منذ أيام ونحن نفكر في "نشوان نيوز" بمواد خاصة بإحياء الذكرى الـ45 لاستشهاد أبي الأحرار وضمير اليمن محمد محمود الزبيري التي تصادف الأول من إبريل من كل عام.. لتقع في أيدينا هذه القصيدة التي نظمها الزبيري للملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية..
القصيدة قيلت أثناء زيارة قام بها الزبيري للملك عبدالعزيز في العام1938، 1359ه وهي تحمل في طياتها مشاعر "اليمن الحقيقي" تجاه المملكة العربية السعودية، وفيها أقوى براهين الصدق الوجداني عن رؤية الحركة الوطنية اليمنية للعلاقة بين البلدين ولمنهج التجديد المتطابق بين حركتيهما التجديدية ضد الكهنوت والجمود والعجز..
أنها رائعة الزبيري التي أهملتها أخطاء السياسة.. وهي وثيقة هامة عن مدى تلازم أهداف الثورة اليمنية المباركة مع راية التوحيد التي رفع لواءها "أسد الجزيرة" الملك عبدالعزيز آل سعود.. ويبدو أن هذه القصيدة بحاجة إلى قراءتها مرات ومرات لنكتشف حجم الحلم النبيل الذي أشعل أبا الأحرار بهذا السبك الخالد.
القصيدة ليست مجرد مديح.. إنها رؤية دفاقة بالحب وبالبصيرة.. تتدفق جسارة الحكمة من بين أبياتها، وبها ينجلي غبار الدس الرخيص الذي يذهب جفاء.. وقل جاء الحق.. وما يبدئ الباطل وما يعيد..
إلى القصيدة:
[face=Arial]قلب الجزيرة في يمينك يخفقُ . . وهوى العروبة في جبينك يشرقُ
ولعمر مجد المسلمين لأنت في . . أنظارهم أمل منير شيقُ
وهبوك أفئدة الولا ووهبتهم . . مجداً تقدسه القلوب وتعشقُ
إن الجزيرة شرقها ودبورها . . وشمالها حرم بوجهك مونقُ
وحدتها ونفخت في أرجائها . . روحا تُحب بها البلاد وتعتقُ
ويكاد منها الصخر يمشى حاسراً . . لك عن معاينه التي لا ترمقُ
قل لي بربك أي كف عبدت . . لك منهجاً ما كان قبلك يطرقُ
وبأي عزم قمت وحدك ناهضاً . . والنوم في جفن العروبة مطبقُ
جردت للطاغين سيفاً صارماً . . فتمزقت آثارهم وتمزقوا
وقمعت عفريت الغلا فهديته . . والسيف أهدى للجهول واصدقُ
وبذاك أمنت الحجيج وأُفهموا . . أن الفريضة قربة لا مأزقُ
وهدمت كل عقيدة ممقوتة . . كانت تضل بها العقول وترهقُ
ورفعت رأسك في الممالك عالياً . . والملك حر والنظام موفقُ
حتى إذا شب النزاع وحاولوا . . أن تستميل وبصبصوا وتملقوا
خيبتهم وهمست في آذانهم . . أن الجزيرة غابة لا تطرقُ
وبنيت حول البيت أو حول الهدى . . حصناً بأسباب النجوم يعلقُ
ماذا دهى الإنسان في أطواره . . حتى نراه في الردى يتعشقُ
يسعى ليلقي النار في أحشائه . . ويخال أن سواه منها يحرقُ
إنا لنأسف للحضارة أن ترى . . منهارة لكننا لا نفْرَقُ
فلنا بنهضتنا وسالف مجدنا . . شرف نفوز به إذا ما أخفقوا
سلهم عن النور الذي جئنا به . . فاستصبحوا بضيائه واستشرقوا
سدنا البلاد فما استقر قرارنا . . حتى تلألأ غربها والمشرقُ
سعد الضعيف برفقنا حتى إذا . . ملكوا الضعيف بحكمهم لم يرفقوا
إنا لأعرق في المعالي منهم . . وأحق منهم بالنهوض وأخلقُ
إن تسحق الدنيا معاول غيهم . . فلنا بلاد حرة لا تسحقُ
ولسوف نشرق بالعلا إن غربوا . . والشرق أحفل بالضياء وأليقُ
والعيش لولا الطامعون ميسر . . والمجد لولا الحاسدون محققُ
ونفوسنا اللاتي سمت بجدودنا . . هي لم تزل، لا بل أشد وأحنقُ
فلقد تجرعنا كؤوساً مرة . . لم يشربوا منها ولم يتذوقوا
واليوم حان بنا التفرق وأنجلى . . لشعوبنا أن التفرق موبقُ
وتقشع الحلم الأنيق خداعه . . فإذا الحقيقة مرة لا تونقُ
وإذا الحقوق سليبة مهضومة . . وإذا الوعود خديعة لا تصدُقُ
وإذا البلاد تمخضت عن منقذ . . أدرى بإنقاذ الشعوب وأحذقُ
وهبت له العليا معارج أفقها . . فعلا بهمته التي لا تُسبَقُ
وسما إلى عرش يلوذ بركنه . . من أيدوا الدين الحنيف وصدقوا
علموا بأن الله حارس بيته . . يختار فيه من يشاء ويخلقُ
ولرب يوم تزدهي أمم الهدى . . بتراثها العالي الذي لا يخلِقُ
في ظل بيت الله تحت لوائه . . فسموا بشرعته التي لا تمحقُ
ونسير صفاً واحدا لا ينثني . . بعواصف الدنيا ولا يتمزقُ
فتول يا عبدالعزيز عزائماً . . من أمة تهوى السمو وتعشقُ
ولتحي في عرش القلوب مؤيداً . . وليحيا شعب حول عرشك يُغدقُ
وإليك يا أسد الجزيرة خفقة . . من قلب صب لم يزل بك يخفقُ
ناءت بمحملها حنايا لوعتي . . وهفت إليك بها القوافي السُُُبّقُ
يمنيةً مكيةً نجديةً . . قل ما تشاء فإنها لا تفرقُ