[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

سلام صعدة!!!

أياً كانت المبررات أو الدوافع التي تقف وراء قرار وقف الحرب السادسة بين المتمردين الحوثيين بصعدة شمال اليمن والسلطة فإن القرار في حد ذاته يمثل خطوة إيجابية بما يقترن بها من حقن للدماء ووقف للدمار وإنهاء للمآسي الإنسانية التي تنتجها الحرب سواء على صعيد أولئك الذين تزهق أرواحهم أو تراق دمائهم أو على صعيد تلك المعاناة الإنسانية القاسية التي يتحملها النازحون نتيجة لتلك الحرب وهم الفارون بجلودهم من أهوالها ليعيشوا حياة قاسية في مخيمات النازحين أو في منازل مستأجرة أو لدى أقرباءهم تاركين ورائهم منازلهم ومتاعهم وكل ما يملكون طلباً للنجاة بأرواحهم ..

وربما أدرك الحوثيون بقبولهم النقاط الست المقدمة من الحكومة كشرط لإيقاف العمليات العسكرية بأن خيار العنف والسلاح لا يمكن أن يحقق لهم نتيجة أو يؤدي بهم للوصول إلى ما يطمحون إليه أو يقاتلون من أجله والذي ظلوا يضمرونه في نفوسهم ولا يصرحون به مع أن ملامحه واضحة ومعروفة وتظهر بين طيات ملازم مؤسس حركتهم حسين بدر الدين الحوثي وفي تعاملهم مع بعضهم البعض.. وإذا كان من حق أي مواطن يمني ان يعبر عن نفسه بحرية وفي إطار ما كفله الدستور للجميع فإن ذلك لا يمكن أن يتم عبر لغة الدم والرصاص ولكن عبر النهج السلمي الديمقراطي الذي يتيح لكل طامح تحقيق طموحاته متى ما كان مقنعاً ببرامجه وأطروحاته للشعب صاحب الكلمة الفيصل في اختيار من يريد..

ولهذا فإن على الحوثيين اغتنام هذه الفرصة ومواكبة النوايا الجادة التي أظهرتها الدولة لإنهاء هذه الحرب وإحلال السلام في صعدة والاستعداد لقبول مطالبهم في إطار الدستور وعليهم تجربة خيارات السلم والانخراط في العملية السياسية الديمقراطية أن هم أرادوا بعيداً عن فكرة التمرد أو فرض الأفكار والرؤى بقوة السلاح والعنف..وكذا الإدراك بأن اللجوء إلى أي من أساليب المراوغة أو التكتيك قصير النظر كاعتبار وقف إطلاق النار بأنه يمثل فرصة لالتقاط الأنفاس أو استراحة محارب لإعادة التجهيز والاستعداد لجولة جديدة من المواجهات أو التعامل معه بأنه نوع من الحيلة والتذاكي لإخراج الطرف السعودي من معادلة الحرب ومن ثم العودة مرة أخرى إلى المواجهة مع الجيش اليمني منفرداً وهذا أن حدث أو تم التكفير فيه فإنه سيمثل رؤية ضيقة وانتكاسة كبرى لهذه الفرصة التي لاحت لإحلال سلام حقيقي في صعدة وإعادة السكينة والاطمئنان إلى سكانها وسيدخل الجميع في دوامة جديدة لن تنتهي من الدماء والدمار..

وما من شك فإن قرار إيقاف الحرب قرار شجاع ولن يمر بسهولة وسوف تعترضه الكثير من العراقيل والصعاب وبخاصة من تجار السلاح والحروب وفي كل الاتجاهات..وحتى من أطراف خارج الحدود اليمنية من الذين يريدون للحرب أن تستمر لأن مصلحتهم في استمرارها ولهذا ليس بمستبعد أن نسمع عن خروقات وانتهاكات متكررة لقرار وقف اطلاق النار سوف يرتكبها البعض خاصة في صفوف المتمردين الحوثيين من أجل أن تبقى للحرب مبررات اندلاعها مرة أخرى لان مثل هؤلاء لا يستطيعون العيش إلا وسط مستنقعات الدم وأزيز الرصاص ولأن الحرب بالنسبة لهم غنيمة شخصية ومطمح ذاتي!.

إن السلام كما الحرب مهمة صعبة وكلاهما بحاجة إلى رؤية ثاقبة وإرادة قوية تجعل منهما وسيلة ناجحة لتحقيق الأهداف والغايات المنشودة.. مع التباين في حجم الثمن المدفوع لذلك.

ومن الخير لليمن أن تكون إرادة السلام هي المنتصرة ليتفرغ إلى معالجة بقية تحدياته وملفاته العالقة وفي مقدمتها ما يتصل بمواجهة مشروع التجزئة وثقافة الكراهية التي يروج لها بعض الانفصاليين في بعض مناطق المحافظات الجنوبية لإدخال اليمن في متاهة جديدة من الصراع والعنف ، وكذا مواجهة الأنشطة الإرهابية لتنظيم القاعدة أو التحديات الاقتصادية ومفتاح الانطلاق لمواجهة كل تلك التحديات وحل تلك القضايا العالقة هو السلام في صعدة والذي هو مصلحة يمنية بالدرجة الأولى..!

زر الذهاب إلى الأعلى