أرشيف الرأي

تكريم السفارات الأجنبية ،،،، هل هو بريء 100 %؟

بين الحين والآخر نسمع ونقرأ ونرى ضجة إعلامية حول تكريم لشخصيات أو منظمات من قبل إحدى سفارات الدول الأجنبية المعتمدة في الدول العربية الإسلامية وبما يسمى بدول العالم الثالث وخاصة سفارات الدول الكبرى وبالأخص أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.

هذا التكريم يشمل – للحقيقة – عدد من المجالات والشخصيات ولا يركز على مجال معين أو توجه معين إلا أنه يكاد ينحصر في ثلاث شرائح:

- المرأة عموما: لها نصيب الأسد من هذا التكريم – يا بختها - وسواء شخصيات نسائية أو منظمات نسوية.
- الصحافة: وسواء كُتاب أو صُحف ويظهر بشكل ملفت التركيز على صحف المعارضة وكتابها في دول العالم الثالث.
- مؤسسات المجتمع المدني في تلك الدول.

والتكريم كلفتةِ كريمة وتشجيع معنوي ومادي أمر لا غبار عليه ويستحق الشكر والذكر ، ولكن هي تساؤلات أضعها ربما تأتينا أجوبتها بما لا ينبغي أن يبقى غائبا عن البال والحسبان في مثل هذه الفعاليات.

هل السفارات أو حكومات دول هذه السفارات تمنح هذا التكريم دون أن يكون لها من ورائه هدف؟ طبعا المقصود غير الهدف المعلن من التشجيع والتعاون والعناية بالمواهب ونحوه.
هل لها هدف سياسي أو فكري مثلا؟

لنقف أمام هذه القضية بعقلانية وهدوء ، ولا داعي لأن نرمي بالحجارة قبل سماع الصوت ، لا داعي للاتهام لمن يَسأل عن الهدف بأنه مأزوم أو مبالِغ أو على الأقل يعيش هوس المؤامرة ، مع أن هوس المؤامرة قابله هوس الاسترخاء ونكران المؤامرة.

أيعقل ياسادة أن تنفق هذه السفارات أموالها لأجل عيون شعوب العالم الثالث دون أن يكون لها أدنى مصلحة ؟!!
عقل العقلاء يقول أنه لا بد من مصلحة ؛ وليس بالضرورة أن تكون هذه المصلحة ضررا بالآخرين قد تكون مصلحة مشتركة ( للإنصاف ) ، لكن نتفق أن لهم مصلحة وعندهم هدف خاص بهم من وراء هذا التكريم.

نلاحظ بعد كل تكريم - وهو أمر طبيعي – يتقدم الحاصل على التكريم – شخصية أو مؤسسة – بالشكر بطريقته لحكومة وشعب السفارة التي قامت بالتكريم - أكرر وهذا أمر طبيعي - فلو لم يكن من وراء هذا التكريم إلا تحسين صورة الحكومة والشعب عند شعوب العالم الثالث لكان هدفا يستحق البذل خاصة مع ارتفاع وتيرة الكره والعداء للغرب من الشعوب العربية والإسلامية ، ولك أن ترجع عبر محركات البحث الالكتروني لأي خبر حصل فيه تكريم من سفارة أجنبية ستجد كلمات الشكر ورسائل المحبة والعرفان تغلب تقرير الخبر وتحتل عنوانه.
سؤال آخر : هل ينتهي الأمر بالتكريم؟
يعني هل تكتفي السفارة المحترمة بتكريم الشخصية والجهة المختارة ثم تنتهي العلاقة بينهما لانتهاء الغرض؟

الملاحظ - في الغالب - أن درجة العلاقة ترتفع وتتواصل الزيارات المتبادلة وخاصة إذا كان المكرَم مؤسسة ثم ترتقي لتصل إلى مستوى متقدم يمر عبر استضافة شخصيات ومؤسسات في بلد تلك السفارة وحضور مؤتمرات وندوات ولقاءات فكرية وحقوقية وتبادل الآراء مع شخصيات بارزة ومشهورة ومناقشات لأوضاع العالم الثالث وخاصة فيما يخص نقاط التماس الغرب مع العالم الإسلامي كالمرأة ومشاركتها السياسية وحقوقها الضائعة والحريات وطبعا برؤية تلك الحكومات المستضيفة ونهجها حتى تصل إلى مرحلة تبني رؤية تلك الدول، وقد انطلقت من تلك المؤتمرات ونتجت عن تلك الزيارات واللقاءات دعوات تحرر على الطريقة الغربية وخرجت حركات تغريبية تسعى لتغيير نمط المجتمع العربي والإسلامي كليا على المقاس الأمريكي والغربي وربما بدأت العلاقة بصورة بريئة وصادقة وحضور مناسبات؟

فهل كان التكريم بريئا أم أنه طُعم يُقدم للصيد؟!

لذلك نقول الحكومات التي كرمت أمثال أيان هيرسي الصومالية المرتدة والتي هاجمت الإسلام ونبي الإسلام في هولندا وكرمت أمثال سلمان رشدي وحامد أبو زيد وأمثالهم مِمن يهاجم أي شيء في ثوابت الأمة ومبادئها هل تكريمها بريء وتشجيع لحرية الفكر والرأي دون أي قصد للإسلام وأهله؟!

لا أتهم ولا أقصد أن كل من كُرم من قبل السفارات الأجنبية فهو معهم وفي خندقهم ولكن أدعو إلى الانتباه لما وراء الأكمة فليس كل تكريم منهم بريء بل الأصل أن تكريمهم له مقاصد توافق سياسياتهم وثقافاتهم وإن لم يشعر بها الفائز بالجائزة، وحتى تتضح الصورة أكثر أطلب منكم أن تطلقوا لخيالكم العنان ليقوم بجولة سريعة في المجتمع ليبحث عن شخصيات أو مؤسسات تستحق التكريم لما تقوم به من دور رائع في المجتمع لكن خطابها الواضح في رفض المنهج التغريبي والنقد لسياسة الغرب في العالم الثالث وإصرارها على الانطلاق من ثوابتها الإسلامية يبعدها عن مجرد التفكير في تكريمها.

ليست دعوة لرفض ومحاربة التكريم بقدر ما هي إشارة وتنبيه للبحث عن حقيقة التكريم وأخذ الدرس من السابقين ، فأظن أن السفارات تستخدم في تكريمها مبدأ : اطعم الفم يستحي الوجه أو كما قال المثل !!.
يا سادة : لستُ متشائما لكن لعلكم تستحضرون مثالا أو أمثلة لكريمة أصل وأصيلة فكر بدأت علاقتها بتكريم من سفارة أجنبية وتطورت العلاقات والزيارات حتى وصل بها الحال إلى أن تتضايق من خمارها على رأسها لأن ما في رأسها من فكر قد تغير.

وكذا لعله يمر ببالكم ذاك العربي الشهم الذdي انبرى للدفاع عن الحقوق والمستضعفين كيف تحول إلى بوق للغرب بحلوه ومره وخيره وشره وكيف خرج من جلده والقصة بدأت بجائزة من سفارة.

زر الذهاب إلى الأعلى