حال وطننا العربي مع بداية هذا القرن كحال الدولة العثمانية في بدايات القرن الماضي حيث كان الكل يتسابق على تقسيمها وابتلاع أجزائها – القريب قبل الغريب – رافعين الرايات الزائفة المدغدغة والمدعية صداقتها والحفاظ على مصالحها، والزاجة بها في سلسلة حروب كانت أقرب للنيران التي نضجت عليها طبخة أكلها.
يتعرض وطننا العربي هذه الأيام من شمال العراق شمالا إلى جنوب السودان جنوبا مرورا بالصومال واليمن وغزة وشمال لبنان إلى عمليات تشطير وتقسيم وتفتيت تعمّد بدماء الأبرياء، وتبدد من خلالها ثروات الأمة عبر حروب أهلية مبرمجة متتالية تهدف في نهاية المطاف إلى تحويلنا لمشروع دويلات طوائف صغيرة متحاربة كحال الأندلس قبل السقوط.
إن بلداننا العربية أقرب للوح زجاج إن شرخ جزء منه امتد ذلك الشرخ سريعا إلى بقية الأطراف، وعليه فإن مشروع الدولة الحوثية في شمال اليمن وغيره من مشاريع دويلات مزمع إنشاؤها في العراق والسودان والصومال وغزة ولبنان هو موقف مبدئي علينا جميعا أن نقف ضده لا بالقول بل بالعمل عبر تسخير الموارد وتجييش الجيوش كحماية للذات قبل أن تكون وقفة مع شقيق أو صديق.
وإذا كان هدف تشطير المشطر وتقسيم المقسم سيئا بذاته فإن الوسائل المستخدمة للوصول إليه لا تقل عنه سوءا وضررا حيث استخدم الإرهاب والتطرف والتغرير بالشباب والقتل والنحر والتفجير ورفع رايات الدفاع عن الإسلام والحفاظ على العروبة كأدوات تحريض وتغرير بالسذج والخدج والجهلة والبسطاء لتحقيق تلك الغاية.
إننا في الكويت مع الشقيقة المملكة العربية السعودية قلبا وقالبا في صدها للعدوان على أراضيها الجنوبية في جبل الدخان، ومع اليمن الشقيق في دفاعه عن وحدة أراضيه وسيادته على ترابه داعين دول مجلس التعاون إلى أن تعيد ملحمة تضامنها عامي 90 – 91 وأن ترسل قوات درع الجزيرة وطائراتها للقضاء على مشروع دولة الإرهاب والتطرف في صعدة اليمنية، ووأد ذلك الوليد الشيطاني وتخريب عشه وتدمير عرشه قبل أن يكبر ويستفحل أمره، فبدون أن نرفع شعار «كلنا اليوم سعوديون ويمنيون» ستنتقل كرة النار سريعا من الأطراف إلى القلب... وما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا، كما جاء في الحديث الشريف.
آخر محطة:
(1) نعلم علم اليقين ان دول المنطقة ليست مصنّعة للسلاح والذخائر فمن أين يأتي المعين الذي لا ينضب والنهر المتدفق للسلاح والمتفجرات التي تتكفل بتفجير ما لا يقل عن نصف دزينة من أوطاننا العربية في آن واحد ومن يدفع أثمانها المالية؟!
(2) العزاء الحار للولايات المتحدة وشعبها الصديق على الجريمة النكراء التي ارتكبت في قاعدة «فورت هود» وهل يصح لمن آوته أميركا من خوف وأطعمته من جوع ووفرت له سبل العيش الكريم أن يغدر بها وأن يقتل بخسّة بالغة أبناءها بعد أن يتعمد ويتقصد لبس «الدشداشة» العربية البيضاء قبل ارتكابه لجريمته السوداء؟!