[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

حوار في ال BBC يقود علي سالم البيض سياسياً إلى مثواه الأخير

لقد انتهى البيض.. هذا ما سيخرج به كل من تابع الحوار الذي أجرته معه الBBC البريطانية قبل قليل من داخل وخارج اليمن، وصحيح أن المحاور الداهية حسن معوض كان مستعداً جيداً لإسقاط البيض بعدة ضربات قاضية أصابته "في الصميم".. إلا أن البيض كان لقمة أسهل مما يمكن تصوره، بل لقد كان هزيلاً حد الشفقة.. متناقضاً حد الفجيعة، وواقعاً في الهفوات والزلات حد الفضيحة..

هكذا قال علي سالم البيض في مناطق متفرقة من أرجاء الحوار القنبلة:

- أريد إعادة دولتي في الجنوب..
- الوضع لا يسمح بالمعالجة السلمية بدون تدخل دولي يفك هذا الارتباط..
- لم نجد الفرصة (أنا وزملائي في الخارج) لنبحث الأمور بالتفاصيل المطلوبة..
- لست من بادر مع طارق الفضلي، بل هو من بادر.. وسمعت منه أنه يكفر عن أخطائه..
- في ردفان يتموقع الجيش في أماكن مرتفعة تطل على قرى ليس فيها أماكن لقضاء الحاجة، ويراقب الناس ب"النواظير".
- نريد استعادة دولتنا، وبعد ذلك يدرس الناس كيف تقام وحدة صحيحة..
- ألغينا الجنوب.. ألغينا كل شيء.. ماذا وجدنا.
- عملوا لجنة قالت ان عبدالفتاح اسماعيل قتل في البحرية، ولا تجرني لهذا.
- حتى لو الحراك اقتنع أن لا فائدة من الانفصال، بالنسبة لي استنفذت كل شيء..
- أنا في أوروبا مش في ألمانيا..
- أبحث عن اللجوء السياسي في ألمانيا.
- الحراك يمول من قبل المواطنين، وأنا أعطيهم روحي، ولا أعطيهم من جيبي. (رد عليه المحاور مستغرباً: أنت تقول أن المواطنين معدمين!!)
- لا أثق بعلي عبدالله صالح لأنه لم يقدم له أحد مثلما قدمت له أنا..
- أنا مع الحوار، لكن ليس مع علي عبدالله صالح. وحالياً لا يوجد أحد غيره قادر على تغيير الأوضاع.
- ... الخ..

وغيرها من العجائب التي تبدو في سياقاتها وطريقة خروجها من فم النائب السابق للرئيس اليمني وكأنها بيان انتحار سياسي سيتحدث عنه الناس بمرارة لعقود قادمة..

ذلك أن البيض تساقط كما تتساقط أوراق الخريف الصفراء.. فهو لم يخذل بهزاله محبيه فقط، بل لقد خذل حتى خصومه حينما يظهر أن لهم خصماً مجللاً بكل هذا الضعف والوهن.

لقد انتهى البيض.. ومعه انتهت (حدوتة) "فك الارتباط" وحمل الاثنان إلى مثواهما الأخير محمولين فوق نعش ال بي بي سي ومصابين "في الصميم"..

لقد انتهى البيض، الذي لم يقل إنه ذاهب نحو الرئاسة بل نحو اللجوء السياسي!

لقد انتهى البيض الذي لم يستطع تقديم إجابة واحدة عن أن طرفاً عربياً واحداً تفاعل معه.. وقال: أعذر هؤلاء لأنهم يعملون لمصالحهم.

لقد انتهى البيض.. الذي لم يستطع تقديم اسم شخص واحد فقط يتواصل معه داخل الوطن، في جنوبه أو شماله..

لقد انتهى البيض نهاية مليودرامية على النحو الذي كان يحدث في مسارح روما في القرون الوسطى.. نهاية شعر معها حتى بعض خصومه والمختلفين معه بالخجل الممزوج بالرأفة..

تساءلت في نفسي: هل هذا الذي أراه الآن هو نفسه الرجل الذي اقترن اسمه مع أخيه علي عبدالله صالح في أروع منجز للعرب في القرن العشرين، وهو إعادة تحقيق وحدة اليمن..

بإمكان أي عجوز من أبناء ردفان أو يافع، أو الصبيحة، أو حبيش، أو الغيل، أو عتق، أو مسور حجة، أن يدافع عن نفسه بشكل أفضل.. لكن خطأ الغاية أدى إلى ارتباك اللسان وتناقض الحجة، التي تفنن المحاور اللامع في تفنيدها غير مدخر بعض أساليب السخرية القاتلة تجاه بعض إجابات البيض.

كدت أصرخ في وجه المذيع مراراً: يكفي.... (لو أنه كان يسمعني)..

كثير من النقاط المثارة في أخبار وتحليلات منشورة حول الرجل وظهوره الأخير.. وردت بالحرف في الحوار.. بل وتعدى ذلك إلى مناطق زهدنا في الخوض فيها، مثل تكلفة الحفلات لأعراس قريباته، ومسألة زواجه الأول قبل الوحدة.. زد عليه فتح ملف عبدالفتاح إسماعيل الذي يتهم البيض بتصفيته.

واسترسل البيض في هفواته التي يخسر بها كل من يرجو من كان في موقعه كسبهم.. بدءاً بالحراك، مروراً بالجوار الإقليمي وزملائه في الخارج، وكذلك حتى التيار اليساري، حينما قال إنه لم يكن شيوعياً، وكذلك التيار الإسلامي الذي قال عنه إنه عمل تجربة "لكن لا أعتقد أنها يمكن تسود".

واختتم بالقول: الدول العربية تتعلم الديمقراطية.. رداً على سؤال المحاور له، هل ستستمر في حملتك من على بعد عشرات آلاف الكيلومترات عن اليمن في الغرب..؟

إلى ذلك قال البيض في حال تم تنحى الرئيس وتولي نائبه عبدربه منصور هادي الحكم وفقاً لدعوة الشيخ حميد الأحمر..: حينها سيكون لكل حادث حديث.. بعد أن قال مراراً: هذه أقوال.. ونريد الأفعال.

الخلاصة: لقد كان علي سالم البيض مصيبا عندما قال أنه لا أحد قدم للرئيس علي عبدالله صالح مثلما قدم له هو.. وبرأيي أنه أن لا شيء يعدل ما قدمه له الليلة.

زر الذهاب إلى الأعلى