[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

القاضي الحجري أمين اليمن.. 33 عاما من الغياب

«من المؤمنين رجال ...» ولليمن رجال.. والقاضي الشهيد عبدالله الحجري واحد من رجالات اليمن وروح طاهرة في أرجاء السموات تقول لنا: لم أمُت.. ووحدها السنوات تثبت رجاحة الرجال العظماء وبُعد نظرهم وسعة أفقهم، فالأوطان لا تخلّد إلا أبناءها المخلصين الذين فدوها في ساعة عسرة،

ولهذا سيكتب التاريخ وستردد الأجيال بأن شهيد الثورة والوحدة وحسن الجوار القاضي عبدالله الحجري كان ثاقباً في رؤيته، سابقاً في تفكيره، أميناً في مشورته، وأن رصاصة الغدر التي فقأت فؤاده في العاشر من ابريل 1977م كانت رصاصة حمقاء صوّبها جاهل شقي في عاصمة الضباب والرجل ماثل للعلاج من وعثاء الزمن وغوغاء اليمن.

ثلاثة وثلاثون عاماً على استشهاد القاضي عبدالله الحجري دأب خلالها خصومه الحمقى على دفن اسمه وعرقلة مشروعه الذي من أجله ناضل وفي سبيله استشهد.

الآن ونحن نمخر عباب بالديمقراطية ونزهو بأسبقية اليمن إقليمياً في مضمار الحرية نسهو عن اسم القاضي الحجري رغم كونه أول رئيس لجنة عليا للتحضير لانتخابات نيابية رحل قبل أن تتحقق.

والآن ونحن نفخر بالعلاقات الحميمة مع دول الجوار، ونسعى إلى التكامل والشراكة، ونزهو بترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية؛ نسهو عن ذكر القاضي الحجري الذي حدث في تاريخ حكومته الرائدة «والتي لم تدم أكثر من 15 شهراً» أول تقارب حقيقي وفعّال بين اليمن الجمهوري (في شطره الشمالي) وحكومة خادم الحرمين بعد أن أذكى اليسار المتزمت والطابور الإمامي المتعفن بوادر شقاق لم تكن هينة، ودفع رحمه الله روحه ثمناً لهذه الروح الأخوية العالية ولهذا العمق السياسي الأمين، وكذلك أيضاً كان مصير وزير خارجيته المفكر اليمني الكبير محمد أحمد نعمان، فيلسوف الجمهورية وموقّع اتفاقية تجديد معاهدة الطائف مع الأشقاء في المملكة.

سيذكر التاريخ بأن القاضي عبدالله الحجري رحمه الله هو الذي نقل الدولة اليمنية من طور البدائية الحسابية إلى طور التحديث والمؤسسية، وأنه جسّد نموذجاً في النزاهة «لا يصدّق هذه الأيام أن ثمة رجلاً بتلك الخصال الفضلى ونظافة اليد».

وللعلم لم أتنبّه لهذا الجوهر اليمني الأصيل إلا عن طريق بعض الساسة الكويتيين الذين أخبروني عن أن الرجل مثّل اليمن خير تمثيل أيام كان سفيراً في الكويت، وأنه كان صاحب حضور حميم في المجالس والديوانيات الكويتية إلى درجة أنهم كانوا يعدّونه «واحداً من البيت» وأحياناً يستشيره أولو الأمر هناك في قضايا داخلية تخصّهم.

وعموماً.. كان ينبغي أن تكون الذكرى الثالثة والثلاثون لاستشهاد أمين اليمن القاضي عبدالله الحجري مناسبة هامة لاستلهام أصالة ذلك الجيل الذي تجسّد فيه نبل الثورة وأشواق التحديث المستنير.

من المهم أن تكون الذكرى الثالثة والثلاثون مناسبة لإطلاق اسم القاضي الحجري على أكثر من شارع ومدرسة في العاصمة وغيرها وفاءً لدمه الزكي، وتجسيداً لمبادئ الحكمة والحنكة والصدق.

زر الذهاب إلى الأعلى