[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مخاوف 7/7 القادم.. وخطورة المسيرات المؤيدة للوحدة

كان أمام السلطات وقت كافٍ للحيلولة دون تصعيد الأحداث يوم 7/7 القادم.. ذلك أن الحراك أعلن منذ شهور أن في هذا التاريخ سيكون الخروج العظيم والعصيان المدني العام أحياء لذكرى ما يصفونه ب"الاحتلال" وتدشيناً لشرارة ما يسمونه "الاستقلال".

وللتاريخ ندون هنا أن السلطات القائمة كانت بدأت منذ سنوات تتحاشى الإشارة أو الاحتقال بذكرى انتصار "الشرعية الدستورية" 7/7 لكنها يوم أمس أعلنت عن مسيرات حاشدة في هذا التاريخ تؤيد الوحدة وفي كافة المدن سعياً منها ،على ما يبدو، إلى خلط الأوراق على الرأي العام الداخلي والخارجي.. وفي مثل هذا الإجراء الرسمي مستويات عديدة من الخطأ منها:

- عدم ضمان حدوث مصادمات بين المسيرات المؤيدة والمعارضة وسقوط ضحايا وحدوث شغب..

- تكريس غير مقصود أن الوحدة في خطر يؤدي نتيجة غير مقصودة أن الوحدة في خطر حقيقي..

- القاء مهمة الحفاظ على الوحدة والسلم الاجتماعي من كاهل الدولة ومؤسساتها الحكومية والأمنية إلى كاهل المواطنين.

- المسيرات العارمة المؤيدة للوحدة في هذا التاريخ يعطي نتيجة عكسية، إذ سيصبح "7/7" عنواناً على قنوات العالم وسيبدأ الآخرون الذين لم يكونوا يعرفونه بالتساؤل عنه..

- إحداث شروخ مجتمعية في بعض المحافظات الجنوبية بين المؤيدين والمعارضين وكذا ممارسة ضغوط هائلة على السلطات المحلية قد يدفع بعضها للتنصل عن مهمة الحشد المضاد الذي لا طائل منه وبالتالي توسع دائرة المنضمين إلى صفوف الحراك من صفوف الوحدويين. كما يُحدث أزمة ثقة في حال فشل عمليات الحشد بين السلطة المركزية والسلطات المحلية.

وعلى السلطة أن تعي أن جزاء كبيراً من سلاح وذخيرة الطرف المغلوب (في 7/7) لا يزال في حوزة المواطنين المندرجين في معمعة الحراك ما يعني ضرورة الحذر من عواقب التصعيد خصوصاً أن مقاتلي الحراك أعتى من متمردي الحوثي وكثير منهم كانوا قادة عسكريين وجنوداً مدربين.

وأياً تكن المخاطر المحدقة والأخطاء المتراكمة فإن الوحدة أمر واقع وكل حل ضمن إطارها هو الأفضل والأسهل والأشرف.. وهذا يحتاج إقناعاً للجماهير التي تركتها السلطات فريسة للفساد والفقر ودعاية للطرف للطرف الذي يريد إعادة البراميل.

ما لا تعرفه السلطة أو حتى بعض قادة الحراك هو أن الكثير من الجماهير الخارجة ضمن مظاهرات الحراك إن لم يكن أغلبها ليست انفصالية.. لكنها تجد في الحراك مصلحة عامة جسدتها السلطة بوضوح حتى من خلال تذكرها المتأخر أن الفريق الشهم عبدربه منصور هادي هو نائب رئيس جمهورية.. وكذا يجب ألا يغيب عن الحسبان فرضية أن خطاب البيض 21/5 الماضي قد أدى إلى اختلاف فعاليات الحراك حول بعض مدلولات التحرك وتواريخه، وهو ما ليس مؤكداً تماماً لكنه ليس مستبعداً..
تجربة التظاهرتين المتضادتين في الضالع (مع الوحدة وضدها) لا تصلح أنموذجاً للقياس، إذ الضالع محافظة متكونة من مديريات نصفها كان تابعاً للشطر الجنوبي والنصف الآخر للشمالي قبل إعلانها محافظة في ظل دولة الوحدة.

ولا يعني هذا انعدام أغلبية وحدوية في الجنوب.. لكن هذه الأغلبية ليست مستاءة من الحراك، ولا تريد أن تتورط في استعدائه، لأنها تدرك ما لا يدركه الآخرون فيما يتعلق بالخيط الفاصل بين وجاهة التحرك واستحالة الشعار..

وبالنسبة لهذه المسيرات التي تنوي السلطة اخراجها تأييداً للوحدة فهي موسم للفساد المالي، إذ أن القيادات الوسطية وما فوقها سيطرحون فواتيرهم للسلطة بعشرات الملايين لقاء إخراج الناس للتظاهر مع الوحدة، ليس لأن الناس غير وحدويين، بل لأن الوحدة لا تحتاج إلى التظاهر، لذا فعقلية النهب واللصوصية هي ما يدير قرارات السلطة وسياساتها حتى في ظروف خطيرة وحساسة كهذه.

إلى ذلك هناك دلالات على هامش هذا كله منه أنه إذا كان الحراك يدعو الجماهير والسلطة تدعو الجماهير فمن هو الدولة إذن؟ لا عزاء ولا تعليق.. واليمنيون اليوم للأسف.. أمامهم خيار مرحلي بين مستويات من السوء: السلطة الحراك، المشترك.. والأخير اكتفى بتظاهر توكل كرمان وصويحباتها من جمعية الإصلاح عند "حائط المبكى" المقابل لرئاسة الوزراء، وللعميد ناصر النوبة كل الحق في سلخهم بمقاله المنشور في "نشوان نيوز"، إذ تذهب الأحداث يوماً عن يوم أن المشترك كذبة إعلامية كبيرة صنعتها خطابات الرئيس!!

لقد حاول هذا المسمى المشترك سحب البساط والدعوة إلى حراك شمالي، لكن الذي حدث هو أن الغباء والعناد سحب البساط على الجميع، وتبدو السلطة أقدر على إيجاد حراك شمالي وجنوبي لا داعي له. وأضراره عميقة..

وبرأينا أن أحد الحلول الممكنة يتمثل في إعلان السلطة قبل 7_7 السماح بالتظاهر شريطة عدم رفع شعارات انفصالية أو إحداث شغب، ومن خالف فالقانون ينتظره حتى لو كانوا بالمئات.. ولتقل بعدها "هيومان رايتس ووتش" ما تريد.. هذا كإجراء مرحلي لتجنب مأساة 7/7، أما بعد ذلك فليس أمام السلطة إلا ترتيب إجراءات المغادرة، لأنها فشلت في إدارة الشأن السياسي والاجتماعي والثقافي، ونجحت في إعادة الداعين إلى الإمامة والانفصال بكل بجاحة..

هذه السلطة قالت أنها أنشأت جامعات، لكنها قتلت التعليم، وقالت إنها حققت وحدة، وعمدتها بالدم، لكنها أذهبت الود وأوجدت الشرخ. والتنمية في نظر رئيسنا الوحدوي هي مجرد مشاريع، ورغم ضحالة هذه المشاريع المنفذة إلا أن الوطن هو معنى كبير في قلوب المواطنين. لقد قتلت السياسات الخاطئة هذا المعنى في الكثير من القلوب، وبالتالي فالانفصال بالمعنى العميق حدث على أرض الواقع، وإن لم يكن على هيئة دولة وراية ونشيد..

هنالك من سوف يأتون في الوقت المناسب واضعين الحد القاطع لهذه المهزلة فعلى أجفاننا دموع لا تسيل، وفي أنيابنا غضب ناضج، وبين ضلوعنا برنامج مختلف عن كل هؤلاء.. وغداً سيعلم الجمع لمن عاقبة الدار..

زر الذهاب إلى الأعلى