آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

«واجه الصحافة»

ما يلفت الانتباه في برنامج «واجه الصحافة» الذي يقدمه داود الشريان على قناة «العربية»، ليس الموضوع المطروح بل كيفية الطرح. فهذا البرنامج الحديث نسبياً، لا يعتمد على الحوار التقليدي، كما هو شأن غالبية برامج الحوار العربية، بل يبحث عن شكل جديد وآلية مختلفة يمنحان البرنامج الجاذبية، والخصوصية في محاولة لبحث المواضيع من مختلف الجوانب، والتغلب على النمطية المملة التي باتت تعاني منها غالبية برامج الفضائيات العربية.

الحلقة الماضية تدعم ما نقول، إذ كان الضيف الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، وسيتوقع المشاهد، على الفور، أن معدّي البرنامج سيستثمرون الوقت (نحو ساعة) في توجيه الأسئلة إلى الضيف والحصول على تصريحات في شأن ملفات اليمن الشائكة وعلاقاته الإقليمية والدولية، وأزمة الحوثيين والهدنة الأخيرة، وقد حصل ذلك فعلاً، لكن الشريان استعان بإعلاميَين سعوديين هما جمال خاشقجي رئيس تحرير «الوطن»، وخالد المالك رئيس تحرير «الجزيرة» اللذان شاركا في طرح الأسئلة، ونبش القضايا، ما أغنى النقاش وحوّله إلى مؤتمر صحافي مصغر، ودفع الضيف إلى الحديث بشفافية وجرأة عن ملفات سياسية معقدة ليس هنا مقام البحث فيها.

وإذ خصص الشريان ثلثي وقت البرنامج لتوجيه الأسئلة، فإنه خصص الثلث الأخير لقراءة ما دار في الحوار وتحليله، إذ انتقل إلى استوديو البرنامج (الحوار سُجِّل في القصر الرئاسي في صنعاء) وراح يسأل زميليه خاشقجي والمالك عن انطباعهما عما صرح به صالح، ورأيهما في طبيعة الإجابات، وراحا يجتهدان في تفسير ما خلف السطور وتوضيحه، ولم تكد تبلغ الحلقة نهايتها حتى حصل المشاهد على أجوبة شافية عن أسئلة تدور في ذهنه في شأن الملف اليمني، موضوع الحلقة.

وعلى ضوء ذلك، لم يعد عيباً أن البرنامج مستنسخ من برنامج أميركي شهير وقديم اسمه meet the press. فالاتكاء على مقومات برامج شهيرة لا ينتقص من قيمة البرنامج المستنسخ، لا سيما أن هذا التقليد صار مألوفاً، ليس في مجال التلفزيون فحسب، بل في الفنون بعامة، وخصوصاً السينما. ويبقى العيب في انتاج «نسخة رديئة» عن الأصلي، أما إذا جاءت النسخة الجديدة في مستوى الأصل وربما تفوقت عليه، فذلك يدعو إلى التقدير. ولعل هذا ما يسعى اليه «واجه الصحافة» الذي يهتم بأبرز العناوين الصحافية الرائجة، ويتحدى الضيف عبر «صيغة الأمر» في العنوان، فلا يبقى أمام الضيف سوى قبول هذه المواجهة، والاسترسال في حديث يرضي، في نهاية المطاف، فضول المشاهد.

زر الذهاب إلى الأعلى