لقد برزت في معظم الدول العربية والاسلامية إبان الحملة الصليبيبة على العالم الاسلامي، عدة جماعات حركية جائت كردة فعل طبيعية للمظاهر المتباينة على شتى الاصعدة لتزيل عن كاهل المجتمعات غبار الركود الذي اتسم بقهقرة العالم الاسلامي للخلف ردحا من الزمن كان للحركات الاسلامية أو الثورية قد بلغت الذروة في القرن العشرين مابين نهاية الدولة العثمانية (1924م) وبداية الاجتياح العسكري الصليبي الذي فرض على الدول العربية والاسلامية.
هنا تجلت منعطفات في وسط الجماعات الحركية في صيرورة العمل وتجسيد التنظيم نتيجة إما للفروق السياسية لكل بلد أو الواقع المفروض واختلاف النظام الحاكم ومعدل الاقتراب من منهجية الاسلام وتطبيق الشريعة، أو اشكالية الخطاب في الجماعة الغير متزنة في شرعنة الاحكام والنوازل التي تواجه الجماعة وتضيق الخناق على النقد البناء.
في صدد هذا الموضوع نسلط الضوء على تنظيم نبت بين اتربة جماعتين وان شئت فقل اكثر، هي على الاقل تنمو من يوم إلى اخر نتيجة الظروف السياسية المحيطة بالدول العربية لاسيما دول الخليج – وسياتي معنى السبب في ذلك – ويشتد عودها المركزي الذي تجذر منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي على اوقات متباينة، كان ومازال يجد البلد والملاذ الآمن لمركزيته افغانستان.
تنظيم القاعدة الحركة والمنهج
ظهرت القاعدة كحركة جهادية في اوقات غير محددة فقد كان اول عمل يقوم به ممثلها وزعيمها اسامة بن لادن مع مجموعة من المجاهدين في افغانستان الذي تهافتوا من شتى البلدان العربية والاسلامية كان ابرز من عمل معه بل كما سماه متخصصون الاب الروحي الدكتور عبد الله عزام، على خليفة ذلك اتسم بن لادن بالمنهجية الحركية التي تقمصها من احد ابرز من تأثر بهم قبل ان يغور في مشواره العالمي هو – السيد قطب الاخواني المصري والاخ الغير الشقيق محمد قطب – من هنا تنبثق عدة محاور حول منهجية القاعدة كعقيدة وحركية القاعدة كجهاد على العلم ان ابرز اولئك هم قادة في الفكر الاخواني ومنظري الخط التربوي الذي يعكف عليها حركة الاخوان المسلمين حالياً.
اولا : المنهجية
لقد زخرت الظروف التي عاشها بن لادن في المملكة بالكتب المنهجية التي قامت على دعوة (محمد ابن عبد الوهاب) ومنهجية الاصلاح والتغيير عنده، فلقد كان نمط التنشئة التي تربى عليها في المملكة العربية السعودية بوجه خاص التي ينتمي اليها اسامة بن لادن زعيم القاعدة، قائما على اساس من التعبئة بالفكر السائد الذي زخرت به مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ابرزها (كشف الشبهات وكتاب التوحيد والدرر السنية) ايضا استخدام كتب ابن تيمية وردوده وكشف الشيعة التي ابرزها كتاب منهاج اهل السنة، كل هذه المنهجية ساعدت الظروف في المملكة على امتزاج المنهج السلفي وبلورة فكرة الجهاد الاقتراب لهذه المنهجية من غيرها بعد أن أعلن عنها عالميا بما يسمى الجبة العالمية لمقاتلة الصليبية (1989)..
وكل هذا لم يأتي إلى تجسيدا لمعتقد تشكل من منضور إرتأو فية الصواب للأزمات الحاصلة في العالم الاسلامي فقد نشر كثير من الكتب والمؤلفات المطبوعة والمكتوبة المليئة بالادلة والشواهد العقلية النضرية لتبرير كل عمل أو تصرف تقوم بة الجماعة من خلال الرسائل أو المؤلفات مثل (أبو محمد المقدسي)من مؤلفاته الكواشف الجلية وقبلة خطابات اسامة بن لادن ومؤلفات الرجل الثاني في تنظيم القاعدة (ايمن الظواهري).. ومنظر القاعدة في المملكة العربية السعودية (أبو جندل الأزدي)،
كل هذه الكتب والرسائل التي استندت عليها القاعدة لم تكن إلى صورة أو تعبيرا عن قناعات عقدية ترجمت من الرسائل وكتب ماجاء في كتب التيار السلفي الذي يركز على أهم محور عقيدة الولاء والبراء فكما جاء في كتب محمد بن عبد الوهاب قولة (لا يستقيم الاسلام إلا بعداوة المشركين و الكفار) هذا مثال في مجال الولاء والبراء فمن خلال هذة الكلمات والادلة تكون أبرز المعالم في سير عمل الجماعة وتحركاتها فيما يسمونه ضد الحملة الصهيو صليبية،
ثانيا: الفكر الحركي
إن العمل الذي تقوم به أي جماعة على الساحة لهو تجسيد لبعدين بعد عقدي، وبعد فكري حركي، يتماشى مع ظروف الحالة السياسية، والاجتماعية ومن خلال العقيدة يتمخض الفكر ولا تستمد عقيدة من فكر لأن قوة الفكر تكمن في الأدلة الدامغة المقنعة وكون الإسلام حين يستند علية كإطار مرجعي فإنه كما كما يصنفه علماء الرأي العام الأكثر إقناعا ولي الفكر في وأوساط المجتمعات الإسلامية، فعكس ذلك استخدمت بعض الفرق الشيعية في التفكير أولا ثم محاولة البحث عن الأدلة خلاف أهل السنة، لذلك يأتي الفكر الحركي للقاعدة كأساس بعد المنظور العقدي حول فلسفة التنظيم وأيدلوجية سير العمل الجهادي، وهذا كما ذكرناه لم يأتي إلى بظروف
إجتمعت منذ أن كان بن لادن في المملكة العربية السعودية الذي تشرب فكريا من كتب سيد قطب، وكمرجعية روحية وتربوية من الشيخ محمد قطب الذي عرف بالمفكر الاسلامي ولدية كتب متعددة في الجانب التربوي والفكر أبرزها (واقعنا المعاصر فرق وأديان معاصرة…) وكلا منهم كان له الوجاهة العريضة والمواقف المشهورة والتضحية بالنفس في سير حرك الاخوان المسلمين، لهذا تشكلت لابن لادن فكرة اقتباسية تبلورت أثناء اختلاطه مع محمد قطب وغيرة ليجسد تلك الفكرة بعمل تنظيمي تتصدر لدى الولايات المتحدة الأمريكية الأخطر على مصالحها في العالم.
وبالجملة إن تنظيم القاعدة بإطارة العام أيدلوجيا ومنهجيا وفكرا قد اخذ مزيجا من حركات متباينة سواء حركة الاخوان المسلمين أوالمنهجية السلفية واخرها إنضمام قيادات من عناصر جماعة الجهاد الإسلامي في عام - 1996 – على رأسهم الرجل الثاني- حاليا- في تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري، وعلى الصعيد العام فإن النظرة للقاعدة يجد عند بعض المشايخ قبولا كفكرة إلى أنهم ينكرون عليهم في تحويل المعركة إلى البلاد الإسلامية - كاليمن والسعودية- وغيرها وكما قال أبو جندل الحارس الشخصي لاسامة بن لادن – سابقا- في أحد الحوارات التي أجريتها معه، إن التصعيد المستمر لهذه الهجمات في اليمن وغيرها تفقد القاعدة مكانتها لدى اليمنيين..
وفي الأخير يجدر القول ان القاعدة حين ظهرت في ظروف معينة في العالم الاسلامي بالتحديد إبان دخول نصف مليون جندي أمريكي للسعودية وعوامل أخرى فإن باحثون في هذا الشأن يقولون إنها ستتراجع عند غياب هذة الظروف لأن القاعدة قائمة على خروج الأمريكان من منطقة الخليج والعراق وافغانستان فإن حدث ذلك فمنطلقهم ((وإن جنحوا للسلم فجنح لها)).