في حوار جمعني مع احد المحافظين سألته..ترى هل حققت تجربة انتخابات المحافظين غاياتها المنشودة؟ وكيف تقيمون تجربة المجالس المحلية بصورة عامة؟ وما هو المطلوب تحقيقه من عملية الانتقال إلى نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات؟
وكان رده على تلك التساؤلات ان تجربة انتخابات المحافظين لم تضيف شيئاً جديداً عما كان يجري في موضوع تعينهم إن لم تكن عملية التعيين كانت تفرض على المحافظ التزامات أكثر تجاه الجهة التي قامت بتعينه وحيث أن طريقة محاسبته تكون أسهل وأكثر فعالية في حين أن الانتخابات قد لا تأتي دائماً بالأفضل من ناحية من يتم انتخابهم إلى جانب إنها تكبل المحافظ المنتخب بالتزامات تجاه من يعتقد أنهم سبباً للمجيء به إلى منصب المحافظ ..
ولهذا فإن من المهم تقييم التجربة ليس بالاتجاه نحو التراجع عنها ولكن لوضع معايير أكثر جدية في اختيار المحافظين والحيلولة دون تقاعسهم عن أداء مهامهم ومسؤلياتهم وتحريرهم من أن يكونوا أسرى لمن انتخبوهم..
كما أن من ابرز ما تحتاجه تجربة المجالس المحلية الحالية أو حتى الانتقال إلى تجربة نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات هو إعطاء المزيد من الصلاحيات المالية والإدارية للمجالس المحلية سواء فيما يتعلق برفع سقف المبالغ المخصصة للمشاريع التي تقوم المجالس المحلية بالبت في مناقصاتها والمحددة في الوقت الراهن مبلغ خمسون مليون ريال أو صلاحيات التوظيف الإداري والمتابعة للمشاريع في إطار المديريات ..
ولعل ابرز ما تحتاجه تجربة المجالس المحلية في اليمن .. الوقت الراهن هي استكمال وجود المكاتب التنفيذية التي تخفف العناء على المواطنين في المديريات من الانتقال من مديرياتهم إلى المركز سواء في عاصمة المحافظة التي ينتمون إليها أو العاصمة صنعاء وانجاز معاملاتهم داخل مديرياتهم..
سواء ما يتعلق بمعاملات الاحوال الشخصية أو المرور أو شهادات الميلاد أو الصحة أو التوظيف وغيرها بالاضافة إلى الحاجة إلى وجود وحدات تنفيذية فنية في اطار كل مديرية تتولى الاشراف على إعداد وثائق المناقصات للمشاريع ومتابعة تنفيذها بعد إقرارها والاشراف على الجوانب التشغيلية والصيانة وهذا يتطلب من وزارة الادارة المحلية إعداد كادر بشري متخصص في المجال الفني الهندسي وتوزيعه على المديريات والاهتمام بالتنمية البشرية والادارية التي تستطيع ان تنهض بهذه المهام وهذا في حد ذاته سوف يسهم في اضطلاع المجالس المحلية بدورها على أكمل وجه وإعداد الخطط والموازنات التي نحتاجها وبالصورة التي تحقق الاهداف المنشودة من قيامها وبدون ذلك فان المجالس المحلية ستظل مشلولة وغير قادرة على النهوض بهذه المسؤلية..
كما انه ليس من المعقول ان تكون المجالس المحلية جهات إشرافية وتنفيذية في نفس الوقت وهذا ما تقع فيه الآن تلك المجالس .. وأظن أن إستراتيجية الحكم المحلي لابد ان تكون مستوعبة بدرجة أولى ما أفرزته التجربة خلال السنوات الماضية من ايجابيات وسلبيات وبحيث يتم تعزيز الايجابيات وتجنب السلبيات وانجاز تجربة ناجحة للحكم المحلي يتمكن من خلالها المواطنون من حل قضاياهم بأنفسهم ..
وبعيداً عن التعقيدات ومتاعب المراجعة في "المركز" وهو ما ظل محل شكوى وتذمر لدى الكثيرين وأدى أيضاً إلى تعثر تنفيذ كثير من المشاريع بسبب تلك الفجوة القائمة بين معرفة احتياجات الواقع في الاطار المحلي والتخطيط الفوقي سواء في الوزارات أو الهيئات المركزية المسؤلة عن تنفيذ المشاريع التي تخطط لمشاريعها دون علم بحقيقة تلك الاحتياجات وخصوصيات البيئة المحلية واحتياجاتها.