تم إلقاء القبض على سفن وقوارب محملة بالسلاح في طريقها إلى التمرد .
ويساعد - ذلك - تعاطف أبناء منطقة صعدة التمرد الحوثي، ومرد هذا التعاطف الأوضاع الاجتماعية والأعباء الاقتصادية التي ألقت بظلالها على المواطن اليمني، الأمر الذي استغله الحوثي عبر دفع الرواتب لبعض مؤيديه، وتركيزه على تقديم المساعدات الاجتماعية والخيرية، واستغلاله عودة أكثر من مليون يمني من السعودية، إلى جانب استقطاب مئات العائدين العاطلين عن العمل للوقوف إلى جانبه، فضلا عن الحكم القبلي ودعم بعض القبائل نكاية بالنظام الحاكم لوجود ثارات بينهم وبين النظام، وبصرف النظر عن الدين أو المذهب، وبسبب بعض الأخطاء التي وقع فيها النظام في اليمن أثناء الحرب.
ومن العقبات التي تطيل عمر المواجهات بين الجيش والحوثيين الطبيعة الجبلية لليمن، التي تعيق سيطرة الجيش، حيث وعورة المنطقة وافتقارها للطرق المعبدة، كما أن الجيش اليمني لا يمتلك طائرات حديثة مجهزة بأجهزة لتوجيه قنابلها وصواريخها من مسافات بعيدة، ولا يوجد لديها حلفاء يزودونها بتحركات للعصابات الحوثيه عبر الأقمار الصناعية، التي ترصد الحركة بشكل دقيق. (والغريب أن أمريكا لم تعترف حتى الساعة بدعم إيران للتمرد ولم تدرجهم في قوائم جماعات الإرهاب) !!
ويضطر الطيارون الحربيون للانخفاض بطائراتهم حتى يشاهدوا الهدف الذي يودون قصفه، وهنا تتعرض الطائرات إما للإصابة بالمقاومات الأرضية أو الصاروخية التي لدى الحوثيين أو الارتطام بالجبال، كما حدث لبعض المقاتلات اللائي تعرضن للسقوط .
الشرارة الأولى:
في 19 حزيران 2004 اندلعت أولى الحروب بين القوات الحكومية والحوثيين وانتهت بمقتل زعيم الحركة الحوثية وقتذاك حسين بدر الدين الحوثي ، وفي 8 -9- 2004 انطلقت الحرب الثانية بعد اقل من ستة اشهر، وتحديداً في شباط 2005م، بقيادة بدر الدين الحوثي ، وانتهت الحرب فجأة، لتبدأ الحرب الثالثة نهاية عام 2005 وهذه المرة بقيادة عبد الملك الحوثي الابن الأصغر، لبدر الدين الحوثي، وتوقفت هذه الحرب في شباط 2006م، عند دخول الطرفين في مفاوضات ثنائية ، وأفضت إلى اتفاق نيسان 2006 م . وفي كانون الثاني 2007 م، اندلعت الحرب الرابعة على خلفية، اتهام الحكومة اليمنية، للحوثيين بطرد اليهود اليمنيين، من محافظة صعدة ، والسعي إلى الانفصال وتكوين دولتهم الشيعية . وفي مطلع نيسان من عام 2008 م ، تجددت المواجهات بشكل مناوشات طفيفة، بين الحين والآخر، كان أبرزها في مديرية حيدان، في الوقت الذي كانت المفاوضات، مستمرة بين اللجنة القطرية ، والرئاسية ومندوبي الحوثي.
ووصلت المفاوضات إلى طريق مسدود حول تنفيذ بعض بنود الاتفاق، واستمرت بعض المناوشات بين القوات الحكومية والمسلحين الحوثيين.
وفي شهر أيار من العام نفسه تجددت المواجهات بشكل عنيف، ليعلن رسمياً عن بداية الحرب الخامسة ، وتميزت هذه الحرب بأن توسع الحوثيون، في معاركهم حتى بلغوا مديرية بني حشيش، على مداخل العاصمة صنعاء، ومديرية حرف سفيان ، بمحافظة عمران، التي تبعد عن صنعاء حوالي 60 كيلو مترا .
وتواصلت الحرب حتى 17 تموز 2008 م، حينها أعلن الرئيس صالح ، وقف الحرب نهائيا ، في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الثلاثين لتوليه الحكم .
ولم تخل الهدنة من بعض المناوشات الصغيرة ، واستمرت قرابة عام وبضعة أسابيع تقريباً، لتندلع في مطلع شهر آب الماضي الحرب السادسة .
الحسم العسكري:
ويبدو أن الرئيس صالح الذي صبر وسامح كثيرا قد فاض به الكيل، ولذلك أعلن في أكثر، من مرة منذ اندلاع المواجهات الأخيرة ، بأنه لا بد من الحسم العسكري النهائي ، وبأي ثمن وجعلها حربا مقدسة ، والحوثيون من جانبهم توعدوا بحرب استنزاف طويلة الأمد.
واظهر الحوثيون أنهم يتوسعون، للسيطرة على محافظات مجاورة لصعدة، ويحاولون الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، للحصول على سيطرة بحريَّة لأحد الموانئ ليكفل لهم تلقِّي المدد من خارج اليمن.
الأمور أصبحت واضحة ومفضوحة، وهدفها الإطاحة بنظام الحكم في اليمن وليس الانفصال بشريط جزئي شيعي . وفي كل الأحوال ، لا يمكن وصف الحركة الحوثية، غير أنها حركة متمردة ، كونها رفعت السلاح في وجه النظام ، ولا يقبل مواطن عربي محب لوطنه أن يقتل ويدمر أبناء جلدته لإرضاء جهات لا تريد الخير لوطنه.
الظاهرة الحوثية:
ويحصر مؤلف كتاب (الظاهرة الحوثية) الدكتور والباحث الأكاديمي أحمد الدغشي العوامل التي أدت إلى بروز الظاهرة الحوثية في عاملين اثنين الأول ذاتي داخلي والآخر طارئ خارجي، ويخطئ من يرى أن الفكر الحوثي ليس سوى نسخة مطابقة لما عند الآخرين، في إشارة إلى التأثير الخارجي وإيران بصورة خاصة.
ويضيف أن الظاهرة الحوثية نتاج فكر جارودي مغالٍ شط عن الزيدية الأعدل والأكثر قرباً من أهل السنة والجماعة، وحسين الحوثي نسخة مستعارة من الفكر الإثني عشري وانحرافه عن المذهب الزيدي، أدى إلى تصدع الشباب المؤمن، واصطدامه بالمؤيدي الذي قال أن ظاهرة الحوثية غريبة على المجتمع اليمني المسلم في أفكارها، واطروحاتها بعيدة كل البعد عن المذهب الزيدي الذي يشكل هو والمذهب الشافعي توأمين رئيسيين وفرعين في أصل عقدي واحد هو الإسلام الحنيف.
ويركز الدغشي على جذور التشيع السياسي في الفكر الزيدي الذي يدعي الحوثيون نسبتهم إليه وعملهم في إطاره الفكري والأيديولوجي قائلاً: لاشك لدى المؤرخين أن الفرقة الزيدية تمثل واحدة من فرق التشيع وإن كانت الأعدل والأكثر قرباً إلى أهل السنة من بين الفرق الأخرى، وإذا غضضنا الطرف عن التراثين الجعفري الإثني عشري الإمامي والزيدي بما فيه الهادوي من حيث الخلاف الكلي بين المذهبين لتتجه أنظارنا صوب الواقع السياسي على مدى العقود الثلاثة الماضية تحديداً ، سنلقى تقارباً تلقائياً ملحوظاً بين فرقة الزيدية الهادوية المعاصرة والزيدية الجاردوية والفرقة الأشهر اتساعاً وهي الشيعة الإمامية الجعفرية والأثني عشرية من خلال التشيع ورئاسة الإمامة التي هي مدار اهتمام فرق الشيعة كلها ومحور عقائدهم السياسية بصرف النظر عن اختلاف طبيعة المذهبين وفلسفة كل منهما والموقف التاريخي لكل فرقة تجاه الأخرى.
الحسبة:
والمرجع الشيعي بدر الدين الحوثي قدم فكرة الاحتساب، وهي فكرة أقرب ما تكون إلى ولاية الفقيه، تلك التي أخرجها الإمام الخميني إلى واقع التطبيق، للخروج من السلبية التي ظلت ترزح تحتها الإمامة الإثنا عشرية طيلة تاريخها المديد، حيث عطلت الحياة، فلا إقامة صلاة جمعة، ولا جهاد، وفقدت قوانين الحكومة الإسلامية مجال تطبيقها، وفي ظل غيبة الإمام الشرعي الثاني عشر، فارتأى الخميني أن يقدم نظريته المعروفة ب¯ولاية الفقيه، ليتمكن مذهبه من التفاعل الإيجابي مع الواقع السياسي والاجتماعي، عوضاً عن الانكفاء الداخلي حتى ظهور الإمام الغائب ، وليس ثمة تاريخ محدد لذلك.
وفي1999 قدم حسين بدر الدين من السودان ، وكان هناك توسع في المراكز، والإدارة مكونة من 6 أشخاص هم، محمد بدر الدين الحوثي، عبد الكريم جدبان، علي أحمد الرازحي، صالح أحمد هبرة، أحمد محمد الهادي، محمد يحيى سالم عزان، الذي يوصف بأنه من التقليديين.
ومنذ عام 1999م بدأت المراكز تصنف إلى فريق معتدل وفريق تقليدي، وفي عام 2000م انفصلت المراكز وبدأ الاستقلال.
وواضح لمن يتتبع خطاب حسين الحوثي بعد تلك المرحلة ما بعد 2000م أن هذا التغيير الذي يشير إليه عزان قد شمل التكوين الكلي بأبعاده النفسية والتربوية والفكرية والسياسية، لشخصية حسين الحوثي، إذ لم يعد مقلّداً للمذهب الزيدي، ولا متابعاً تقليدياً لآراء فقهائه، بل غدا خطابه الفكري الموجه نحو أتباعه ذا روح انتقائية ثورية متمردة، تبدأ من نقد الآخر المذهبي كأهل السنة عامة، ووصفهم بأنهم جميعاً لا يخيفون اليهود، بل الشيعة من يفعل ذلك. ويؤكد الساسة أن فشل جهود المصالحة يعود لعدم تجاوب الحوثي لأنه لا يريد سوى إذلال الناس وتشويه صورة اليمن في الداخل والخارج إرضاء للدولة التي يعمل عميلا لها.
وبقي القول أن الرئيس علي عبد الله صالح أكد إن الشطر الشمالي من اليمن لن يكون للحوثيين ، ولا الشطر الجنوبي للماركسيين ، ولن يقبل للسلطان صدر الدين أباد أن يعود . ومن المعروف أن الرئيس علي عبد الله صالح زيدي المذهب وان القضية ليست اضطهاد مذهب بمقدار ما هي جنون السلطة وتشتت الأفكار والتسامح الذي يبديه الرئيس نحو أبناء شعبه .
أيدلوجيتهم:
تتبنى حركة الحوثي الفكر الرافضي الإثني عشري - كما بدأ يرشح - ومن أبرز ما تدعو إليه :
• الدعوة إلى "الإمامة" أي : إحياء فكرة الوصية للإمام علي رضي الله عنه، وأن الحكم لا يصح إلا في أبناء علي بن أبي طالب.
• الترويج لفكرة الخروج، والإعداد لمواجهة نظام الحكم.
• التحريض على لجم السنة ، وهم ثلاثة أرباع سكان اليمن لأنهم يوالون أبا بكر وعمر ويقدمونهما على علي، ويجعلون من عائشة سيدة وهي ليست كذلك .!!
• تمجيد الثورة الخمينية، وحزب الله في لبنان، واعتبارهما المثال الذي يجب أن يحتذى به.
• التبرؤ من الخلفاء الراشدين الثلاثة خصوصاً، والصحابة عموماً؛ لأنهم أصل البلاء الذي لحق بالأمة إلى اليوم! حسب اعتقادهم، وكما جاء في مذكرات حسين الحوثي .
• قال بدر الدين الحوثي: " أنا عن نفسي أؤمن بتكفيرهم (أي: الصحابة) كونهم خالفوا رسول الله صلى الله عليه وآله".
• وهم يدعون إلى سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلعنون أمهات المؤمنين .
• يقول حسين الحوثي : " كل سيئة في هذه الأمة .. كل ظلم وقع لهذه الأمة ..وكل معاناة وقعت الأمة فيها .. المسئول عنها : أبو بكر وعمر وعثمان ..وعمر بالذات لأنه هو المهندس للعملية كلها ".
• ويقول عن بيعة الصحابة لأبي بكر: " شرُّ تلك البيعة ما زال إلى الآن ".
• ويقول : ”إن مشكلة أبي بكر وعمر مشكلة خطيرة، هم وراء ما وصلت إليه الأمة، وهم وراء العمى عن الحل". • ويقول: "السلف الصالح هم من لعب بالأمة، هم من أسس ظلم الأمة وفرق الأمة، لأن أبرز شخصية تلوح في ذهن من يقول السلف الصالح يعني: أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعائشة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، وهذه النوعية هم السلف الصالح، هذه أيضاً فاشلة!!!).
• يكنون عداءً خاصاً لعمر بن الخطاب الذي أطفأ الله على يديه نار المجوس الفارسية في القادسية.
• قال الحوثي: "معاوية سيئة من سيئات عمر – في اعتقادي- ليس معاوية بكله إلا سيئة من سيئات عمر بن الخطاب، وأبو بكر هو واحدة من سيئاته، عثمان واحدة من سيئاته".
. لا توجد مصادر إحصائية تشير إلى نسبة الحوثية في اليمن وبعض المصادر تشير إلى أن نسبتهم تكاد لا تذكر بين الزيود أنفسهم، بدليل أنهم في الانتخابات النيابية لم ينجحوا إلا في مقعدين فقط في محافظة صعدة التي تُعد معقلهم الأول، وكان هذا النجاح بدعم من المؤتمر الشعبي العام"الحزب الحاكم" وذلك ضمن الحسابات الخاطئة. وتجدر الإشارة إلى أن السكان في اليمن من حيث الانتماء المذهبي هم زيود وشوافع؛ يتمركز الزيود في شمال الشمال من اليمن، أما بقية أهل اليمن فهم من السنة الشافعية، يتعايشون جميعا ضمن نسيج اجتماعي واحد في خير وسلام، ولا يفرقهم مذهب، إيمانا منهم أن المذهب اجتهاد فقهي في الفروع، وليس دينا يعبد لا يجوز الخروج عليه أو منه، وقد عاش اليمنيون (زيديهم وشافعيهم) مئات السنين في وئام وانسجام في قمة من التعايش ، إلا في بعض الحالات الشاذة والتي سببها التأثر بالفكر الرافضي الصفوي كما حصل في عهد حكم بعض الأئمة .
الحوثية تتخذ من الزيدية عباءة ليس إلا..
تنتسب الزبدية إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (80 - 122) ه.
قاد الإمام زيد ثورة ضد الأمويين، زمن هشام بن عبد الملك سنة 122ه.
• وقد دفعه لهذا الخروج أهل الكوفة ثم ما لبثوا أن تخلوا عنه وخذلوه - كما خذلوا جده الحسين (61ه) - عندما علموا بأنه لا يتبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولا يلعنهما، فاضطر لمقابلة الجيش الأموي وما معه سوى 500 فارس، حيث أصيب بسهم قضى عليه.
عقائد الزيدية وأفكارهم:
• يجيز الزبدية أن يكون الإمام في كل أولاد فاطمة، سواءً أكانوا من نسل الإمام الحسن أم من نسل الإمام الحسين.
• الإمامة لديهم ليست بالنص، وهي ليست وراثية بل تقوم على البيعة، ويتم اختيار الإمام من قبل أهل الحل والعقد.
• جمع المذهب الزيدي في نشأته بين فقه أهل البيت والاعتزال، مع الميل في الفروع للمذهب الحنفي (فهم معتزلة في الأصول وأحناف في الفروع) ويتبنى قاعدة مشروعية الخروج على الحاكم الظالم، وهي القاعدة التي طبقها الزبدية جيلاً بعد جيل ،ولذا كثر فيهم الخروج .
• يجيزون وجود أكثر من إمام في وقت واحد في قطرين مختلفين، بل في قطر واحد
• يجيزون إمامة المفضول مع وجود الأفضل. وبمعنى يمكن أن تكون الولاية العامة"الخلافة" لغير آل البيت، والآن يؤمنون بالاحتكام لصندوق الاقتراع لاختيار رئيس الجمهورية.
• يقرّون خلافة أبي بكر وعمر، ولا يلعنونهما ولا يسبون إلا بعض مسلمة الفتح كمعاوية رضي الله عنه وغيره.
• يميلون إلى الاعتزال فيما يتعلق بالعقيدة في الله تع إلى والقضاء والقدر.
• يقولون بتخليد أهل الكبائر في النار، ويتفقون مع الخوارج في ذلك.
أوجه التشابه بين الزبدية والإثني عشرية :
• الإثناء عشرية من فرق الشيعة، بينما يطلق على الزبدية شيعة السنة.
• يتفقون في زكاة الخمس .
• ويرون جواز التقية إذا لزم الأمر.
• أحقية أهل البيت في الخلافة .
• وتفضيل الأحاديث الواردة عنهم على غيرها، وتقليدهم.
• ويقولون "حي على خير العمل" في الأذان، مع أن الأذان للصلاة من الشعائر وليس شرطا لصحة الصلاة.
الحق الإلهي:
– يقول الدارسون لتاريخ الأديان إن فكرة "الحق الإلهي" هي من العقائد (الفارسية - الهندية)، التي كان لها دور في التأثير بين الديانات في التاريخ القديم، وتأثرت بها اليهودية والنصرانية؛ فاليهودية ركزت على فكرة الاختيار والأرض الموعودة، فيما ركزت المسيحية على فكرة الخلاص، وباستقراء تاريخ الفكر الشيعي، يتبين أنه يركز على الفكرتين معا، أي فكرة الاختيار أو الاصطفاء حسب تعبيرهم وفكرة الخلاص المنتظرة من قبل إمامهم الغائب.
– وعقيدة الحق الإلهي تنطلق من الاصطفائية الإلهية لبعض السلالات البشرية واختصاصها بالسياسة والقيادة والريادة العلمية والمرجعية الدينية.
– وتوارثها فيما بعد الملوك والحكام ورجالات الكنيسة، الذين أدعوا أن مرجعيتهم تفويضية من الله، وليس للأمة حق في ذلك.
– لم يتأثر المسلمون بهذه النظرية، لسبب رئيس هو أن أمر الدين في الإسلام مرتبط بالنص الإلهي "القرآن الكريم، والسنة النبوية"، والإسلام جاء ليحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد؛ وهذه المسألة تقوم عليها عقيدة التوحيد، فلا يمكن للدين الإسلامي الذي يرفض الصنمية الحجرية أن يعترف بالصنمية البشرية، ومن هذا المفهوم العقدي كان المسلمون في غنى عن هذا الانحراف، ولم يقع فيه إلا الشيعة فقط.
بعض الفروق بين الزيدية والاثني عشرية الرافضة:
• يقول الاثنا عشرية بكفر من لا يؤمن بكل الأئمة الإثني عشر، وتبعاً لذلك أفتى علماؤهم بكفر الزبدية .
• وفي المقابل كان علماء الزبدية في القديم والحاضر - إلا من شذّ منهم- يعرفون ضلال الروافض ويحذرون منهم، وينكرون ما هم عليه من الضلال والمنكر .
• ومن الفرق الخارجة عن الزبدية: الجار ودية، عرفوا بالغلو والميل إلى الرفض، وإليهم ينتسب بدر الدين الحوثي وأتباعه.
الجار ودية:
• تنسب إلى أبي الجارود زياد بن المنذر الهمداني الأعمى الكوفي المسمى سرجون البحر أي شيطان البحر . • تعد من غلاة الزبدية، وهم في الحقيقة روافض .
• يرى بعض الباحثين أنها طائفة مستقلة عن الزبدية ولكنها تسترت بها، ويستشهدون لذلك بكون أبي الجارود معاصرا للإمام زيد.
• مذهبهم أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة الإمام علي بن أبي طالب لمخالفتهم النص الوارد عليه "الحق الإلهي لآل البيت في الحكم". والذي هو غير مذكور لا في الكتاب ولا السنة، وإنما يوردونه في كتبهم الخاصة ومرجعياتهم. • باقي فرق الزبدية يكفرون الجارودية لتكفيرهم الصحابة .
بداية الزيدية في اليمن:
• أول من أدخل المذهب الزيدي إلى اليمن الإمام يحيى بن الحسين بن القاسم المعروف بالهادي(ت298ه) وهو من أحفاد الحسن بن علي.
• قيل أنه ولد في الرس التي تتبع إداريا منطقة القصيم حاليا وكانت تتبع المدينة المنورة آنذاك، وقيل أنه أتى وافداً إليها، ومن ثم رحل إلى اليمن سنة 280ه للتحكيم بين قبائل يمنية متنازعة فوجدها أرضاً صالحة لبذر آرائه الفقهية، وطموحه السياسي المناهض لبني العباس .
• استقر في صعدة (شمال اليمن) وأخذ من سكانها البيعة على إقامة الكتاب والسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والطاعة في المعروف.
• بدأ الإمام الهادي حركته بلم الشمل والقضاء على الفرقة والاختلاف، حتى استطاع أن يحكم معظم أنحاء اليمن وجزءاً من الحجاز.
• خاض الزبدية خلال تاريخهم حروبا عديدة مع القرامطة الباطنية ومع بعضهم البعض .
• استمر حكم اليمن بيد أولاد الهادي وذريته، حتى قيام الثورة اليمنية سنة 1382ه (1962م) ، وهي أطول فترة حكم في التاريخ لآل البيت، حيث دام أحد عشر قرناً، وكانت تتخللها فترات انقطاع وانكماش قد تستمر لأكثر من قرن ثم يعودون وشهدت اليمن إبان حكمهم الكهنوتي ظلم لا يطاق، بخاصة أهل السنة فقد استبيحت أعراضهم وأموالهم. وقُسم المجتمع إلى طوائف وطبقات، وحُقرت المهن، وشُرع للقبائل النهب والسلب والتقطع وهتك الأعراض... ومن ذلك قتال الإمام عبد الله بن حمزة لفرقة من الزيدية أنفسهم يسمون بالمطرفية في اليمن في القرن السادس الهجري وقتل منهم مائة ألف في فترة عشر سنوات بحجة إنهم قالوا بجواز أن يكون الإمام من غير البطنين فكانت مأساة كبرى باعتراف مؤرخي الزيدية . !!
و ذكر محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني المتوفى سنة 1182ه أنه عاصر الأئمة من بيت القاسم وهم المهدي، والمتوكل قاسم بن حسين، والمنصور حسين، والمهدي عباس، ومن يمعن النظر في هذه الحقبة التاريخية التي عاشها ابن الأمير يجد أنها فترة حالكة بكل معنى الكلمة فالاضطرابات بين أفراد البيت الحاكم من آل القاسم على أوجها فلا تكاد تهدأ فتنة إلا تخرج أخرى، وكان إبان هذه الفترة يخرج أكثر من إمام في آن واحد كل يدعو لنفسه ويقاتل الآخرين على ذلك، ويقيم له دويلة في المنطقة التي يسيطر عليها حتى يقتل أو يموت وهكذا تمزق اليمن ولم ينعم بنوع من الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني، وهذا ما أجبر العلامة ابن الأمير في التدخل بالنصح والإصلاح وحتى شخصه لم يسلم من غول هذه الحقبة فكم تعرض للسجن رغم مكانته العلمية وقتئذ وعلو منزلته وشهرته بين العلماء حتى الآن، فقد ذكر في مؤلفه " تنبيه ذوي الفطنة إلى حسن السعي لإطفاء نار الفتنة" بعض إسهاماته في الإصلاح فقال: أنه كان يحكم اليمن في عهده"الإمام المهدي" وكان جشعا في امتلاك الأراضي حتى انتهى به الأمر إلى الطامة الكبرى وهي شراء الأوقاف من الأموال العامة وإخراجها عن الوقفية إلى الملكية،فبعث إليه ابن الأمير كتابا ينصحه ويبين له أن الوقف لا يحل بيعه ولا المناقلة به وكان ذلك بتاريخ ذي الحجة سنة 1180ه.. ومن ذلك أيضا خروج قبائل من برط وحاشد في سنة 1145ه إلى مدينة اللحية في تهامة فانتهبوها وعاثوا فسادا، وذلك بفتوى من الإمام المنصور فأرسل ابن الأمير بقصيدة إلى الإمام المنصور انحي بالملامة عليه لعدم مبادرته لردع تلك القبائل وهجماتها المتكررة، وغيرها كثير فقد حولت اليمن من أرض العرب السعيدة إلى تعيسة تغرق في بحر من الظلمات والتخلف والجهل، الذي مازلنا ندفع ثمنه إلى الآن.
وهناك كتاب جميل اسمه (حكم الأئمة الزيدية في اليمن – خيوط الظلام ) للكاتب والباحث اليمني القدير/ عبد الفتاح البتول وكتاب (الزهر والحجر ) للباحث والكاتب اليمني الشهير /عادل الأحمدي يمكن الرجوع إليهما والاستفادة منهما .
غزل رافضة إيران لزيود اليمن!!
• مع كل المحاولات التي قام بها الروافض في غزو الزبدية، فقد فشلوا في تأسيس تيار وتشكيل مدرسة اثني عشرية.
• ظلت الأفكار الاثنا عشرية طارئة ومرفوضة، والحاملون لها موضع سخط ونقمة من عموم الزبدية.
• شهدت العلاقة بين الزبدية والاثني عشرية تحسناً ملموساً بعد الثورة الرافضية الخمينية في إيران.
• بدأ الاثنا عشرية محاولة جادة في نشر مذهبهم بين صفوف الزبدية في اليمن، وقد نجحوا نجاحاً ملموساً، واستقطبوا الكثير من قادة الزبدية وعامتهم، ومنحوا المنح الدراسية المجانية لأولادهم بالدراسة في إيران ، وبدأت ملامح الرفض تظهر واضحة في العمل الزيدي من حيث المؤلفات والمحاضرات وكتابة المقالات والمشاركات في المداخلات في القنوات الفضائية - كما يحصل في المستقلة اللندنية وغيرها - وإقامة الأعياد والمناسبات الإمامية . • وجد الاثنا عشرية في الحوثي وجماعة الشباب المؤمن التابعة له بيئة خصبة لنشر مذهبهم وانتشار أفكارهم، عبر كتب ورسائل بدر الدين الحوثي، الذي يبشر بالفكر الأثنى عشري تحت ستار المذهب الزيدي.
البعرة تدل على البعير ...
• إحياء ذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه، وإقامة المجالس الحسينية، وما فيها من ضرب الصدور ولطم الخدود وشق الثياب ،،.الخ.
• إحياء ذكرى وفاة بعض الأئمة كجعفر الصادق ومحمد الباقر وعلي زين العابدين رضي الله عنهم.
• اتخاذهم جبلاً في مدينة صعدة، أطلقوا عليه اسم (معاوية)، يخرجون إليه يوم كربلاء (عاشوراء) بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، ويطلقون ما لا يحصى من القذائف عليه ، رغم سقوط قتلى وجرحى فيهم عن طريق الخطأ . • عرض بعض المحلات التجارية والمطاعم لأشرطة (المجالس الحسينية) المسجلة في إيران، وفيها أصوات العويل والندب والقدح في الصحابة ولعنهم .
هناك عدة قرائن بل أدلة دامغة تؤكد وجود دعم إيراني للتمرد الحوثي، وهذه القرائن إن لم تدل على أن إيران خططت لهذا الأمر منذ البداية، كما فعلت مع حزب الله في لبنان، فلا أقل من أن إيران حاولت استغلال هذه الأوضاع الملتهبة لصالحها ولنشر مشروعها الطائفي الهادف إلى سيطرة النفوذ الرافضي الفارسي على العالم الإسلامي.
• أن حسين بدر الدين الحوثي قد تأثر بسيرة الإمام الخميني، واعتقد بإمكانية تطبيق النموذج الإيراني على اليمن.
• قيام أحد أشقائه بتدريس مادة عن الثورة الإيرانية في الدورات التدريبية "لاتحاد الشباب المؤمن" الذي أنشئ في عام 1986م بدعم إيراني.
• إقامة والده ( بدر الدين الحوثي) في طهران وقم بعد خلافه مع عدد من علماء المذهب الزيدي في اليمن.
• زيارات قام بها "حوثيون" إلى إيران، وزيارات إيرانية إلى اليمن تضمنت لقاءات سرية مع جماعات مرتبطة "باتحاد الشباب المؤمن".
• الدعم الإعلامي الإيراني الواضح للتيار الحوثي في حربه مع السلطة اليمنية، من خلال قناة ”المنار“ و“العالم“ وغيرهما من القنوات الرافضية.
• عثور الجيش اليمني أثناء تمشيطه مواقع الحوثيين على مخازن أسلحة ورشاشات خفيفة وقذائف وصواريخ قصيرة المدى "بعضها" إيراني الصنع.
• العثور على وثائق في المستشفى الإيراني في العاصمة صنعاء تدل على تورطها في عمليات تجسس ودعم مالي وعسكري للحوثيين، مما أدى لإغلاقه من قبل الحكومة.
• الدعم الإيراني للاضطرابات في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية في اليمن المتزامنة مع عدد من حروب الحوثيين لأجل إضعاف الحكومة اليمنية وتشتيتها .
• تصريح عبد الله المحدون القائد الميداني السابق للتمرد الحوثي بمنطقة "بني معاذ" اليمنية، أن زعيم التمرد عبد الملك الحوثي يحارب لاستعادة "حضارة فارس" بدعم إيراني غير محدود.
• رفع شعارات التأييد لـ"حزب الله" اللبناني في المراكز التابعة له، واعتباره مثلاً يحتذى.
• طريقتهم في التعامل مع الحوثيين هي نفس طريقة بناء ما يسمى منظمات ”حزب الله“ في لبنان والكويت والبحرين، وغيرهم.
• دعم الصحف الإيرانية، وتصريحات مرجعيات الإتنى عشرية في قم والنجف، التي تظهر موقفها المؤيد للحوثيين. • تبنت إيران ومنذ قيام الثورة الخمينية مبدأ تصدير الثورة الرافضية إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي، وبذلت الدبلوماسية والسفارة الإيرانية في صنعاء جهدا مكثفا لاستقطاب أتباع المذهب الزيدي.
• وجود مقاتلين عراقيين في صفوف أتباع الحوثي، واكتشاف جثث لهم، واعتقال بعضهم.
• الأخبار الحديثة التي تؤكد سماع مكالمات في صفوف الحوثيين باللغة الفارسية.
• الغضب الرافضي الشديد على الحرب الأخيرة ضد الحوثيين التي بدت في تصريحات وزير الخارجية الإيراني،والرئيس نجاد وخطيب جمعة طهران ومقتدى الصدر وموقف نواب كتلة الوفاق الرافضية في البرلمان البحريني من قرار تأييد السعودية في حربها ضد الحوثيين.
• من أخطر الأفكار المنحرفة الظلامية التي يؤمن بها الحوثي إيمانه بالمهدي في فكرته الرافضية، وإيمانه بضرورة التمهيد لعودة المهدي مع ما يصاحب ذلك من احتلال للحرمين الشريفين وتصفية أهل السنة والجماعة، والقضاء على الأنظمة السنية الحاكمة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وإشاعة الفساد والإفساد...الخ.
• علما بأنه ظهر فيلم سينمائي في شهر (ذي القعدة 1430) ه الموافق أكتوبر 2009م لرافضي باكستاني في بريطانيا يُجسد إرهاصات ظهور مهدييهم من خلال مشاهد فيها صور تدنيس الكعبة بدماء من يُقتلون فيها، والفزع المصاحب لذلك.
• وفي كتاب "عصر الظهور"، لمؤلفه الرافضي علي الكوراني العاملي، يؤكد فيه ورود أحاديث متعددة عن أهل البيت، تؤكد حتمية حدوث ما يصفه الكتاب ب"ثورة اليمن الإسلامية الممهدة للمهدي عليه السلام، وأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق". أما قائدها المعروف في الروايات التي أوردها الكتاب باسم "اليماني"؛ فتذكر رواية أن اسمه حسن أو حسين، من ذرية زيد بن علي عليهما السلام. ويستشهد الكتاب ببعض الروايات التي تؤكد أن "اليماني" يخرج من قرية يقال لها "كرعة"، وهي قرية في منطقة خولان بالقرب من صعدة.
• توسيع الحوثيين لمسرح العمليات في الأيام الأخيرة بغية الوصول لساحل البحر الأحمر القريب من صعدة والاعتداء على أراضي السعودية ؛ يؤكد التدخل الإيراني في هذا الصراع"، وميناء ميدي خير شاهد، بل أن الأساطيل الإيرانية في خليج عدن والبحر العربي تقدم الدعم اللوجستي العسكري والمادي بكل أنواعه وأشكاله عن طريق بعض الموانئ الإيرتيرية وغيرها ومن ثم تنقل عبر البحر إلى داخل اليمن وهذا ما أشارت إليه التقارير الأمريكية بالأمس القريب.،وملايين الدولارات التي في حوزتهم لشراء السلاح من الداخل اليمني إضافة لشراء الذمم والنفوس الضعيفة والعاطلين عن العمل والمرتزقة من اليمنيين وغيرهم دليل آخر وشاهد عيان لا يمكن إنكاره، وامتداد المعارك إلى الأراضي السعودية ومحاربة الجيشين اليمني والسعودي في آن واحد دليل على أن الأمر قد بيت بليل ضمن الإستراتيجية الفارسية وأنها حرب بالوكالة.
وما امتداد المعارك إلى الأراضي السعودية ومحاربة الجيش السعودي بهذه الشراسة والعدوانية، وبقدرات قتالية غير عادية، وهذه الأسلحة التي يستخدمونها والتي أدخلوها ودفنوها في عمق الأراضي السعودية من زمن بعيد يؤكد أنهم ليسوا ضحايا اعتداءات كما يصفون أنفسهم وإنما هم من حضر لهذه الحرب وأعد لها العدة، وقد يقول قائل كيف يقاتلون المملكة العربية السعودية وللمملكة أيادي بيضاء في نصرتهم ودعمهم ورعايتهم منذ عام 1962م وإلى الآن، فقد عاملت أسيادهم معاملة ملوك بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ورعت قياداتهم ورموزهم والمحتسبين عليهم رعاية خاصة، ومنحتهم إقامات خاصة لهم حق العمل والتملك مثل المواطن السعودي بل خصصت لهم رواتب ومساعدات كثيرة لا تحصى ولا تعد، ومنح بعضهم الجنسية السعودية، فما هذا الجحود ونكران الجميل، ولكنههم لا يعترفون بذلك إيمانا منهم أن هذا جزء من حقوقهم المسلوبة فهم من آل البيت والحجاز من أملاكهم المسلوبة واليمن كذلك، فقد صرح لوسائل الإعلام المرئية "يحيى بدر الدين الحوثي" معلقا على دخولهم الأراضي السعودية أنه يستغرب هذا الكلام، وقال نحن لا نعترف بهذه الحدود وهي حدود سياسية مؤقتة. ويعتقدوا أن الحكام لهذه البلاد ليسوا من هذه السلالة وما هم إلا من زمرة الصحابة – أبي بكر وعمر- المغتصبين للحق الإلهي. وهنا يحق لنا أن نسألهم هل حكام فارس اليوم من هذه السلالة؟
____________
* صحفي وباحث يمني