أرشيف الرأي

ثورة القلم!!

زملائي الكتاب والمثقفين أخواني القراء الكرام، تواصلا مع ما كتبته في مقالين سابقين الأول عنوانه (جميعهم جناه والوطن الضحية) والذي اجمعنا جميعا دون استثناء على من هم الجناة الحقيقيون في حق هذا الوطن أبتداءا بأولي الأمر مرورا بحاشيتهم ومن هم معهم أو ضدهم لسبب أو لأخر وأنتهاء ا بعامة الشعب..

لنجد أنفسنا في ساحة حرب مفتوحة أبطالها هم من يجيدون اللعب بأوراق السياسة بطرق وأساليب مختلفة لنتفق جميعا بأن الدولة من أعلى قمتها إلى أسفلها هي التي تتحمل مسئولية كل ما يجري في اليمن المعطاء..

ومن أجل أن نقول كلمتنا فليس أمامنا من خيار في ظل غياب القضاء كسلطة فوق الجميع إلا أن نجعل من سلطتنا بما كفله لنا القانون رقيبا قويا وقضاء لا يرحم في متابعة جميع الاختلالات اليومية ومظاهر الفساد التي لا يمكن حصرها أو عدها وهذا ما وضحته في المقال الثاني بعنوان (من أين تكون البداية) الذي تناولت فيه الكيفية التي يمكن أن نجعل من سلطتنا الرابعة قوة لا يمكن قهرها في متابعة قضايا الفساد والمفسدين أولا بأول والتركيز على قضايا الفساد الجوهرية التي كانت بدايتها دون أي شك من قلب الدولة أشرف الشرفاء فيها فضل الانسحاب من صفوفهم برغبة منه أو بدونها بلا ضرر أو إضرار أكثر من أن يكون ساكتا عن الشر ومعايشا له..

برغم أن ديننا الإسلامي يقول أن الساكت على الباطل شيطانا أخرس إذا ما هو رأي الدين والعقل والمنطق فيمن يعاونون الشر ويحمونه في نفس الوقت بل أن هناك منهم من يدعمونه لا شك أنهم بلا منازع أساس ذلك الشر الذي يتمثل فيما يسمونه دونما أي خجل بمصطلح الفساد اليمني الذي يتناوله الإعلام الدولي وكل المحافل الرسمية التي تخص اليمن دون أن يدرك الجميع بأن هذا المصطلح الذي أصبح شائعا دون حرج يجمع بين طياته ومعانيه وتعاريفه مصطلحات يخجل من سماعها الشرفاء من الناس..

إذا كنت قد أشرت سابقا على قصة التركيز على أهم قضايا الفساد الجوهرية التي كانت بدايتها من قلب الدولة والتي كانت بمثابة ألنواه لكل ما تبعها من فساد وتفكك في جميع مفاصل الدولة والتي كان نتيجتها الوضع المأساوي الذي يعيشه كل أبناء الشعب ولكي أثبت صحة حديثي حول ذلك من أجل أن نصل إلى قناعه تامة بأنه لا يمكن إصلاح الواقع الذي نعيشه باعتباره نتاجا لأفعال تسبب بها الفاسدون مالم يجتث الفساد من منابعه وإحالة الفاسدون إلى عدالة القضاء والقانون..

وما دون ذلك فأنه لن يغير من الواقع شيئا حيث حاولت أن أسرد لكم بعض المواقف المأساوية في واقعنا المعاش وبكل مصداقية قد يكون الكثير منا قد صادفها أو سمع عنها ومن ثم الربط بينها وبين قضايا الفساد الجوهرية في قلب الدولة كدليل على أن العمل على اجتثاث الخلل من ينبوعه أهم من الندب على الخدود حول المآسي التي نعيشها..

وهذا لب الحديث الذي أرمي إليه وأكرره مرارا حيث سأبدأ بقصة مأساويه اكتشفتها ذات يوم عن أحد الأولاد تحت سن السادسة عشرقد أودع السجن لأكثر من عامين على ذمة( قطعة من حبحب) أخذه من فوق إحدى السيارات بغرض أن يأكله ليكتشف صاحب السيارة من احد الأشخاص الذين كانوا ذات يوم في ذلك السجن الذي يقبع فيه ذلك الولد يطلب منه التنازل عن حجته والإفراج عن ذلك الطفل ليصيح قائلا وشعوره بالذنب لا يوصف لم اطلب من ذلك العسكري الذي أعطيته أجرته سوى حبسه لساعات من أجل تأديبه ولكن العجيب أنه قد نسيه الأثنان..

ونظرا لأن لا أحد يسأل عنه فقد حول إلى السجن المركزي ولولا ذلك السجين لمكث في ذلك السجن إلى أن يشاء الله وربما أنه في قرارة نفسه راضيا بوضعه في ذلك السجن طالما أنه قد يجد ما يأكله مع جملة المساجين هناك لأنه كان مشردا ليس له أهل يعيلونه أو أي مستقبل جميل ينتظره بينما أجد معلما قد أخذ مبلغا زهيدا من المال ليدفع بقية أجرة المنزل الذي يعيش فيه 6 من أطفاله قبل أن يطرده صاحب المنزل وذلك مقابل أن يساعد طالبا يستجديه بدرجة نجاح لأنه مشغول معظم وقته (حسب قوله لذلك المعلم) بعمله كسائق باص كي يعيل أسرته التي يرعاها بعد أن أصبح معيلها الوحيد بعد والده الذي أنهكه الزمان من قضاء معظم حياته حمالا في أحد المخازن التجارية..

أما ما سمعته من إجابات غريبة لمجموعه من العامة عقب إحدى المظاهرات والاعتصامات التي باتت متكررة ومتزايدة في أماكن مختلفة في وطننا الحبيب بعد أن سألتهم ماهو هدفكم من هذه المظاهرة..

حيث قال أحدهم كنا جالسين بدون عمل في الحراج( على جزعتهم جزعنا معهم بيمنا قال الآخر نشتي نأكل متنا جوعا) لأقطع حديثي معهم عندما بدأ أحدهم في التكلم عن السياسة لأنني سوف اسمع الكثير والكثير منهم وقد يطول الحديث وربما أنني قد اسمع ما يعجبني وما لا يعجبني واكتفيت بالاجابتان السابقتان لأنهما تعنيان لي الكثير مما سأعمل على توضيحه أما قصة ذلك الشرطي وما تلاها من إيضاحات بسبب ذلك الموقف قد كانت مفيدة لي ولمن يسمعها في توضيح الكثير من الحقائق حيث بدأت الحكاية عندما كان ذلك الشرطي يستجدي أجرته من احد ألأشخاص الذي كان يبدو عليه الوعي في أحدى القرى البعيدة ولكنه رد عليه بشكل منطقي سأحضر معك إلى مديرية الأمن ولكنني لست مجبرا بموجب أي قانون على أن ادفع لك ما سميته بالاجره..

فيجيبه ذلك العسكري البسيط بقوله أنا أعلم ذلك ولكنني أطلبك من باب التعاون لأنني لو دفعت أجرة السيارة التي أركبها لتنفيذ مثل هذه المهمات وخاصة إلى مثل قريتكم لنفذ راتبي قبل أن أتقاضى منه ريالا واحدا حيث دفعني الفضول وحب المعرفة أن اتجه بسؤالي إلى رجل آخر من تلك القرية قد أنهكته الحرب القبلية مع أناس في القرية المجاورة ليدفع ثمنها ثلاثة من أبناءه على ذمة ارض ينازعونه عليها بالقوة دون أن يكون لديهم أي دليل حق على ذلك فعاتبته لعدم الاحتكام إلى القانون والقضاء أو حتى إلى القانون القبلي المتعارف عليه في كل أرجاء اليمن قبل أن تسآل الدماء وتزهق الأرواح..

فما كان منه إلا أن قال وبحزن لا يمكن وصفه( يا ولدي ايش أقول لك لا عاد الدولة دوله ولا عاد المشايخ مشايخ فأجبته بسؤالي ولماذا؟ فأجابني بنبرة حزن والقهر باديا على وجهه قائلا: طرقت باب الدولة مرارا وتكرارا ثم لحقت بعد المشايخ لما تميت ما تحتي وما فوقي على شأن أسلم عيالي الدبور..

ولكن ما باليد حيلة فرديت عليه بقولي تمام لو افترضنا أن الدولة غير منصفه فما بال المشايخ من حولكم فأجابني ساخرا من الوضع بقوله هذا كان زمان المشايخ كانت مشايخ صدق أما ذلحينه فالشيخ هو الدولة والدولة هي الشيخ كلهم يشتوا يأكلونا وبس الله لا رواك يا ولدي طريقهم ولا تقع في ما أحنا عليه بس أين الواحد يسير من حقه والله لو ما عاد بقي واحد من عيالي)..

وأخيرا كي لا أطيل عليكم الحديث حول الكثير والكثير من هذه القصص الواقعية سأكتفي بقصة رواها احد الأصدقاء الذي يعمل في مجال المبيعات عندما سأل أحد التجار الذي يتعامل معهم في تجارة الجملة م ابال التاجر فلان الذي كان قبل سنوات قليله أقل منكم كثيرا في مستوى تجارته ورأس ماله فرد عليه ذلك التاجر وهو يضحك على واقع الحال الذي تعيشه بلادنا بقوله ياأخي العزيز ذلك التاجر سياسي وهو مع الدولة أما أحنا مقتنعين بما قسمه الله لنا بالحلال..

وعندما طلبته التوضيح أكثر رد علي بتوضيح لا يقبل الشك بأمانتك لو حسبنا كم عمولتي من شركتكم بعد المليون لطلعت عشرون ألف ريال فقط أما هو فعمولته بعد المليون مليون أو أكثر قلت له كيف فقال لي شوف المدرسة التي بنوا لنا بأربعين مليون والله ما تجي قيمتها إلا عشره مليون لا قد زادت إذا قلي بالله عليك كيف ولمن راح بقية المبلغ الله يجنبني ويجنبك طريق الحرام.

أعزائي الكرام لو ضللنا نحكي القصص والمواقف والأحوال من ارض واقعنا المعاش لما انتهينا منها إلا أن يشاء الله بقدرة من عنده وهذا ما رميت إليه من ذلك لأثبت لكم بمقارنه بسيطة من خلا ل هذه القصص أنها لم تكن لولا المسببات التي أدت إلى ذلك وهي قضايا الفساد الجوهرية في كل مفاصل الدولة أبتداء من قمتها حتى أسفل نقطه فيها..

وإذا ما غفلنا هذه القضايا أو مرينا عليها مرور الكرام كهذه القصص التي نعيشها فلن نغير من الواقع شيئا ما لم نجتثها من منابعها ونقدم المتسببين فيها إلى ما ينبغي أن يكونوا عليه حيث يتضح من كل ما سبق أن الفقر قد تمثل في حالة الولد والطالب والمعلم وأؤلئك العامة من الناس الذين عبروا بقولهم نريد أن نأكل..

أما حالة الجهل فقد تمثلت في تعامل الجميع دون استثناء مع الوضع الذي نعيشه مع احترامي لمنهم دون ذلك أما حالة الأمن والقضاء والعدل فكفيل بإدانتها وضع الناس المتأزم والمشاكل التي يعيشونها دونما أي حل وكأننا في غابة القوي فيها يأكل الضعيف أما الخطر الأكبر والداء الخطير الذي أعتبره من أهم الأسباب الرئيسية لمنابع الفساد فهو ضعف أولي الأمر في مركز اتخاذ القرار وعدم إدارة الأمور بسبب الضعف والهوان الذي أصابهم مما جعل الشيخ هو الدولة والدولة الشيخ على لسان ذلك الرجل البسيط في تلك القرية أو التاجر السياسي على لسان ذلك التاجر الذي لا تعنيه السياسة طالما أن الحرام فيها وارد لا محالة..

لنكتشف أن الدولة التي ضعفت وهانت بسبب تخبطها وسياستها الغير مسئؤلة وخوفا على كينونتها قد تركت الحبل على الغارب للفساد والمفسدين وتشبثت بالولاءات مع أولي الجاه والسلطان الذي يمكن أن يقمعوا هذا الشعب المسكين من الداخل وحولت بلادنا إلى حمل وديع للو لاءات الخارجية مهما كانت عواقبها بسبب ذلك الضعف الخطير والواقع المغلوط الذي نعيشه لتصبح بلادنا ضعيفة من الداخل والخارج على حد سواء وهذا ما سأتطرق عليه لاحقا .

أخواني الأعزاء دعونا أولا نفكر في مسببات حالنا المعاش من الداخل على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعدها لو أراد لنا الله سنعمل على إصلاح ما أصابنا من الخارج حيث سأطرح عليكم بعض قضايا الفساد الكبيرة أبطالها مسئؤلون وميدانها الدولة لنفتحه للنقاش والتحاور ومسائلة المعنيين عنها حتى يرضخوا لتساؤلاتنا هذه وهذه هي قوة الصحافة والإعلام الذي تخشاه الدول الديمقراطية في العالم كله وكلمة الشعب التي لا تقهر..

فما بالكم لو سألناهم عن ما هو حال المنطقة الحرة في عدن و إلى أين وصل الاستثمار والمستثمرين في اليمن وما سبب عزوف الدول المانحة من دفع تعهداتها هل يلام الوضع الذي نعيشه بما فيه من مشاكل ومآسي أم من أعاقوا كل ذلك؟ أما فيما يتعلق بالمشاريع الإستراتيجية التي يتغنون بها دائما فهي منقوصة أو متعثرة فعلى سبيل المثال المحطة الغازية في مأرب منقوصة ومتعثرة وكذلك المرحلة الأولى من مطار صنعاء الدولي والأمثلة كثيرة وكثيرة جدا من المسئول الشركات المنفذة أم أنها الدولة ؟

أما فيما يتعلق بالنفط في بلادنا فنحن من أكثر الدول في العالم كما في عدد الشركات المتعاقدة وأقلها إنتاجا فلا يعلم أحد عن ما تنتجه بلادنا سو الله سبحانه وتع إلى وأولي الأمر منا هل لنا حق السؤال أم أنه محرم علينا؟

وأخيرا سأقول لهيئة مكافحة الفساد اسمكم جميل ولكن ما نسمعه عنكم لا يتعدى مدراء المكاتب الصغيرة ولا يتعدى عملكم الحكايات التي نسمعها ونعيشها ونتكلم عنها في الصحافة وكأن جوهر القضية التي أسعى وكل زملائي المثقفين والصحفيين إلى مناقشتها غير موجودة في قاموسكم أم أنه محرم عليكم أن تناقشوها أو حتى الدوران حولها أما إذا كنتم متناسيين ذلك بقصد أو بدونه فإن بعض من القضايا التي يجب أن تبحثون حولها قد ذكرتها لكم عبر هذه السطور أما إذا كانت قدرتكم على ذلك محدودة أو صلاحيتكم لا تسمح بذلك فعليكم مغادرة المكان الذي تحملون أسمه خير لكم ولشعبكم مع اعتذاري لكل المخلصين والوطنيين لأن الأمن والقضاء الغير قادر على فض نزاعات الناس ومشاكلهم حتما لن يكون قادر على ضبط الفساد والمفسدين .

إخواني القراء والكتاب والمثقفين الكرام قلت كل ذلك لأنني وأنتم جميعا وكل أبناء الوطن الحبيب نعاني هذا الوضع المأساوي في كل جوانب حياتنا ومهما عملنا على مناقشة ومعالجة كل تلك القضايا فإنها لن تزول إلا بزوال المسببات.. حيث سأختم مقالي هذا بمقتطف بسيط من ذلك الحديث النبوي الشريف الذي يقول لا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) حيث أنه ينطبق أيضا على حال أوضاعنا في اليمن وعلاقتها بجوهر القضية وهي الدولة حيث أنها لو صلحت لصلحت كل الأوضاع في البلاد وهذا ما رميت إليه والله من وراء القصد .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى