بعيداً عن مناقشة آراء الشيخ حميد الأحمر في حواره مع "الجزيرة" (رغم اتفاقي مع 90% منها) إلا أنني معجب كثيراً بأداء الشيخ الشاب الذي ظهر محنكاً وممتلئاً إلى حد بعيد.
بدا الشيخ حاضر الذهن، متماسك الحجة، سريع البديهة، فصيح اللسان، غزير المفردات، خالياً من اللوازم الكلامية المخلة التي تعيب الكثير من المتحدثين وبالذات اليمنيين.
كما بدا الشيخ الشاب حائزاً على درجة متفوقة من حسن التخلص..وكان يبتسم في الوقت المناسب ويكفهر في الموقف اللازم، إضافة إلى استخدامه الموفق في أكثر من مرة لمفردات مثل: (ربما، بعض..).
ربما كانت هذه المزايا مثالب إذا تابعت المقابلة بعين وعدسات السلطة، لكني حرصت على مشاهدتها بعين المشاهد العربي الذي لا تهمه المضامين قدر اهتمامه أحياناً، بشكل المتحدث ومدى امتلاكه أدوات المحاورة والمناورة، وكذا مدى وضوح مخارج الكلام، ومقدار المخزون المعرفي والمصطلحاتي الذي يتبدى من خلال الإجابات.. وهو ما تفوق فيه الشيخ الشاب –حسب ظني- بتقدير امتياز.
لقد أعادت المقابلة بعض الاعتبار لدور المشترك وإمكانيات تحركه.. كما أبرزت مفهوماً جديداً يناقض ما اعتاد الناس عليه من أن "رأس المال جبان" فقد بدا شجاعاً وجريئاً وقوياً في نفس الوقت..
أما جزئية الاستقواء بحاشد والشيخ صادق فقد جاءت تلقائية واقعية بعد أن حاصرته المذيعة النابهة لونا الشبل واستنفذ قبلها ثلاث إجابات ظلت لونا تكرر السؤال بعد كل إجابة.
وكما امتلأ حديث الشيخ حميد برسائل النقد فقد حفل كذلك برسائل الثناء سواء للرئيس علي ناصر أو الدكتور ناصر الخبجي أو الدكتور ياسين سعيد نعمان وكذلك نائب الرئيس عبدربه منصور هادي الذي نتمنى ألا يؤثر كلام الشيخ حميد في صعوده الإعلامي المتنامي في الفترة الأخيرة.
إلى ذلك لم يكن الشيخ حميد دقيقا حينما قرن تعيين الأقارب بالمساءلة بتهمة الخيانة العظمى لأن هذه لا تستوجب تلك وذلك من الناحية القانونية الصرفة.. كما أن مجرد إيراد عبارة "الخيانة العظمى" فيه استفزاز نفسي هائل لشخص الرئيس خصوصاً أنها وردت عبر منبر كبير كقناة "الجزيرة".. وأياً يكن فللرئيس محبوه داخل وخارج الوطن.. ومحدثكم وبكل فخر أحد هؤلاء.. ولأنني كذلك فإنني آمل أن ينظر فخامته بعين الجدية لدعوة الشيخ حميد له بالتنحي لأن الأوضاع تقول بأن الرئيس عملياً لم يعد هو من يحكم وإلا فهذا ليس علي عبدالله صالح الذي عرفناه منذ عقود.