آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

أبعاد الهجوم الحوثي على السعودية

الإعتداء الآثم على حدود المملكة العربية السعودية من قبل العصابة الشيعية الحوثية ما هو إلا تأكيد على خطورة الأطماع الإيرانية على أمن الجزيرة العربية بل على الأمن العالمي لما تحويه هذه المنطقة من ثروة نفطية وباعتبارها تشرف على الممرات المائية المتحكمة في حركة التجارة الدولية.

وقد حَذّرْت من هذا الخطر قبل وقوعه حيث كَتَبْت عدة مقالات تحذر من خطر التمرد الإمامي الشيعي في صعدة وأَكّدْت أن هذا الخطر ليس مقصوراً على اليمن وإنما يستهدف المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ففي مقال لي نشر في موقع نشوان نيوز بتاريخ 14/6/2009م كما نشر في صحيفة الوسط بتاريخ 17/6/2009م قلت فيه:

(من هذا المنطلق رأيت أن أكتب هذا المقال لبيان المخاطر المقدمة عليها اليمن والوحدة اليمنية إذا ما جرت التعديلات الدستورية في إتجاه تنفيذ المشروع الفيدرالي الإمامي الشيعي المستهدف لليمن ثورة ووحدة من خلال إلغاء الوحدة اليمنية وتجزئة البلاد إلى سلطنات ودويلات متقاتلة متحاربة ، بل المخاطر المترتبة على أمن الجزيرة العربية من خلال هذا المشروع الفيدرالي الشيعي لأنه في حال تجزئة البلاد وقيام دولة شيعية في اليمن سيتم تطويق المملكة العربية السعودية ودول الخليج بفك كماشة عبر العراق واليمن وإذا سيطر الشيعة عبر اليمن والعراق على المملكة العربية السعودية وقامت الدولة الشيعية الكبرى ستكون هذه الإمبراطورية الشيعية قد سيطرت على منابع النفط وعلى الممرات المائية الحيوية الهامة (مضيق هرمز وباب المندب) بما يشكل خطراً على الأمن القومي العربي الإسلامي، فيجب على المملكة العربية السعودية ودول الخليج أن يدركوا أن اليمن هي بمثابة عمق إستراتيجي أمني لهم لأن فيها مركز الثقل البشري والعسكري الذي يشكل درعاً لحماية أمن الجزيرة أو عامل خطر شديد في حال سقوط اليمن في يد الشيعة ولذلك فأنا أدعوهم للمسارعة إلى ضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي هذا إذا غلبوا البعد الإستراتيجي وأدركوا حجم المخاطر المحيطة باليمن ودول الجزيرة أو على الأقل الوقوف إلى جانب اليمن الذي يعاني من أزمة إقتصادية لا أزمة سياسية وتستغل القوى الإمامية والإنفصالية الأزمة الإقتصادية لتدفع باليمن باتجاه حلول سياسية لا إقتصادية تستهدف وحدة البلاد وتجزئتها) هذا ما كتبته قبل عدة أشهر.

وها هي الأحداث في صعدة تتداعى ويأبى الحقد الشيعي على المملكة العربية السعودية إلا أن يعبّر عن نفسه عبر هذا الإعتداء الآثم على أمن المملكة لتأكيد ما أسلفته من تحذير.

ولكن ينبغي في هذا الصدد إدراك الأهداف السياسية من هجوم الشيعة الحوثيين على المملكة والعمل على تفويتها وعدم الإنطلاق من ردود الفعل لأن الحرب لا تقوم من أجل الحرب وإنما لتحقيق أهداف سياسية.

وما أود لفت إنتباه القيادتين اليمنية والسعودية إليه في هذا الأمر بأن الهدف السياسي للحوثيين – الجناح العسكري للتنظيم الشيعي الإمامي (إتحاد القوى الشعبية – الجناح السياسي) (حزب الحق – الجناح العلمي) – يتمثل في شن هجوم عسكري تكتيكي لا إستراتيجي بهدف جرّ السعودية ودول المنطقة إلى مبادرة سياسية تهدف إلى إيقاف الحرب للمحافظة على القوة العسكرية الحوثية وعلى السيادة الشيعية على محافظة صعدة..

لا سيما بعد أن أدرك قادة الشيعة في اليمن جِدّية الرئيس اليمني على كسر شوكة الحوثيين من خلال الشروط الستة التي طرحها، التي تكفل إعادة سيادة الدولة على صعدة، وهذه الشروط التي طرحها الرئيس هي الأهداف السياسية التي يجب الحرص على الوصول إليها لأنه من دونها لن تعود سيادة اليمن على محافظة من محافظاتها (صعدة) حيث وأنها بؤرة شيعية تاريخية ونقطة إنطلاق عسكري شيعي تاريخي عانى منه اليمنيون من حرب أهلية قرابة ألف عام من دون أن يكون هناك دعم إيراني إقليمي فكيف إذا أضيف لهذا الخطر دعم إقليمي إيراني غير محدود.

وهذا الحل السياسي لمشكلة صعدة يطرحه الجناح السياسي الشيعي الذي إستطاع مع الأسف الهيمنة على أحزاب المعارضة بخطابه السياسي المتمثل في وثيقة الإنقاذ الوطني، وهذا هو سبب خلافي مع قيادة الإصلاح الذي كنت أحد مؤسسيه (عضو الهيئة العليا – عضو مجلس الشورى – مسئول التخطيط السياسي للتنظيم) وبسبب هذا الخلاف قدمت إستقالتي من الحزب وأعلنتها في الصحف.

ومضمون وثيقة الإنقاذ هو مضمون شيعي إمامي خالص لا نصيب لأحزاب المعارضة فيه، وهو مضمون يستهدف الوحدة اليمنية لا إصلاح الأوضاع السياسية والإقتصادية عبر تجزأة اليمن إلى أربعة أقاليم رئيسية أو دويلات ويتشعب عن هذه الأقاليم سلسلة من الوحدات السياسية المستقلة على مستوى المدن والنواحي تؤدي إلى إنهيار الدولة سياسياً وإنهيار المجتمع بتمزيق خارطته الإجتماعية إلى عصبيات شطرية وطائفية ومناطقية وقبلية متحاربة متقاتلة، ومن يقرأ تاريخ اليمن سيدرك أن الأئمة ما كانوا ينجحون في حكم اليمن إلا عبر هذه السياسة الإستعمارية (سياسة فرق تسد)، والإمامة في اليمن في حقيقة الأمر هي حركة إستعمارية إمامية مجوسية فارسية إستعبدت الشعب اليمني وحرمته من حقوقه السياسية والإجتماعية ولا يخفف من هذا الشعور عند اليمنيين إلا الغطاء المذهبي الشيعي الهادوي الكاذب.

وعبر هذه الوثيقة يطرح الجناح السياسي حل لمشكلة صعدة من خلال الإعتراف بإقليم شيعي يمتد من صعدة إلى ميدي ويطرحون لحل مشكلة الجنوب تقسيمها إلى إقليمين إقليم في عدن وما حولها وإقليم في حضرموت إلى جوار إقليم في المناطق الوسطى يضم تعز والحديدة وإب.، فيجب الحذر من المخطط السياسي الإمامي.

وعلى هذا الأساس أقول ينبغي تفويت أهداف الجناح العسكري للتنظيم الشيعي (الحوثيين) في هجومهم على السعودية بعدم الإذعان لأي مبادرة سياسية تؤدي إلى الحفاظ على قوتهم العسكرية والسياسية فضلاً عن الإعتراف بقيام إقليم شيعي يمتد من صعدة إلى ميدي (منفذ بحري) يضمن تدفق المعونات العسكرية الإيرانية.

واعتبار الهجوم الحوثي على المملكة السافر واللامبرر بمثابة إعطاء الصفة الشرعية للتعاون العسكري والسياسي اليمني والسعودي للخلاص من هذه البؤرة التي تهدد الأمن اليمني والسعودي والأمن الإقليمي والعالمي..

والرد الحاسم على هذا الإعتداء يكون عبر وضع هذا الهدف نصب أعين القيادتين اليمنية والسعودية وهو إنهاء النفوذ السياسي والعسكري لهذا التمرد الشيعي في صعدة وبسط نفوذ الدولة اليمنية عليها عبر دعم سياسي واقتصادي لليمن التي شهدت صراعاً سياسياً حاداً منذ قيام وحدة اليمن إبتداء من فتنة حرب 94م التي كان محركيها هم الإماميون بدليل أنه عند كل أزمة تبرز الأهداف والأجندة السياسية للتنظيم السياسي الإمامي (اتحاد القوى الشعبية) حيث برزت في فتنة 94م وثيقة العهد والإتفاق وهي تحمل نفس المضامين التي تحملها مبادرة الإصلاح السياسي ونفس المضامين لوثيقة الإنقاذ الحالية فالتنظيم الإمامي الشيعي يقف في الأزمات في موقف التخطيط وتقف القوى السياسية الجمهورية في موقع التنفيذ بسبب الخبرة التنظيمية لهذا الحزب التي إمتدت لأكثر من ألف عام.

وعبر وضع خطة تطويق والتفاف على التمرد الإمامي في صعدة من قيادة الجيشين اليمني والسعودي تهدف إلى إنهاء النفوذ العسكري والسياسي للمتمردين مع مراعاة تكتيك حرب العصابات للجيوش النظامية عبر خطة عسكرية جديدة قوامها مواجهة الجيوش النظامية بالآلية المناسبة لحرب العصابات لا بآلية مواجهة الجيوش النظامية التقليدية، عبر الإستعانة بخبراء عسكريين في مجال (كيف تواجه الجيوش النظامية حرب العصابات).

عندها سيكون هذا الإعتداء الشيعي على السعودية بمثابة منحة لا محنة على الأمن القومي السعودي واليمني والإقليمي والدولي.
____________
مسئول التخطيط السياسي سابقاً في التجمع اليمني للإصلاح

زر الذهاب إلى الأعلى