الفدرالية والنظام الاتحادي في اليمن بين القبول والرفض
مع استشراء حالة الإحباط في أوساط اليمنيين جراء غياب التنمية كان لا بد للقوى الفاعلة في البلاد من التوافق على نمط جديد للحكم ينعش الطموح نحو الأفضل.
ومن هنا جاءت فكرة إقرار اليمن دولة اتحادية مكونة من ستة أقاليم بعد حالة من الشد والجذب استمرت لأشهر بين الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني.
قرار رآه كثيرون أنه خطوة مهمة في اتجاه التغيير المنشود الذي طالب به اليمنيون، بينما اعتبره آخرون أنه هروب نحو المجهول واستجابة لضغوط خارجية أكثر منه تلبية لرغبة شعبية.
مطلب ثوري
وقال طلحة الزبير -القيادي في الثورة الشبابية بعدن في حديث للجزيرة نت- إن إقرار النظام الاتحادي (الفدرالي) يعد أحد المطالب الثورية لانتشال اليمن من حالة الانهيار والتمزق التي كانت تهددها قبل اندلاع الثورة الشبابية ضد حكم نظام الرئيس السابق على عبد الله صالح.
وفي حين رأى طلحة أن النظام الاتحادي من شأنه أن يلبي مطلب اليمنيين في التوزيع العادل للثروة والسلطة، أكدت الصحفية والناشطة في شؤون المرأة ابتهال الصالحي أن تحقيق ذلك مرهون بمدى نجاح تطبيق الوضع الفدرالي الجديد خلال المرحلة القادمة.
وقال في حديث للجزيرة نت إن النظام الاتحادي القادم قد يكون حلاً ناجحاً لمشاكل اليمنيين إذا جرى تطبيقه وفق شروط وأساسيات الحكم الفدرالي وتقبله المواطن ما لم يكن حكماً مركزياً متسلطاً تحت ستار الفدرالية.
وأكدت الصالحي أن نجاح الفدرالية في اليمن مرهون بمن سيتولى فيها إدارة مواقع الحكم من ذوي الكفاءة العلمية "وليس ممن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء أو المتهمين بقضايا فساد" حتى لا يتم إعادة إنتاج الفاسدين من رموز النظام السابق باسم الفدرالية.
جوهر النجاح
وبينما يرى البعض عدم إمكانية نجاح النظام الفدرالي ويطالب بنظام الدولة البسيطة، يؤكد خبراء اقتصاديون أن المركزية شكلت أحد أسباب الفشل الاقتصادي والفساد في اليمن ويراهن على فكرة النجاح للتأسيس لنظام لامركزي.
ويرى الخبير الاقتصادي صادق الحكيمي أن النظام الفدرالي له إيجابيات كبيرة في العامل الاقتصادي للدولة الاتحادية وتكون فيه فرص التركيز على خلق مشاريع استثمارية وفاعلة نتيجة المنافسة أكبر منه في ظل الدولة المركزية.
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن العامل الاقتصادي يعد جوهر النجاح بين الأقاليم كونه يحتم على الإقليم أن يكون نشيطاً اقتصادياً وبالتالي البحث عن مكامن القوة الاقتصادية في الإقليم واستثمارها واستكشاف الموارد الطبيعية والبشرية.
وأكد أن الاقتصاد في ظل الأقاليم نتيجة المنافسة يمنع ظهور الفساد الذي يعد الآفة التي تعاني منها اليمن وأن النظام الاقتصادي الفدرالي يعد أفضل بكثير لليمن كونه سينعكس بشكل إيجابي على اقتصاد الدولة الاتحادية.
التدخل الخارجي
من جهته اعتبر رياض الأحمدي -مؤلف كتاب "الفدرالية في اليمن"- أن خيار الدولة الاتحادية جاء استجابة لمطالب خارجية أكثر منه رغبة شعبية، وأن هذا الأمر أصبح مفروضاً على اليمنيين استغلالاً للصراع السياسي الحاد بين القوى الرئيسية وحاجة الناس إلى أي نوعٍ من التغيير.
وأكد في حديث للجزيرة نت أن خيار الدولة الاتحادية جرى الترويج له باستخدام وسائل النفوذ والإعلام لتضليل الرأي العام وترهيب من يعارض بوضعه في خانة المتهمين بعرقلة الحل.
وقال إن الدولة الاتحادية لن تحقق مصالح اليمنيين، وإن العائق الأول الذي ينتظرها هو الاقتصاد كون إدارة دولة اتحادية تحتاج إلى أضعاف الميزانية.
وأضاف "الدولة البسيطة تقوم على مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات أمام القانون والدستور الموحد، أما الدولة الاتحادية فتقوم على أساس التمايز والتنوع، وبالتالي ينعدم شرط المواطنة المتساوية الذي يطالب به السواد الأعظم من اليمنيين".