كتبتُ، غير مرة، خلال الأسابيع القليلة الماضية عن خطورة التدخل الأميركي والبريطاني في اليمن، وسرعان ما تجاوبت الحكومة اليمنية مع هذا التحذير، واعترف غير مسؤول يمني بأن «أي تدخل أجنبي في اليمن لمواجهة تنظيم القاعدة سيعقّد الأمور»، ويضعف موقف حكومة صنعاء. فتحركت الحكومة الأميركية لطمأنة اليمنيين، ونفى الرئيس الأميركي باراك أوباما نية بلاده إرسال قوات عسكرية إلى اليمن، لكنه لم يستبعد أي احتمال.
النفي الأميركي تجدد على لسان قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال ديفيد بترايوس الذي تحدث عن زيادة المساعدة الأمنية لليمن إلى 150 مليون دولار، وهذا الرقم المتواضع يعزز الاطمئنان، فنقل الجنود وخوض معارك على الأرض، يعنيان ان المبالغ سترتفع إلى خانة البلايين. ولكن، على رغم دلالة الأرقام، والتصريحات المطمئنة، والحديث عن التنمية والمساعدات الاقتصادية الأميركية، التي ذُكِر انها ستجد دعماً من السعودية والإمارات، قدر بـ3 بلايين دولار تقريباً، فان أحداً لا يستطيع ان يضمن التطورات، فالنفي الأميركي للتدخل ليس نهائياً، وتصريحات أوباما تركت الباب مفتوحاً.
لا شك في ان الأوضاع الأمنية المتدهورة في اليمن تجعل الاحتمالات التي تحدث عنها الرئيس أوباما واردة بقوة، فالمتابع لتطورات ما يسمى «الحراك الجنوبي»، وتقاطعه مع تنظيم «القاعدة»، والتمرد الحوثي، سيجد ان اليمن يتجه إلى مزيد من التصعيد. وما يزيد القلق، والخوف من تبدل سريع يفرض تدخلاً خارجياً، هو ان حكومة صنعاء تتجاهل تماماً الدور الذي يقوم به «الحراك الجنوبي»، حتى حين طرحت المبادرة الأخيرة للحوار، لم تضمّنها حواراً مع أبناء الجنوب. في المقابل، نجد ان «الحراك» يتجاهل الخطورة التي يشكلها التمرد الحوثي والوجود الكثيف لتنظيم «القاعدة» على الأمن والسلم الأهلي في اليمن، بل ان «الحراك الجنوبي» يتصرف مع هذا الخطر على طريقة لم نأمر به ولم يسؤنا.
تجاهل الحكومة لجماعة «الحراك الجنوبي»، وتجاهله هو لخطر الحوثيين و «القاعدة»، يعنيان عملياً ان الطرفين يخوضان صراعاً على السلطة، ويتجاهل كل منهما خطورة توقيت هذا الصراع على أمن البلد والمنطقة، واللوم يقع في المقام الأول على عاتق «الحراك الجنوبي»، فهو يتجه بقوة ليلعب دور المعارضة العراقية التي هيّأت لاحتلال العراق.