ألقى البيان التفصيلي الذي أذاعته وزارة الداخلية أمس الضوء على حقائق هامة كانت محل الظن والتخمين في السابق قبل أن تثبت الحقائق رأي العين للسلطات المختصة السعودية التي أثبتت في كل مرة كفاءة أمنية عالية ومهارة استخباراتية دقيقة. فقد أكد البيان البعد الأجنبي للقاعدة التي تتحصن في اليمن.
وأشار البيان إلى أن عمليات التحقيق والتحري أدت إلى الإطاحة بشبكة تقودها عناصر مهمة تم تكوينها داخل المملكة مكونة من 47 سعودياً و 51 يمنياً وصوماليا وبنغلاديشيا واريتريا دخلوا للبلاد استغلالا للأحداث في المنطقة الجنوبية وتحايلاً بزيارة الأماكن المقدسة أو العمل في المملكة، وكانت الشبكة على تنسيق مع تنظيم القاعدة باليمن. وكان المتسللون الذين حاربوا مع الحوثيين حاولوا اختراق الحدود الجنوبية في علاقة ضمنية مفترضة بين التنظيمين.
والبعد الأجنبي في تنظيم القاعدة بجزيرة العرب واضح ويتضح يوما بعد يوم من خلال استغلاله لعناصر أفريقية بالإضافة للعناصر السعودية واليمنية. ولا يعرف حتى الآن إن كانت هذه العناصر الأجنبية تعمل مع القاعدة إيمانا بأفكارها الضالة وتوجهاتها المنحرفة أم إنها عناصر مستأجرة تتكسب من الإرهاب والتنظيمات العنفية.
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة سواء من القاعدة أو المتسللين اليمنيين خطورة الحدود المفتوحة، مما يستدعي تعاون المملكة واليمن لضبط هذه الحدود الممتدة لنحو 2000 كم. كما أن التساهل في تحصين الحدود هو الذي يتيح تنقل الإرهابيين بين البلدين. فالأمر لا يتصل بعلاقة بلدين شقيقين وشعبين تجمعهما أواصر القربى والدين، إنما الأمر يتعلق باستغلال الإرهابيين لهذه الحدود الشاسعة المفتوحة والتسلل عبرها للبلدين. حيث يفر مرتكبو الجرائم في المملكة لليمن ويتسلل الأفارقة والمنحرفون من البلدين لتنفيذ الأعمال الإرهابية.
و هناك أمران هامان يتعلق الأول منهما بتزامن حادث نقطة الحمراء في جازان الذي وقع في 24 شوال الماضي مع الحرب التي فجرها المتسللون عبر الحدود في 15 ذي القعدة وتقارب موعد الحادثتين اللتين لم يفصلهما سوى 20 يوما. والأمر الثاني كثرة المتورطين اليمنيين في تنظيم القاعدة وانخراطهم لاستهداف أمن واستقرار المملكة.
مما يؤشر في واقع الأمر إلى علاقة سببية ما بين القاعدة والتمرد الحوثي. الشيء الذي يلقي بمسؤولية عظيمة على الأشقاء في الحكومة اليمنية و أهل اليمن كافة لمحاربة تنظيمات الإرهاب والعنف والجماعات المسلحة المنفلتة من سلطة القانون. فما يصيب المملكة سيصيب اليمن والعكس صحيح. وخليق بالشعب اليمني كافة أن ينبذ مظاهر التسلح والتفلت والتحلل من ربقة السلطة اليمنية ومؤسساتها الدستورية.
لقد بات واضحا أن أكبر تهديد أمني للمملكة يأتي الآن من اليمن وعبر الحدود اليمنية وباشتراك مواطنين يمنيين وانكشاريين أفارقة تم تجنيدهم في اليمن. لذا فإن المسؤولية تقع على عاتق اليمن في حفظ الحدود أولا، وفي مكافحة مظاهر التسلح والتنظيمات الإرهابية والسعي الجاد لبسط سلطة الدولة على أرض اليمن كافة ونشر شريعة القانون على المجتمع بكافة أطيافه ثانيا. كما أن للمملكة العربية السعودية الحق في أن تتخذ كافة الإجراءات على حدودها الدولية. لأن التسلل عبر الحدود أصبح مهنة رائجة في اليمن لكل من لا مهنة له. وأصبح تهديد أمن المملكة تجارة في سوق النخاسة والأفريقية وفرق الانكشارية في جبال اليمن.