لا أحد ينكر أن الفرس تربطهم علاقة جوار مع العرب وكانت لهم إمبراطورية في التاريخ القديم، يمتد عمرها إلى 2500عام. خاضت هذه الإمبراطورية صراعات عديدة ضد قريناتها، انتصرت في معارك وانهزمت في أخرى.
بقيت قائمة حتى أسقطها العرب المسلمون وأدخلوا أهلها في الإسلام. لقد توترت علاقة الفرس بالعرب منذ سقوط إمبراطوريتهم الكبيرة حتى يومنا هذا...
نحن هنا لسنا بصدد سرد تاريخ الإمبراطورية الفارسية القديمة، لكن ما نريد قوله أن الفرس اليوم يطمحون إلى إعادة تلك الإمبراطورية على حساب جيرانهم العرب، وفيما يأتي لمحات تدل على هذه الأطماع الفارسية...
الأحواز العربية المحتلة
النزاع بين الدولة العثمانية والدولة الفارسية حول الأراضي العربية الأحوازية وشط العرب في الربع الأول من القرن التاسع عشر بدأ يلوح في الأفق، فتوسطت بريطانيا وروسيا بين الدولتين آنذاك، وتم عقد معاهدة أرض روم الأولى عام 1821، و من ثم معاهدة أرضروم الثانية عام 1847 التي بموجبها نالت دولة فارس (إيران الحالية) حرية الملاحة للسفن الفارسية في شط العرب، وحصلت على مدينة المحمرة وميناءها وجزيرة عبادان، (هذا القرار كان هبة من لا يملك إلى من لا يستحق)، ولكن أهل الأحواز رفضوا هذه المعاهدة والإحتلال الفارسي معاً، وثار الأحوازيون بقيادة الشيخ جابر الكعبي، واستمرت ثورتهم عشر سنوات، وأرغموا شاه بلاد فارس عام 1857 على الإذعان والاعتراف باستقلال الأحواز. (6)).
بعد ذلك، وعندما انتقل حكم الأحواز إلى الشيخ خزعل الكعبي وحّد البلاد تحت قيادته، وراح يعقد معاهدات سياسية واقتصادية مع بريطانيا، وبعد إنقلاب رضا خان سنة 1921، عاد الطمع الفارسي في الأحواز يتجلى خاصة بعد أن تفجر البترول عام 1908 في مدينة السليمانية (مسجد سليمان) الأحوازية...
خشيت بريطانيا من وصول الشيوعيين إلى مياه الخليج العربي الدافئة، فأخذت تغازل رضا خان، وقامت بقطع العلاقة مع أمير الأحواز بعاصمتها المحمرة، وحالت بينه وبين القبائل العربية عامة والأحوازية خاصة. وتحت جنح الظلام وبحماية ومساعدة بريطانية و تمهيد من قبل المرجعية الشيعية في النجف غُدر بالشيخ خزعل عام 1925، ووقع في الأسر حيث استشهد في سجن الإحتلال الفارسي سنة 1936. أرسل الشاه الجديد جيشاً لإحتلال الأحواز، ومنذ ذلك العام حتى يومنا هذا، وهذه البقعة العربية تئن تحت نير الإحتلال الفارسي الحاقد. (6)..
جمهورية العراق
لم يكتف الفرس الطامعون باحتلال الأحواز فقط، بل راحوا يطالبون بشط العرب. طرح العراق القضية أمام عصبة الأمم المتحدة التي أوصت بحل الأمر عن طريق المفاوضات المباشرة، فتم عقد معاهدة1937 بين البلدين، وبموجب هذه المعاهدة حصلت إيران على سبعة كيلو مترات مقابل مدينة عبادان، وفي 19/4/1969 أعلنت الحكومة الفارسية نقض معاهدة 1937 من طرفها، وهددت باللجوء إلى القوة إذا لم تتحقق مطالبها. وبعد ذلك كانت اتفاقية الجزائر، وقد وُقعت في 6 مارس عام 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين، و شاه إيران محمد رضا بهلوي، وبإشراف رئيس الجزائرآنذاك هواري بومدين. ومنذ ذلك الوقت أصبحت حدود العراق مع إيران أحد المسائل التي تساهم في إثارة الكثير من النزاعات بين البلدين.
في عام 1937 عندما كان العراق تحت الهيمنة البريطانية، تم توقيع اتفاقية تعتبر نقطة معينة في شط العرب غير نقطة خط القعر هي الحدود البحرية بين العراق وإيران، لكن الحكومات المتلاحقة في إيران رفضت هذا الترسيم الحدودي واعتبرته "صنيعة إمبريالية"، واعتبرت إيران نقطة خط القعر (التالوك) في شط العرب التي كان قد اتفق عليها عام1913 بين إيران و العثمانيين هي نقطة الحدود الرسمية. في عام 1969 أبلغ العراق الحكومة الإيرانية أن منطقة شط العرب كاملة هي مياه عراقية ولم يعترف العراق بفكرة خط القعر تلك. في عام 1975ولغرض إخماد الصراع المسلح للأكراد بقيادة مصطفى البارزاني الذي كان يتلقى الدعم من شاه إيرانمحمد رضا بهلوي، اضطر العراق إلى توقيع اتفاقية الجزائر مع إيران، وتم الاتفاق على نقطة خط التالوك كحدود بين الدولتين، ولكن بعد أن خرقت إيران الخمينية بندا من بنود الاتفاقية بتدخلها في الشؤون العراقية ألغى صدام حسين هذه الأتفاقية عام 1980. (4)).
ما زالت المشكلة قائمة بين البلدين حتى يومنا هذا، وسوف تبقى ولن تنتهي لأن حكام طهران بالتاج الملكي أو العمائم الخمينية يصرحون حيناً ويلمحون أحياناً، بأن الحد الفعلي بينهم وبين العراق نهر دجلة وبقايا قصر كسرى المجوسي في المدائن العراقية>>
.
عاش الخميني في النجف ضيفاً على العراق 15 عاما، بعد ذلك انتقل إلى باريس، ومن هناك حين سُئل عن تسلسل أعدائه أجاب (العدو الأول الشاه ثم صدام حسين وحزبه الكافر و يقصد حزب البعث العربي الإشتراكي..
بعد نجاح الثورة في إيران عام 11/2/1979 و انتهاء حكم آل بهلوي، أسرع الخميني إلى تصدير ثورته خدمة لإمبراطورية فارس وأفكاره الصفوية إلى دول الجوار كالعراق والخليج العربي. و حين وصول الخميني إلى سدة الحكم و كما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية أرسلت القيادة العراقية تهنئة إلى القيادة الفارسية، فكان رد الخميني برسالة بدأت بعبارة (السلام على من اتبع الهدى)، وهي عبارة دينية مستفزة تعني كفر المخاطب. جاء رد صدام حسين قويا و واضحاً حينما قال (نحن إلى جانب الإيمان دائماً، لكننا نحذر من أن يكون الدين قناعا لمعارضة النظام وسياساته)،
ثم واصلت إيران دعايتها ضد العراق، و في عام 1979 وافقت حكومتها على تنظيم مظاهرات في طهران دعت فيها إلى تنصيب حكومة إسلامية صفوية في العراق بقيادة الخميني، وقد أدّى هذا التدخل السافر للخميني في شؤون العراق الداخلية، والتحريض ضد قياداته، والتحرش بجيشه إلى إندلاع حرب أطالها الخميني برفضه لدعوات وقف اطلاق النار 8 سنوات، رغم المناشدات الكثيرة للقيادة العراقية بإيقافها بعد أسبوعها الأول، ومساع حميدة للدول العربية والإسلامية والمنظمات الدولية. (الحرب الإيرانية العراقية 20/9/1980 – 8/8/1988..
توقفت الحرب، وخرج العراق منتصراً منها، ولكن بقيت إيران تتآمر على العراق حتى احتلال العراق عام 2003، ويقول أبطحي نائب الرئيس الإيراني السابق في ختام مؤتمر (الخليج وتحديات المستقبل) في الإمارات العربية المتحدة: إنه لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابل وبغداد بهذه السهولة)، والتدخل مستمر. (7-4).
مملكة البحرين
أخذت حكومة الفرس في بلاد فارس تطالب بملكية البحرين اعتباراً من عام 1822، وعقد حاكم شيراز مع (وليم بروس) الحاكم العام البريطاني في الخليج العربي اتفاقية، اعترف الأخير فيها بأن البحرين تابعة لإيران، لكن هذه المعاهدة ماتت قبل أن ترى النور لأن الشاه وحكومة بومبي لم يوقعا عليها. عادت إيران تطالب بالبحرين عام 1840 رغم أن الجزيرة عربية، ويحكمها آل خليفة الذين ينتسبون إلى قبيلة عتبة، فرد (لابردين) وزير خارجية بريطانيا على هذه المطالب بتصريح نفى فيه أحقية إيران في الخليج أو البحرين...
في 11/11/1957 أعلنت إيران إلحاق البحرين بالتقسيمات الإدارية لإيران معتبرة إياها المحافظة الرابعة عشرة، وفي عام 1958 خصصت إيران مقعدين في برلمانها للبحرين شغلهما: عبد الله الزبره وعبد الحميد العليوات، وهما من الإيرانيين الذين بليت بهم البحرين. بقيت البحرين تتعرض للضغط الإيراني حتى 14/8/1971، حيث أثبت الإستفتاء الشعبي رغبة البحرانيين في الحصول على الإستقلال، وصادق مجلس الأمن على نتائج الإستفتاء، لكن استمرت إيران في مطالبتها بالبحرين طبعاً بعد قبولها لقرار مجلس الأمن..
لذا هذا التدخل المستمر في شؤون مملكة البحرين من قبل الأنظمة الإيرانية التي حكمت إيران قديماً وحديثاً يبين لنا أن الفرس طامعون بكل الأراضي العربية، ومثالاً على ذلك تصريحات شريعتمداري الأخيرة (إن للبحرين حسابا منفصلا عن دول مجلس التعاون في الخليج، لأنها جزء من الأراضي الإيرانية، وإن المطلب الأساسي للشعب البحرينى حاليا، هو إعادة هذه المحافظة إلى الوطن الأم) كما أضاف قائلا: (إن الأنظمة الخليجية ليس لها من الشرعية كما للنظام في طهران(1)..
الجزر العربية الإماراتية المحتلة
في 30/11/1971 غزت إيران عسكريا وتحت الحماية البريطانية ثلاث جزر عربية: طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبو موسى، وشرد سكان هذه الجزر إلى إمارات ساحل عمان من البطش الفارسي. احتلال إيران لهذه الجزر الثلاث بعد ثلاثة أشهر من تنازلها عن المطالبة بالبحرين دليل ظاهر على أن إيران استبدلت منطقة بأخرى، والجذير بالذكر إن إيران احتلت هذه الجزر قبل انسحاب بريطانيا من الخليج العربي بثمان وأربعين ساعة فقط. طبعاً هذه الجزر مهمة بأهلها ومساحتها، ولكن الأهم من ذلك موقعها الاستراتيجي عند مضيق باب السلام (هرمز). و مما يلزم ذكره هنا أن 75% من النفط العالمي يمر من هذا المضيق، وفي كل 11 دقيقة تعبر ناقلة ضخمة من هذا المضيق، وتحت مراقبة البطاريات الإيرانية، علماً بأن عرض المضيق لا يزيد على عشرين ميلاً، ومن هنا تبدو أهمية احتلال إيران لهذه الجزر الثلاث العربية..
هناك جزر عربية أخرى استولت عليها إيران ومنها جزيرة (صرى) في عام 1964، وشيدت فيها مطاراً حربياً مهما، وجزيرة (اهنيجم) في عام1950، واحتلت إيران كذلك جزيرة (الغنم) التابعة لعمان لأنها واقعة على مضيق باب السلام (هرمز). بعد انتصار الثورة (الإسلامية!) في إيران والإطاحة بالنظام الملكي، قوبل تغيير النظام في طهران من أبو ظبي بشيء من التفاؤل أملا في حل قضية الجزر الإماراتية الثلاث، وخاصة أن النظام الجديد دعا إلى علاقات حسن الجوار. (1))..
غير أن التفاؤل الإماراتي ما لبث أن تلاشى، فالقادة الإيرانيون الجدد حافظوا على نفس سياسة النظام الإيراني السابق إزاء مسألة الجزر الثلاث على أنها إيرانية بالكامل. عرضت أبو ظبي على طهران إجراء مباحثات بشأن هذه المسألة، غير أن الجانب الإيراني نأى بنفسه عن مناقشتها، كما رفض سنة1996 اقتراحا من مجلس التعاون الخليجي بإحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية. قبل ذلك، ونقلاً عن جريدة الخليج تاريخ 22/5/82 في حديث مع صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى صحيفة »الشرق الأوسط« و»عرب نيوز« السعوديتين..
موقفنا من الجزر الثلاث واضح وبسيط، هذه الجزر جزء من دولة الإمارات، وملك لها، وكلنا أمل أن نتمكن من حل خلافنا مع إيران بالتفاهم والحوار الذي يقوم على المنطق، ويستند إلى روابط الأخوة والعقيدة المشتركة بيننا، وإلى العدالة التي أنزلها الله سبحانه وتع إلى على عباده في أرضه). كان رد الحكومة الفارسية: إن جميع أراضي الإمارات كانت محمية تابعة لإيران، وإن مطالبتها بالتفاوض على مصير الجزر الثلاث في الخليج العربي يعد "وقاحة"، وإن المطالبة بالجزر من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع حرب بين البلدين. (3-8)..
جمهورية مصر العربية
مرت العلاقات الإيرانية - المصرية خلال القرن الماضي بمراحل مختلفة، تراوحت بين التطور الذي بلغ حد التصاهر بين نظامي الحكم في البلدين في مرحلة ما، وبين القطيعة الكاملة والدخول في حرب سياسية وأمنية شديدة في مرحلة أخرى. عند مقتل السادات عام 1981م ابتهجت إيران واعتبرت قاتله " خالد الإسلامبولي " بطلاً إسلاميًا، وأطلقت اسمه على أحد الشوارع الرئيسة في طهران، وبنت له جدارية كبيرة نصبتها على مقربة من السفارة المصرية.
لقد تعرضت مصر طوال العقود الثلاثة الماضية لأعمال إرهابية عديدة، ذهب ضحيتها الكثير من المدنيين الأبرياء، وألحقت أضرار بالمصالح الاقتصادية والأمنية المصرية. أثبتت التحقيقات أن أغلب تلك الجرائم الإرهابية كانت مدعومة من قبل أجهزة المخابرات الإيرانية، وذلك بحسب الأدلة والشواهد التي قدمتها السلطات المصرية، ومنها اعترافات العناصر التي كان قد تم تدريبها وتمويلها من قبل أجهزة المخابرات الإيرانية، وجرى دفعها للقيام بأعمال معادية ضد مصر. لعل من بين تلك الشواهد يمكن ذكر قضية "محمود عيد دبوس" العميل المصري الذي حكم عليه عام 2004م بالحبس 35 عامًا، بعد أن تم إلقاء القبض عليه، واعترف بالتجسس لحساب شبكة إرهابية تعمل لصالح الحرس الثوري الإيراني، ويرأسها الدبلوماسي في مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة الضابط الحرسي " محمود رضا حسن دوست ". لكن رغم كل تلك الاعتداءات الإيرانية، إلا أن مصر بقيت تمارس سياسة ضبط النفس ولم ترد بالمثل، مما أعجز إيران عن إظهار تعرضها ولو لمرة واحدة لعمل معاد تثبت لمصر دورا فيه. بعد موت الخميني، وتولي ثعلب السياسة الإيرانية "هاشمي رفسنجاني" رئاسة الجمهورية، جرى في سنة 1991م استئناف العلاقات بين طهران والقاهرة على مستوى مكتب رعاية المصالح، وعلى هامش اجتماع القمة العالمية الأولى لمجتمع المعلومات في جنيف في كانون الأول 2003 م التقى الرئيس المصري محمد حسني مبارك بالإيراني محمد خاتمي، وكان هذا أول لقاء بين رئيسي الدولتين منذ ربع قرن، إلا أن هذا التقارب بين البلدين سرعان ما توقف بعد أن أبدت مصر امتعاضها الشديد من التدخل الإيراني السافر في الشؤون العراقية، والذي أخذ منحى خطيرًا يهدد وحدة العراق ويدفع به نحو الحرب الطائفية. ردت إيران على ذلك بدفع الميليشيات الطائفية الموالية لها عام 2005م للقيام باختطاف السفير المصري في بغداد "إيهاب الشريف" وقتله. (5-منقول)..
جمهورية اليمن
لم يكن مفاجئاً الإعلان عن الدور الإيراني في دعم وتشجيع المتمردين الحوثيين في صعدة، و ليس مستغربا أن تنشط الأجهزة الإعلامية الإيرانية في الترويج والتحريض ضد الشعب اليمني، فجماعة الحوثي ومن أول يوم انطلق فيه عملهم التخريبي في مديريات محافظة صعدة وعمران وصنعاء، كانت بصمات نظام الملالي الإيراني واضحة كوضوح الشمس.
كان ذلك الدور متعمقاً في الحركة التخريبية الحوثية من خلال تقمصها للشعارات التي يرددها الحرس الثوري الإيراني، وجماعة الفرق المنضوية تحت نظام الملالي الإيراني. فتلك الشعارات التي يرددها ويرفعها المخربون الحوثيون في البلاد وفي المساجد، هي شعارات ظاهرها الإيمان والجهاد، وباطنها التخريب والإيذاء والتشويه لسمعة الإسلام والمسلمين..
لكن بالعودة إلى تاريخ نظام الملالي، نجد أن هذا النظام قد أتى حاملاً معه معول المجوسية، والثقافة الفارسية التي بقيت في نفوس أبناء هذه الطائفة ضد الإسلام وأبنائه منذ اندثار دولتهم على أيادي المجاهدين الفاتحين الأوائل من أبناء الإسلام بقيادة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم، ويأتي اليوم الدعم الإيراني للمخربين في صعدة من أجل تحقيق أهدافها السياسية الخاصة بها والمتمثلة بمايلي:
الهدف الأول: الانتقام من القيادة السياسية والشعب اليمني لوقوفهم مع الشعب العراقي الشقيق في حربه ضد نظام الملالي التوسعي بعد الثورة الإيرانية، وهذا الانتقام قد ترجم على أرض الواقع من خلال تزويد الحوثيين بالمال والسلاح والخبراء الحربيين من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني وبقية الأحزاب المنضوية تحت مظلة نظام الملالي في العراق الشقيق. ظهر ذلك من خلال الدعوة التي أطلقتها قيادات المليشيات الإرهابية المتواجدة في أرض العراق المنخرطة في المجلس النيابي لفتح مكتب للحوثي في العراق الشقيق بإيعاز من نظام الملالي الإيراني..
الهدف الثاني: إغراق منطقة الخليج والجزيرة العربية بالفتن والحروب وزرع بذور الطائفية بين أبناء شعوب دول الخليج والجزيرة العربية، وهذا ما نجحت فيه وطبقته على أرض الواقع في بلاد الرافدين، حيث تقوم الميليشيات التي تربت وترعرعت في أحضان نظام الملالي الإيراني لسنوات طويلة، وعادت بعد الغدر بالعراق لتنفذ أجندة إيران الخبيثة في العراق وغيرها من دول المنطقة. فسفكت الدماء وهتكت الأعراض وقتلت الأطفال والنساء والشيوخ ونهبت خيرات وثروات العراق المالية والتاريخية والأثرية، انتقاماً من الشعب العراقي الذي أذاق هذا النظام مرارة الهزائم المتتالية، وتصدى لثورة الملالي وأوقف توسعها الخبيث في المنطقة. واليوم وبعد أن غاب نجم العراق الثوري العروبي عن سماء الأمة العربية، بزغ نجم التآمر والخيانة والغدر الذي يحيك للأمة العربية والإسلامية المؤامرات تلو المؤامرات، خدمة لإسرائيل التي يتبجحون بسبها بشعاراتهم الكاذبة، ونراهم يتعاونون معها في السر، بل ويشترون أسلحتها بمئات الملايين من الدولارات..
الهدف الثالث: تحقيق هدف الثورة الإيرانية الذي قامت عليه، وهو تصدير الثورة إلى دول المنطقة وخلق مناطق نفوذ إيرانية من خلال عملائها وطوائفها التي تغذيها بالفكر والمال والدعم المعنوي تحت وهم الإمبراطورية الإيرانية الكبرى التي حلم بها الشاه، وتبعه في استمرار الحلم الإمبراطوري نظام الملالي الذي تقمص الإسلام ولبس ثوبه، وباسم الإسلام سفك دماء المسلمين في العراق ولبنان واليمن وأفغانستان وباكستان..
هذه أهداف نظام الملالي الإيراني الرئيسية التي يسعون جاهدين إلى تحقيقها، وقد اختاروا اليمن بعد العراق ولبنان لتنفيذ مؤامراتهم الدنيئة في المنطقة، فوجدوا في اليمن شياطينهم الذين يأتمرون بالأوامر الصادرة من مدينة قُم، وعلى رأسهم الخائن زعيم الإرهابيين والمخربين بدر الدين الحوثي وأولاده المقبورين منهم والأحياء، أمثال المتسكع يحيى بدر الدين الحوثي، والإرهابي عبد الملك الحوثي، وأعوانهم ممن أغوتهم شهواتهم الشيطانية، وحبهم رؤية دماء اليمنيين وهي تسفك أمام أعينهم، فسارعوا إلى تلبية الدعوة الإيرانية، وتعكير صفو الأمن وتدمير الممتلكات وتخريب الاقتصاد وقتل المواطنين وقطع الطرقات، تحت وهم إحياء الإمبراطورية الفارسية المندثرة وإقامة حكم الملالي في اليمن..
من هنا وقع اختيار إيران على اليمن في حربها ضد المنطقة، كون اليمن تقع في أهم جزء من الوطن العربي، وتتحكم بأهم ممرات العالم البحرية، وتعتبر اليمن البوابة الرئيسية لأمن الخليج والجزيرة العربية، والحلم الإيراني الذي يراود حكم الملالي هو السيطرة على جنوب الجزيرة العربية بواسطة الحوثيين، وبالتالي تمدد حركتهم نحو الشمال وبالتحديد الشقيقة الكبرى لليمن المملكة العربية السعودية. (2- منقول) ..
الخلايا الإيرانية في الخليج العربي
يقوم الإيرانيون الفرس المستوطنون في الخليج العربي بتجارة الأسلحة، ويقبل أبناء جلدتهم على شرائها و التدرب عليها، وهذا الأمر يعرفه أهل الخليج ولم ينقطع خلال نصف قرن أو أكثر، ففي البحرين اكتشفت السلطات في عام 1961 كمية كبيرة من الأسلحة في بيت (سردار) إيراني.
ثم اكتشفت أسلحة في بيت آخر كان يشتغل عامل بناء، وتبين أنه ضابط في الجيش الإيراني، وكان ذلك في صيف 1961. في 25/1/1965 ضبطت أسلحة عند أربعة من الإيرانيين أثناء دخولهم لقطر، وفي الكويت اكتشفت السلطات كميات كبيرة من الأسلحة أهمها: مخبز إيراني في السالمية عام 1965، حيث تم اكتشاف الأسلحة في المخبز إثر انفجاره، كما اكتشفت السلطات الكويتية (الأمن) مستودعاً للأسلحة داخل مخبز إيراني في المرقاب، ناهيك عن الأسلحة المهربة عن طريق البحر، والقليل منها الذي يُصادر، أما معظمها فيدخل الخليج ويُوزع. في معظم مناطق الخليج العربي صاروا يهربون الأسلحة عن طريق صناديق الأدوية، ففي عام 1964اكتشفت السلطات البحرانية أسلحة ضمن صناديق أدوية مرسلة لصيدلية (جعفر) في المنامة، ومرة ثانية كانت مرسلة للتاجر المعروف دشتي. يؤدي الإيرانيون في الخليج العربي دورهم بشكل منظم، ويسيطرون على الأعمال التجارية، وأنشطة أخرى كجهاز الهجرة والجوازات والجنسية و جهاز الشرطة و الأمن ودوائر الجمارك ودوائر الإعلام والجيش، حتى تسهل لهم مهمة تهريب الأسلحة وتنظيم الخلايا. (1)..
الجنسية
خطط الإيرانيون من أجل الحصول على الجنسية في الخليج العربي، وكان لهم ما أرادوا لأنهم استغلوا الفراغ الذي كانت تعيشه منطقة الخليج بعد الحرب العالمية الثانية، فالمنطقة كانت تشكو من قلة السكان كما أنها تشكو قلة اليد العاملة، وكان شيوخ الخليج العربي يتساهلون في منح الجنسية، وعن هذا الطريق وغيره استطاع عدد كبير من الإيرانيين الحصول على الجنسية في بلدان الخليج العربي. لكن الملفت للنظر إن هؤلاء الإيرانيين في زمن الشاه المقبور كانوا يعلقون صور البهلوي في بيوتهم، وفي زمن حكومة الخميني صور الخميني، والأسوأ من هذا أنهم ما زالوا يتكلمون اللغة الفارسية بعد كل هذا الزمن الطويل، ويعيشون بأجسادهم في الخليج العربي، أما قلوبهم وعقولهم فهي في قم و طهران. نستطيع أن نحدد نسبتهم ( الفرس ) على الشكل التالي بناءً على كثير من المعلومات :
البحرين، 50% من المجنسين من الفرس.
الإمارات، 60% من المجنسين من الفرس.
الكويت، 30% من المجنسين من الفرس.
قطر، عددهم ليس قليل وإن كنا لا نستطيع أن نقدر نسبتهم.
لكننا من خلال استعراض الوقائع الأمنية والسياسية والإعلامية السابقة، سنعرف إن الخلايا الإيرانية النائمة كانت و لاترال تفكر في استهداف الاستقرار الأمني في دول الخليج العربي، وبالعودة إلى الأرقام المرعبة عن عدد الأيدي الإيرانية العاملة في دول الخليج ومرافقيها والأموال المستثمرة، يمكننا أن نتحدث عن خلايا نائمة من نوع آخر في دول الخليج غير تلك التي تحمل السلاح، وهي الخلايا التي تحمل معول الهدم والتخريب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فالأيدي العاملة والأموال الإيرانية المستثمرة بكم هائل في دول الخليج، هي في الحقيقة قنابل موقوتة أو أحزمة ناسفة في جسد الاقتصاد الخليجي، كما أنها وباء على الثقافة الاجتماعية الخليجية، فالثقافة الاجتماعية الخليجية تتعرض إلى هجمة ثقافية إيرانية شرسة من خلال نشر العادات والتقاليد والطقوس الإيرانية الغريبة في مجتمع له خصوصيته العربية التي توارثها وحافظ عليها عبر مئات السنين من تاريخه الحضاري. هذا التغيير الذي يُراد له أن يحدث ليمسخ الهوية الثقافية والطبيعة الاجتماعية الخليجية ويستبدلها بهوية ثقافية واجتماعية إيرانية يحمل في طياته بالتأكيد وسائل القضاء على النظام الحياتي لدول وشعوب الخليج العربي بما في ذلك أنظمتها السياسية وتوجهاتها القومية، لتصبح بعد ذلك رقعة جغرافية ممغنطة تدور في فلك إيران الخمينية، والتي يسعى نظام الملالي لجعلها مملكة لهم. (1)..
المصادر :
• وجاء دور المجوس، الجزء الأول، عبد الله محمد الغريب
• عبد القيوم علاو، موقع الجمهورية
• ماذا يجري في خليجنا، ص15، ص24، ص91 – الإتحاد الوطني لطلبة الكويت 1967
• أزمة شط العرب، عباس عبود عباس
• عبد الكريم عبد الله، موقع البينة
• عربستان أندلس الخليج العربي، قدري قلعجي
• صباح الموسوي، موقع مفكرة الإسلام
• الحوادث في 6/197915/
شكري و تقديري لأصحاب المصادر جميعاً.