(1)يحكى –والعهدة على الراوي- أن سليمان بن عبدالملك كان مهيبا لا يجرؤ امرؤ أن يكلمه.. وكان وزراؤه قد استأثروا بشئون أغضبت العامة، فدخل عليه أعرابي فصيح اللسان، شديد العارضة، جريء الفؤاد، فقال له: يا أمير المؤمنين، إني مكلمك بكلام فاحتمله إن كرهته، فإن وراءه ما تحب إن قبلته.
قال: هات يا أعرابي قال: سأطلق لساني بما سكتت عنه الألسن أداء لحق الله وحق أمانتك، إنه قد أحاط بك وزراء اشتروا دنياك بدينهم، ورضاك بسخط ربهم، خافوك في الله ولم يخافوا الله فيك فلا تصلح دنياك بفساد أخرتك".
(2)
سيدي الرئيس القائد علي عبد الله صالح، أطال الله عمرك ورزقك صلاح النفس والبطانة,وحسن..الخاتمة!! وبعد:
بداية أود تجديد الاعتراف بأنني –كنت- أنظر إلى فخامتكم –ولست هنا مغاليا في القول – كزعيم كان استطاع أن يحقق لشعبه الكثير من المنجزات العظيمة، لكنك في الوقت الذي كنت، تدخل فيه التاريخ من أوسع أبوابه، هناك بعض ممن هم من بطانتك ومحسوبين على نظام حكمك، يحاولون وبشتى الوسائل والسبل إخراجك قسرا وطواعية.. وإحباط وتخريب منجزاتك وإجهاض دعواتك وتوجهاتك السليمة.. وتشويه مسيرتك.
وأظنهم -حتى الآن- قد حققوا –وما يزالون- نجاحات كبيرة ما كان لها أن تكون لولا مشاركتك وسماحك –للأسف الشديد-لأولئك "الآثمين" بتحقيق وإنجاح مساعيهم!!
(3)
سيدي الرئيس..
يؤكد التاريخ –وغدا سيتحدث بإنصاف، لأنه الشاهد الوحيد الذي لا يمكن –مطلقا- أن يؤجر ذمته، أو يبيع ضميره لأحد!!- إن آفة الحاكم بطانة غير صالحة تحيط به إحاطة السوار بالمعصم، فتكذبه النصح وتزيف له الحقائق، وتزين له المظالم والسقطات.. لذلك:
أناشدك الله أن لا تصغي لدسائسهم وخدعهم.. لأقرأ بعينيك.. لا بعيونهم، وأغلق بابك في وجوه الوشاة.. المتزلفين، فالمنافقون كثر.. وليس كل المحيطين بك يحبونك.. هم أول المنتفعين المتمصلحين، وأول من يصفق لك نفاقا وخداعا.. وهم أول من ينقلب عليك إن تبدلت الأيام، وتكالبت نوائب الدهر وصروف السياسة.
*"خذ العبرة من مواعظ الأمس، وشخوص الماضي القريب، وإن فعلت لوجدت أن من كان أول المتسابقين لحمل أحذية من "سبق.. كان أول المنقلبين عليه الشامتين به، الشاتمين وبأقذع الألفاظ في حقه بعد انقلاب الحال وزوال المصالح، وكذلك حقيقة (المطبلين) وحالهم في كل مكان وزمان"!!
(4)
*أناشدك الله وباسم المسئولية والإنسانية أن تكون للجميع وليس للخاصة الناجحين في خصخصتك!!
*أناشدك الله وباسم "17 يوليو 98" و"22 مايو90" و"27 إبريل 93+ 97" و"23 سبتمبر 99" و"20 فبراير 2001+2006".. أناشدك باسم كل الأشياء التي تظن وتعتقد أنها جديرة بذلك، وحتى باسم 7 يوليو الدامي في 94 وفي 2009، إن أردت أن تفتح نوافذ قلبك وعقلك وضميرك لآهات الناس على مختلف شرائحهم الاجتماعية وتوجهاتهم السياسية والفكرية، دون تمييز مناطقي أو استثناء فئوي.. أو تصنيف سياسي.
(5)
*هو الشعب –ياسيدي- حبه وحده الباقي.. ووفاؤه، إن وجد الإخلاص لا يتغير.
الشعب بمختلف توجهاته وفئاته: الذخيرة عند الشدائد، وفي الملمات والمحن.. "سلاحك الذي لن يسقط من يدك أبدا، ولن تتلقفه يد أخرى عليك.. وهو السهم الذي لن يرتد إلى صدرك".. ومكاسبه، وخاصة تلك التي كانت قد حققت كثمار طبيعية لمنجز في حجم وحدة الـ22 من مايو 1990، والتي تعد –بحق- ناموس عهدك "الذي من العيب الأسود" التفريط به أو الصمت والسماح بنجاح مساعي الانتقاص منه وإهداره.
بيد أنه لم يعد خافيا أن هناك ما هو أخطر وأكثر إيلاما من الانفصال الجغرافي.. يتمثل بالانفصال الروحي ورغبة الخلاص ولو عن طريق الأحقاد والكراهية بين اليمني وأخيه.. وما كان للمشاعر أن تتبدل لولا العبث بحقوق المواطنين وتجاهل استغاثات المقهورين.. وإقصاء الآخر.. والنيل من كرامته والانتقاص من آدميته.. والارتداد إلى عهد الشمولية والاستقواء بالجيش وحلفاء الفيد.. وأجهزة القمع.. وترهيب أصحاب الرأي.. وممارسة الابتزاز وحملات التخوين والتحريض ضد نشطاء العمل السياسي.. ومحاصرة الكلمة ومسخ التعددية واستهداف الصحافيين.. والتحكم بالمعلومات..
*وليس صحيحا ما يدعيه "البعض" من أن التعددية السياسية والحزبية والصحافة القوية والحقيقية، ليست بالضرورة عامل تقوية وتعزيز للوحدة اليمنية؟!
*لأن الشيء الثابت والسليم والحقيقة التي لا غبار عليها، ولا يمكن إلغاؤها هي "أن صمام أمان الوحدة اليمنية الوطنية يتجسد في حماية وتجذير مبادئ التعددية وتوسيع الهامش الديمقراطي في البلاد من خلال حماية حرية الصحافة، والانتصار ولقضاياها. والعمل الجاد والمخلص من أجل تعزيز البناء المؤسسي للدولة، والقضاء على مراكز القوى التي أصبحت تشكل دويلات وإقطاعيات كل من فيها يعمر بوريه"!!، والسماح بوجود توازن سياسي يقي البلاد والعباد ويلات الفردية والجهوية العشائرية.. وإتاحة الفرصة أمام الجميع للمشاركة في بناء اليمن.. وإقرار الحكم الرشيد. وإطلاق حق الحصول على المعلومة ونشرها.. وحق العمل والمشاركة لكافة أطراف المنظومة الديمقراطية كشركاء لا كإجراء!!
*وهذا ما يجمع عليه غالبية إن لم يكن كل أبناء هذا الشعب الواحد الموحد حتى يرث الله الأرض ومن عليها بكل شرائحه، وليس المثقفين والسياسيين فحسب.
ولا يختلف اثنان –أنا أحدهما- على أن أي تراجع في المسار التعددي، وكذا عدم العمل على تصحيح مسار الوحدة، وإحداث إصلاح سياسي شامل، والإصرار على الاستمرار في نهب الثروات وإغراق المواطن في دوامة الحاجة المعيشية، والشكوى الدائمة، وإفشال محاولات التمدن، ومأسسة الدولة.. ومواصلة استهداف حملة الأقلام الشريفة سواء عبر ملاحقاتهم واعتقالهم واختطافهم والاعتداء عليهم أو محاكماتهم، وتلفيق التهم إليهم أو إخضاعهم لسياسات الترغيب والترهيب والإذلال، كل ذلك سيؤدي- حتما- إلى اتساع مساحة التراجع إلى الخلف، وخلق انتكاسة كبيرة وأكثر من خطيرة لمشروع دولة الوحدة ولعل ما تشهده البلاد جنوبا وشمال الشمال من مظاهر تدمي الفؤاد وتجرح الضمائر الشريفة إحدى نتائج السياسات الخاطئة ومواصلة مشوار العبث والفساد.. وإطلاق الأيدي الآثمة للنهب.. وشراء الضمائر.. واستئجار الذمم.
*ذلك أن الديمقراطية باعتبارها منظومة متكاملة تتيح فرصة لجميع مكونات وفئات وتوجهات أفراد المجتمع.
(6)
ومثلما تبرز المساواة بين أبناء الوطن الواحد، وهي الطريق الوحيد لتماسك المجتمع وتلاحم صفوف أبنائه كضرورة من ضرورات الانتماء الوطني النزيه.
*فإن الجميع –وولي الأمر في المقدمة- معنى وملزم بالعمل الصادق للقضاء على بقايا نزوات الشمولية والتفرد، ومخلفات عصور الظلام والمفاهيم الخاطئة.. التي تفرض القول –مجددين مقولة فقيد الوطن الرمز محمد الربادي- لأولئك الذين لا زالوا متشبثين بالمثل "جوع كلبك يتبعك"، إن هذا الوهم باطل والإسلام يقول : جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، ويقول: اتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم، وحملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم.. "لو تعثرت بغلة في ساحل الفرات لكان ابن الخطاب مسئولا عنها". وقديما قيل: "حق على من ملكه الله بلاده وحكمه في عباده، أن يكون لنفسه مالكا، وللهوى تاركا وللغيظ كاظما، وللظلم هاضما، وللعدل في حالتي الرضا والغضب مظهرا، وللحق في السر والعلانية مؤثرا" وإنما هي كلمة حق لا خير فينا إن لم نقلها، ولا خير فيكم- يا فخامة الرئيس -إن لم تسمعوها.. اللهم إني بلغت .. اللهم فاشهد.