آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

حماقات إيران وحلم السعودية..

تفنن الإعلام الإيراني في الفترة الأخيرة في الارتباك والتعثر والتلعثم مرة تلو الأخرى وهو يمارس مسلسله الممل ضد المملكة العربية السعودية في وسائل إعلامه المرئية والمقروءة والمسموعة ولعل أخر مثال على ذلك عندما رمت بكل ثقلها لاتهام اللمملكة بالتورط في تفجيرات بغداد الأخيرة.

في حين ألقت الحكومة العراقية الموالية لها أصلا أصابع الاتهام والإدانة للجار السوري الحليف الثالث وثالثة الأثافي في مطبخ العجين المعاصر.. وهذا هو سبب زيارة منوشهر متكي يوم أمس إلى بغداد لتهدئة أجراس الفضيحة.

تصر الإدارة الإيرانية الحالية للأسف على ابتداع غريم عقائدي وإقليمي تحشد ضده الداخل وترفع بسببه جاهزية الشعب والذي لم يكن راضياً منذ البداية بحكومة رجالات المتعة و"الخمس".. وبالأمس كان هذا الغريم نظرياً هو إسرائيل وأمريكا، أما عملياً فالعدو الحقيقي الذي يستنزف ساسة طهران مقدرات الأمة الإيرانية في سبيل مواجهته هو الإسلام والمسلمون. وبالذات العرب.

أما في الفترة الأخيرة فقد أصبح هذا العداء ظاهراً وملموساً على الواقعين النظري والعملي، وفي هذا السياق، تخندق الإيرانيون مع أمريكا وإسرائيل لإسقاط العراق، ثم تعاونوا جميعاً لإشعال زوبعة البرنامج النووي الإيراني كمبرر يبقي قوات الغرب رابضة في الخليج.

وبغير ما داع ولا سبب ولا مبرر ولا مناسبة.. يرمي ساسة طهران بكل ثقلهم لاستعداء المملكة العربية السعودية وعموم المسلمين، بحيث يمارسون عملية ابتزاز إعلامي ضد الرياض في كل منعطف خطير تمر به الأمة.. ليظهروا وكأنهم هم الحماة الأباة، بينما الآخرون متهاونين أو متواطئين.. والعكس في حقيقة الأمر هو الصحيح.

لكن سياسة المملكة كما هو معلوم عنها تعتمد على معالجة الأمور دونما ضجيج ولا من ولا أذى.. هذا أولاً.. أما ثانياً فيسعى قادة إيران وبشكل مفضوح إلى تفخيخ الجماعات الإرهابية بكافة الأشكال والمسميات لزعزعة أمن المنطقة، وخصوصاً دول الجزيرة العربية وبدأت باليمن الذي دأب طيلة خمس سنوات على عدم التهاون مع الشوكة السرطانية الشيطانية التي غرسها ساسة إيران في جبال صعدة.. وهو اليوم مجمع بكافة قواه وأحزابه وشرائحه على استئصال هذا الورم الخبيث مهما كلف الثمن.

وفي هذا السياق ينصرف ساسة إيران كعادتهم بأسلوب خلط الأوراق، ولذا فإنهم يعتقدون أنفسهم في منتهى الذكاء وهم يحاولون إدخال المملكة عنوة في هذا الصراع لسببين اثنين: أولهما، احتقار الجيش اليمني وتصويره وكأنه غير قادر على تنفيذ المهمة لوحده.. والسبب الثاني دأبهم المعهود على إدخال المملكة في كل رائحة وراجعة..

وكلما أوغل الإيرانيون في إلحاق الأذى عن سبق إصرار.. كلما ظهرت حنكة القيادة السعودية التي تعتمد على الحلم والنفس الطويل..انطلاقاً من الإيمان بقوله عز وجل: "ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله".. وعلى عكس ما كان يتوقع المراقبون لأبواق الإدارة الإيرانية الحالية أن تنفجر القلاقل في المملكة وعموم الجزيرة انفجرت في أرجاء فارس وعموم إيران..
يزداد ساسة طهران جهالة ويزداد السعوديون حلماً وارتفاعاً، مجسدين قول الشاعر:
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً.. يرمى بصخر فيسقط أطيب الثمر..

من كان يتوقع أن تبدو إيران فجأة على هذا القدر من الارتباك والفوضى انعدام الوزن، تلك التي أعقلت الانتخابات الرئاسية والتي قالت بصريح العبارة إن ساسة إيران يمارسون الكذب على الداخل تماماً كما يمارسونه على الخارج، وحسب تصريحات الألمان فإن أحمدي نجاد حل ثالثاً في حال نزاهة الانتخابات (وبالطبع صمت الألمان بعد قتل واختطاف 8 من مواطنيهم في نطاق نفوذ الحوثيين بصعدة.. تماما كما صمت البريطانيون بعد احتجاز رهينتين في العراق كذلك سكتت باريس بعد احتجاز بعض الإعلاميين الفرنسيين في طهران!!)..

وبالطبع لم يكن عملياً للمملكة ولا لغيرها من الدول العربية والإسلامية في الاضطرابات الأخيرة والمستمرة في إيران على أنه ليس من الشهامة السكوت على أسلوب القمع الذي تواجه به الاحتجاجات.

إيران دهليز كبير موبوء بدخان التآمر، وتاريخ عريق في إلحاق الأذى من غير ما موجب استراتيجي أو حضاري، ولاشك إن هذا المنحى منبوذ عالمياً في كافة الدساتير والأديان والأعراف.. لهذا لا يبوح دهاقنة الشر بما يضمرون، إلى أن أصبح الكذب عندهم ديناً يتعبدون النار به.

ولأن حبل الكذب قصير تتحطم كل أمواج ساسة طهران على صخرة الوضوح والشفافية السعودية. ولا أدل على ذلك من الفضيحة المدوية التي لحقت بالإعلام الإيراني جراء محاولته اتهام المملكة بتفجيرات بغداد الأخيرة. إلى أن قامت الحكومة العراقية العميلة لإيران نفسها بتوجيه أصابع الاتهام والإدانة لدمشق التي قال عناصر من حكومة المالكي معارضين من البعث.

أما ربيب إيران المدلل يحيى الحوثي النائب اليمني المقيم في ألمانيا وأحد قادة التمرد العنصري الكهنوتي في صعدة، شمال اليمن، فهو الآخر يقلد الإعلام الإيراني في كل هفواته وسقطاته، واليوم نجده يتهم إسرائيل وأمريكا بالوقوف وراء إطالة زمن المعارك ضد المتمردين بعد أن تعب من توجيه الاتهامات للسعودية، تلك التي ذهبت سدى.. دون أن تلقى لها مسمعاً أو صدى. هذا في الوقت الذي تطالب فيه أمريكا في صنعاء بوقف العمليات العسكرية ضد الحوثيين اللذين يهتفون: "الموت لأمريكا".!!

ما الذي يريده الحوثيون؟.. يجيب يحيى الحوثي: اتفاقية الدوحة، بينما يطلق مذبعو القنوات هذا السؤال من حيث المبدأ (أي لماذا أصلاً خاضوا حرباً حدثت أثناءها اتفاقية الدوحة وغيرها).. والعجيب أن الحوثي يكرر أن الدولة هي التي خرقت الاتفاق، بينما الحوثيون أصلاً هم من خرقه، إذ ينص على مغادرة عبدالملك الحوثي وعبدالله الرزامي إلى قطر، فيما الأخيران حالان في صعدة يأخذون الزكاة ويرهبون السكان ويحرقون حتى قطعان المواشي..

ما الذي تريده ساسة إيران؟.. أن تتخضب الكعبة بالدماء!.. لا ورب الكعبة، بعيد عليهم ذلك، ولابد أن يأتي اليوم الذي ينهي فيه الشعب الإيراني هذه المهزلة وينتصر لعقله ووجدانه وكبريائه الحضاري.. وذلك عندما يقوم بإسقاط أئمة الخرافة ويمد إلى إخوانه سجادة الحب والتآخي والتعايش المثمر والعمل النظيف.

وفي شهر القرآن يحسن الاستئناس بكلام الواحد المنان، الذي فضح أئمة التقية من سابع سماء..

يقول الله عزوجل: "ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون * وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون * وإذا قيل لهم امنوا كما امن الناس قالوا أنؤمن كما امن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون * وإذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون * الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون * أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين * مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ". البقرة

زر الذهاب إلى الأعلى