آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

عايض القرني.. ما كل هذا الحب!!

عايض.. ممن اختصهم الله برؤية محكمة الوظائف والتدبير، مبهجا إن حضر، مُفتقدا إن توارى عن الأعين، فيه حُسن جزيل من اللفظ وفوق كل ذلك هو "باري القوس" حين يستكتب خواطره الجذلة ، قوي الحبك حسن السبك مثل السابقين الأولين ، وإن تشأ عجبا فاستمع له محدثا ثم سم الله على حافظته..

هو من أولئك الذين تتعمدهم الإشراقات وتتنزل عليهم الإلهامات والفتوحات عندما تُحجب عن آخرين.. عايض القرني يا رعاك الله، كثيرون منا اكتشفوا أنهم لم يحبوا اليمن بما يكفي عندما رأوك وسمعوك .. ولم يكتشفوا أنهم يحبونها كما يجب وكما تحبها أنت، وأنت من.. أنت شيخ في الحديث الآن، بعد إمام الحديث مقبل الوادعي طيب الله ثراه، وأنت من..

شاعر أسطورة من زمن المتنبي الأسطورة وهو الشاعر اليماني لكنك لم تقل يوما في الأسطورة انه يماني إلا إن فاتني ما قلت، نحن اليمانيين جمعنا إمارة الشعر العربي من قبل الإسلام وبعد الإسلام بين الأميرين الكندي والكندي (أليس نسب المتنبي احمد بن الحسين ابن الحسن ابن عبد الصمد الجعفي الكندي ثم أضيف إليه الكوفي للتدليس على جنسيته الأصلية) ويبقى المتنبي وكل كريم يماني "هكذا يقول المتنبي" وأليس نسب أمرؤ القيس بن حجر بن الحارث الملك ابن عمرو بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن يعرب بن ثور بن مرتع بن معارية بن كندة.

وأليست كندة هي كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن أدو بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن ثور بن يعرب بن قحطان بن عابر بن شامخ بن ارفحشذ بن سام بن نوح.

من يعطيني نسبا لقوم في الإنسانية المعاصرة هكذا.. عايض يا رعاك الله.. اليمن هو اليمن العميق بتواضع الأرض وبتواضع من على الأرض، انظر حولك كل الدول العربية تغير اسمها إلا نحن انه اليمن الذي ذكر في القرآن المجيد وفي الانجيلين العهد القديم التوارة والعهد الجديد.. تغير أكثر من مئتي ملك ورئيس حكموا اليمن منذ العهد السبئي وبقي اليمن هو اليمن..

عايض يا رعاك الله أنت تعرف أننا جمعنا المجد في الأرض فبنينا السدود والحضارات الثلاث عندما كان العالم طفلا يحبو ولكنا ضيعناها كما ضيع ذلك الشقي في الأندلس شيئا ما، شيئا ما ملكته اليمانية والقيسية..

لكنا لم نتغير بذهاب حضارتنا في ذاتنا إلا التغير إلى متاهة التشاقي مع اليمن الذي أخليناه من الحضارة والتحضر والإسلام الأخضر وليس الإسلام الأحمر، عايض يا رعاك الله انت من يعي اننا جسد الإسلام ورأسه الكتاب والسنة ،فقد اختار الرسول صحبتنا ألم يقل الرسول في حنين:"ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون برسول الله إلى رحالكم ؟"

وعندما اراد الله ان ياخذ نبيه إلى جواره، اخذ روحه وابقى الجسد بين أجدادنا هناك واحفاد اجدادنا هناك.. الإسلام نشر على أجسادنا عندما تطلب الأمر ذلك.. ونشرناه في كل جنوب غرب آسيا وشرق أفريقيا مع السلع التجارية عندما تطلب الأمر ذلك..

انت تذكرنا يا رعاك الله بالكيفية في حب إسلام اليمانيين الصحابة، حَسنا صنعت في جامع الصالح في خطبتك العصماء وبحضور نحو مائة الف وشاهدها الملايين على قنوات اليمن الأربع أو الخمس أو الست السعيدة وسهيل، كان يوما أغر لم يشهده مسجد الصالح، نقلتنا في خطبتك بين أيها اليمانيون الوحدة الوحدة، وأيها اليمانيون الكتاب والسنة الكتاب والسنة والإسلام كما جاء به أجدادنا وزملاؤهم من الصحابة.. حَسنا صنعت يرعاك الله.

وحَسنا ثالثة لأنك وحدك من خلف الحدود من يعود كل عام ليذكرنا بمحبرة الإمام الحجة الأعظم محمد بن علي الشوكاني وانت وحدك من يبحث عن العلم الشامخ والمقبلي ونشوان الحميري وانت وحدك من يزور مُبصر الشعر والفلسفة عبد الله بن صالح البردوني وانت وحدك من يتفقد قائد الثورة الروحي وشاعرها ونقيها وفيلسوفها محمد بن محمود الزبيري بعد أن خلده الجميع وأناموه في الذاكرة، مثلهم انت لم تنس، وليس هذا فحسب، فأنت من يبحث عن مرابض خيول سيف بن ذي يزن كل عام وعن شيخك الإمام اليماني مالك بن انس..

سرني انك بحثت عنه قبل اسبوع في صنعاء وإن لم تقله اسما بل وافيته منهجا على السنة، إنه هنا لم يهجرنا إلى المغرب الأقصى كما تظن، هو فقط لم يعد حتى الآن إلى مسقط رأس آبائه وأجداده الغر الميامين.. وكل ما في الأمر أن مالك إمامنا لم يعد للصلاة في كل مساجد صنعاء وعمران وصعدة والجوف منذ أكثر من ألف ومائة عام، أتباعه يصلون في هذه المساجد لكن شيئا يقول انه لم يأت بعد ليؤمنا في الصلاة..

لكن الخبر الأكثر فرحا أن نهج الموطأ بيننا سيأخذ مساحته.. عايض القرني يارعاك الله .. انت تذكرنا في الحال بمعضلة الكيفية في حب اليمن، أحكمت القول الوحدة الوحدة، فما يُحب به اليمن هو الوحدة على ضيمها وعلى عدلها، الوحدة الوحدة ولازال قوم منا في غيهم يتعاضلون الكلام لإجرام ديني طائفي في صعدة وانفصال مدني في مناطق ثلاث في هضبتنا الجنوبية.. عايض يا رعاك الله، كثيرون منا اكتشفوا أنهم لم يحبوا اليمن بما يكفي عندما رأوك وسمعوك.. ولم يكتشفوا أنهم يحبونها كما يجب وكما تحبها أنت.

زر الذهاب إلى الأعلى