المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية قدم تصريحاً منذ فترة قريبة في غاية الأهمية الالتفات إليه حيث إنه رحب بأي خطوة إيجابية من الرئيس الأمريكي باراك أوباما تجاه إيران وأبدى استعداد بلاده للتعاون مع الولايات المتحدة والغرب شريطة أن تعترف واشنطن بالدور الإقليمي لإيران.
رغم أن التصريح يعبر عن الرغبة الإيرانية الجديدة في مغازلة الولايات المتحدة وهو الأمر الذي ترحب به دول المنطقة بل وتنادي به لما يمكن أن يسببه من إرساء المزيد من الاستقرار وإمكانية التوصل لحلول إقليمية تنهي الصراعات القائمة وتؤسس لمزيد من التعاون عوضاً عن رفع الحواجز أمام التركيز على القضية الفلسطينية. إلا أن التوجه الإيراني لمغازلة الولايات المتحدة يطرح نقطتين في غاية الأهمية:
أولاً: أنه جاء مشروطاً بضرورة اعتراف الولايات المتحدة بالدور الإقليمي لإيران وهو أمر يطرح عدة نقاط استفهام حول حقيقة التوجهات الإيرانية في المنطقة وأن الدور الذي تطمح إليه يأتي على حساب التعاون الإقليمي في المنطقة ونحو الحصول على دور في مقابل نزع الأدوار الأخرى. وهو تماثل للطموح الإيراني القديم إبان أيام الشاه للحصول على دور شرطي الخليج. مما لا يساعد في استقرار المنطقة وإرساء مبادئ السلم والأمن الجماعي.
ثانياً: يوضح هذا التصريح من حيث لم يكن مقصوداً حقيقة الدور الإيراني الذي كان قائماً ومازال في المنطقة والذي ينتهج سياسة التنافس الإقليمي ضمن المنظومة العالمية من أجل أطماع فردية لإيران عوضاً عن إرساء مبادئ التعاون والشراكة الإقليمية. فهذه النظرة الإيرانية لا بد أن تحتم على صانع القرار الإيراني خيارات سياسية تصب في مصلحة رفع أسهم إيران وهو الأمر الذي لن يتم إلا بضرب القوى الإقليمية القائمة.
هذا التصريح المثير للجدل لا بد أن تطالب إيران بتفسيره حيث أنه يعبر عن عمق النظرة الإقليمية لإيران ويشكل رأس جبل الثلج الخاص بسياساتها وخاصة المستقبلية في منطقة تعج بما فيها حالياً من مشاكل ونزاعات وتنافس دولي يعطل مسيرة دولها في التطلع نحو رفاهية شعوبها. التحرك العربي يجب أن يعمل على فتح باب الحوار المباشر مع إيران في الوقت الذي لا يجب أن تغيب خيوط اللعبة عن يديها وخاصة أن تكون الخيوط الأمريكية واضحة في المنطقة دون مواربة.