ما أحلى النوم لو استطاع الإنسان أن يختار أحلامة (مثل)
مامعنى ونتائج تطبيق المهنية العسكرية في العراق؟
أستنتاجات ختامية
في ضوء الملاحظات الاساسية التي شرحناها فان الثوابت التي لاغنى عنها لتحقيق النهضة القومية والاستقلال والقوة والتقدم في كافة المجالات، هي التالية :
1 - ان حكم رجال الدين في العراق، في ضوء المميزات الخاصة له التي تناولناها، هو احد اهم الاهداف المركزية لأمريكا والكيان الصهيوني وإيران، لانه الضمانة الاساسية لتفكيك العراق تمهيدا لتقسيمه، مادام رجال الدين، ودون اي استثناء، ينتمون لطائفة محددة وتثقفوا بأفكارها وتربوا في بيئتها السايكولوجية، وتلك حقيقة تجعل سمو رجال الدين فوق الطائفية وتحررهم من تأثيراتها بصورة كاملة صعبا جدا ان لم يكن مستحيلا، لذلك فان البديل الوحيد هو حكم مدني عقيدته ثلاثية الابعاد : الوطنية والقومية والاسلام القرآني. ان اسلمة الجيش تعني بالتأكيد وتقود حتما لتشرذم القوات المسلحة بحكم وجود طوائف واديان تختلف في مواقفها وتفسيراتها ووعيها الديني، لذلك لا تتفق على معنى الاسلمة لوجود فهم خاص لدى كل مذهب ومدرسة وشخص مجتهد.
وهذه الضرورة والحقيقة اثبتتهما تجربة العراق المحتل التي اكدت ان رجل الدين حينما يحكم أو يتمكن يرجع إلى طائفته ويعتمد عليها في تعزيز موقعه أو المحافظة على كيانه ووجوده، ولو عددنا الفتاوى الطائفية السنية والشيعية التي صدرت بعد الاحتلال، ومنها تكفير الطائفة الاخرى ومهاجمة جماهيرها وقتلهم فقط لانهم من طائفة معينة، ودعم الاحتلال أو قتل الشيعة باسم المقاومة لانهم شيعة، لادركنا مخاطر حكم رجال الدين. لنتذكر ان العراق يتألف من عدة طوائف واديان وذلك هو اللغم الاخطر الذي ينفجر حتما عندما يتصدر رجال الدين المؤسسة السياسية، بعكس الحكم الوطني المدني الذي لا يعطل اللغم الطائفي فقط بل انه قبل هذا وذاك يزيله نهائيا عبر نهج وطني اساسه معاملة العراقيين كلهم، وبغض النظر عن انتماءاتهم، بصورة متساوية قانونيا وفعليا.
ان العراق لا يكون قويا وفعالا الا بوجود سلطة مركزية قوية تعتمد على قوى وطنية تسمو فوق الطائفية والعرقية وتهتدي بالروابط الثلاثة الوطنية والقومية والاسلامية المحكومة بصلة عضوية لا تنفصم، وتستخدم ردع القوات المسلحة العقائدية المنسجمة والمنضبطة لضمان استبعاد اي محاولة لتهديد امن القطر، بعيدا عن فتاوى المعممين وتكفيرهم واستغلالهم لاسم الله في امرار اهداف دنيوية.
2 – وثمة حقيقة معاشة في العراق والمنطقة منذ احتلال العراق بشكل خاص وهي ان اسلمة الجيش تعني تحويله إلى جيش طائفي حتما يحتمي بالخارج، لانه اذا اسلم على الطريقة الطائفية السنية سيجد نفسه منفتحا ومفتوحا على تركيا المسلمة تحت شعار مضلل وخطير وهو ( اضعاف النفوذ الإيراني في العراق ) لان التخلص من النفوذ الإيراني يجب ان لا يتم عن طريق استبداله بنفوذ تركي أو أمريكي باي حال، كما انه سيجد انه مضطر للاعتماد على نظم عربية طائفية لنفس السبب، وهكذا يوضع العراق تحت رحمة تركيا لانها دولة غير عربية ولها مطامح واهداف ستراتيجية يتناقض بعضها مع الاهداف الوطنية العراقية والقومية العربية، اما الاعتماد على نظم عربية فانه سيورط العراق في الوقوع في فخ أمريكي لان اغلب النظم العربية واقعة تحت النفوذ الأمريكي بهذه الدرجة أو تلك.
واذا اسلم على الطريقة الطائفية الشيعية فسوف يجد نفسه منفتحا ومفتوحا على إيران المسلمة واضعا مقاليد العراق ومصيره وهويته في يد ايرن ذات المطامع والمطامح الاستعمارية الواضحة جدا، كما نرى الان، فهل هذا هو المطلوب من القوات المسلحة؟ هذه هي احدى اشكاليات وضع العراق تحت حكم رجال الدين، وهي حقيقة ادركتها أمريكا مبكرا بدليل انها ارادت اعادة تركيب العراق وفقا لنظام محاصصات طائفية عرقية تمهيدا لتقسيمه، واعتمدت على تنظيمات اسلاموية في العراق المحتل شيعية وسنية في اقامة نظام سياسي عميل، تماما مثلما راهنت على الطبيعة التكفيرية لبعض فصائل المقاومة في اثارة الفتن الطائفية وتعميق الصراعات الطائفية وشق المقاومة على اسس طائفية.
3 – ان الدور الأمريكي في طرح وتشجيع فكرة الجيش المهني يظهر واضحا في حقيقة ان من يدعو لهذه الفكرة التخريبية غير مؤهل لاستلام الحكم لانه لا يملك القدرة والكفاءة والخبرة والدعم الجماهيري الذي يمكنه من تحقيق الاستقرار في العراق، الامر الذي يجعل حكمه عبارة عن حالة اضطراب وعدم استقرار، وهو الهدف الأمريكي الرئيسي الذي يجعل حكم العسكر مضطرا لاقامة علاقات تبعية مع أمريكا سواء مباشرة أو بصورة غير مباشرة. ولو كان من يريد السطو على اسم القوات المسلحة لديه القدرة الكمية، اي الدعم الجماهيري الواسع، والنوعية، اي الكفاءة والتمتع بخصال قيادية بارزة، لقلنا انه قد يكون مفيدا حسم الامر بقوته الخاصة، ولكن ما معنى إن يحاول السطو على القوات المسلحة من هم بلا قدرة، لا كميا ولا نوعيا؟ انهم لا يفعلون شيئا سوى المساهمة في مخطط تفتيت القوات المسلحة تنفيذا لاوامر المخابرات التي تحركهم بصورة واضحة وهي تعرف انهم بلا شعبية لا في القوات المسلحة ولا في الشارع العراقي،
والهدف واضح جدا : منع تحقيق الاستقرار في العراق وإبقاءه ضحية لاستنزاف طويل ومرهق يعطل دوره التاريخي كما حصل منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى استلام البعث للسلطة في عام 1968. ان السمة البارزة لحكم العسكر المهنيين، في العراق الذي توجد فيه حركة وطنية قوية ومتجذرة وتخترق صفوف الاخرين خصوصا العسكر، هي عدم الاستقرار والتعرض لمحاولات اسقاطهم سواء من زملائهم العسكر أو من غيرهم.
نعم اختار عبدالكريم قاسم حلمه اللذيذ وهو حكم العراق منفردا، وانفرد بالقوات المسلحة ولكن ماذا حصل له؟ لقد تحول الحلم اللذيذ الذي اختاره إلى الكابوس الاخير والقاتل الذي انهى حياته، فالعسكري الفرد مهما كان قويا ومحنكا سوف يجد نفسه في يوم ما في قبضة الشعب،
لان العراق يتميز بوجود حركة وطنية منظمة وقوية وقادرة على اختراق اي نظام ديكتاتوري عسكري واسقاطه. ولو قارنا من يريد تنصيب نفسه قيادة عامة للقوات المسلحة بقاسم لادركنا ان المخابرات التي تحرك انصار مهنية الجيش تريد دفعهم لمحرقة رهيبة وليس لحكم العراق. ان على الجميع تذكر حقيقة بارزة وهي ان القوات المسلحة العراقية الشرعية والوطنية كانت وستبقى المصدر الاساسي لاي تنظيم عسكري يستلم السلطة لذلك فان مستقبل اي مغامر عسكري سيكون قاتما ومحدد سلفا.
4 – ان استبعاد حكم رجال الدين لا يعني ولا يساوي حرمانهم من حق المشاركة في العمل السياسي بل كل ما يعنيه هو منع التأثيرات الطائفية من شرذمة العراق حينما تكون قيادة القطر مسيسة دينيا وتنتمي لطائفة معينة، الامر الذي يقود إلى تاكيد ان رجل الدين مواطن كامل المواطنة ومن حقه ممارسة السياسة كغيره بصفته مواطنا وليس بصفة رجل دين.
5 – ان الشك العميق والمشروع بنوايا من يدعو لجيش مهني تتضح بصورة كافية عندما نشهد تحول العراق على يد المهنيين إلى بؤرة للصراعات الداخلية حول السلطة الامر الذي يعطل ويمنع تكون حالتين لابد منهما لتقدم العراق واستقراره ولعبه دور ( جبل النار ) الذي يمنع بلاد فارس من التمدد الاقليمي وهما : الحالة الاولى هي وجود نظام وطني تقدمي يمثل كل العراقيين ويحل مشاكل الفقر والامية والتخلف ويوفر خدمات مجانية أو شبه مجانية في الداخل وبذلك يحرم من يريد التأمر باستغلال مكونات العراق المختلفة من القدرة على النجاح، والحالة الثانية هي وجود قوة عراقية رادعة وفعالة تحيد النوايا الشريرة لكل من يريد سوءا بالعراق من دول الاقليم خصوصا الكيان الصهيوني وإيران. ان حكم العسكر هو الفرصة الذهبية لكل طامع ومعاد للتدخل في الشأن العراقي وممارسة نفوذ داخل العراق.
6 – يشكل الانضباط العسكري عماد اي قوات مسلحة، وتزداد اهمية الانضباط في حالة الحرب وتتضاعف هذه الاهمية كلما ازدادت الحرب خطورة، لذلك فان ممارسة اي خرق للانضباط تكون عقوبته تشكيل محكمة ميدانية تحاكم وتصدر حكمها فورا وهو الاعدام، لان الانضباط العسكري اذا ضعف أو زال فانه يؤدي إلى تفكك الجيش أو على الاقل عجزه عن مواصلة الحرب. واذا نظرنا إلى العراق منذ بدأت الحرب عليه في عام 1991 ومازالت مستمرة حتى الان نجد انه يخوض اشرس واخطر حرب في تاريخه ميزتها الابرز هي انه يقاتل القوة الاعظم في التاريخ ومعها حوالي 30 دولة، الامر الذي يضع العراق امام مخاطر مميتة لانه قطر من العالم الثالث ويقاتل قوى اكبر منه بكثير واغنى منه بكثير واكثر تقدما منه بكثير واعظم قوة عسكرية منه بكثير، وتلك الحقائق تتطلب انضباطا تاما وكاملا من اجل تحقيق الاستخدام الامثل للقوات المسلحة في مواجهة قوى هائلة ومدمرة تستغل اي ثغرة لتوجيه ضربات قاتلة للعراق.
لذلك فان من دعا للجيش المهني وسطا على اسم القوات المسلحة العراقية، وهم انهم انفار معزولين، ارتكبوا جريميتن بارزتين : الجريمة الاولى التمرد على قيادة القوات المسلحة الشرعية وهي تخوض حرب تحرير الوطن مع ان واجبها العسكري كان يفرض عليها التقيد بانضباط عال طيلة فترة الحرب كما تقتضي التقاليد العسكرية، اما الجريمة الثانية فانها محاولة شق القوات المسلحة وهي تخوض حرب التحرير وتواجه اعظم التحديات مع ان واجب كل وطني دعمها ومعاونتها على مواصلة القتال دون مشاكل أو تأمر داخلي أو محاولة تفكيك القوات المسلحة.
ربما يقول البعض معترضا : ولكن الدولة دمرت والقوات المسلحة تشتت ولم تعد هناك حكومة أو جيش. ان هذا الموقف يعبر عن جهل تام بحقائق الحروب، فاذا كانت الدولة الوطنية قد دمرت وتشتت جيشها فان الشرعية الوطنية مازالت قائمة وهي استمرار لشرعية الدولة الوطنية وممثلة لها، خصوصا وان طليعة القوات المسلحة قد اعادت ترتيب نفسها وانتقلت من الحرب النظامية إلى حرب العصابات فبرزت اعظم مقاومة في التاريخ مرغت انف أمريكا في الوحل، وتلك حقيقة تبقي الشرعية قائمة ممثلة بخليفة الشهيد صدام حسين المجاهد عزة ابراهيم الذي يقود الجهاد والمجاهدين، وللتأكد من ذلك على المغامرين العسكريين قراءة تاريخ الاحتلالات الحديثة والتي لم تلغي شرعية القيادة والحكم حتى لو اسقطت الحكومة الوطنية بقوة العدو الخارجي.
من هنا فان اول واهم واجب لاي عسكري هو المساهمة في حرب التحرير من خلال الاطر الشرعية التي تمثل الدولة الوطنية وفي مقدمتها القيادة الشرعية للعراق وللقوات المسلحة العراقية والتي تستمد شرعيتها من شرعية الدولة العراقية ونظامها الوطني، وبخلاف ذلك فان اي موقف يشكل خيانة وطنية عظمى وتمردا على القوات المسلحة، خصوصا وان العدو هو أمريكا وإيران ومن معهما، وسوف يأتي الوقت حتما لتقديم من تمرد للمحاكم العسكرية ليكون عبرة للانتهازيين الذين يريدون بناء نفوذهم على جماجم العراقيين وعلى حساب العراق.
ولا تظهر خطورة موقف من يفترض ان الوضع تغير لذلك فانه حر في تبني اي موقف الا حينما نتذكر ان احتلال الدول عبر التاريخ القديم والحديث لا يلغي الشرعية الوطنية على الاطلاق بل ان مقاومي الاحتلال يتحدون ضد المحتل حتى لو كانوا قبل الاحتلال متناحرين متقاتلين، ويلتزمون بشرعية القيادة التي كانت تقود البلد قبل الغزو، اما حينما نرى تجاوز البعض على الانضباط وشروعه في محاولة تنصيب نفسه قائدا جديدا للقوات المسلحة رغم وجود القيادة الشرعية، فانه يضع نفسه، شاء ام ابى، في صف العدو المحتل، لانه قام بعملين خطيرين الاول تناسي ان الغزو يحتم زيادة التلاحم والانضباط، والثاني ان الدوافع الوطنية تفرض دعم النظام الشرعي للبلد والذي يقاوم الاحتلال من اجل اعادة السيادة.
ان ماذكرناه كان سمة بارزة في البلدان التي وقعت تحت الاحتلال واخذت حكومتها الشرعية تقاومة المحتل وانضمت إلى المقاومة كل القوى التي كانت تناهض الحكومة الشرعية قبل الاحتلال وصارت تحت قيادتها في تناس مطلوب للخلافات السابقة للغزو وتقديم للمصلحة الوطنية على المصالح الحزبية والايديولوجية والسياسية.
ومن المؤسف ان نقول بمرارة ان بعض الوطنيين العراقيين تجاهلوا هذه البديهية وشرعوا بعد الغزو بالعمل وكأن الدولة الوطنية وحكامها الشرعيين قد انتهوا مع انها المعيار الاعلى للوطنية في زمن الحرب !
7 – حينما يكون الجيش مهنيا فان اهم شروط الانخراط في صفوفه هي الكفاءة واللياقة لذلك فانه يصبح متكونا من كافة الاتجاهات والايديولوجيات والانتماءات الدينية والاثنية، والتي تجمد هذه الاختلافات وتضعها جانبا وتتقيد بالانضباط العسكري وتنفيذ الاوامر العليا بلا إبطاء أو تردد. ولكن متى يكون ذلك؟ انه يكون ممكنا في حالة بناء دولة مؤسسات وتقاليد راسخة تنهي، أو على الاقل تضعف، مؤثرات علاقات ما قبل الوطنية والامة، وزوال عقد الثأر والانفراد بالسلطة، لان وجود عقد الثأر ونزعة الانفراد بالسلطة واقصاء الاخر في بيئة عدم اكتمال نظام المؤسسات وعدم تبلور تقاليد العمل الديمقراطي، يجعل فتح القوات المسلحة لكل من تتوفر فيه الشروط العامة واللياقة عمليا وكرا لكل التيارات المتصارعة والمتناقضة ويحول الجيش إلى اداة لحسم الصراعات الداخلية حول السلطة.
لذلك لابد من تهيئة البيئة المناسبة لنظام الجيش المهني وهي بناء الثقة وبناء مؤسسات دستورية وتقاليد تبادل السلطة والتي يتمحور هدفها في المرحلة الاولى على اعادة تثقيف الناس بمبادئ الديمقراطية وتبادل السلطة وتقديم الادلة والنماذج التي تدعم هذا التوجه. والعراق الان مازال يعيش عقد الثأر والانفراد بالسلطة نتيجة غياب التقاليد الديمقراطية ونظام المؤسسات الدستورية، ولعل ابرز وأسوء مثال على ذلك هو ان من اختلف مع البعث قبل الغزو استغل الغزو لانكار شرعية النظام الوطني وللعمل على عدم تسهيل عودة النظام الوطني رغم انه اسقط من قبل الغزو الاستعماري وهي حالة كان يجب ان تشجع من اختلف مع البعث على دعمه وهو يخوض حرب التحرير.
8 – ان اخطر ثلاثة اعداء للعراق العربي القوي والمتقدم الضامن لرفاهية شعبه وامنه والمحافظ على حقوق الامة العربية هي :
أ – نظام المحاصصة الطائفية – العرقية الذي جاء به الاحتلال وجعله اهم عنصر في عملية تخريب وحدة العراق، خصوصا تنصيب رجال الدين حكاما أو موجهين شكليين للحكام فادى ذلك إلى كارثة لم يسبق لها مثيل كانت قابلتها ومولدتها فتاوى رجال الدين.
ب – الليبرالية لانها نظام يقوم على تشجيع كل النزعات والنزوات، خصوصا المرضية منها كعقدة التزعم وحب الظهور، لدى الافراد والجماعات ودفعها لتشكيل احزاب ( الفرد الواحد ) أو احزاب كتل صغيرة، من اجل تفتيت العراق واحتواء قدراته وطاقاته وتشتيتها مع ان المطلوب هو مواجهة العدو الاقوى كثيرا بتوحيد الطاقات العراقية وحشدها في معسكر واحد من اجل دحره، أو على الاقل احباط هجماته ومحاولاته اختراق حصوننا. ان اهم خصائص الليبرالية هي سمة تفكيك الطاقات العراقية وتحويلها إلى طاقات متنافرة ومتناحرة تحركها نزوات ونزعات فردية وانانية مدمرة
ج – النزعة القطرية التي تتمثل في شعار سيء وخطير وهو ( قطري اولا )، وفي حالة العراق فانه ( العراق اولا ) هذا الشعار الاستعماري بامتياز هو الوصفة الانجح لتدمير عمق العراق الستراتيجي وقطع جذور هويته فيصبح عبارة عن كيانات غامضة الهوية تتارجح بقوة غير مستقرة بين العروبة والقطرية والاغتراب، وتلك هي المقدمة الضرورية لتهميش العراق اقليميا واستنزافه داخليا.
9 – ان مهنية الجيش يمكن ان تطبق بعد ترسيخ تقاليد العمل الديمقراطي ونظام المؤسسات وليس قبل ذلك، وتلك شروط غير متوفرة الان كما يعلم الجميع، لذلك لابد من اعادة بناء الثقة بين القوى الوطنية العراقية وبنفس الوقت بناء نظام المؤسسات والتقاليد اديمقراطية بجدية ووفقا لخطة مدروسة.
10 – ان المطلوب الان هو البدء بالعمل النشط من اجل بناء الثقة وترسيخها والتقدم إلى امام على طريق الديمقراطية بقدر النجاح في بناء الثقة، لان بناء الديمقراطية بمعزل عن ضرورة بناء الثقة ليس سوى لغم سينفجر حتما في اي لحظة ويعيدنا إلى المربع الاول وهو مربع الصراعات العراقية – العراقية. وهذه الضرورة تفرض ما يلي :
أ- لابد من وجود مشروع وطني واخر قومي شاملين واضحين ومحددين يعتمدان على ستراتيجيات مدروسة تناسب كل مرحلة تاريخية وتخدمها.
ب – قيادة جماعية تفجر طاقات القادة الافراد لكنها لا تسمح بقيام نظام استبدادي فردي تتشكل من قادة فصائل المقاومة والقوى الوطنية العراقية المناهضة للاحتلال، وتلتزم بميثاق شرف يحرم الانقلابات أو الغدر.
ج - قوات مسلحة عقائدية قوية ومتطورة مهنيا سلاحها الاساسي العقيدة القومية – الاشتراكية التي تعد الاسلام روح القومية العربية، لذلك فان القومية العربية بلا الاسلام عبارة عن جسد بلا روح.
د – جبهة وطنية شاملة لكل القوى الوطنية والقومية والاسلامية الحقيقية، تحيّد وتضعف روح التنافس غير الشريف للوصول للحكم مما يؤدي إلى الاقتتال الداخلي وتبديد الطاقات الوطنية والقومية.
هاء – أعتماد نظام ديمقراطي شعبي يتبلور بعد بناء الثقة يتولى وظيفة تمكين من يملك الشعبية من الحكم دون التعرض للتأمر من الاخرين.
و– حكم وطني مدني مصدر التشريع الرئيسي فيه الاسلام.
اذا كنا نريد حقا بناء عراق قوي ومتقدم ويمثل الجميع فان الالتزام بالملاحظات السابقة هو الوصفة الطبية الانجح والاكثر فاعلية وحسما، اما من سطوا على اسم القوات المسلحة تحت اي اسم رغم ان قيادتها موجودة وتقاتل بقيادة المجاهد عزة ابراهيم، فانهم ليسوا سوى ادوات المخابرات الطيعة التي لا تريد تحرير العراق بل مواصلة استنزافه حتى الانهيار التام.
انتهى..
كتبت في تموز 2009 ونقحت يوم 16 / 10 / 2009 واجل نشرها لاسباب قاهرة