بعيداً عن تصعيدات الثورة الخضراء -لا البرتقالية- في إيران، والشد والجذب الأميركي الأوربي الإيراني حولها،وما يتبع رفض المرشحين الرئاسيين للجان المكلفة بإعداد تقارير حول الانتخابات مرفوضة النتيجة..
ونزول المرجعيات الدينية من على موتوسيكلات الشرطة حسب بعض المتابعين، وتشفي بعض الدول مما يحدث وسط "حديقة الأحزان"، وما فتحته من آفاق نقاش حول المؤسسات الدينية و"ولاية الفقيه" في إيران؛ نقترب في لبنان مما سماه اللبنانيون "ولاية (النبيه) بري" للبرلمان للمرة الخامسة على التوالي، مع "أمل عريض" في ألا تجبر الظروف قائد "حركة أمل" على إغلاق أبواب البرلمان هذه الدورة كما في الدورة الفائتة!
وبدون ثوران احتجاجات، وتلون الثورات والقمع بالهراوات وأزيز الموتوسيكلات، تولاها النبيه؛ وبمباركة دولية وتهانٍ عربية، سُمي سعد الحريري "دولة الرئيس". ويأمل الآملون خيراً للبنان أن يحالف التوفيق ابن "رفيق"، الذي يواجه -كما واجه أبوه الشهيد أيام سلطته الأولى- "ركام وطن وأطلال عاصمة وشظايا شعب"، وبلغة سعد البسيطة "عراقيل ومطبات" ظاهرة وخفية، ألِف على مواجهة أشباهها طوال السنوات التالية لاغتيال والده، وبرز وتدرج في الماضي من السنوات حتى صلب عوده، ونما وعيه السياسي إلى الحد الذي يؤهله لأن يجود على لبنان ب"السعد" بعد طول الشقاء والعناء، فيجعل لعمله نصيباً من اسمه؛
"حكومة السعد" التي بوركت ب"ولاية النبيه", واحتجت عليها عفوياً ثلة من كتلة المعارضة، أجرى دولة رئيسها "اختبار نوايا" لمعرفة "جدية تعاون" الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة المرتقبة والمؤمل في عدم احتوائها معارضين أو معطلين وأن تكون وطنية بحق وبمسؤولين وطنيين يسهمون في مشروع الحريري الوطني: "بناء الدولة"، بعيداً عن الصراعات والمعطلات المُمرِضات!
لقد عانى لبنان من "انفلونزا سياسية مزمنة" غيّبت هيبة الدولة، واستحضرت اقتتال العصبيات. ولهذا يلزم "دولة السعد" نفسه ببناء هذا الكيان بكائنات واعية لمشروعه، الذي يطيل عمر المواطن اللبناني -لا يقصف عمره- ويبقيه في أرضه دون أن يجوب في سماء غير سمائه، ويصون أمنه وأيضاً وحدته الوطنية بتمثيل اللبنانيين بصورة عادلة كما ينص دستورهم.
ولعل "بوادر اتفاق" بعض قوى السياسة اللبنانية (الآذارية) على بعض الشؤون السياسية تحد من العراقيل التي تبدو كثيرة للشيخ سعد المنتظر منه -حسب بعض الأطراف اللبنانية- طرح ما سيبنى عليه موقف المعنيين ب"المشاركة الفاعلة" في تكوين "حكومة وحدة وطنية.. حقاً"، تتكامل في إطار الهيكل التنفيذي برأسه الأول فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشيل سليمان، والثاني دولة رئيس الوزراء سعد الحريري، مع السلطة التشريعية بولاية نبيه البري.
قد لا تكون أيام سعد القادمة سعيدة جداً، بسبب روتين العمل الرسمي المعتاد إذا لم تطرأ مفاجآت سياسية غير متوقعة ولم يستعد لها. وسيسعد كثيراً إذا حط عن كاهله ما حطه دولة الرئيس السابق فؤاد السنيورة من هموم المسؤولية. ولكن سعادته ستكون أكبر بعد إرساء وإتمام مشروعه المرجو نجاحه: بناء دولة قوية تجلب "السعد" الحقيقي للبنان واللبنانيين، فيستعيد "البلد الصغير دوره الحضاري الكبير".