منذ أواخر العام الماضي 2008م والعالم بأجمعه يتجه نحو ركود اقتصادي.. يتجه نحو الأسوأ خلال العام الحالي.
ولذا فالدول تسارع لاتخاذ قرارات اقتصادية بغرض الحد من هذا الركود وتخفيف الآثار الاقتصادية ومن ذلك ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا واليابان وغيرها من ضخ مليارات الدولارات في المؤسسات المالية والانتاجية.
واليمن جزء من هذا العالم واقتصادها ضعيف وبحسب الاحصائيات والدراسات والتقارير الصادرة من جهات ومراكز أبحاث داخلية وخارجية موثوقة فإن الاقتصاد اليمني يمر منذ سنوات بأسوأ مراحله في ظل عجز الحكومة عن استقطاب الاستثمارات المحلية والخارجية بغض النظر عما ينشر في الإعلام الرسمي حول تسجيل المشروعات لدى هيئة الاستثمار.
الحكومة واستباقاً للأزمة المالية المتوقع حدوثها بسبب طول الاعتماد على النفط كمورد أساسي لتمويل الموازنة العامة للدولة والارتهان للقروض والمساعدات الخارجية ولعدم قدرتها على توفير موارد متجددة فقد سارعت إلى تخفيض الانفاق من الموازنة العامة من بعض البنود بما يترواح ما بين 30- 50% والشيء الغير متوقع هو أن تستمر الحكومة في تكليف البنك المركزي بإصدار أذون خزانة بعد أن درجت على ذلك خلال السنوات الماضية رغم أنها تعامل صريح بالربا المحرم شرعاً بالإضافة إلى تأثيراتها السلبية على النمو الاقتصادي.
وقد حاولت الكثير من الدراسات تنبيه الحكومة للآثار السلبية للسياسات المالية النقدية الانكماشية على الاستثمار ففي ورقة عمل صادرة عن اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى بعنوان "انحسار دور الجهاز المصرفي ورأس المال الوطني في الاستثمار" تم القول إن ما يثير القلق والدهشة تلك الأرقام الواردة للموارد المالية الهائلة لدى الجهاز المصرفي المجمدة والتي لا تؤدي وظيفة استثمارية حيث أشار البنك المركزي إلى أن هناك أكثر من مائتي مليار ريال في شكل أذوانات خزانة وشهادات إيداع لدى البنك المركزي بلغت فوائدها ستة وعشرين مليار ريال يمني وأن إجمالي رصيد صناديق التقاعد يصل 80 مليار ريال وأن ايداعات البنوك 127 مليار ريال كان ذلك قبل خمس سنوات.
وأشارت الورقة إلى أنه من المؤكد أن عدم أداء هذه الأموال الطائلة لوظيفتها الاقتصادية يضر بالمصلحة الوطنية الاقتصادية والمالية ضرراً بليغاً، أما بيان الرقابة السنوي عن الحسابات الختامية للعام المالي 2007م والصادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والذي قدم لمجلس النواب في 18/ 10/ 2008م فقد أشار إلى أن هناك حاجة لإجراء تقييم شامل لآثار أذون الخزانة في ظل تنامي فوائد الدين المحلي وما يمثله من ضغوط على الموازنة بالإضافة إلى تواضع قدرتها على سحب السيولة من الأفراد والقطاع الخاص ولتأثيرها السلبي على دور القطاع المالي في دعم وتمويل خطط التنمية الاقتصادية.
ويظهر التقرير كيف أن مصانع اسمنت باجل والبرح تعتمد على أذون الخزانة في تحقيق الأرباح وليس على كفاءتها الانتاجية حيث تمثل ما نسبته 241% من إجمالي الفائض المحقق على مستوى المصنعين.
وبدلاً من أن تكلف الحكومة وزراءها وخبراءها الاقتصاديين بدراسة أفضل السبل لإنقاذ الاقتصاد وتطويره بما يعمل على إيجاد موارد دائمة متجددة وتوفير فرص عمل والابتعاد عن السياسات الانكماشية إلا أنها استمرت في الإعلان عن إصدار أذون خزانة جديدة ضاربة عرض الحائط بالمصلحة الاقتصادية الوطنية وبحق المواطن في تحسين مستوى معيشته.
د/ سعيد عبدالمؤمن أنعم
___________
صحيفة الناس