الأستاذ عبد الوهاب طواف سفير اليمن السابق في سوريا، والذي كان له علاقة جيدة مع النظام السابق وانضم للثورة وأصبح مستشارا سياسيا لقائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى مدرع ورئيس لجنة الفروع والساحات في قيادة هيئة أنصار الثورة.. يتحدث في هذا الحوار الذي ينشره "نشوان نيوز" بالتزامن مع صحيفة "إيلاف"، عن الوضع السوري والوضع اليمني بتفاصيل ورؤية خبير عايش واقع البلدين خلال فترة عمله كسفير لسوريا..
وإلى التفاصيل:
* بداية، أستاذ عبدالوهاب أرحب بك، وأبدأ تساؤلي معك حول الثورة الشبابية التي أعلنت انضمامك إليها بعد ساعات من انضمام اللواء علي محسن إليها.. قلي بصراحة هل كان لعلي محسن علاقة بانضمامك للثورة في ذلك الوقت؟
- بسم الله والحمدلله. كان انضمامي للثورة نابع عن قناعة تامة، وكنت قد وصلت إلى قناعة بإن إدارة المؤتمر للبلاد صارت عبث وتخبط، ووصلت إلى هذه القناعة من قبل الثورة بأشهر، إلا أن ما حدث في جمعة الكرامة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير. ولا أخفيك أني كنت في حيرة من أمري، كيف أترك موقعي السياسي والاجتماعي والوظيفي الذي أمضيت فيه جل عمري. فلم يكن هذا القرار سهلاً إطلاقاً. وبمجرد إعلان اللواء علي محسن تأييده للثورة، وهو الرجل ذو الثقل السياسي والعسكري والاجتماعي الذي لا يعادله شخص آخر في اليمن، كان ذلك الإعلان هو بمثابة تشجيع لي بالإقدام على هذه الخطوة الهامة في حياتي، فلم أعد أفكر في لوم ومعاتبة المعاتبين بعد خروج اللواء علي محسن. وللتاريخ لم يعمل اللواء علي محسن على إقناع أي شخص بتأييد الثورة من الذين استقالوا يوم 21 مارس 2011م، وإنما كان ذلك التأييد بمحض إرادة الجميع، ولا ننكر أن شخصية اللواء علي محسن أقنعت الجميع على الإقدام على ذلك القرار.
* ماذا عن الثورة في اليمن، إلى أين وصلت.. إلى النجاح أم هي إلى الفشل أقرب؟
- وصلت إلى مرحلة حفظ أمن واستقرار اليمن، و إلى وقف التدهور والاتجاه إلى الهاوية، و إلى وقف النزيف في الجسم اليمني وتوقيف توسع الجراح. وباستكمال بنود المبادرة الخليجية وبرنامج الرئيس هادي والحكومة، سيتعافى الجسم اليمني إن شاء الله.
* الناس يتساءلون في الشارع، وكانوا يحلمون بتغيير جذري، يصل إلى المفاهيم الثقافية في المجتمع، لكن ما اتضح كما يقول الكثير أنَّ النظام ثار على بعضه وأنَّ التغيير المنشود لم يتحقق، ما تعليقك؟
- هذا الشعور الذي يشعر به المواطن، هو شعور صحي وايجابي والمفروض أننا نعيش وتصوراتنا وطموحنا إلى أبعد مدى، فالعهد الماضي الذي أستمر ثلاثة عقود خلق عند الناس شعور محبط وحالة يأس من إصلاح الأمور في بلادنا، إلا أن الثورة الشبابية أحيت الأمل في نفوس اليمنيين وأوجدت بارقة أمل وحالة تفاؤل في إخراج اليمن من النفق المظلم الذي عاش فيه فترة طويلة من الزمن. وارتفعت حالة الطموح والتلهف إلى يمن جديد، وبطبع البشر عامة واليمنيين خاصة في الاستعجال في أمرهم، تولد شعور أن الوضع لم يصل إلى المرحلة والنقطة التي كان الجميع متفائلاً بالوصول إليها. إلا أن الوضع الذي نعيشه يومنا هذا يختلف عن اليوم الذي يقابله من السنة الماضية. فالحمدلله توقفت العجلة في الاستمرار في الحركة إلى الأسفل وأبتعد اليمن عن الحرب الأهلية واستقرت الحالة الاقتصادية، هذا هو المهم حالياً، التوقف ومن ثم المضي قدماً إلى الأمام مع تغيير الطريق السابق وكذا آلياته ووسائله والقائمين عليه.
* هل تعتقد أنَّ هذا التغيير سيصل إلى عمق البنية الاجتماعية، بثقافتها وهو ما لم تحققه ثورة 1926 حتى الآن؟
- هذه النقطة في غاية الأهمية، وإن لم ننجح في الوصول إلى تغيير جذري وبطرق علمية منهجية فلن نقدر على انتشال بلادنا من ما هي فيه. والوصول إلى عمق البنية لازم وحتمي في تكاتف الجميع والعمل بروح الفريق الواحد لتغيير مفاهيم وثقافات خاطئة
* كيف يمكن الوصول إلى ذلك العمق؟
- هنا لابد من إيجاد وسائل وآليات جديدة وخطط علمية مجربة. وهذا الوضع لن يكون إلا بإرادة سياسية صادقة وحازمة وجريئة للمضي قدماً في إيجاد حالة تموضع جديدة لليمن الجديد.
* سقط نظام الرئيس علي عبد الله صالح كما يقول البعض، أو سقط صالح وبقي نظامه كما يقول آخرون، لكن المشهد تمخض وأفرز صراعا جديداً له روائح طائفية، كيف تقيم أنت خطورتها؟
- دعني أقول لك: أننا في الماضي كنا في وضع صعب، وحالياً نحن في وضع خطير إما أن ننجح في تجاوزه أو الاستسلام للتيار الجارف. والصراعات التي ظهرت وزادت هذه الفترة هي صراعات من أجل ملئ الفراغ الذي تركه الرئيس السابق وأسرته وأنسابه ومقربيه، وهي مرحلة جديدة من الاستقطابات والتوسع والبحث عن مناطق نفوذ جديدة وهامة لكل القوى على الساحة، خيّرها وشرها، وهناك البعد الخارجي ماثل للعيان. وهذه حالة طبيعية في مثّل وضعنا الذي نعيش فيه. إلا أن الجهود التي تُبذل حالياً من قبل الجميع والدخول في الحوار والجلوس إلى طاولة حوار جدية ستعمل على تلاشي وتغييب لأصحاب المشاريع والأجندات غير الوطنية، وما كان لله سيبقى وما كان للشيطان سيذهب وأصحابه.
* نتحدث عن الصراع الإصلاحي الحوثي، أو الإصلاحي الليبرالي، لماذا اتفقوا على الثورة ثم اختلفوا على نتيجتها، وبدأت الصراعات تظهر بشكل واضح خصوصا في الساحة؟
- في الماضي اتفق الجميع على هدف واحد هو إزاحة النظام السابق أو القائمين عليه، وعند التأكد من نجاح ذلك الهدف، اختلف الشركاء في كيفية استثمار ذلك الغياب. وهناك أطراف من قوى الثورة كانت لها أجندات معلنة وغيرها مخفية، وبدخول جزء من الجيش بقيادة اللواء علي محسن وكذا دخول شخصيات قبلية لها وزنها إلى ساحة الثورة كآل الأحمر، اختلطت الأوراق عليهم، وأصبح لزاماً على تلك القوى تغيير وإلغاء بعض الأهداف المخفية. وهنا ظهرت الاختلافات بين القوى المختلفة أصلاً. وتأكد الجميع أنه لا مجال لتنفيذ الأجندات الشخصية، على الأقل البعض منها.
* ماذا عن تحالف المؤتمر الشعبي العام بالحوثي، هناك من يقول أن هناك تحالف واضح بين المؤتمر والحوثي، من أجل إفشال حكومة الوفاق؟ هناك وثائق تثبت حصول الحوثي على أسلحة من قيادة الحرس بأمر علي عبدالله صالح؟
- للأسف فإن من خرج من السلطة يعمل بكل ما أوتي من قوة على تثبيط وإعاقة الرئيس والحكومة من أجل إحراز ما عجز عن عمله في السابق. وهنا نرى التحالفات المشبوهة بين خصوم الأمس وحلفاء اليوم والذي جمعهم هدف واحد هو منع الرئيس من النجاح، وكلاً له هدف من استمرار اليمن في متاهة. فطرف يهدف إلى جعل اليمن في حالة فوضى حتى يضمن أن يقول الناس أن العهد السابق كان أفضل، وطرف يبتغي من استمرار الفوضى التوسع وتنفيذ أجندة طهران في اليمن. والمعيب والمؤسف والمحزن أن نرى إمكانيات الحرس الجمهوري وإمكانيات المؤسسات التي لازالت بيد أعداء الثورة تذهب إلى جماعات متطرفة وصاحبة أهداف داخلية وخارجية تدميرية. وترك القائمين والعابثين على رأس تلك المؤسسات التي صارت تنفذ أجندات مشبوهة هو عبث وتأخير قاتل. وأنا على ثقة إن بادرت القيادات الشريفة داخل صفوف المؤتمر وبقوه في إعادة هيكلة المؤتمر، سيستمر هذا الحزب العريق وسيشارك بقوة في بناء اليمن، لأننا لا نريد للمؤتمر التلاشي والاضمحلال حتى يحدث توازن على الساحة وعدم السماح بقوة فردية في التحكم بمجريات الأمور في اليمن، وعلى والمؤتمر قبل الهيكلة التخلي عن الأثقال التي تجرهم إلى القعر حتى ينجحوا في الولوج إلى المستقبل الذي رسمه شباب وشابات الثورة. وعلى شرفاء المؤتمر تناسي المرحلة السابقة عندما كانوا حزب السلطة أو الحزب الحاكم أو بالأصح حزب الحاكم، فتلك المرحلة كان المؤتمر كمدن الساحل، تستقبل الناس من جميع الأجناس وكلاً له أجندته ومراميه، وبالتالي إعادة بناء كيانهم بأسس صحيحة تعتمد الكيف لا الكم، ومتى ما حصل ذلك سيكون لديهم القدرة في الانطلاق إلى أفق جديدة ورحبة.
* قلت أن إمكانيات الحرس الجمهوري وبعض المؤسسات لا تزال بيد أعداء الثورة وبالتالي تذهب إلى جماعات متطرفة، ما هو موقف الأخ الرئيس من هذا العبث بإمكانيات الحرس الجمهوري والمؤسسات الأخرى؟
- بالتأكيد موقفه موقف مشرف، وقد أصدر قرارات كثيرة صححت مسار ووضع القوات المسلحة, ولازال أمامه الكثير لتصحيح اعوجاج ثلاثة عقود.
* أين يقف الحوثيون من مسار العملية السياسية؟
- في مسار غير واضح حتى اللحظة.
* هل هناك إمكانية لتحول حركة الحوثي من حركة مسلحة إلى حركة سياسية مدنية؟
- لا أعتقد، فمن وجد بالدم والظلم وعلى أجندات مشبوهة، سيظل عايش عليها، والثمار من نوع البذار والبداية تدل على النهاية والبدايات تدل على النتائج. وفي اعتقادي أن الحوثيين لن يظلوا كياناً متماسكاً في وقت السلم، ولذا يحاولوا الاستمرار بحالة الحرب حتى يستمروا وينموا. ودخولهم العلمية السياسية سيقضي على أحلامهم غير الواضحة المعالم، ومن له برامج غير واضحة سيكون الزوال نتيجة منطقية له. وجماعة الحوثي لا تعرف إلا سياسة المطرقة والمسمار، هم المطرقة ومن خالفهم مسامير!. وأتمنى منهم الانخراط في العملية السياسية والإسهام الفعال في بناء الوطن، وهم من اليمن وأخوة لنا ونحن أخوة لهم, وكفى ظلم وانتهاك لحقوق بعضنا البعض.
*بما أنك كنت سفيرا لليمن بسوريا، هل أنت على إطلاع بالبعثات الحوثية التي كانت تنطلق إلى سوريا ومنها إلى إيران وإلى ماذا كانت تهدف برأيك؟
- كانت سورية ولازالت بوابة شر على اليمن ودول الخليج، فهي بوابة إيران إلى الشرق الأوسط، وكنت اعلم بتسهيلات سورية لأشخاص كثّر ممن يريدون الشر باليمن، وليس الحوثيين على وجه التحديد، كما كانت دمشق نقطة عبور إلى طرابلس الغرب إضافة إلى طهران وقم، وكان السوريون يخفون دورهم في تلك التسهيلات ونظامنا السابق كان للأسف لا يكترث إلا لتحصين نفسه أمام شعبه.
* إيران تلعب دور محوري حاليا في اليمن عبر الحوثيين وغيرهم، لماذا برأيك تركز على اليمن باهتمام واضح؟
- إيران لا تريد اليمن بحد ذاته، ولا الحوثيين فحسب، فمن سينفذ لها أجندتها في أي أرض ستتعامل معه. الهدف من نشاطها في اليمن هو الخليج وإزعاج المجتمع الدولي، فطهران تستخدم هؤلاء كأوراق تفاوضية أمام المجتمع الدولي لتمرير أجندتها في المنطقة العربية وبرنامجها النووي. وهي تسعى لفصل الجنوب لمعرفتها المسبقة أن الجنوب لن يستقر وسيدخل في دوامات عنف، يسهل عليها التموضع في عدن وحضرموت والمهره، للتأثير في سير الملاحة البحرية في البحر العربي وخليج عدن ومضيق باب المندب إضافة لمقدرتها على التأثير في مجريات الأمور في مضيق هرمز، وسعيها الدؤوب في زرع بؤر لها في الصومال وسيناء عبر دعم الجماعات التكفيرية والدموية، وجماعات القتل وتشريد الشعوب.
* هل لذلك علاقة بالنظام السوري؟
- علاقة وثيقة وراسخة، إلا أن النظام السوري لم تكن تعنيه الأهداف الإيرانية في المنطقة، وما يهمه هو استمرار دعم طهران له ووقوفها إلى جانبه.
* قل لي بصراحة.. كيف كان الوضع بسوريا، وهل كان يستدعي قيام الثورة التي أوصلت سوريا إلى هذا البحر الممتلئ بالدم السوري؟
- الثورات العربية هي ثورات كرامة قبل أي شيء أخر، فتونس كانت في وضع اقتصادي أفضل من كثير من الدول العربية، إلا أن الكرامة كانت مهدورة، ولذا ثار الشعب التونسي. ولذا فالإنسان لم يولد يأكل ويشرب وينام فقط، فكرامته وعزته وامتلاكه قرار نفسه وحريته أهم من أي شيء أخر. فكما هو معلوم للجميع أن النظام السوري حكم شعبه بوسائل تتنافى مع الكرامة والعزة والحرية. والنظام السوري لم يدرك أن شعبه شب عن الطوق وتغير وتطور، وبالمقابل فهذا النظام البائس لم يطور نفسه ويتماشى مع تطلعات وهموم ومطالب الشعب السوري. ولذا ما كان أمام الشعب السوري إلا التماشي مع موجة التغيير الآتية رياحها من جهة المغرب بعد أن فقد الآمل في صلاح ذلك النظام الدموي. وفعلاً خرج بمسيرات سلمية تطالب بإصلاح الوضع ثم تطور ذلك الوضع إلى المطالبة بتغيير النظام بعد أن رأوا وسائل القوى الأمنية في مواجهة تلك المسيرات السلمية. وتطور الوضع إلى إن أصبح وضع فريد وشنيع ومؤثر يجعل من الحجر تنطق استنكاراً للقتل والتدمير والتشريد الذي جوبه به الشعب السوري من قبل بشار وشبيحته.
* هناك من يقول أن ما يجري في سوريا مؤامرة واضحة ومدروسة لإسقاط حلف الممانعة كما يقولون؟
- لمن يقول أن ما يجري في سورية هي مؤامرة كونية من أميركا وحلفائها، أقول لهم لماذا لم تسقط كوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا نتيجة لمؤامرة من أميركا مع العلم أن هذه الدول في عداء دائم ومؤثر على المصالح الأميركية باستمرار. والجواب أن جبهات هذه الدول موحدة خلف قياداتها، ولا يوجد ظلم مجتمعي طاغي في الداخل وإن وجد فشعوب تلك الدول راضية، ولذا لن تقدر أي جهة التأثير على دولة ما دام كانت تلك الدولة في وئام مع شعبها. كما أن العراق لم يسقط برغم الحصار والعقوبات والحروب التي شنت عليه والتي كانت سورية وإيران مع الغرب في جبهة واحدة ضد العراق في عام 1991م. ولم يسقط ذلك البلد إلا بحرب مباشرة من اميركا وحلفائها وإيران. ولذا فإن ما يحدث في سورية ثورة كرامة ضد طاغية، ومن يناصر الطاغية بشار فإنه مشارك في قتل الأبرياء حتى ولو كانت المناصرة بالكلمة. ولذا أنا أقولها أني ضد الظلم في أي شبر على وجه الأرض.
* ما هي أبرز المصالح التي تربط اليمن بسوريا؟
- تبادل تجاري في حدود دنيا وبميزان تجاري لصالح سورية، لان دمشق كانت تفرض مئات القيود على حركة وانسياب المنتجات من بلادنا إلى سورية في حين أننا باب مفتوح لسورية وغير سورية للأسف.
كما أن بيننا اتفاقيات في المجال التعليمي والتدريبي يصل إلى مائة منحة سنوياً وبشكل متبادل، والخلاصة أن أي دولة عربية لا تقدر الدخول في استثمارات متبادلة مع سورية إلا ما كان لصالح دمشق، فالمعوقات السورية كانت كثيرة وكبيرة تجاه التوسع الاستثماري العربي، في حين أن التسهيلات كانت غير محدودة لإيران.
* هل لديك معلومة عن أبرز الشخصيات اليمنية التي لها علاقة بالنظام السوري، كونك كنت قريبا من المشهد السوري واليمني في آن واحد؟
- النظام السوري منغلق مع الجميع ودعمه محدود حتى لمن مرتبط بهم كحزب البعث، بل أنهم ينظرون لمن يأتي من اليمن من بعض أعضاء وقيادات حزب البعث في اليمن نظرة سخرية، بحجة أن هؤلاء جاءوا لمقاسمتهم أرزاقهم. وللعلم فإن هؤلاء لا يتعدى عددهم أصابع اليد.
*عرفتم الرئيس صالح عن قرب، فهل تعتقدون أنه يساهم في عرقلة أداء الحكومة؟
- الرجل يعشق الإعلام حتى ولو بصورته السلبية، فهو يتلذذ عندما يكون في دائرة الأضواء حتى السلبية منها، وبالتالي يعمل بجهده على تثبيط كل جهود الرئيس هادي وحكومة الوفاق ويدعم كل معارض وساعي لتقويض الاستقرار. وأنصح في هذا الجانب وسائل الأعلام بنسيان هذا الرجل وعدم التعرض له والالتفات إلى البناء كما انصح بعض وزراء المشترك بالعمل بجد وصدق وعدم تجيير أي فشل لهم على صالح أو غير صالح، فعجلة البناء لن تقدر على إيقافها أي قوى ما دام الجميع يعمل بصدق. ولا نكرر أخطاء النظام السابق عندما كان يرمي بفشله على نظام ما قبل الثورة، وداوم على التشنيع بالأئمة ثلاثة عقود.
* لماذا يسعى المؤتمر برئاسة علي صالح لإفشال الحكومة، رغم أنه يسيطر على نصفها؟
- هوس السلطة وفقدان البصر والبصيرة وحقداً على من ساهم في إخراجهم من السلطة التي كانوا يرسمون لأنفسهم الاستمرار عقوداً طويلة في السيطرة وحكم هذا الشعب المظلوم، ونحن نعلم جيداً أن المؤتمر هو صالح وأبنائه ودائرة ضيقة من المنتفعين معهم، هذا هو المؤتمر رغم أن هذا الحزب يضم كوادر من خيرة أبناء اليمن ولازال كثير من الشرفاء داخل هذا الكيان، إلا أنهم لا يشاركون في صنع القرار. ونصيحتي لهم إما أن يكون لهم صوت مسموع أو يغادروا هذا الحزب، وترك من يتعامل معهم كديكور ليس إلا. والشعب كان معول على رجالات المؤتمر في بناء الوطن، ولكن كيف سنثق بحزب جل قيادته الفعالة هم من طالبي المصالح الخاصة، ففي منتصف عام 2011م، أستلم أحد قيادات ذلك الحزب ويدعي (س، ب) ثلاثة مليار ريال يمني من الرئيس السابق لتمويل تجار الجُمع، وهذا فرد واحد!!!.
* هل تستطيع أن تذكر اسم (س، ب) الذي قلت انه استلم 3 مليار من الرئيس السابق لتمويل الجُمع؟ وما تقصد بالجُمع؟
- هو معروف وهو فرد من أفراد كُثر عبثوا بأموال الشعب خلال عام 2011، فالفساد المالي الذي حدث خلال 33عام، تساوى مع فساد 2011، وفساد 2011 تساوى مع فترة فساد من ساعة توقيع تنحي صالح وحتى انتخاب الرئيس هادي. أما الجُمع فأقصد بها أيام الجُمع من الأسبوع والتي كان أنصار صالح يجمعوا الموالين المدفوع لهم للصلاة يوم الجمعة والهتاف لصالح، وهؤلاء أسميتهم تجار الجُمع، لأنهم أثروا وجمعوا ثروات كبيرة من عملهم في تجميع المصلين وأشرافهم على مخيمات التحرير وتوزيع المالي والمأكل والمشرب للشباب المغرر بهم في التحرير.
* مسألة الارتهان للخارج، الواضح أن أغلب الجماعات الموجودة تدين بالولاء للخارج، الإصلاح والحوثيون والنظام وأغلب الجماعات تستند على دعمها من الخارج، كيف يمكن أن يكون لها قرار وطني وهي تستلم من الخارج؟
- أنا أزيد أيضا، والتي لم ترتبط بالخارج، تبحث عن ذلك الارتباط. للأسف أن النظام السابق ألجأ الكثير على الاستعانة بالخارج حتى يستمر ولذا نرى أن اغلب القوى على الساحة لها ارتباطات خارجية. وبالحوار الوطني سيظهر للشعب من يجعل من أولوياته اليمن ومن العكس من القوى الفاعلة على الساحة، وأصحاب المصالح الخارجية أؤكد لك أنهم سيذوبون وسيجرفهم التيار الوطني لان الشعب اليمني شب عن الطوق وأصبح في موضع يجعله يقول ما يريده ويخرج على من لا يريده.
* هل أنت متفائل بخصوص التغييرات التي يجريها الرئيس عبدربه منصور هادي؟
- متفائل جداً، وهذه التغييرات كانت بمثابة العملية الجراحية التي كان لابد من إجرائها لإنقاذ الجسم اليمني من الانهيار والموت. فتلك التعيينات كانت ضرورية وملحه لإنقاذ ما تبقى من مؤسسات الدولة.
* ما هو المطلوب من الرئيس الآن، بعد كل ما حدث من تغييرات؟
- الاستمرار في تطبيب الجسم اليمني بإرادته الصادقة وعزيمته القوية وولائه المطلق لليمن، ويجب علي الجميع كلاً من موقعه الوقوف معه ومساعدته ومناصرته وتشجيعه على إكمال العلاج الذي بدأ يأتي ثماره ونرى الأوضاع بدأت تتجه في الطريق الصحيح.
* قلت أن النظام السابق ساهم في سوء إدارة الوحدة وظلم الجنوبيين مرتين، وعبث بمقدرات ومشاعر وكرامة الجنوب، وحان الآن تصحيح الوضع، كيف يمكن أن يُصحح في ظل هذا الوضع المرتبك، وانقسام الحراك الجنوبي إلى طوائف وشيعا؟
- الرئيس السابق وعلي سالم البيض نائب رئيس الجمهورية السابق نجحا في إتمام ما بدأه الرؤساء السابقين من الشطرين في المضي قدماً باتجاه الوحدة، إلا إنهما فشلا في إدارة تلك العملية. فأي فرد يقدر بناء جامعة أو مشفى متطور إلا أن النجاح يكون في تأثيث وتشغيل ذلك المرفق بنجاح. وهنا نقول أنهما فشلا فشلاً ذريعاً. وبعد عام 1994م كانت الطامة الكبرى، فقد أدار الرئيس السابق الجنوب بعقلية متخلفة نتج عن ذلك نهب وتفريغ الجنوب من قوته البشرية والمادية والاقتصادية، وكانت حرب 1994م بداية الغرور لحكام الشمال أنذال( إضافة إلى نتائج انتخابات 2006م، وخليجي عشرين) وكان الجميع يتباهى بالعمران الذي حصل في المحافظات الجنوبية وتناسوا أنهم بنوا الأرض وهدموا كرامة الموطن هناك. كمن يأتي إلى أسرة ويقوم بحجزها وتشريدها وإضعافها مقابل بناء وترميم منزلهم، وهذا خطأ لم ندركه إلا الآن وبفضل الشباب الذين خرجوا وأخرجونا معهم إلى الميادين لمراجعة ما تم إنجازه خلال 33عاماً.
* أين أراضي الجنوب التي تم نهبها؟
- هل تعلم أن أراضي وممتلكات المحافظات الجنوبية وهبت ونهبت ودمرت وولي عليهم مسئولين في غاية السوء والبطش واللصوصية جعلت من ارض الجنوب أرضاً بوراً. وآن الأوان أن يرفع الظلم وتعود الحقوق وتسترجع الأراضي المنهوبة والمنازل المصادرة وتعويض من فقد وظيفته ومن فقد ملك له. وهذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على الوحدة المباركة وبشعار غير الشعار السابق "الوحدة أو الموت" وتغييره إلى شعار الوحدة الجاذبة مطلب الجميع.
* ماذا عن تفرق الحراك الجنوبي؟
- بالنسبة للحراك فقد بدأ بداية مطلبيه وأنتهي بمطالب وأجندات غير وطنية ولا أقول الجميع إنما بعض فصائل الحراك. ونصيحتي لهم أن يتوحدوا في ما يصلح الأمور في الجنوب وعدم الانجرار والتأثر بمظالم الأمس والاشتداد إلى مرحلة مهدي مقوله وغيرهم، وليتعاملوا مع اليمن اليوم والتي هي ملك الجميع وستبنى بسواعد الجميع.
* هل تخاف على الوحدة ؟
- لا أخاف على الوحدة لان الجنوبيين وحدويين أكثر من الشماليين وقدموا وضحوا من اجل الوحدة أكثر من غيرهم وما حرب 1994 والنجاح فيها ببعيد، فقد كان الجنوبيين هم من سطروا البطولات في الحفاظ على الوحدة وتوقيف من أراد الانفصال في زاوية بعيده.
* بالنسبة للمطالبات الأخيرة بإخراج المعسكرات من العاصمة، ما تعليقك عليها؟
- قضية ملحة وهامة وضرورية، لان مهام الجيش معروفة ومهام الأمن معروفة ولذا فالجيش مكانه الطبيعي في الحدود وقوى الأمن في المدن. ولابد من اتخاذ هذه الخطوة خصوصاً بعد استكمال إعادة باقي وحدات الجيش إلى الملكية الوطنية، وتحويل جيشنا إلى جيش وطني يحمي كل الجسم اليمني، لا إلى جيش يحمي العائلة الحاكمة والنهدين فقط.
* هناك من يقول كيف تخرج المعسكرات من المدن، والمليشيات الحوثية وغيرها من الجماعات المسلحة تملأ المدن؟
- بالطبع لابد من الانتظار حتى الانتهاء من الحوار الوطني والتأكد أن أصحاب المشاريع الخارجية والشخصية عادوا إلى رشدهم أو تلاشوا وانتهوا، وعند ذلك نقدم على تلك الخطوة الضرورية.
*هناك من يقول ايضا بأن تلك المطالبات تستهدف اللواء علي محسن شخصيا، هل هذا صحيح؟
- اللواء علي محسن كان المبادر والسباق في المطالبة بخروج المعسكرات من المدن وأقترح عندئذ بتحويل موقع الفرقة الأولى مدرع إلى حديقة عامة لعامة الشعب وتحويل تلك البقعة إلى متنفس عام. إلا أننا في هذه المرحلة الحرجة والهامة، فلن يوافق شباب الثورة على خروج الفرقة ومعسكراتها لأنها أثبتت أن هذه المعسكرات هي ملك وحامية للشعب، ولو أن الفرقة لم تناصر الثورة لكان وضع اليمن لا سمح الله أسوأ من سورية.
* "مقاطعا".. شباب الثورة هم من يطالب بإخراج المعسكرات بما فيها الفرقة؟
- قوى الثورة لها رؤيتها في هذه المسألة كما أن تقدير ورؤية الرئيس لها حسبتها، وبالتالي فإن مكون أو عدة مكونات شبابية ليست ممثلة لقوى الشعب أو الثورة، ولابد من التأني واتخاذ القرارات والمضي فيها يحتاج إلى وقت وتفكير وإعداد حتى نجنب البلد السقوط في الهاوية، لآن اصلاح الأمور يحتاج إلى وقت وتخطيط وتفادي الآثار السلبية لأي عملية علاجيه. إلا أن اليمن في الطريق الصحيح ولو كنا نسير بخطوات متأنية.
* هل تؤمن بنجاح الحوار في اليمن رغم ان الدراسات تؤكد أن 80 بالمائة من الحوارات في العالم باءت بالفشل، خصوصا مع طبيعة التعقيدات اليمنية؟
- اليمنيون أرق قلوباً وألين أفئدة، وبالتالي فخصوصية اليمن هي ظاهرة إيجابية وليست سلبية، وأنا على ثقة أن الجليد سيذوب ويتلاشى من أول جلسة لجلسات الحوار بين الفرقاء، ومؤتمر الحوار القادم هو مؤتمر حقيقي وليس صوري كما كان في المستقبل.
* ما هي توقعاتك لمصير علي عبدالله صالح وعائلته، خصوصا المتبقين منهم في الحكم، مثل نجله أحمد علي؟
- المصير بيد الله سبحانه وتعالي، لكن إن لم يستوعبوا الواقع ويقرءوا الحاضر ويتنبئوا بالمستقبل ويتعضوا من الماضي، فأكيد سيكون وضعهم ليس أحسن ممنّ سبقوهم من الطغاة. والأفضل لمن لا زال منهم في مؤسسة من مؤسسات الدولة الاستقالة وترك الشعب يقرر مصيره بنفسه، خصوصاً بعد أن فشلوا فشلاً ذريعاً في تحقيق أي مطلب أو طموح للشعب اليمني، بل بالعكس كانوا عامل تأخير وتثبيط وإهدار وتفريط بممتلكات الشعب في الشمال والجنوب والشرق والغرب. والأهم من ذلك أهدار لكرامة المواطن اليمني وجعله متسولاً لدى الآخرين، في حين أن صالح وأبنائه وأعوانهم يمتلكون 90% من ثمار وخيرات الوطن اليمني المنتجة منذ 33 عاماً.
* أخيراً.. هناك مثل روسي يقول من يستيقظ مبكرا يستولي على السلطة، برأيك من الذي استيقظ مبكرا في اليمن؟
- شباب الثورة الشرفاء، أحرار وحرائر اليمن الذين خطوا بدمائهم وأرواحهم مستقبلاً جديداً لهذا الوطن العظيم.
* السلطة الآن بيد الأحزاب نصفها بيد النظام السابق ونصفها بيد "شيوبة" المشترك كما يقال يا أستاذ، أين شباب الثورة من السلطة، لا يوجد لهم أي وجود؟
- شباب الثورة هم رواد الثورة ولهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى، وحتى نكون صادقين مع أنفسنا، فإن الوزارات لابد أن تكون بيد أصحاب الخبرات والكفاءات ومن لهم باع طويل وتجربة طويلة في الميدان والشباب يفتقدوا لبعض المعايير، إلا أن الشباب مطالبين أن يستمروا في تأهيل أنفسهم في الجامعات والمعاهد العلمية والمهنية، كما عليهم التأطر في أحزاب للمشاركة السياسية وبناء البلد، وهم مخزون البلد الإستراتيجي من الكفاءات والطاقة المتجددة والعقول الحية والتي سنضمن من خلالها عدم التلاعب وحرف مسارات الثورة وأهدافها.