أرشيف الرأي

ماذا يريد الحوثي؟!

ثمة تساؤلات عدة وحائرة برزت منذ أن اندلعت المواجهة في جولتها الأولى في جبال مران بصعدة بين الدولة وحسين بدر الدين الحوثي مؤسس حركة ما يسمى "بالحوثية" في عام 2004م والذي لقي مصرعه خلال تلك المواجهة وكادت الحركة

وهي في بواكيرها الاولى أن تنتهي وتتلاشى مع رحيل مؤسسها لولا أخطاء وسوء تقدير من جانب الدولة لإدراك أبعاد ومخاطر هذه الحركة والمقاصد من ورائها .. وحيث ظل المتابعون والمهتمون بالشأن اليمني يتساءلون ما الذي يريده الحوثي من وراء حركته المسلحة والمؤطرة بفكر عقائدي جعفري اثناعشري يستمد جذوره من إيران تضمنتها ملازم حسين الحوثي ووالده والتي سعيا من ورائها إلى حشد الأنصار والأتباع الذين تأثر بعضهم بها إما جهلاً أو تعصباً سلالياً أو رغبة في إعلان الرفض والتمرد ولأسباب ذاتية محضة وكردة فعل غاضبة على تصرفات بعض مسئولي السلطة المحلية في المحافظة أو بعض مشائخها أو بحثاً عن مصلحة أو غنيمة خاصة مع توفر الجهات التي ظلت توفر مثل هذا الدعم السخي مادياً وإعلامياً وسياسياً ولحسابات ثأرية وأجندات خاصة وبعضها يتصل تحديداً بأطماع إقليمية أو تصفية حسابات تحديداً مع المملكة العربية السعودية ومع دخول تلك المواجهات المتكررة مع "الحوثي" وأتباعه جولتها السادسة بعد أن تولى عبدالملك الحوثي قيادة الحركة المتمردة واتسعت رقعة تواجد أتباعه في مناطق محافظة صعدة وبعض المناطق المجاورة لها..

ظل ذلك التساؤل يطرح نفسه ماذا يريد هؤلاء؟ وإلى أين يريدون الوصول بتمردهم المسلح العنيف وعصبيتهم المتشددة التي تنكر الآخر إلا من حيث اعترافه بها وبأحقيتها فيما تدعيه من التميز السلالي والحق الإلهي في الحكم..

وأزداد الأمر تعقيداً مع تفاقم الأخطاء العسكرية والإدارية في المواجهات الميدانية المتكررة مع هذه "الجماعة" التي ظلت توسع من نطاق مواجهتها للدولة وتعزز من تمردها ووجودها المسلح في مواجهة تلك القوات العسكرية والأمنية والشعبية التي حشدت في مواجهتها في أكثر من محور من محاور القتال ومع تورط "الحوثة" في مواجهة الجارة السعودية في محاولة للزج بها في الحرب التي ظلوا يخوضونها ضد القوات اليمنية بهدف أقلمتها وتنفيذاً لمخطط الجهات الداعمة أو كسباً لمزيد من التعاطف والمساندة من جانب كل الغاضبين على المملكة سواء داخل اليمن أو خارجه بخاصة من ظلوا يشاطرون "الحوثة" أفكارهم ومعتقداتهم ومقاصدهم ..

ومع ازدياد أرقام أولئك الضحايا الذي يسقطون قتلى أو جرحى في تلك المواجهات وسواء كانوا مقاتلين ام مدنيين أبرياء واتساع رقعة الخراب والدمار فإن التساؤلات تبرز أكثر إلحاحاً هل تستحق الأهداف التي يسعى إليها "الحوثة" كل هذه التضحيات والدماء الغزيرة التي تراق؟ وهل يمكن لأي هدف من جانبهم مهما كان ان يتحقق بالفعل على أرض الواقع خاصة عندما يرتبط ذلك بتقويض تضحيات غالية قدمت من أجل "الجمهورية" والتخلص من نظام الإمامة المستند إلى نفس الدعاوى العنصرية التي ظل "الحوثة" يروجون لها ويعبئون بها أنصارهم وأتباعهم..

وأياً كان الدعم المقدم لهم أو التغرير الذي يقع فيه الكثير من المقاتلين في صفوفهم وكثير منهم ليسوا من المتأثرين بالعقائد أو التمييز السلالي.. فهل بإمكانهم الصمود طويلاً؟! خاصة بعد أن أدرك "الحوثة" بأن مواجهتهم مع الجارة السعودية خاسرة ولم تجن عليهم المكاسب التي كانوا يتوقعونها وأعلنوا وقف مواجهتهم معها والانسحاب من أراضيها وبعد أن ترسخت لديهم القناعة بأن الدولة لن تتركهم هذه المرة وخلال هذه الجولة السادسة من المواجهة معهم يفلتون منها كما فعلوها في المرات السابقة ولن تسمح لهم بالاستعداد لجولة جديدة من المواجهة وان ما يخوضونه من حرب دامية وما ينتج عنها من قتل ودمار في صفوفهم وعند الآخرين ليس له من نتيجة سوى المزيد من إراقة الدماء وإشاعة الخراب؟!..

فهل يا ترى من مراجعة من قبلهم لإنهاء هذه اللعبة الخطيرة والمدمرة التي لعبوها وخلال ست سنوات تقريباً الاقتناع بأن إمكانهم في ظل السلم لا الحرب أن يحققوا عن بعض ما يروجون أنها أهدافاً لهم وهي التعبير عن ذاتهم ووجودهم والترويج لمعتقدهم لدى من لديه الاستعداد للاقتناع بذلك في ظل احترام الدستور وبعيداً عن لغة الدم والقتل وأزيز الرصاص ودوي المدافع والمتفجرات؟!.

وهل حان الوقت ليدرك "الحوثة" بأن الزمن تغير والعقول كذلك وان الاحتكام للسلاح ومنطق التمرد والعنف لا يمكن أن يقود سوى إلى نفق مظلم لا يمكن الخروج منه إلا بنهايات مأساوية ودامية.. هل فكروا قليلاً في اليمن قبل تفكيرهم في الآخرين الذين ظلوا يستخدمونهم مجرد أدوات وبيادق في لعبة مصالح إقليمية ليس لهم فيها من نصيب غير الدم والأشلاء والقتل بالإنابة ؟!!.

زر الذهاب إلى الأعلى