[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

هل مازال أوباما مختلفا عن بوش؟

لقد كانت رسالة تذكير صارخة بأن "الشر موجود بالفعل في العالم،" على حد قول الرئيس أوباما في خطاب قبوله لجائزة نوبل. ولكن آثار محاولة التفجير الفاشلة يوم عيد الميلاد تلقي بظلالها على الوعد التاريخي ب "بداية جديدة" مع العالم الإسلامي مبنية على "الاحترام المتبادل" و"المصالح المشتركة".

سيكون رد فعل الرئيس في الأسابيع والأشهر القادمة حاسما في تشكيل العلاقة التي مزقتها ممارسات الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والتي ينظر إليها على أنها خصت واستهدفت المسلمين بشكل غير متناسب. لقد أشعل فشل الاستخبارات الأمريكية الذي كشف عنه التفجير الفاشل الذي حاوله عمر الفاروق على متن طائرة أمريكية، أشعل إجراءات أمن مشددة في المطارات وتنقيح لقوائم مراقبة الإرهاب.

وقد قامت المجموعات الإسلامية الرائدة سلفا بشجب التعزيزات الجديدة واصفة إياها بأنها "تنميط" للمسلمين. وقد أصبح المواطنون والمسافرون القادمون من ثلاث عشرة دولة إسلامية كبرى وكوبا عرضة بصفة خاصة لمراقبة إضافية، مثل الماسحات الضوئية التي تصور الجسم بالكامل – حتى وإن كان هؤلاء يعيشون في أماكن مثل الولايات المتحدة على مدى سنوات.

وفي تقديم مزيد من الوقود للنقد، قالت نساء مسلمات يرتدين الحجاب إنهن خضعن لمزيد من المسح الضوئي "المذل"، ببساطة لأنهن محجبات. وفي بعض الحالات، طُلِب من النساء خلع الحجاب. إن ضجر المسلمين في كل أنحاء العالم في تزايد أصلا بسبب الكثير جدا من الوعود والقليل جدا من التغيرات الملموسة من جانب أوباما لجسر الهوة المتزايدة. كما أن الرأي العام ملتهب بسبب تصعيد أوباما للحرب في أفغانستان والتي تمتد إلى باكستان؛ والمواجهة القائمة حول برنامج إيران النووي؛ والمشتبه بكونهم إرهابيين الذين مازالوا محتجزين في معتقل جوانتانامو؛ وعجز إدارته عن الحصول على تنازلات ذات قيمة من الإسرائيليين من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

مازال الحكم على أمة بأكملها يعاني بشدة من كدمات هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ومازال الرئيس الأمريكي يؤدي ونصب عينيه جمهوره الداخلي وليس الجمهور الدولي حتى الوقت الحاضر. لقد أدت محاولة التفجير الفاشلة إلى تضاؤل الجدل حول أفغانستان – والذي شهد نُقادا يتعطشون للدماء عندما ظل أوباما صامتا لبضعة أشهر قبل أن يعلن عن زيادة القوات هناك – لأن هذه المحاولة تضرب بالقرب من الداخل. بيد أنه يجب أن يكون حريصا أيضا ليتجنب نفس النوع من ردة الفعل المتولدة ضد المسلمين بعد الحادي عشر من سبتمبر، وهو الأثر الذي مازال الشعور به موجودا اليوم. هل يستطيع أوباما أن يسود فوق صقور الأمن ويحافظ على الهدوء الأوبامي عندما يقوم فقط بالتغييرات الضرورية؟

ليس هذا هو الوقت المناسب للإفراط في رد الفعل، والذي من شأنه أن يحرق الجسور المتداعية أصلا مع الحلفاء العرب والمسلمين، تلك الجسور بالغة الأهمية في الحرب ضد المسلحين. بل الأحرى أن تسود رباطة الجأش من أجل صياغة ردود أفعال رزينة لتحسين الأمن والمرونة في مواجهة الهجمات. الأمة الضعيفة فقط هي التي تسمح للمسلحين أن يغيروا من نسيجها الخاص.

هذه رسالة طرحها الرئيس أوباما بعمق عندما أقسم قائلا "سوف نحدد شخصية بلدنا، ليس مجموعة صغيرة من الأفراد العازمين على قتل الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال." كما أصر الرئيس أيضا على أنه لن يجري أي تغييرات في السياسة من شأنها أن تحد من الحريات المدنية وحرية التنقل، قائلا، "لن نخضع لعقلية الحصار."

يجب ألا يركز التنميط، إن كان ضروريا حقا، على العرق أو الجنس أو القومية أو العقيدة، بل على السلوك الإجرامي. ووضع إجراءات إضافية لمن تنطبق عليهم هذه المعايير بسهولة هو ببساطة يسهل المهمة على المتطرفين، الذين يستطيعون التحايل على النظام واستغلال ثغراته. منذ عدة أسابيع ما كان لأحد، سوى قليل من الناس، أن يرفع حاجبا تجاه شاب نيجيري متعلم في لندن ينحدر من أسرة بارزة؛ ولهم أسبابهم الوجيهة في ذلك.

ومثل عبد المطلب، ركب المتهم بتفجير الحذاء، ريتشارد ريد، الطائرة التي كان ينوي تفجيرها بعد شراء تذكرة ذهاب فقط نقدا ولم تكن بصحبته أية أمتعة. وهذه واحدة من لافتات حمراء كثيرة كان يجب أن تلفت انتباه ضباط الأمن والاستخبارات. إن اتخاذ افتراضات لم يتم التحقق منها والتستر على حقائق تبدو تافهة قد أدى إلى إحباط ما لا يحصى من التحقيقات.

وعند مواجهته لنفس الانتقادات التي لاحقت حملته الانتخابية – بأنه عديم الخبرة ولين أكثر مما ينبغي على الإرهاب – قام أوباما، المضاد لبوش، بتشديد رد فعله في نغمة أكثر قربا من سلفه. "نحن في حالة حرب،" هكذا قال. وعلى الرغم من كل خطاباته البليغة ووعوده بقلب صفحة سنوات جورج بوش الثماني في الرئاسة، فقد حافظ أوباما بشكل كبير على نفس السياسات. ربما يكون أوباما رفض استخدام كلمات مثل "الحرب على الإرهاب" أو "الأسلمة" وقلل من بعض سياسات بوش القاسية، ولكن بعد عام من وجوده في الرئاسة، مازال يستبقي البعثات العسكرية ويؤكد على امتياز أسرار الدولة ويستخدم الطيارات بدون طيار لضرب أهداف القاعدة في باكستان، كما أنه أعلن عن خطط لاحتجاز عشرات الإرهابيين المشتبه بهم لأجل غير مسمى وبدون تهمة وزيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان لثلاثة أضعاف.

وفي الأسبوع الماضي، رغم ذلك، تحرك أوباما بعيدا عن إلقاء اللوم على نظام قائمة المراقبة الذي تم إنشاؤه في عهد بوش على الفشل في التعرف على النيجيري المتهم بمحاولة إطلاق متفجرات كان قد ربطها تحت ملابسه الداخلية. وفي ظل بيت أبيض متحمس للمضي قدما، اضطلع أوباما بالمسؤولية عن المشكلة، مستدعيا عبارة هاري ترومان الشهيرة، قائلا: "المسؤولية عندي."

لقد أدى الهجوم الفاشل إلى تحويل الضوء على اليمن، القاعدة لتنظيم القاعدة منذ زمن طويل. وما يبدو واضحا هو أن جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية المركزة بشكل ساحق على أفغانستان وباكستان قد حولت ناظريها عن الكرة التي تتدحرج في دول ضعيفة أخرى تقدم فراغا ملائما يزدهر فيه المتطرفون.

يواجه اليمن، حيث يُزعم أن صاحب التفجير الفاشل قد تلقى تدريبه هناك على يد فرع تنظيم القاعدة، يواجه تحديات جدية متعددة، مثل احتياطات النفط المتناقصة، ونقص المياه، والتمرد الكبير في الشمال، والحركات الانفصالية في الجنوب، ونسب الباحثين عن عمل المرتفعة التي تضرب سكانه من الشباب.

كما أن هذا الهجوم الفاشل قد وجه ضربة أخرى لخطط أوباما القاضية بإغلاق معتقل جوانتانامو المذموم في كل أرجاء العالم، وهو الوعد الذي يندرج أيضا تحت تواصله مع المسلمين. ويمثل المحتجزون اليمنيون ما يقرب من نصف سجناء جوانتانامو البالغ عددهم 198 سجنيا الذين مازالوا قابعين هناك. ولكن الرئيس قد أعلن عن توقف في نقل أي سجين يمني كان قد صدر قرار بالإفراج عنه للعودة إلى وطنه، بسبب الخوف من إمكانية عودتهم إلى القتال في أعقاب محاولة التفجير التي قام بها عبد المطلب.

في أوقات الحروب، ليست الولايات المتحدة هي وحدها التي تضع الحريات المدنية التي يتم الحصول عليها بشق الأنفس جانبا. فلنأمل ألا يستمر هذا الأمر طويلا هذه المرة.

زر الذهاب إلى الأعلى