آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

قمة الرئيس والملك.. لا فائدة!!

تنعقد اليوم في العاصمة السعودية الرياض قمة بين الرئيس علي عبدالله صالح وخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. ولعل ملف أمن الحدود والتنسيق بشأن مؤتمر الرياض (المنبثق عن مؤتمر لندن) هو أبرز ما سيتم مناقشته في هذا اللقاء المفاجئ الذي لم يعلن عنه من قبل..

القمة هامة، وناجحة سلفا، وفقا لأفق الطموح المرحلي لدى البلدين.. بمعنى: المزيد من دعم المملكة لليمن، وكذلك مزيد من التقارب والتنسيق في الموقف السياسي للبلدين تجاه الملفات المشتركة.. ولا شيء أكبر من ذلك.. وهنا لابأس أن نقول (ولو من باب التساؤل الجريء):

هل ثمة جديد في هذه القمة بحجم الطموحات المنطقية والمخاوف الملحة التي يعيشها البلدان بعيدا عن عقدة الارتياب وميراث النكث ورصيد مرات الإغاضة المتبادلة؟.. الرئيس صالح يوصف من قبل خصومه في اليمن أن المملكة هي التي زجت به في 17 يوليو 1978 إلى سدة الحكم في الشطر الشمالي سابقا، ويقال بأن صالح كان قبل توليه الحكم ذراع المملكة لتمويل حركة المعارضة في أثيوبيا إبان الحكم الشيوعي.. في المقابل لاينفك الكثير من ساسة المملكة من العزف على وتر الارتياب من صالح بسبب موقفه من غزو الكويت.. وبسبب جماعة التمرد الحوثي على الحدود مع المملكة وما اذا كان التمرد لعبة إيرانية يمنية بهدف زعزعة الأمن في الأراضي السعودية!!

وبالطبع لا يتوقف الرئيس صالح عن صنع الملابسات التي تدخل السعوديين، بين الفترة والأخرى، في دوائر واسعة من الشك.. وفي نفس الوقت لا شيء، حقيقة، يمكن أن يحدث في اليمن، ويتمادى في الحدوث، دون أن يكون السعوديون على اطلاع بأدق التفاصيل، وبالتالي لا وجاهة كافية لغيوم الشك..

ولكن؛ وحتى لا نسهب في التوطئة، نختصر ونقول: لماذا لا ينظر العقل اليمني الحاكم تجاه المملكة الا باعتبارها بقرة حلوبا، وخائفة من بوائقه.. ولماذا لا ينظر الأشقاء في السعودية لليمن الا باعتباره تعبا لابد من التعامل معه اتقاء لشره..

لماذا لا يتخذ اليمن اجراءات حقيقية بشأن "القات" و"انتشار السلاح" ان كان يسعى بجدية إلى العضوية الكاملة في مجلس التعاون الخليجي؟ ولماذا لا يتخذ موقفا أكثر وضوحا وحزما من دعم إيران للمتسللين الحوثيين الذين تمردوا عليه واعتدوا على جواره.. ولماذا يصر الرئيس صالح على عدم اشراك القوى السياسية من خارج حزبه في الملفات الاستراتيجية التي تمس مصير البلاد حتى يوفر إجماعا وطنيا يحفز الأشقاء على الاقدام أكثر باتجاه اليمن والتفاؤل بشأن مستقبله..

في المقابل لماذا لايحاول الأشقاء في المملكة أن يستفيدوا من خبرة الإيرانيين في التغلغل ومد النفوذ بشكل أكثر جرأة مما هو حاصل اليوم.. ولماذا البطء في ضم اليمن إلى الحضن الخليجي ومحاولة اعادة ولو نصف الدعم الذي كانوا يقدمونه قبل الثاني من آب أغسطس 1990. وليكن دعما مشروطا بالاصلاحات الادارية ورفع مستوى الشفافية بل وحتى التدخل الطبيعي في بعض التعيينات الحساسة كما تفعل الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي مقابل أي دولار أو يورو يقدمونه لليمن..

اليوم خليج عدن يعج بكافة أساطيل ومساطيل العالم من كل شكل ولون الا اللون اليمني والسعودي.. فما الذي سيتخذه فخامة الرئيس وجلالة الملك بهذا الصدد.. واليوم أصبحت الآمال الشعبية في مستوى منخفض.. وقنع الطرفان بهذا السقف المخجل.. وتقاعست النخب (اليمنية بالذات) عن طرح المبادرات الجريئة.. ويكاد الخيال الاستراتيجي في مجال التمازج الثقافي أن يكون صفرا.. وكذلك تبدو علاقة مؤسسات المجتمع المدني ببعضها أكثر من ضحلة..

الوقت يمر.. وكلا البلدين اليوم مطالب بما هو أكثر تجاه الآخر.. وليكن الجميع على يقين بأن تكامل البلدين يزعج أصدقاء كثر، بل وأشقاء أيضا، للأسف، ولا داعي لذكر من هم.. إنما الشيء المؤكد الوحيد هو أن اليمن جاهز للدوران في فلك المملكة.. والمملكة قادرة على حل كل مشاكل اليمن.. والطرفان لا ينقصهما اليوم عنصر الثقة بقدر ما ينقصهما عنصر الطموح.

زر الذهاب إلى الأعلى