آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

ضرورة الوفاق بين السلطة والمشترك والحراك

مع عودة الشتاء سيعود الهدوء إلى البحر ويعود القراصنة السود والقراصنة البيض ويلتهب الحراك..

ومع عودة الشتاء سيداهم البرد صدور الآلاف من النازحين في مخيمات الطوارئ الفارين من لهيب الحرب التي تسبب في إشعالها التمرد الإمامي في صعدة وسفيان..

قلبي على الوطن الذي يرتعش من البرد وفي متناول يديه كل وسائل الدفء.. ولست أدري، حقيقة، هل أبكي عليه أم أبكي منه..

سنوات وجبيني يتعذب في تأمل أوجاع الوطن وفي التفكير في مداخل الخروج وفي كل مرة أصل إلى ذات المؤدّى:

" ما أكبر المشكلة وما أسهل الحل"..

وفي تقديري لا مناص لليمن، كي تخرج من أزماتها، من توافق وطني صادق يجمع ما بين السلطة المتمثلة في الرئيس علي عبدالله صالح والمؤتمر الشعبي العام، والمعارضة –الوطنية- الفاعلة المتمثلة في التجمع اليمني للإصلاح والحزب الإشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وحزب البعث العربي الإشتراكي وكافة فصائل الحراك في محافظات الجنوب.

أثبتت التجارب العديدة أن حدوث التوافق الوطني بين فرقاء اليمن ليس مستحيلاً مهما بلغت حدة الخلاف.. وأثبتت التحديات الراهنة أن السلطة- لن تنوء بها وحدها، كما أن الأوضاع لن تؤول في صالح المعارضة حال فشل السلطة في مجابهة هذه التحديات..

وليس المقصود تشكيل حكومة وحدة وطنية ولا المطلوب أن يحدث الوفاق حول كل نقاط الخلاف.. فقط من اللازم أن تلتقي القوى الوطنية على كلمة سواء في القضايا الكبيرة التي تحمل الطابع المصيري وهي التي لا تحتمل التوظيف في الصراع الحزبي أو الخلاف البرامجي.

أقول: لن نختلف على توزيع نسبة المسؤولية فيما وصلنا إليه على هذا الطرف وذاك، ولا خلاف على أن أخطاء كبيرة حدثت وما زالت تحدث لكن حل ذلك كله لا يمكن أن يتم بدون الوفاق، ومن يرفض الوفاق سيكون بالتأكيد هو العدو الذي يريد تدمير حاضر ومستقبل اليمن عن سبق إصرار.

هناك من يعمل ليل نهار لكي يغرس الضغينة والخلاف بين الرئيس والمعارضة..وهناك أكثر من لئيم عليم اللسان يمشي بالنميمة والوقيعة والدس بين الطرفين ويوغر صدور كل منهما ضد الآخر.. لكن لا يوجد اليوم في اليمن من يبذل أدنى مجهود لتقريب القلوب وتسديد وجهات النظر ويسعى لتخفيف الحملات الإعلامية المسعورة بين الطرفين تلك التي تقيم كل يوم حاجزاً جديداً لا ينال من سهولة التقارب والوفاق..

هناك طابور نافذ داخل المؤتمر الشعبي العام يعتبر مثل هذا التوافق وكأنه كابوس يخاف أن يتحقق في الواقع لأنه يظن- وظنه خاطئ- أنه سيؤثر على مصالحه الشخصية.. وهناك في المشترك طابور مماثل وإن كان يحول دون الوفاق لأسباب مختلفة عن أسباب طابور المؤتمر..فبعضهم يظن الوفاق مع السلطة إنقاذاً غير مبرر لشخص أكيد الغرق، وبعضهم آخذ على خاطره من مضايقات ميدانية وتصريحات تلفزيونية جرحت كبرياءه بعنف.. وهناك صف إمامي حوثي في الجانبين يكره نفسه ويكره البلاد والعباد ولا يريد لليمنيين أن ينجحوا حتى وإن كان في نجاحهم فائدة له..

في الأخير هنالك فرص أكيدة بل وملحة للوفاق حتى لا يتحطم كل شيء..

الناس من حولنا لم يعودوا يحترموننا -بغض النظر عمن هو السبب- فلابد اذن أن نعود إلى مقاصد التشكل الأولى لأية جماعة أو حزب أو تنظيم.. أليست مقاصد الجميع السير باليمن إلى وضع أفضل؟! إذن فلتتفق الأطراف المعنية في اليمن "السلطة، المعارضة، الحراك".. وليكن أصحاب الفكر وصناع الرأي العام هم قادة هذا المشروع والجنود المجهولين لهذه الانتقالة اللازمة..

(2)

يقول شاعر اليمن الأصيل قاسم الشهلي:

قل لمن وحد البلاد بكفٍّ

وبكفٍّ أعاث فيها الخرابا

أنت حققت وحدة الشعب حقاً

ثم مزقت شمله أحزابا

(3)

بلادنا مليئة بمخيمات إخواننا اللاجئين الصومال منذ ما يزيد عن 10 سنوات بكل ما فيها من معاناة وبؤس.. مع هذا لم تفكر أية جمعية خيرية يمنية في جمع تبرعات وإيصال إعانات لهؤلاء المنكوبين والمحتاجين بكل معنى الكلمة..

واليوم حرب الحوثي في صعدة كونت لنا مخيمات لاجئين يمنيين هم في نظري أكثر إحتياجاً رغم جهود الدولة والمنظمات من أبناء غزة والشيشان الذين تأتيهم المعونات من كل البلدان الإسلامية..

حاولوا أن تتمعنوا هذه المفارقة..

(4)

أتفق مبدئياً مع لجنة الحوار الوطني حول حاجة البلاد إلى وثيقة وفاق ولكن أرى أننا بحاجة حالياً لوثيقة لا تتجاوز 9 أسطر وليس 90 صفحة!

زر الذهاب إلى الأعلى