لم أتعود طوال سنوات عملي المهني على مدي أكثر من خمسة وعشرين عاما أن أرد على أي من الانتقادات التي توجه لي سواء من زملاء في المهنة على صفحات الصحف أو حتى في وسائل الإعلام المختلفة أو عموم الناس إيمانا مني بحق وحرية النقد والتعليق لكل ما يقدم إعلاميا وسياسيا وحتى فنيا.
وأن كل من يمتهن العمل العام عليه أن يقبل بآراء الناس فيما يقدم دون تبرم أو غضب بل يعتبر ذلك نوعا من النقد والتقويم الذي هو بحاجة إليه لتصويب أدائه، وتصحيح مسيرة عمله، ورغم التجاوزات التي وقعت من البعض تجاهي خلال السنوات الماضية حتى وصلت إلي حد التجريح الشخصي والتجاوز القانوني، إلا أني قررت ألا أعطي قيمة لمن لا قيمة له وألا أرد على أي من هؤلاء إلا فيما ندر.
ولأن منهج السب والقذف والتجريح والتحريض هو منهج الصحف الصفراء والانتهازيين من الصحفيين الذين يخدمون جهات بعينها ولا يخدمون القارئ أو المشاهد فقد صدمني بحق ما نشرته صحيفة " الأهرام " التي كانت تعتبر من أعرق الصحف المصرية بل والعربية، وذلك في عددها الصادر في 4 يوليو الماضي، لأني كنت أعتقد حتى ذلك الوقت أن الأهرام لا يمكن أن تنزل إلي مكانة الصحف الصفراء في تناولها لشخصية عامة مثلي يحظي بالتقدير والاحترام أينما ذهب.
لذلك قررت هذه المرة عدم التغاضي لأني قرأت ما وراء عبارات السب والقذف والتحريض التي جاءت في الموضوع ولم أقف عند مظهرها، ووكلت الأستاذ الدكتور علي الغتيت أستاذ القانون الدولي والمحامي لدي محكمة النقض أن يقوم نيابة عني باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد صحيفة الأهرام والقائمين عليها، ولأني ضد حبس أي صحفي بل أعتبر نفسي من أبرز المناضلين لصالح حرية الكلمة والنقد والتعبير والوقوف ضد حبس الصحفيين في قضايا النشر، فقد قررت أن أسلك أولا كافة الطرق الرسمية بحق نشر الرد على الأهرام مع إلزام الأهرام باحترام الأحكام التي أشار إليها المشرع من التصحيح والاعتذار.
وبالفعل قام الدكتور علي الغتيت بالخطوة الأولي وهي إرسال رد إلي رئيس تحرير الأهرام وصورة منه إلي كاتب المقال وأمهلهم ثلاثة أيام لنشر الرد والاعتذار، لكن لم يحدث أي تجاوب طوال أكثر من أسبوع قام بعدها الدكتور علي الغتيت بالخطوة الثانية وهي مخاطبة رئيس المجلس الأعلى للصحافة السيد صفوت الشريف ورئيس نقابة الصحفيين الأستاذ مكرم محمد أحمد باعتباري أحد أعضائها ورئيس مجلس إدارة الأهرام الدكتور عبد المنعم سعيد باعتباره المسئول الأعلى في الأهرام.
وفي الوقت الذي قررنا فيه القيام بالخطوة التالية بعد تأخر النشر وهي التوجه للنائب العام، فوجئنا بأن الأهرام قام في عدده الصادر في 30 يوليو بنشر جزء يسير من الرد المرسل إليه بشكل معيب ومخل ودون تقديم أي اعتذار وفي صفحة الحوادث وحصر الموضوع وعنوانه فيما نشر عن علاقتي بالإخوان المسلمين دون التأكيد على جوهر الرد مما يعكس سوء النية لدي القائمين على الأهرام وعدم احترام الحقوق القانونية لي، ولأني أومن بحق الرأي العام المصري والعربي في معرفة حجم ومساحة التضليل والتشهير والسب والقذف والتحريض الذي وقع من صحيفة الأهرام تجاهي فإني هنا أصبح من حقي نشر الرد الذي أرسله موكلا عني الأستاذ الدكتور علي الغتيت أستاذ القانون الدولي والمحامي لدي محكمة النقض إلي الأهرام في 16 يوليو الماضي ولم تنشر إلا عبارات مجتزأة منه وذلك عملا بحق الرد وبيانا للحقيقة إلي الرأي العام:
السيد الأستاذ رئيس تحرير جريدة الأهرام
مبنى جريدة الأهرام شارع الجلاء القاهرة.
تحية طيبة وبعد،،،
الموضوع: تصحيح في شأن ما نشر في المقال التحليلي بقلم الأستاذ أحمد موسى بجريدة الأهرام بعددها رقم (44758) الصادر بتاريخ 4/7/2009 تحت عنوان "وثائق قضية التنظيم الدولي المحظورة تكشف عن أن الإخوان يكنزون 6 مليارات دولار في بنوك خارجية".
بمناسبة نشر المقال المشار إليه في صدر هذا الخطاب، فقد طلب إلينا الأستاذ أحمد منصور الصحفي وصاحب برنامج "بلا حدود" وبرنامج "شاهد على العصر" والمقيم حالياً بدولة قطر أن نكاتبكم في هذا الخصوص بالوكالة عنه.
وقد بادرنا بقبول ذلك تقديراً منا لدقة الأمر واتصاله بجريدة الأهرام الغراء، وما يتطلبه ذلك من سرعة التصحيح والاعتذار والرأب فيما بين العائلة الصحفية.
وأنتقل مباشرة إلى استعراض الأمور الآتية:
أولاً: التصحيح والاعتذار المطلوب:
يقول في طلبه الأستاذ أحمد منصور أنه: "لم أكن أتوقع من صحيفة الأهرام المعروفة برصانتها، ودقتها، ومهنيتها، وتاريخها، ومن ثم مصداقيتها لدى القارئ والمواطن المصري والعربي والقارئ المحلي والرسمي والدولي، وبالتالي مسئوليتها الكبرى عما تنشره من أنباء ومقالات وتحليلات وتأكيدات، بل صدمني أن تتناول الأهرام زميلاً معروفاً بقدره واحترامه ومصداقيته في الإعلام العربي والدولي، بهذه الطريقة التي تناولتني بها الأهرام في عددها الصادر بتاريخ 4 يوليو 2009 [ص 19].
حيث تم الزج باسمي دون أية مبررات أو أسباب في موضوع يعلم القائمون على الصحيفة وعلى رأسهم السيد رئيس التحرير لا علاقة لي به من قريب أو بعيد، كما تم التعرض لي بالسب والقذف في "المقال التحليلي" المذكور تعليقاً على مقابلتي مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري التي تمت وأذيعت على الهواء في يوم 24 يونيو الماضي...
وهى المقابلة التي كانت محلاً للتقدير الاحترافي والمهني من جانب المتخصصين والمتابعين. ولم أصدق ذهاب صحيفة كبرى لها مكانتها ومصداقيتها الكبرى مثل "الأهرام" إلى حد يشتبه معه على القارئ الفرد والقارئ المصري والعربي والدولي والرسمي أسلوب ومنهج الأهرام ومصداقيته مع ما يسمى بأسلوب ومنهج الصحف الصفراء.
هذا الانزلاق الذي يدعو إلى شديد الأسف بل والرثاء إذ هو يلقي بمسئولية قانونية وأخلاقية ومهنية ضد الصحيفة والقائمين عليها، وهى وهم حرصوا دائماً على أن يكونوا في منأى منه، وهو ما يدفعني إلى عدم التنازل عن حقوقي وأبسطها أن تقوم الصحيفة بنشر تكذيب واعتذار في نفس مكان صفحة النشر بنفس المساحة مصحوباً بنشر ذات الصورة الشخصية لي في نفس مساحة الصورة السابق نشرها افتتاحاً للمقال المذكور، على أن يتم إبرازه بنفس الطريقة وذلك خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تاريخ هذا الخطاب على أن يتضمن نص التصحيح والاعتذار، الآتي:
(1) أن ما نشر أساءني وأساء إلي أشد الإساءة إذ هو نشر مقصود أو مستخف بالمصداقية الصحفية وخطورة آثار الإخلال بها لسب وقذف فضلاً عن نسبة صلة عضوية أو" كادر " بيني وبين جماعة الإخوان المسلمين وجرى نسبة هذه الصلة إلي في سياق محظورية جماعة الإخوان المسلمين وفى إطار ما ورد بالمقال من نسبة أعمال مخالفة للقانون إلى الجماعة المذكورة.
الأمر الذي يعتبر فضلاً عن السب والقذف استعداء وتحريضاً لجهات الأمن ضدي مع علم كاتب المقال أن ما يدعيه لا يجد له سنداً في الحقيقة أو الواقع، وأبادر لأقول أنني لست من كوادر أو من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ولا أمت لها بأي صلة، وذلك دون إخلال باحترامي لمختلف الاتجاهات الفكرية الموجودة على الساحة الثقافية والاجتماعية والسياسية في مصر طالما جرى التعبير عنها بطريقة ديمقراطية وسليمة وحضارية.
(2) أن كاتب المقال قد نصب نفسه رقيباً ومفتشاً عن قلوب الناس وضمائرهم فيحكم على شخص من يشاء منهم بحب أوطانهم ويحكم على آخرين بأنهم يكرهون أوطانهم أو حبهم للنظام السياسي وكرههم له، وقد أصدر الكاتب فرماناً بأنني أكره وطني.
وغنى عن البيان أنني مصري بروحي وبكل ذرة في جسدي، وهو وطني الذي يعيش به أهلي وأصدقائي، وكيف له أن يصدر حكماً على محبتي أو كرهي للنظام السياسي القائم في وطني، والذي اتهمني كاتب المقال - دون أي سند أو سبب- ولا حتى شق عن صدري ليعلن حكمه بأنني أكرهما.
(3) إنني أقدم برامج حوارية في محطة فضائية وأحترم ضيوفي وأحترم نفسي، ولا أستطيع أن أفرض على ضيوف البرنامج إجاباتهم على الأسئلة والأجوبة التي تطرح عليهم، ولا يصح في الصحافة والإعلام الجاد والرصين أن يُوجه اتهاماً خطيراً بأنني أتفق مسبقاً على الأسئلة مع ضيفي للهجوم على وطني.
(4)
(5) وصف كاتب المقال السيد / رئيس الوزراء ووزير خارجية دولة قطر بأنه "ولي نعمتي" وهو وصف يحمل من السب والقذف ما لا يخفى، وعلى الصحيفة أن تبادر وتعتذر عنه وتنفيه عن نفسها، وأبادر فأقول أن ولي نعمتي هو الله له الحمد وله الشكر.
(5) زعم كاتب المقال أنني أحرك الإعلام الخاص لخدمة مصالحي وتوجهاتي وهذا زعم باطل جملة وتفصيلاً بإخلال جسيم بالمبادئ والتزامات الصحيفة وهو اتهام موجه باستخفاف بالمصداقية والتزام القانون، ولم يقدم كاتب المقال عليه أي دليل ولا يعدو هذا القول إلا أن يكون محض سب وقذف وتجريح لا أساس له.
ثانياً: السب والقذف والتحريض:
إذن فالمقال المذكور أنطوى على مزاعم وأكاذيب والتي تضمنت خروقات قانونية وتجاوزات مهنية وإساءة بالغة للأستاذ أحمد منصور تبدو ابتداء في وصفه -على غير الحقيقة- بأنه عضو وأحد كوادر جماعة الإخوان المسلمين وقد جاء ذلك في إطار وصف الجماعة المذكورة بأنها جماعة محظورة وكذلك في إطار نسبة أعمال مخالفة للقانون وفيها نسبة تآمرية لهذه الجماعة.
وهذا الوصف غير الصحيح من شأنه أن يعرضه لمساءلة قانونية أو على أقل تقدير فإنه يضعه جبراً عنه في مواجهة مصطنعة لا سبب لها، بل تكاد تكون بل هي تحريضية مشوبة بغموض الدافع، كما أن نشر صورة الأستاذ أحمد منصور بجوار صور شخصين لهما مكانتهما في المجتمع وأنهما من كوادر جماعة الإخوان المسلمين من شأنه أن يدخل في روع قارئ المقال بل المتصفح بأنه عضو في تلك الجماعة بالمخالفة للحقيقة فضلاً عن أن المقال التحليلي نسب إليه أنه من كوادر الجماعة وهذا زعم كاذب.
وكذلك نسب سياق المقال التحليلي إلى الأستاذ أحمد منصور بطريق التلميح الذي يشابه التصريح
"... بأنه يتصارع مع آخرين على هدايا وأموال جماعة الإخوان المسلمين "...
وهذا كله محض افتراء وطعن في الذمم مؤثم قانوناً.
كما تناول المقال المذكور محاولة نعت الأستاذ أحمد منصور بصفات خطيرة من شأنها تعريضه إفتأتا مشوهاً للمسئولية بكافة أنواعها ومن ذلك عبارة:
"... أحمد منصور وهو من كوادر الجماعة في مصر والذي يظهر بكراهيته للدولة ونظامها السياسي !!!".
بالإضافة إلى عبارات أخرى تتضمن تجريحاً شخصياً ومهنياً ومحاولة إساءة عمدية ومن ذلك عبارة:
"... خلال المقابلة التي أجراها مؤخرا مع "ولى نعمته" وزير الخارجية القطري، حيث وضح الاتفاق المسبق على الأسئلة ومحاور الحلقة كاملة والتي احتل الهجوم فيها على مصر أكثر من ثمانين في المائة من الحوار ".
كما تناول المقال المذكور عبارات صارخة منها:
" و...... هنا نكشف عن خيوط الشبكة العنكبوتية الإعلامية للجماعة المحظورة في مصر وخارجها وكيف يحركون الإعلام الخاص لخدمة مصالحهم وتوجهاتهم ومشروعهم السياسي، ويظهر كوادر الجماعة الذين ينشرون في وسائل الإعلام داخل مصر وخارجها ومنهم الذين يعملون مباشرة في قناة الجزيرة..."
وأضاف المقال التحليلي تلميحاً وإيحاء وتلبيساً:
"... والكل يبحث عن دوره ومدى الاستفادة من الإخوان وأموالهم، وقد وقع خلاف في الفترة الماضية داخل قناة الجزيرة بين اثنين من العاملين فيها على هدايا وأموال حصل عليها احدهما من قيادي كبير في جماعة الإخوان المحظورة، وعندما علم الشخص الثاني أراد طرد زميله في القناة لكنه فشل، ولا تزال الخلافات تدور بينهما...".
وحيث يبين مما تقدم أن المقال التحليلي المذكور الذي نشرته جريدة الأهرام قد تضمن عبارات وألفاظ القذف والسب وبقصد التحريض والتضليل والإساءة للأستاذ أحمد منصور على النحو الذي سردناه آنفا، وذلك بالمخالفة للقانون [96] لسنة 1996 الخاص بتنظيم الصحافة في شأن وجوب التزام الصحفي فيما ينشره بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الدستور وبأحكام القانون مستمسكاً في كل أعماله بمقتضيات الشرف والأمانة والصدق وآداب المهنة وتقاليدها.
لذلك فقد طلب منا الأستاذ أحمد منصور وأوكلنا في إرسال هذا الطلب إليكم للاعتذار والتصحيح على أن ينشر الاعتذار والتصحيح في غضون ثلاثة أيام في نفس مكان المقال التحليلي المذكور وبنفس البنط التي نشر بها المقال وبذات المساحة فضلاً عن نشر ذات الصورة الشخصية للأستاذ أحمد منصور في نفس وحجم مساحة الصورة السابق نشرها ضمن المقال المذكور، وذلك إعمالاً لحقه الوارد بالقانون رقم 96 لسنة 1996 الخاص بتنظيم الصحافة في جمهورية مصر العربية.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،،،
الدكتور على حامد الغتيت
المحامي لدى محكمة النقض
أستاذ القانون الاقتصادي الدولي والمقارن
خاتمة:
آمل أن يبين هذا الرد حجم ما ارتكبته الأهرام بحق إعلامي له مكانته العربية والدولية ويشرف بلده مصر أنّى ذهب وبالتالي فهو يستحق التكريم عما يقوم به وليس السب والقذف والتضليل والتحريض من صحيفة ينظر إليها على أنها أكبر صحيفة في مصر، وآمل ألا يتكرر هذا مرة أخرى لأنه حال تكراره لا مناص عندي من اتخاذ الإجراءات القانونية لأنه سيكون في هذه الحالة تدني عن أصول الصحافة والعمل الإعلامي المهني، وتعمد للتجريح والتضليل والإساءة، ومن ثم فإن القائمين بهذه الأعمال لا يعاملون في هذه الحالة كصحفيين لهم حق النشر والنقد، وإنما مضللين يجب ملاحقتهم قانونيا.